الاثنين، 28 سبتمبر 2009

الحلقة الثامنة من قصة المنزل الزجاجى


عادت رجاء إلى البيت وبنفسها انهيار تام وإحباط... دخلت غرفتها فى هدوء....أغلقت الباب وراءها جيداْ....سلمت جسدها لفراشها .... تمسك بيدها عدد المجله تتأمل صورة الغلاف ساعات وساعات والدموع تنساب من عينيها والأسئله تصرخ برأسها غير مصدقه ...

حاتم منصور متزوجاْ ؟؟؟

تأملت صورة زوجته بنظرات حسرة وغيره وحزن ..فيالها من فتاة جميلة لا يعيبها شيئاْ واحدا....تبدو وكأنها إحدى نجمات السينما ..شعرها... وجهها... ملامحها ....جسدها ...أناقتها ...تجمعت فيها كل مواصفات الجمال وكأنها إحدى عرائس الباربى الشهيرة .

تأملتها مرة أخرى بنظرات الحسرة متسائلة

أين أنا من فتاة مثلها؟؟؟

والسؤال الأهم الذى ظل يصرخ فى وجهها

ماذا يريد منى حاتم منصور إذن؟؟؟ فهو متزوج وزوجته غاية فى الجمال والأناقة ...إين أنا منها ؟؟؟

يمر بذهنها كلامه إليها كشريط سينمائى تستعيده مرة بعد الأخرى والدموع تنساب من عينيها

غاصت برأسها فى وسادتها وهى لازالت تتأمل صورة زوجته تبحث عن أى عيب بها ..لتقنع نفسها بأنه هو السبب الذى دفع حاتم أن يبتعد عنها ويتقرب منها هى

ولكنها لا تجد شيئاْ.... فألقت بالمجلة بعيدا فى عصبيه وصاحت صارخة وكأنها ترد على صوت يحدثها

....لا يمكن أن يكون غرضه العبث معى؟؟

لاه مستحيل ..مستحيل .. ..أنا مش جميله ولا فيه أى مقومات تدفع أى رجل أنه يحاول أنه يتسلى معايا

صاحت صارخة بألم وحسرة

لن أكون كالنعامة وأدفن رأسى فى الرمل ...الحقيقه واضحه كالشمس ...حاتم متزوج ...وله حياته الخاصه به ..أما أنا فلم يعد من حقى أن أحلم ..هكذا قالت لنفسها

فتستسلم للبكاء الحار الهائج الثائر الحزين وهى تردد

ليه ...ليه قابلته وليه قرب منى...أنا كنت عايشه حياتى والأمل جوايا بيموت أنى ممكن أقابل الانسان إللى يحس برجاء الانسانه وبقلبها.... اللى كل امله فى الدنيا انه يقابل قلب يحس بيه.... .

.كنت خلاص فقدت الأمل واستسلمت لواقع مش ليه أى يد فيه وكان لازم أستسلم وأصبر ..لحد ما فجأه يظهر حاتم منصور فى حياتى ويقرب منى ويقولى أنى بقيت كل حياته ...

حاتم منصور الحلم إللى حتى ما كنتش أجرؤ انى احلم بيه ..كنت بستنى انه يقولى ( أحبك وأريد أن أتزوجك)

أهى أمنية صعبة المنال ومستحيلة؟؟؟

تسائلت وهى تبكى بحرقة ظلت تبكى وتبكى تفرغ الشحنة الغاضبة الهائجة بداخلها وهى تردد

ياريتنى ماكنت قابلتك ياحاتم ولا ظهرت فى حياتى

فتصمت والدموع تنساب من عينيها وهى ترى الحلم الجميل الذى عاشته يتحول لكابوس ويجب أن تستيقظ منه وتنساه لأنه لم يعد حلمها وليس من حقها .....نعم ليس من حقها

وبعد أن هدأت قليلاْ مسحت بيدها دموعها وحدثت نفسها قائلة

لازم أبعد ياحاتم لأنك عمرك ماحاتكون ليه ..أنا ممكن أكون بالنسبالك مجرد نزوه ..أما أنت بالنسبالى كل حياتى والامل اللى ممكن اعيش من أجله ..لو أنت فقدتنى مش حاتخسر اى شئ ....

أما أنا لو فقدتك حاخسر كل شئ..الوداع يا أمل جميل داعب خيالى وزار قلبى وأحياه.... لكن من ثانى حايموت الامل جوايا...

كأنى حلقت بين السحاب وملكت السماء بقبضة واحده من يدى وفجأه سقطت لأصتطدم بالأرض الصلبه. .ويموت الحلم بيد الواقع ...... ياله من حلم جميل وقصير جدا.

وبينما كان عمر فى محل البقالة القريب من منزله يقوم بشراء بعض لوازم المنزل كما طلبت منه والدته.... يلمح جارته الجديده وهى تقوم بشراء لوازمها..

أخذ يحملق بها وعاد يخفض عينيه فى سرعة وكأنه يخشى أن تضبطه وهو يتأملها....فجأة رفعت عينيها ولمحته تلاقت الاعين وابتسمت ابتسامة خفيفة ثم اتجهت نحوه وحيته بحرارة قائلة

مساء الخير يا بشمهندس عمر

فيرد عليها عمر التحيه قائلاْ

مساء الخير

حتى يتنبه مرددا

بشمهندس عمر !!

فتتسع إبتسامته التى تعكس دهشته لمعرفتها باسمه ومهنته

فتدرك هى ذلك فتهز رأسها قائلة

طبعا أكيد أنت مستغرب أنا عرفت اسمك ازاى ؟ الحقيقه النهاردة أتعرفت على الست والدتك وبصراحه هى انسانه جميله جدا وطيبه قوى وهى اللى عرفتنى عليكم

فيبتسم عمر وهو يتأملها بنظرات تنم على إعجابه بها ويسود الصمت بينهما للحظات كلاْ منهما ينظر للآخر ..ولكنه سرعان ما يعاتب نفسه فهى فتاة متزوجه وليس من حقه تلك النظرات ...فيسألها قائلاْ

اخبار ابنك الشقى ايه ؟

فتعقد حاجبيها فى دهشة مردده

ابنى ...آه قصدك هيثم ...بخير بس الحقيقه هو مش ابنى ..هو اخويا

فيحدق بها عمر وهو لا يصدق قائلاْ بإنفعال عكس سعادته

معقوله .. اخوكى ..بجد ..هايل

فتحدق به بدهشة

فيدرك ذلك فيعتذر قائلاْ

اعذرينى اصلى كنت فاكر انه ابنك وبصراحه كنت مندهش لان شكلك صغير عن انك تكونى زوجه وأم.

أحنا ثلاث اخوات اختى الكبيرة متزوجه وعايشه فى السعوديه مع زوجها وأولادها وأنا عندى 24 سنه وبعد كده هيثم أتولد فى الأخر وتقريبا أنا إللى متوليه كل أمورة وهو مرتبط بيه كأنى والدته مش اخته

فيشعر عمر براحه وتنشرح خلجات وجهه وهو يرمقها بنظرات متأملة

فتشعر هى بالخجل وتستأذن منه قائلة

عن إذنك أحسن كده حاتأخر وبابا وماما ممكن يقلقوا عليه

فيبتسم عمروهو يرمقها بنظراته المعجبة بها قائلاْ

أنا سعيد جدا لأنكم نقلتم هنا وأنكم جيرانا

فتشكره وتكمل طريقها

فيتنبه عمر انه لم يعرف اسمها بعد فيطلب منها أن تنتظر

فتلتفت اليه متسائلة

خير فى حاجه؟؟

انا ماعرفتش اسمك ايه؟

فتبتسم وتجيبه قائله

ياسمين ..اسمى ياسمين

فتتسع ابتسامته قائلاْ

اسم جميل وبما أننا جيران يبقى لازم أوصلك علشان مافيش حد يتعرض ليكى فى الطريق

فتهز رأسها فى ترحاب

فيحمل عنها الأكياس التى معها وأوصلها إلى شقتها

فنظرت إليه ونظر إليها والابتسامة تنر وجهيهما ويودع كلا منهما الاخر دون ان ينطق احد بكلمة

فيشعر عمر بسعاده غامره تجتاحه ويدخل شقته وهو يطلق صفيرا غنائياْ ويهز رأسه فى سعادة

ليجد والدة رأفت تجلس امام التلفاز تشاهد المسلسل.... فما ان يراها حتى يلقى عليه التحيه فى سعادة قائلاْ

مساء الخير يا احلى جدة فى الدنيا ..تعرفى مع انك فى الحقيقه مش جدتى بس بعتبرك زى جدتى اللى ماشوفتهاش

فتحدق به والدة رأفت فى دهشة فهى ليست معتاده منه على هذا الكلام

ولكن عمر يتجاهل تعبيرات وجهها التى توحى بدهشتها ويسأل عن والدته

فتخبره بانها فى المطبخ تعد طعام العشاء

فيكمل دندنته ويهز رأسه فى سعاده ويدخل غرفته

فتضرب والدة رأفت كفا على كف قائلة

الله الوكيل ولادك يافريده كلهم مجانين ان مافيهم حد عاقل... الكبير طفشان والثانى اما ساكت ومكشر وشايل هم الدنيا ....اما زى دلوقتى عمال يغنى ويصفر من غير سبب ..

حتى الرجاء النهاردة قافله على نفسها فى حجرتها ومش راضيه تكلم مع حد مع انها بقالها فتره كانت مبسوطه وسعيده .. وهانى طول الوقت صايع مع اصحابه ولا حاسس بحد غير نفسه.

ثم تمط شفتيها فى حسره قائلة

ياخيبتك يا رأفت يابنى فى حياتك ولا جوازه عدله ولا ذريه تفرح.

كان على أميره أن تمر على معمل الدكتور محسن لتطمئن على عينات البحث ..فبعد أن انتهت من إرتداء ملابسها وحملت حقيبة يدها وأطمئنت أن جميع نوافذ الشقة مغلقة ..أغلقت الباب خلفها وشقت طريقها نحو المعمل

حتى تسمع صوت إيهاب ينده عليها وهو يركض محاولاْ الالحاق بها حاولت ان تتجاهله وتكمل طريقها ولكنه يلحق بها قائلاْ

أميره ..

فلا تجد مفر من ان تقف وتلتفت اليه متسائلة بلهجة جافة

خير يا إيهاب فى حاجه؟؟

فيرد عليها وهو يحاول أن يلتقط أنفاسه اللاهثة

انت فين بقالى اكثر من اسبوع ما شوفتكيش من آخر مره كنا مع بعض عند حمام السباحه

فترد عليه فى عجالة قائلة

انا الحقيقه مشغوله جدا اليومين دول

ربنا يوفقك ...ثم يومأ برأسه وينظر إليها قائلاْ

عندك مانع أعزمك على العشاء النهارده

فتعتذر اميره بلا تردد

لاه أعذرنى أنا لازم أمر على المعمل وأعتقد أنى ممكن أتأخر لساعات

خلاص نأجلها ليوم السبت ...علشان اجازه (الويك اند)..

لاه انا عندى شغل كثير ومحتاجه انى انتهى منه فى الاجازه

فيدرك إيهاب أنها لا تريد أن تكون معه فيحدق بها متسائلاْ

فى ايه يااميره انا حاسس وكأنك بتتجنبى انك تكلمى معايا

فتصمت أميره للحظات وكأنها تفكر ماذا ستقول له حتى تقرر أن تواجهه قائلة بانفعال

الحقيقه ياايهاب من غير مايكون فى زعل .. احنا مختلفين فى كل حاجه وكمان أنت
شخصيه غريبه بالنسبه ليه..

.ثم تصمت مرة أخرى وكأنها تبحث عن الكلمات المناسبة ثم تستطرد قائلة

بصراحه مش احب ان يكون ليه اى علاقه بيك

فيعقد إيهاب ذراعيه أمام صدره وبلهجة ساخرة يسألها

مش فاهم..قصدك أيه يا دكتوره

اميره بانفعال

انت نموذج لشاب مستهتر جاحد القلب عايش حياتك بهمجيه من غير اى تخطيط ولا هدف وانا مابحبش النوع ده من الشخصيات

حدجها ايهاب للحظات وعلى وجهه تعبيرات جامدة لا تنم على غضبه او ضيقه مما
قالته وبكل برود يرد عليها قائلاْ بلهجة بدت لأميره إستفزازيه

ياه ما كنتش أعرف أنى شخص سيئ للدرجه دى

مما يثير ضيق أميره فتقرر ألا يأخذها به الرحمه وتواجهه بحقيقة إنطباعها عنه وتؤكد له قائلة

لان هى دى الحقيقه الواضحه لاى حد يعرفك ثم تستطرد قائلة بلهجه توحى بالتهكم والاستنكار

انت بقالك اكثر من خمستاشر سنه فى امريكا ماحاولتش انك تكمل تعليمك ولا تشتغل عمل مفيد..بتقضى وقتك بين الشغل فى المطاعم والبنزينات ...والسهر بعد كده مع البنات والستات ...

حياه همجيه مستهتره .....انا بجد صعبان عليه والدتك الغلبانه اللى ممكن يكون الشئ الوحيد اللى بيصبرها على بعدك...... هو انها فاكره انك زمانك بتعمل شئ مفيد ..

كملت تعليمك وأشتغلت وأصبح ليك اسره واولاد..اكيد حسرتها عليك حاتكون اكبر لما تعرف حقيقة الوضع المخزى اللى انت عايشه ..

تصمت للحظات وهى تهز رأسها ويدها فى حركات توحى بإستنكارها وعدم تقبلها لما يفعله ثم تستطرد قائلة وهى تنظر إليه فى أسف لحاله

انت مابتعملشى اى حاجه فى حياتك يايهاب . بخلاف طبعاْ أنى مش قادرة أتخيل أزاى قدرت تبعد عن وطنك ووالدتك لأكثر من خمستاشر سنه من غير ما تحس بالحنين ليهم!!!

فيتأملها ايهاب فى صمت ثم يهز رأسه وكأنه لا يروق له كلامها ويهزأ به ثم يرد عليها ببرود قائلاْ

انا مش فاهم ايه فايده انى اخذ شهاده مادام قادر انى اشتغل واصرف على نفسى ....الشهاده والاسره والاولاد هيضيفوا ليه أيه؟

أنا عايش سعيد من غيرهم ومش ناقصنى أى حاجه...أما بقى موضوع الوطن والأم دول شعارات وسبق وقولتلك أن الام إللى ماتقدرشى تحافظ على حقوق ولادها ما تستحقش أنها تكون أم وأنى أشغل نفسى بيها.

قال ذلك بلهجة قاسية حادة

تفاجأ أميره برده هذا فتحدجه بنظرات إستنكار وتجادله قائلة

الشهاده دى كيانك .....قيمتك قدام الناس....وطنك ووالدتك دول جذورك إللى ما ينفعشى بأى حال من الأحوال أننا نتنكر ليهم.

فيومأ برأسه فى سخرية ويرد عليها بثقة

الكلام ده فى مصر ..هنا مقياس الانسان بالفلوس اللى معاه ..معاك فلوس الكل يحترمك وتقدر تعيش ..مافيش فلوس مافيش أى حد يهتم لأمرك.....وشعارات الوطن والام كلام ينفع للأغانى وبس ..قال ذلك بنبرة عاليه وكأنه يقاوم تعاطفاْ بداخله.

فتنظر اليه بتحد متسائلة

وانت معاك فلوس يا إيهاب؟؟؟

رمقها بعينيه قليلاْ ثم هز كتفه وعلى وجهه ابتسامة بارده وأجابها بلا مبالاه

بقدر احصل على اللى بيكفينى أنى أعيش يومى وأنا راضى وسعيد

فتهز أميرة رأسها وهى تشعر بالاسى على حاله وطريقة تفكيره قائلة

انت بجد صعبان عليه ومش انت بس غيرك من المصريين والعرب اللى بيكون قدامهم هنا فرصه كبيره انهم يحسنوا من نفسهم واوضاعهم بس هما بيضيعوها علشان بيستسهلوا ... وللاسف بتعيشوا وتموتوا من غير مايكون ليكم اى قيمة او تأثير.

ثم تستطرد قائلة بلهجة توحى بالحسرة

للأسف يا ايهاب هناك ألف شاب مصرى يتمنون مكانك...علشان يستفيدوا من العلم والتقدم فى مجال المعرفة المتاح هنا ...

أنا بجد بحزن لما بقرأ فى الأحصاءات أن أكثر من 93% من اليهود فى أمريكا بيتعلموا فى أكبر وأهم الجامعات وبيشتغلوا فى أعلى وأهم المناصب والشركات ..فى حين أن كثير من الشباب العربى لما بيجوا هنا بيفرحوا قوى لما بيشتغلوا فى مطعم أوبنزينه ..

...و منهم إللى بيكون كل أمله أنه يتزوج من واحده أمريكيه عنيها ملونه وشعرها أصفر وبعد كام سنه ينزل أجازه لبلده وهو شايل فى جيبه جهاز ( أى بود) وفى أديه (أى فون) وطبعاْ معاه البنت الأمريكيه الحلوه علشان يستمتع بنظرات شباب أهل منطقته وهم بيحسدوه على الأمله إللى وصل ليها

...ما خلاص ربنا فتحها عليه بعد ما كان قاعد فى القهوة مش لاقى شغل وتكثر الحكايات.... أنه ناوى يشترى شقه على النيل وأنه معاه فلوس مالهاش حد ...وهو فى الحقيقه ولا حاجه.

للأسف يا إيهاب الشباب إللى زيك مابيحاولش أنه يحسن من أوضاعه بالدراسه ويستفيدوا من المعرفه والعلم .....أحنا كثير بنحب نستسهل والنتيجه أننا مابنتقدمش .

ثم تنظر فى ساعة يدها وتنظر إليه قائلة بلهجة ذات معنى

أنا حاتأخر وبصراحه شغلى أولى بوقتى من أن أضيعه فى الكلام معاك ...لأن من الواضح أنه حايكون مضيعه للوقت من غير أى فائده.

لم يرد عليها إيهاب بل وقف يراقبها وملامح وجهه جامده لاتنم على أى تعبير حتى أختفت من أمام عينيه

ليست هناك تعليقات: