الاثنين، 18 أغسطس 2008

الفصل الثالث والثلاثون من دماء على جسر الحب والأخير

حتى يخرج الطبيب من غرفة العمليات معلناْ نجاة خالد فما أن تسمع رنين ذلك حتى تفقد وعيها من شدة إرهاقها وتوترها.

وفى غرفة خالد يلتف الجميع حوله وخالد يبدأ فى أستعاده وعيه تدريجياْ وما أن يفتح عينيه حتى تقع على رنين وهى تجلس بجواره وتمسك يديه وكلها لهفة وسعادة لرؤيته يعود مرة أخرى إلى الحياة وتبتسم إليه تلك الأبتسامة التى تنر وجهها فتضيف إليه حيويه وإشراقاْ .

فيبتسم خالد وبصوت يبدو مرهقاْ ومجهداْ يحدثها قائلاْ

لقد تمنيت أن تكون عينيكى هى أول شئ تقع عينى عليه إذا قدر الله لى الحياة مرة أخرى كما كانت هى آخر شئ رأيته قبل أن أفقد الوعى.

فتبتسم رنين قائلة بحب

ولن تفارقك أبداْ مهما حدث فأنت حبيبى الوحيد وقلبى وعمرى ولن أسمح لك أن تعذبنى وتبتعد عنى وتشغلنى عليك مرة أخرى.

فيبتسم خالد قائلاْ ومن قال أننى أقدر على ذلك حتى وأنا غائب عن الحياة وفاقد الوعى كنت معى روحك لم تفارقنى لحظة.

فتتسع أبتسامة رنين قائلة

ولكننا لن نكون وحدنا بعد الآن فسوف يشاركنا ضيف جديد حياتنا؟

فيعقد خالد حاجبيه فى دهشة مردداْ ماذا تعنين؟

فتبتسم رنين قائلة

هناك شريك سوف يشاركك فى قلبى .

فلا يصدق خالد ما يسمعه مردداْ فى سعادة أنت.......؟؟؟؟

فتهز رنين رأسها فى إيجاب قائلة

نعم أنا حامل

فيصيح خالد فى سعادة قائلاْ

هذا أسعد خبر سمعته فى حياتى ....أنا سأكون أب ...رنين أحبك فمن الآن لن نفترق أبداْ فوداعاْ للأحزان.... وداعاْ للخوف ..فالآن ستبدأ حياتنا بدون خوف أو قلق ..رنين أحبك ولن أستطيع الحياة بدونك ولن أسمح لك أن تعذبيننى مرة أخرى بعنادك وشكك دوماْ فى صدق حبى إليك. خاصة بعد قدوم ثمرة حبنا الذى سيتوج هذا الحب إلى الأبد.

فيقترب منه حسين قائلاْ

آسف يا خالد إن كنت شكيت فيك لحظة ولكن سامحنى عادل كان صديق طفولتى ولم يكن من السهل علىٌ أبداْ أن أعلم بأنك قد يكون لك يد فى وفاته . ولكن الحمد لله ظهرت الحقيقة التى كان يجب أنت تكون واضحة لنا منذ البداية ولكن أعتقد أن قلبك الكبير سوف يسامحنا جميعاْ.

فتضحك مريم قائلة

بالطبع سوف يسامحنا فهو خالد الرجل الوحيد الذى أستطاع أن يخترق قلب رنين وفى نفس الوقت أستطاع أن يتحملها كل هذا الوقت . ثم تكمل فى دعابة قائلة ولا أخفى عليكما فهذا أمر شاق للغاية وأسألونى أنا من تحملتها كل هذه السنين والحمد لله حتى الآن لم يصيبنى الجنون.

فيضحكون جميعاْ

فيمسك شكرى الشايب يد ابنه وهو ينظر إليه فى تأثر وحب قائلاْ

لم أكن أعلم أننى أحبك إلى هذا الحد فقد تمنيت أن أموت أنا وأن يتركك الله لتعيش ..سامحنى يا حبيبى إن كنت تسببت فى عذابك مرة وتدخلت فى حياتك فمن الآن قد عاهدت نفسى بأننى لن أتدخل فى حياتك مرة أخرى .

فينظر إليه خالد فى تأثر قائلاْ

لا تقل ذلك يا أبى ولقد نسيت كل ما حدث ولسوف نبدأ جميعاْ من الآن صفحة جديده نبدأها بكل حب وبكل صفاء .

وتمر الأيام وتعقبها الشهور حتى يتماثل خالد الشفاء وفى شرفة القصر تجلس رنين مع خالد فى المساء يتسامران

فتضحك رنين قائلة

لن تستطيع أن تتخيل والدك وهو يلهو مع الأطفال فأنا لأول مرة أراه يتخلى عن حدته وقوته ليتحول إلى رجل بسيط على سجيته التى لم أعتادها عليه ...حقاْ أنا لأول مرة أراه سعيداْ بحق يبتسم من قلبه دون أى مجاملة ورسميات.

فيرمق خالد رنين بنظراته الوالعة بها قائلاْ

من يقترب منك يعرف معنى السعادة الحقيقية حتى أبى قد تغير على يديك وأصبح إنسان آخر بقلب ومشاعر فشكرى الشايب غول السوق أصبح رجل الأعمال الخير صاحب أضخم المشاريع الخيرية والهادفة لمساعدة المحتاجين والبسطاء.

فتضحك رنين قائلة

لن تتخيل حجم سعادته وهو يحتضن طفل يتيم ويقدم إليه هدية فوالدك بداخله كم كبير من المشاعر والأحاسيس النبيلة كانت فى حاجة إلى من يخرجها ويكتشفها حتى تكشف عن شكرى الشايب الحقيقى. أتعلم يا خالد أنا أريد أن أعلم أولادنا الحب ...أن أعلمهم أن الحياة حب وعطاء لا أخذ وجفاء...وكلما تعطى كلما ستأخذ...وكلما تبذر حب ستحصد سعادة وهناء.....فوراء أى سعادة لحظة حب صادقة .
ثم تنظر إلى خالد بنظراتها الحالمة قائلة

خالد أحبك وشكراْ لك على حبك وصبرك معى...ثم تتجه نحو سور الشرفة وترفع رأسها إلى السماء وتشاور إلى القمر وكأنها تحييه قائلة

أنظر إلى القمر فهو يبتسم إلينا والنجوم ما أروعها الليلة فهى تزداد تألقاْ وبريقاْ وهاهو ملك العشاق يحينا فهو الذى شهد على مولد حبنا الذى عانى كثيراْ معنا. فحقاْ من لم يذق طعم الحب الحقيقى لم يعش الحياة. فلو كان بين أبى وأمى حب حقيقى ما كانت حياتهم أصبحت مليئة بالمشاحنات والخلافات وتسلل الملل إلى حياتهم. لو كان بينى وبين اخوتى حب حقيقى ما كان هذا التباعد بيننا .فالحب هو سر السعادة ....سر الحياة فأنا أحمد الله كل ليلة على حبك لى فهو من أحيانى ...عرفت معه أجمل المعانى ...أجمل المشاعر حتى آلام الحب كان لها طعم آخر فقد عذبنى حبك وقد أسعدنى ..كم أضحكنى وكم أبكانى...كم آلمنى وكم داوانى ...خالد أنا حقاْ سعيدة وأود الآن أن أجعل العالم كله سعيداْ مثلى ..أتمنى أن أصيح قائلة للعالم أجمع أن الحب هو سر الحياة.... سر السعادة ..... سر الوجود.

وتمر الأيام حتى تضع رنين مولودها الأول أدهم الذى توج ثمرة حبهما وكم كانت سعادتهم جميعاْ بهذا الطفل وخاصة شكرى الشايب فقد أصبح حفيده هو كل حياته فقد تفرغ إليه وكرس معظم وقته لحفيده وللمشاريع الخيرية ولمساعدة المحتاجين والأيتام.

أما خالد فقد تفرغ لإدارة الشركات حتى كون لنفسه اسم كبير فى السوق دون الأعتماد على اسم والده ورنين قد عزمت جاهده على فعل كل ما بوسعها لنجاح هذه الأسرة القائمة على الحب والترابط والعطاء والتفاهم هذا النموذج من الأسرة الناجحة التى فقدته رنين فى حياتها فهاهى تعيشه الآن وتراه أمامها وهى جزء من هذه الأسرة التى تنعم بهدوئها تضحك لضحكاتها وتتألم لأحزانها فالآن فقط يجب أن تودع الخوف فلن تخشى شيئاْ بعد الآن ...سوف تترك الخوف الذى طالما صاحبها حتى خوفها على أسرتها سوف تتخلى عنه فقد قررت أن تستمتع بكل لحظة دون خوف من المجهول ....من المستقبل. فهى تعيش الآن أجمل أيام حياتها مع زوجها الحبيب خالد ولا يجب أن تضيع سعادتها تلك من بين يديها كما فعلت من قبل ...نعم

فرنين بعد كل ما حدث لها قررت أن تجلس مع نفسها تفكر فى حالها فى طريقتها فى التفكير ...تتذكر كلام خالد لها بأنها هى السبب فى كل ما حدث لهما .....تفكر فى كلام مريم وهى تقول لها بأنها هى التى تعذب نفسها بيديها ...تفكر فى كلام محيى الذى قاله لها أن خالد يحبها أكثر حتى مما يحب نفسه وأن حياته قد غيرها من أجلها ..فتقرر رنين أن تواجه نفسها بالحقيقة ...نعم الحقيقة التى واجهها بها الجميع ولكنها كانت ترفض أن تصدقها . ولكن يجب أن تواجه نفسها بها الآن حتى لا تدعها تحطم حياتها وتفسد عليها سعادتها ...فلقد أضاع منها الخوف أجمل أيام حياتها ....فلم تكن تصدق بأنها ستجنى السعادة حتى وهى تنعم بها كانت تشك فى وجودها فلم تتمتع بها ولا بحب خالد الذى غمرها به فقد كانت تنتظر خيانته وثورته عليها وشجاره معها فى أى لحظة .حتى أفسد الخوف عليها سعادتها معه.ولكنها قررت ألا تدع الخوف يتسلل إلى حياتها ويفسد عليها سعادتها بعد الآن . فقد أصبحت تؤمن بوجود الحب...فالحب طائر يطوف ويحلق فى السماء ولا يقف على أى غصن إلا من طلبه وتمناه فمن عانده وسخر منه أصابته لعنته ومن تمناه وحلم به نال حلاوته .
فبأيدينا نصنع حياتنا ونختار سعادتنا أو شقائنا .

فينضم خالد إليها قائلاْ فى دعابة أمازلتى تخوننى مع القمر؟؟؟؟

فتبتسم رنين قائلة

أنه شريكك فى قلبى فهو من علمنى الحب ....أنسيت أنه كان مرسال حبنا.

فيضمها خالد بين ذراعيه وأبتسامته الساحرة تنر وجهه قائلاْ

لم أنسى يا حبيبة القلب ولكن قولى لى ما أخبار أولادنا؟

فتبتسم رنين قائلة

أنا حتى الآن لا أصدق أننى حامل فى تؤم

فتتسع أبتسامة خالد قائلاْ

كم أتمنى أن يتكرر ذلك فى كل حمل حتى يكون لى منك أكبر عدد من الأبناء

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة قائلة

ما هذا لم أكن أعلم أنك إلى هذا الحد تريد الخلاص منى !!!! فمن أين لى بالصحة

حتى أنجب لك كل هذا العدد؟؟؟؟

فيبتسم خالد قائلاْ

أنا أحبك وأتمنى أن نكون عائلة كبيرة قائمة على الحب وتعيش فى سعادة فقد كنت دوماْ أتمنى أن يكون لدى عائلة كبيره أحبها وأهتم بها.

فتسلم رنين رأسها إلى كتف خالد قائلة

طالما نحن معاْ سنحقق كل أحلامنا فالحب الذى توج قلوبنا سينر لنا حياتنا وسيصل بنا إلى بر الأمان ....بر السعادة.

ويقفان معاْ ينظران إلى الغد بكل حب ...بكل أمل والقمر فوقهما ينر السماء بوجهه المضئ المبتسم يحيهما.

وتمر الأيام ويعقبها السنين ورنين تعيش حياتها كما يجب أن تكون بدون قلق أو خوف وتخرج إلى شرفتها تنظر إلى ابنائها وهم يلعبون مع جدهم ووالدهم فى حديقة القصر ..تتأمل أسرتها الجميلة وأولادها أدهم وأياد والجميلة نيرة.

فيشير إليها خالد بيده فتبادله رنين التحية بأبتسامتها العذبة المشرقة .متأملة جمال أسرتها فتحمد الله عليها وتنظر إلى السماء تأمل فى فجر يوم جديد بلا حزن أو ألم ...تأمل فى دوام الأستقرار والسعادة لأسرتها المتحابة والمترابطة

فتبتسم قائلة لنفسها

لاه الغد هو ملك الله وأنا أثق فى رحمته ..أما اليوم فهو أعيشه الآن فيجب أن أتمتع به مع أسرتى الغالية بلا خوف أو قلق يفسد علىٌ سعادتى.

وهكذا صارت الحياة برنين ...فعجباْ لتلك الحياة فقد تكون حياة الواحد منا كفيلم سينيمائى لا يصدقه عقل وهذا ما حدث مع رنين فحياتها كانت عجيبه وكأنها فيلم كتب السيناريو فيه القدر ولم تملك هى فى أحداثه شيئاْ سوى الأستسلام للأقدار تسيرها كما تشاء ولكنها كانت رحيمة بها فى النهاية وكانت جائزتها إليها تلك الأسرة التى أفتقدتها فى حياتها فهاهى تنعم بها الآن وتنعم بحب كل من حولها خاصة زوجها المحب خالد. هذه الحياة التى لم تؤمن يوماْ بوجودها من قبل فهاهى الآن تحياها...فقد آمنت بأننا نحن من نصنع بأيدينا الحياة حتى لو كانت تعوقها بعض العقبات والصعاب بالأيمان والرغبة فى نجاح الحياة سنجتاح أى صعاب . فالمهم هو أن نؤمن بوجود السعادة والحب حتى ننعم بهما ونستمتع بحياتنا بلا خوف أو قلق من المجهول....لأن المجهول بيد الله وليس بأيدينا

فوراء أى سعادة حب صادق نابع من القلب.


تمت بحمد الله.

الفصل الثانى والثلاثون من دماء على جسر الحب

وفى الطريق فجأة تقف رنين وتتسمر واجمة فى مكانها محدثة نفسها وقد أنتابتها مشاعر مزدوجة بين شوقها لرؤيته وبين غضبها منه كم تمنت أن تهرول نحوه وتلقى بجسدها بين ذراعيه باكية وكم تود الهرب من أمامه الآن ولا تراه مرة أخرى تحدث نفسها وعينيها التى يسكنها نظرة حزن عميقة تحاورة قائلة لا فائدة من الكلام معى

. ولكنه يقترب منها مقاوماْ عنادها وما أن يحاول خالد الكلام حتى تثور عليه رنين بعصبية تنم عن أضطرابها قائلة فى حدة

ما الذى أتى بك إلى هنا ؟؟؟ ألم يكفيك قتله ماذا تريد بعد ذلك؟؟؟؟

فيحاول خالد الدفاع عن نفسه والدموع تتأجج فى عينيه قائلاْ

لا تظلميننى مرة أخرى فلم يعد لدى مقدرة على تحمل المزيد.

فترمقه رنين بنظرات إزدراء قائلة

لا داعى لأن تقل المزيد فأى كلمة ستقولها لن أسمعها فلقد أنتهى مابيننا ....فدماء عادل ستبقى بيننا فلقد مات حبنا لحظة أن عرفت الحقيقة وأصبح سراباْ فى سماء الحياة لا وجود له.

فلا يملك خالد تحمل المزيد من عنادها فيثور عليها متسائلاْ بصوت يحمل نبراته الأستعطاف والأستنكار قائلاْ

وأنا وحبى وقلبى وحياتى التى غيرتها من أجلك !!!! كيف تطلبين منى بسهولة هكذا أن أبتعد عنك بعد أن تملكتى حياتى ؟؟؟ فهل تعنين حقاْ ما تطلبيه منى؟؟؟؟ ثم

يكمل مستعطفاْ أياها قائلاْ

رنين أنك تطلبين المستحيل..... تحكمين علىٌ بالموت والفناء وأنا مازلت أحيا.

فتهز رنين رأسها قائلة فى أصرار لا فائدة مما تقوله فلن يغير شيئاْ فقد أنتهى ما بيننا ولن يعود مرة أخرى....ثم ترمقة بنظرة إستنكار قائلة أتعلم لماذا لأن دماء عادل ستبقى دائماْ تصرخ بيننا وتذكرنى بأنك أنت قاتله.

فيتملك خالد الغضب وهو يرمقها بنظراته الغاضبه ويصيح فى وجهها قائلاْ فى حده

كم أكره عنادك هذا فلقد كان السبب فى كل ماحدث لنا. أتريديننى أن أواجهك بالحقيقة ؟؟؟؟ سوف أقولها لك الآن وهى أنك أنت السبب فى كل ما حدث. فأنت بداخلك مازلت ترفضين أن تصدقى أننى أحبك ..... ما زلت لا تؤمنين بوجود السعادة حتى بعد أن عشناها معاْ...فأنت بداخلك مازلت لا تؤمنين بوجودها.....فمنذ أن ألتقينا وولد الحب فى قلوبنا وأنت تقاومين هذا الحب ورفضتى الفرصة التى حانت إليك لتعيشين حياتك كما يجب أن تكون وكنت تتحججين بزواجك الهش من عادل وأنه يجب عليك الإخلاص لزوج لا يشعر من الأصل بوجودك فى حياته حتى بعد أن مات قاومتى حبى بلا أى سبب أو مبرر وبعد زواجنا كنت بداخلك لا تصدقين أننى أحبك حقاْ وكنت تنتظريننى فى أى وقت أن أتركك وأعود مرة أخرى لحياتى السابقة التى ودعتها قبل حتى أن أتزوج منك والآن ترفضين تصديق أننى برئ من دم عادل وترفضين حتى الأنصات إلىٌ وكأنك كنت تنتظرين وقوع أى شئ حتى تجدينها حجة و تبتعدين عنى حتى تثبتين لنفسك أنه حقاْ لا يوجد حب وسعادة فى هذه الدنيا كما كنت دوماْ تتوهمين. للأسف يا رنين أنت إنسانة معقدة وعقدك هذه ستدمرك وستدمرنى معك للأننى للأسف أحبك .

فتحدق رنين فى وجهه وعيناها يسكنها الألم وتحاول أن تتغلب على أحزانها وضعفها ورغبتها فى أن تلقى بجسدها بين ذراعيه وتبكى قائلة

أنقذنى من نفسى ولا تتخلى عنى فلن أستطيع أن أحيا بدونك ولكنها تحاول أن تبدو قوية أمامه قائلة

أنا لست معقدة كما تزعم حتى تبرر فعلتك الشنعاء تلك...إن صورة عادل والدماء تغطى معظم جسده لا تفارقنى وكأنها لعنة أصابتنى عقاب لى على حبى لك... فدماء عادل قد تناثرت على جسر حبنا وأنت من فعلت ذلك وليست غلطتى أنا.

فيثور خالد فى وجهها قائلاْ ولكننى برئ من هذا الدم

فترفض رنين السماع إليه وهى تبتعد عنه قائلة الوداع يا خالد الوداع يا حب العمر الوداع إلى الأبد.

فيحاول خالد أن يلحق بها ولكن فجأة تظهر سيارة مسرعة وهى تتجه نحوه عن قصد فيحاول خالد تفاديها ولكنها تصدمه...

فتصرخ رنين فى هيستريا وهى ترى خالد يتهاوى أمامها ليرتطم جسده بالأرض فتنبثق الدماء متفجرة منه وكأنها بركان ثائر أنفجر ليتناثر فى كل مكان.......حتى تسمع صوت شوقى وهى يصيح بصوته الثائر القبيح قائلاْ لابد من أحرق قلب والدك عليك فلن أضيع وحدى ولقد حذرتك من قبل وينطلق بسيارته هارباْ

فتهرول رنين مسرعة نحو خالد وهى تصيح فى هيستريا خااااااااالد وتحتضنه والدماء تخضب ملابسها قائلة

لاتمت لا تتركنى وحدى فلن أستطيع الحياة بدونك فلا تتركنى أرجوك

فيحاول خالد جاهداْ الكلام مقاوماْ آلامه قائلاْ رنين أننى أواجه الموت الآن ولن أكذب عليك لأننى سوف أقابل ربى ....صدقيننى لم أفكر يوماْ فى قتل عادل ولم أطلب من شوقى ذلك حتى أن هناك شكوك أن كان هو بالفعل من قتله فليس لدينا دليل على ذلك ...نعم لقد أحببتك وقد كنت على أستعداد لفعل أى شئ فى سبيل حبك ولكننى لم أقتله صدقيننى وحياة حبنا أعظم حب..هذا الحب الذى طهرنى من حياتى اللاهية العابثة التى كنت أحياها.

فتنهار رنين والدموع تنهمر من عينيها بلا هوادة قائلة لا تجهد نفسك بالكلام أرجوك فهذا خطر عليك.

فينظر خالد فى عينيها متسائلاْ بصوت يجاهد الموت قائلاْ
هل ستسامحيننى؟؟؟؟

فتجيبه ودموعها تسبق كلامها نعم أسامحك ....فأنت حبيبى ...أنت من أحييتنى وجعلتنى أعيش بحق الحياة.....أنت عمرى الذى لن أحياه بعدك....أنت من أعطى قلبى النبض لكى يحيا فلن أدعك تمت وتتركنى وحدى أتعذب من لوعة الفراق.....لا تمت يا خالد أرجوك .....لا تمت.

فينظر خالد فى عينيها بنظراته الواهنة المفعمة بحبه إليها وهما يتبادلان نظرات الحب والخوف من الفراق حتى والموت يحلق حولهما يهددهما قائلاْ

لقد أرتاح قلبى الآن نعم الآن فقط سأموت وأنا أعرف أنك مازلتى تحبيننى لا ساخطة علىٌ . رنين لقد قولت لى بأن الله يغفر ذنوب العبد طالما تاب عنها ...فهل تعتقدين أننى حقاْ كفرت عن ذنوبى ؟؟؟؟

فتنظر إليه رنين والحزن يعصر ملامح وجهها قائلة رحمة الله أكبر كثيراْ من أعمالنا يا خالد .

فيبتسم خالد أبتسامة واهنة قائلاْ الحمد لله أننى قد قابلتك فى حياتى حتى تغيرينها قبل أن أقابل ربى ...ولكننى أعلم أن الله يعلم جيداْ أننى برئ من دم عادل وكنت أريد أن أرى فى عينيكى أنك تصدقيننى أيضاْ قبل أن أسلم روحى لخالقها. والحمد لله أرى ذلك فلقد أرتاح قلبى . ...نعم الآن فقط سأموت وأنا أعرف أنك مازلتى تحبيننى لا ساخطة علىٌ فأنا أود أن أموت الآن وعيناكى التى طالما عذبتنى هى آخر شئ أراه ....تلك العينين التى علمتنى الحب وكيف تكون الحياة... رنين ضعى يديك فى يداى أريد أن أشعر بها ضمينى بشدة حتى أفارق الحياة وأنا بين ذراعيكى .

ولكن رنين تصيح بصوت باكى ....لا....لا.... لن تفارقنى لا لن يفعل الله بى ذلك نعم فلم أجنى يوماْ على أحد حتى يكتب الله علىٌ العذاب طيلة حياتى . فلن تمت حتى لا أمت من بعدك. فأنا لن أحيا بعدك يوماْ واحداْ فالله سيكون رحيماْ بى ولن يدعك تمت وتتركنى فتماسك يا حبيبى من أجلى ......قاوم من أجل حبى لا تتركنى فقد كنت دوماْ تلاحقنى تقاوم عنادى ...فقاوم الآن من أجلى من أجل حبنا.

فيغيب خالد عن الوعى فتصيح رنين فى هيستريا

خااااااااالد تماسك من أجلى أرجوك.

ويتم نقل خالد إلى المستشفى وينهار شكرى الشايب فهو لا يصدق ما حدث ففى لحظة ممكن أن يفقد ابنه الوحيد.....فهو قد فعل كل ذلك من أجله وهو الآن قد يضيع منه فما فائدة ما فعله إذن وابنه قد يفقده للأبد.

بينما تبقى رنين واقفة أمام حجرة العمليات منهارة والدموع متحجرة فى عينيها لا تملك غير الأنتظار ولا يفارق لسانها كلمة يارب ...فهى تترجى الله أن يكون رحيماْ بها ولا يحرمها من خالد.

فيقترب منها محيى قائلاْ رنين يجب أن ترتاحين فأنت تبدين مرهقة تعالى معى لنتناول كوب من عصير الليمون حتى تهدأ أعصابك.

فتحاول رنين جاهدة الكلام قائلة لا أقدر يا محيى على تناول أى شئ. فقلقى على خالد يكاد أن يقتلنى فأنا لا أحتمل فكرة أن خالد قد يمت ويتركنى

فينظر إليها محيى فى تأثر قائلاْ

أعتقد أن من حق خالد علىٌ الآن أن أؤكد إليك الحقيقة التى أبيتى أن تسمعينها منه...رنين خالد برئ من دم عادل وحتى وأن كان شوقى فعلها وهو من قتله مع أن ذلك الأمر لم نتأكد منه بعد فخالد لم يعلم شئ بهذا الأمر ولم يخبره شوقى إلا منذ شهرين أو أكثر قليلاْ بعدما بدأ خالد يضجر من تصرفات شوقى وتجاوزاته فى العمل فقام شوقى بتهديده بإنه إن لم يكف عن البحث وراءه سوف يخبرك بأن خالد هو وراء مقتل عادل..فصدم المسكين عندما أخبره شوقى بذلك وكاد أن يفقد عقله وهو يفكر ماذا سيكون رد فعلك عندما تعلمين ذلك وكيف ستتقبلين الأمر وأنك لن تصدقين أنه برئ مماحدث وللأسف هذا ما حدث بالفعل ولكن خالد الآن بين يد الله ولن يفيده الكذب بشئ فهو برئ من دم عادل ولم يفكر للحظة فى قتله أتعلمين لماذا؟ لأنه أحبك فالحب قد طهر قلبه من أى شر .

فتنظر إليه رنين بعين باكية وهى تحدثه بصوت يعصر الألم والندم نبراته قائلة

كل هذا العذاب تحمله خالد وحده وأنا كنت أظن واهمة أنه قد عاد لحياته السابقة ولذلك كان يتهرب منى ...كم كنت قاسية عليه وكما قال فقد ظلمته معى كثيراْ...يا حبيبى يا خالد ياليت الله يكتب له النجاة حتى أعوضه عن كل ما سببته إليه من عذاب فإن مات خالد فلن أسامح نفسى أبداْ وسأبقى طيلة حياتى أشعر بالندم عن تعسفى وظلمى إليه.

فينظر إليها محيى فى تأثر قائلاْ لا نملك الآن سوى الدعاء إلى الله أن ينجيه حتى تعوضينه عن كل ما فات...فقد تعذب خالد كثيراْ يا رنين تعذب كثيراْ.

ويحل المساء وخالد لا يزال بداخل غرفة العمليات فتخرج رنين إلى الشرفة وتنظر إلى السماء تتأمل تلك اللوحة التى رسمها خالد إليها القمر وحوله النجوم ولكنها تراها الآن بصورة مختلفة وكأنها ترى اللوحة تبكى فقد أختفت البهجة ليحل محلها الحزن فهى ترى القمر وقد أختفت بسمته ليحل محلها الحزن .فمن يعصر الحزن قلبه يرى كل شئ حوله حزينا.

فتناجى رنين ربها باكية ....يا إلهى لقد كنت شاهد على ٌ وعلى حياتى فقد تعذبت كثيراْ فى طفولتى وصباى ودفعت ثمناْ باهظاْ لهذا الخواء العاطفى الذى عشته طيلة عمرى وكان خالد بمثابة طوق النجاة الذى ألقيته لى لينقذنى مما كنت أعانى منه ولكنه الآن يضيع منى ولن أستطيع تحمل ذلك فأنا أدعوك يا أرحم الراحمين بأن ترحمنى وتقف بجواره وتعيده لى ...فلم أخطئ يوماْ فى حقك وكنت أخشاك فى تصرفاتى فكن رحيماْ بى ولا تتخلى عنى فأنا بدون خالد لن أقدر على الحياة ...ثم تترجى ربها باكية والدموع تبلل خديها قائلة

يارب قف معى أستحلفك باسمك الأعظم الذى إذا دعيت به أجبت أن تقف مع خالد وتنجيه حتى لا تتحول حياتى إلى جحيم وعذاب لا نهاية له.

وتقف رنين مع نفسها تسترجع ذكرياتها فهاهى تعود من حيث بدأت ولكن بآلام وجراح أعمق فلن يفارقها خالد مهما طال بها العمر فسيبقى هو حبها الأول والأخير .هذا الحب الذى عذبها وحيرها فى بدايته وزادها عذاباْ وآلاماْ فى آخره. سيبقى قلبها ينبض بحب خالد طالما سيبقى به النبض فطالما هى تحيا سيبقى خالد يحيا بداخلها .

حتى تسمع صوت صديقتها مريم وهى تصيح بلهفة وقلق قائلة رنين حبيبتى كيف حالك؟

فما أن تراها رنين حتى تلقى بجسدها بين ذراعيها وتنهار باكية وكأنها تسلم هذا الجبل من الهموم الذى تحمله على عاتقها إليها قائلة مريم أنا أفقد خالد يا مريم.... أفقد خالد.

فيتحدث حسين قائلاْ للأسف سوف يلقى نفس مصير المرحوم عادل فأن الله يمهل ولا يهمل.

فى دخلة شكرى الشايب وقد سمع كلام حسين متسائلاْ فى دهشة وأستنكار ماذا تقصد بهذا الكلام؟

فينظر إليه حسين قائلاْ ألا تعلم يا شكرى بك أن ابنك ومساعدك الحقير شوقى قد قتلا عادل؟؟؟

فيحدق شكرى فى وجهه بدهشة وأستنكار قائلاْ

من قال هذا الهراء فليس لخالد ابنى أو هذا الحقير شوقى أى دخل فى مقتل عادل هذا. فلن يحدث أمر هكذا بدون علمى أبداْ .

فتنظر رنين إلى حسين قائلة حسين ليس لخالد أى يد فى مقتل عادل وقد أصبحت متأكده من ذلك بينما الحقير شوقى فأن كان قتله أم لا فهو سوف يأخذ جزاءه عما فعله .

فيؤكد شكرى قائلاْ لقد وصل إليه رجالى وسوف يسلمانه إلى الشرطه ولن أهدأ إلا أن يأخذ جزاءه عما فعله فلن يفلت أبداْ بمحاولة قتل ابنى .

حتى يسمعوا أصوات فى الأستراحة فتخرج رنين مسرعة ويلحق بها شكرى ليتبينوا ما الأمر .

ليجدوا عشرات
الأطفال من دار الأيتام يقفون أمام غرفة خالد يدعون إليه بالشفاء والنجاة من الموت

فتبتسم رنين وتنظر إلى شكرى الشايب قائلة هؤلاء هم الكنز الحقيقى الذى يمتلكه خالد فقد تكون دعواتهم هذه إليه الآن هى التى ستنجيه من الموت لا ملايينك التى تحرص على جمعها.....فهؤلاء حبهم هو الثروة الحقيقية التى يجب أن يسعى الأنسان إليها ويحرص على جمعها حتى تصبح سنده فى الدنيا والآخرة. وتنضم رنين إلي الأطفال الذين يلتفتون حولها داعين الله أن يشفى خالد وينجيه من الموت ولقد ظلوا هكذا طوال الليل رافعين كفوفهم إلى الله والدموع تبلل خديهم راجين رحمة الله
.

الأربعاء، 13 أغسطس 2008

الفصل الحادى والثلاثون من دماء على جسر الحب

يغادر شوقى المكتب وهو يتوعد ويهدد. فتنظر رنين لخالد غير مصدقة وعيناها زائغة حائرة مصدومة تحاول أن تستوعب ما سمعته تواْ متسائلة

ما هذا الذى سمعته بحق الجحيم؟ مامعنى ما قاله شوقى؟ هل قتلت عادل؟ أنت قاتل عادل؟؟؟

فينكس خالد رأسه وقد أنصب العرق من كافة جسده وأنهار تفكيره فهو عاجز عن مواجهتها

فتصيح فيه رنين بغضب وعيناها ترجمانه بنظرات ناريه متهكمه قائلة

أجبنى أنت قاتل عادل؟

فيحاول خالد تهدئتها قائلاْ بتوسل

رنين أرجوك أهدئى

ولكنها تثور عليه فى حده قائلة أنت قاتل عادل ...أنت يا خالد...لماذا؟ حتى تتزوج بى ألتلك الدرجة أرواح البشر رخيصة لديك!!! أنا لا أعرف كيف لك أن تعيش معى وأنت قاتل زوجى؟؟؟؟

فيصيح خالد مدافعاْ عن نفسه بصوت باكى مفعم بالحزن والغضب قائلاْ

لم أكن أعلم صدقيننى ...لم أكن أعلم . فشوقى فعل ذلك بدون علمى.

فتومأ رنين برأسها فى سخرية والدموع تتساقط من عينيها صارخة كاذب.. ..كاذب وحتى إن كنت لم تقتله بيديك فالتحريض على الجريمة أبشع من أرتكابها فلا تخدع نفسك وتخدعنى معك وكفانى ما سمعته تواْ وياليتنى كنت مت قبل أن أسمعه .....فقد بنيت بيديك سداْ بيننا وستظل دماء عادل متناثرة بيننا للأبد...للأسف كان أجمل وأعظم حب وأقذر وسيلة لتحقيقه ..الوداع يا خالد الوداع يا أجمل حلم أنهار أمام الحقيقة ....الوداع إلى الأبد.

وتنسحب رنين بهدوء من أمامه وبينما كان هو متسمراْ فى مكانه لا يصدق ما حدث هل ضاعت منه رنين؟؟؟ هل أنتهى هذا الحلم الجميل الذى كان يعيشه ؟ هل إنكسر كل شئ بيد ذلك الحقير شوقى؟ولكن هل سيترك حب عمره يضيع من بين يديه هكذا؟ ولكن ما الذى بيده أن يفعله؟ فهو لا يملك الآن غير أن ينعى حبه بتلك العبرات الساقطه من عينيه والتى تلهب سخونتها خديه وكأنها دموع من النيران تحرق قلبه فتزيده ألماْ .

ما أن غادرت رنين المؤسسة وهى تكاد لا ترى ما أمامها فقد كانت تبدو فى حالة مرثية والدموع تنهار من عينيها بلا هوادة حتى تجد نفسها تقف أمام باب شقة مريم وبالكاد أستطاعت أن تضغط بأصبعها على جرس الباب . فما أن فتحت لها مريم حتى أنهارت رنين وكادت أن تفقد وعيها وتسقط على الأرض لولا أن لحقت بها مريم وأمسكت بها وهى تصيح فى ذعر

رنين حبيبتى مابك؟

وتدخل معها رنين وهى بالكاد تجر قدميها حتى تصل إلى الأريكة وتلقى بجسدها عليها ومعه تلقى كافة الهموم التى تحملها فوق رأسها . فتنظر إليها مريم فى تأثر وقلق متسائلة

رنين حبيبتى ما الذى حدث؟؟؟

فتنظر إليها رنين والدموع تملئ عينيها ووجهها تصرخ ملامحه قائلة

ما بى لا يصدقه عقل أنسان ..آهن يا مريم بداخلى حزن إن وزع على سكان العالم أجمع لن يكفيه. أكاد أن أفقد عقلى إن لم أكن فقدته بالفعل....وسؤال واحد يصرخ فى وجهى لماذا يحدث لى أنا كل هذا؟ يا ألهى ففى نفس الوقت الذى علمت فيه بحملى وأننى سوف أرزق بطفل من خالد حب عمرى والذى كنت أظن واهمة أن هذا الطفل سوف يعمق علاقتنا أكثر وسيقرب بيننا أكثر وأكثر ويتوج هذا الحب بأحلى جوهرة .....فى نفس الوقت أكتشف الحقيقة المرة القاسية والتى لا أستطيع أن أستوعبها حتى الآن وتفرض على أن أبتعد عن خالد ...ونفترق إلى الأبد . ثم تنظر إلى مريم بعين باكية قائلة

أترين سخرية القدر معى يا مريم!!!!! هل تصدقين ما يحدث معى؟

فتنظر إليها مريم فى حيرة وتأثر فهى لا تفهم عن أى شئ تتحدث فلا تملك غير أن تحاول تهدئتها قائلة

أرجوك يا رنين أهدئى وأحكى لى ما حدث حتى أستطيع أن أفهم.

فتغمض رنين عينيها لتهرب الدموع من بين جفونها وتخرج صيحة حزينه مفعمة بالآلام قائلة

ما حدث لا يصدقه عقل ولكنها الحقيقة.....للأسف الحقيقة القاسية.

وتفشل جميع محاولات خالد فى الكلام مع رنين فقد ضاعت منه للأبد وصار بينهما سداْ منيعاْ ملطخاْ بالدماء وأنهار الحب وإن لم يمت فهو أقوى من الموت ولكن كتب على هذا الحب أن يبقى كامناْ فى فلوبهما يعذبهما وتحرقهما لوعة الشوق والذكريات تلهب حنينهما ولكن بلا فائدة بلا أمل فى العودة مرة أخرى.

ولكن خالدلا يقدر على تحمل فكرة البعد عن رنين فكيف يعيش بعيد عنها وهى كل حياته فهى التى علمته كيف تكون الحياه .حتى انه لم يعد قادراْ على البقاء فى القصر فكل مكان فيه يصرخ فى وجهه يذكره بها فأنتقل للأقامة مع صديقه محيى فى شقته حتى يهرب من ذكرياته ولكن هيهات فرنين تسكن بداخله تطارده ذكرياته معها فى كل مكان يذهب إليه حتى وإن لم تكن له فيه معها ذكريات. ولكن محيى لا يروق له حال خالد فحالته تزداد سوء يوم عن يوم فلم يعد ينام أو يأكل فأصبح وجهه شاحباْ منهك القوى . فيسأله فى تأثر قائلاْ

إلى متى ستبقى على هذا الحال يا خالد فقد مرأكثرمن أسبوعين عما حدث وأنت لازلت على هذه الحالة البائسة فينظر إليه خالد بعين يسكنها اليأس ويجيب عليه بصوت مختنق حزين متألم قائلاْ

لقد مرت على هذه الأيام وكأنها دهر فقد تحطمت حياتى يا محيى وأنهارت أحلامى وما يحزننى أننى برئ وياليت رنين تصدق ذلك حتى وإن أختارت البعد فأريدها أن تصدق أننى برئ من دم عادل ثم يصيح وبصوت هائج يقول برئ والله العظيم برئ

فيحاول محيى تهدئته قائلاْ خالد لا تعذب نفسك هكذا وأهدأ

فيضرب خالد بقبضه يده الحائط قائلاْ فى حده يعصرها الألم كيف أهدأ وحياتى أنهارت وياليت الذنب ذنبى ثم ينظر إلى محيى قائلاْ لم أفكر يوماْ فى قتل عادل ورنين ترفض أن تصدق ذلك مع أن هذه هى الحقيقة فشوقى قد فعل ذلك من تلقاء نفسه ولكن للأسف أنها حتى ترفض أن تقابلنى .فقد حكمت على بالموت فعذابى يقتلنى فكلما أفكر أنها تعتقد أننى قاتل عادل أكاد أن أجن فالألم يعصر قلبى ويعذبنى

فيطلق محيى زفرة قصيرة قائلاْ أنا لا أعرف ماذا أقول لك ولكن ما يحيرنى حقاْ إن كان شوقى هو من قتل عادل لما لم يخبرك بوفاته بعدها؟؟؟ فقد مر أكثر من عام ونصف على وفاته وأنت لم تعلم إلا بالصدفة من والدك عندما سافر إليك فى إيطاليا.

فينظر إليه خالد فى ترقب متسائلاْ بماذا تفكر يا محيى؟

فيرد عليه محيى قائلاْ أفكر بصوت عالى قد نصل لحقيقه غائبة عنا . خالد ما دليلك أن شوقى هو حقاْ من قتل عادل لقد سألت بنفسك وعلمت بأنه قد صدمته سيارة سريعه على الطريق وقيد الحادث على ذلك فإن كان شوقى هو من فعلها فكان من الأولى به بعد شهر أو أكثر من وفاة عادل أن يتصل بك ويخبرك بوفاته حتى تعود وتتزوج من رنين لأنه من المفترض أنه قتله حتى تتزوج أنت منها ولكنه لم يفعل ذلك لما؟ الأجابة ببساطه لأنه لم يقتله ولم يكن يعلم بوفاته إلا بالصدفة بعد عام وأكثر وحتى أنه قد أندهش من أنك لم تعود من إيطاليا وتتزوج منها بعد وفاة زوجها. أليس ذلك ما قاله لك والدك فى إيطاليا وأعتقد أن هذا هو التفسير المنطقى الوحيد للأمر. خالد لا تحاول أن تقنعنى أن هناك من يقتل أنسان هكذا دون أن يعود عليه بالنفع من موته فشخص مثل شوقى إن كان حقاْ قتل عادل كان سيحاول بشكل أو بآخر أن يستفيد من ذلك ولن يعديه هكذا بدون أى مقابل.

فيجلس خالد مع نفسه يفكر فى كلام محيى ثم ينظر إلى محيى متسائلاْ إن لم يكن شوقى هو من صدم عادل بسيارته لما أدعى ذلك؟

فيومأ محيى برأسه قائلاْ ببساطه فعل ذلك ليفرق بينك وبين رنين وهذا ما نجح فيه بالفعل فشوقى لم يكن يروق له تدخل رنين فى الشركة وكان يعلم بأنها لا تحبه فأراد أن يخلص منها قبل أن تخلص هى منه. فهداه تفكيره الشيطانى لتلك الحيلة القذره وقد نجح بالفعل فيما يريد . ثق بى يا خالد فكر فيها ستجدها الحقيقة

فينظر إليه خالد فى حيرة قائلاْ كم أتمنى أن يكون معك حق فى ذلك ولكن مهما كانت الحقيقة شوقى يجب أن يأخذ جزاءة فقد حطم حياتى ودمر حبى ويجب أن يدفع ثمن ذلك غالياْ

وبالفعل يسلم خالد إلى النيابة كافة المستندات التى تدين شوقى فى الكثير من العمليات المشبوهة وما أن يتم التحقيق مع شوقى حتى كاد أن يفقد صوابه خاصة وأنه تقع عليه المسئولية كاملة فقد كان شكرى الشايب محصن نفسه وابنه جيداْ فلم تقع عليهما أى مسئولية فى كافة القضايا. فيجن جنون شوقى وهو يتوعد بالأنتقام .

أما رنين فلم تستطع العودة إلى أهلها فماذا ستقول لهم خالد قد قتل عادل. فقررت أن تقيم مع مريم لفترة حتى تهدأ وتفكر ماذا ستفعل فتجلس حبيسة غرفتها شاردة الفكر منهارة الملامح باكية العين هزيلة الجسد منكسرة القلب تفكر فى كل ما مر بها وكيف كانت الحياة قاسية معها فقد حكم عليها القدر بالعذاب طيلة حياتها فقد حكم عليها بالموت وهى مازالت تعيش على أرض الواقع . هذا الواقع المؤلم الذى كتب عليها الحرمان من حبها وهو أمامها يناديها وكأن الحرمان قد أبى فراقها فلا تملك رنين غير البكاء تترك دموعها تنهار وتنساب على وجنتها عسى أن تريحها وتبرد تلك النيران الملتهبة بداخلها فتريحها تلك الراحة التى عصتها دوماْ فكم تحتاجها الآن . فكم تود أن يكون كل ما مر بها كان مجرد كابوس فظيع مرعب وسوف تستيقظ منه فكم تتمنى أن تستيقظ من نومها لتجد خالد بجوارها يكذب كل ما حدث ويخبرها بأن ما كان ليس إلا أكاذيب لا وجود لها فى الواقع فهى تشتاق الآن لرؤياه تشتاق للمسة يديه تتمنى أن تذوب بين ذراعيه كما أعتادت دوماْ وأن تغرق فى بحور عينيه الحالمتان بها ولكن كل ذلك ما إلا أمنيات صعبة المنال لن تتحقق فهى الآن وحيدة مع أحزانها وآلامها وقلبها المعذب فتسلم رأسها إلى وسادتها لتغوص فيها وتبلل دموعها خديها مستسلمة لأحزانها فتمتلكها ويعصر قلبها الآلام.

وفى المساء تقف رنين فى شرفتها فتجد القمر كعادته يبتسم لها وحوله النجوم المتلألأه وكأنها شموع يسطع نورها لتضئ السماء فتسلم رنين نفسها للخيال لتهرب إليه من الواقع تتخيل نفسها تراقص خالد كما كانت تفعل من قبل وتتمايل معه على أنغام حبهما العازف على أوتار القلب حتى فجأه تظهر أمامها صورة عادل والدماء تنبثق من جسده فيقف بينها وبين خالد فيتباعدان حتى فجأه تلطخ الدماء يد خالد فتصاب رنين بالذعر ويصيب جسدها رعشة باردة فتنهار باكية فلا فائدة فقد تناثرت دماء عادل بينهما حتى فى الخيال فتسلم جسدها لفراشها تضم جسدها بين ذراعيها وتسلم رأسها بين كفيها وهى منهارة باكية تكاد أن تفقد عقلها ففى لحظة أنهارت حياتها وأنتهى حلمها الجميل.

وتذهب رنين إلى شقة عادل وما أن أدارت المفتاح وفتحت الباب حتى أحست برعشة تجتاح جسدها العليل وما أن خطت بقدميها بداخلها حتى أحست بأنها تريد الهرب بعيداْ عنها ولكنها قاومت هذا الاحساس وأقتربت أكثر وهى تتجول بعينيها بين أركانها وكأن شريط حياتها يمر أمامها تتذكر يوم لقائها بعادل فى حفل زفاف مريم ويوم زفافهما وأول ليلة لهما معاْ ويوم عيد ميلاده الذى خذلها فيه تراه فى كل ركن كان يجلس فيه حتى وقعت عينيها على صورته التى كانت معلقة على حائط غرفة المكتب فأقتربت منها ووقفت أمامها وعيناها متأججة بالدموع . فأنهارت باكية وهى تحدث صورته قائلة سامحنى يا عادل لم أكن أعلم أنه قاتلك ولم أكن أبداْ سأسمح أن يحدث لك ذلك فأرجوك سامحنى .. لقد قاومت من أجلك نفسى وقلبى وسأقاوم بعد الآن كل قطرة بداخلى لازالت تحب قاتلك فأرجوك سامحنى

حتى يرن جرس الباب فتندهش رنين فمن عرف بأنها هنا فتقوم بفتح باب الشقة بترقب لتجدها مريم تصيح فى وجهها بعتاب متسائلة

ماذا تفعلين هنا ؟ فأنا لم أصدق عينى عندما رأيتك تدخلين العمارة . أنا لا أفهم لمذا تسعين دائماْ إلى تعذيب نفسك ألن تكفى عن هذا العذاب !!!!!

فتهز رنين رأسها قائلة بصوت باكى لا تظلميننى يا مريم فأنا أكاد أن أفقد عقلى فليس من السهل أبداْ ما حدث لى؟ فأنا لا أستطيع أن أصدق أنه قد كتب على الحرمان من خالد إلى الأبد . هل كتب على أن أحرم من السعادة والحب طيلة حياتى ؟؟ فمن قبل كنت محرومة من السعادة ..نعم كنت حزينة ولكننى لم أعرف طعم الحب وحلاوته حتى أحزن عليه ولكن الآن كيف سأعيش وأنا قد حرم على حبى وهو أمام عينى ؟؟ كيف ستكون أيام عمرى بعد الآن وقد عشت أجمل أيام العمر مع خالد. كيف لى أن أحيا حياة الحرمان من جديد؟ كيف لى أن أعيش وقلبى ينزف ألماْ؟ كيف لى أن أحيا بدون حياه؟ فأنا الآن أحيا جسداْ عليلاْ بلا روح وقلب ميت بلا نبض أنا لا أحيا يا مريم لا أحيا.

فتحاول مريم تهدئتها قائلة بصوت حنون متأثر لعذاب صديقتها

لا يا رنين لا تستسلمين لليأس هكذا أعلم يا حبيبتى أن ما حدث كان أمر بشع ومن الصعب تجاوزه بسهولة ولكننا لا نملك سوى المقاومة حتى لا نفنى . فتنظر إليه رنين بعين باكية قائلة بصوت منهار محطم

أنت لاتعلمين كم أتألم... أنا لا أنام يا مريم فالكوابيس تهاجمنى فى نومى فصورة عادل وهو ممدد على فراشه والدماء تغطى معظم جسده حتى أخفت ملامحه لا زالت تطاردنى وأرى كل ليلة خالد ينادى على وأنا واقفة فى مكانى أود الذهاب إليه ولكن قدمى لا تسعفنى حتى فجأة يقف عادل بيننا وينظر إلى وعيناه تعاتبنى هل تريدين الذهاب إلى قاتلى حتى فجأه تنبثق الدماء من كل جسده ويهوى على الأرض وأجد خالد يضحك بطريقة مخيفة ودماء عادل تلطخ يديه فيصيبنى الرعب وأظل أركض وأركض وأصوات مخيفة تلاحقنى... أصوات مبهمة مرعبة لا أفهمها ولا ينقذنى من هذا الرعب سوى أن أستيقظ من نومى لأجد أنه كان كابوس فظيع لا يكف عن ملاحقتى كل ليلة.

فتنظر إليها مريم فى تأثر وهى لا تعرف ماذا تقول لها حتى تسألها قائلة

ماذا تنوين أن تفعلين؟

فتنظر إليها رنين فى حيرة قائلة

لا أدرى ...لا أدرى . فأنا أتعذب ..أتعذب.

فتسألها مريم قائلة

أنت لازلت تريدين خالد. ...أليس كذلك؟

فتصمت رنين وقد تملكها الحزن ثم تتنهد قائله نعم مازلت أريده وهذا ما يعذبنى فأنا لم أقدر أن أكرهه فحبه قد لغى الكره بداخلى فلم أعد قادرة على الكره ولذلك أمقت نفسى لأننى مازلت أحبه وهو قاتل عادل. أترين يا مريم كيف تسخر منى الأقدار فالرجل الوحيد الذى أحببته وعشت معه أجمل أيام حياتى يجب أن أتركه وأحرم نفسى منه ..ثم تصيح متسائلة بصوت هائج حائر حزين

أنا لا أدرى ماذا فعلت حتى يكون هذا قدرى فقد كتب على الحرمان طيلة حياتى وكأن حياتى مع خالد كانت مجرد حلم وأنتهى مع شروق شمس يوم جديد لأعود مرة أخرى لحياتى السابقه حياة الحرمان .

وفى الطريق فجأة تقف رنين وتتسمر واجمة فى مكانها محدثة نفسها يا ألهى أنه هو.....

.

الاثنين، 4 أغسطس 2008

الفصل الثلاثون من دماء على جسر الحب

يجتاح خالد القلق على رنين وهو ينظر إليها فى ذعر متسائلاْ

رنين حبيبتى مابك؟

فتحاول رنين أن تهدئ من قلقه قائلة

لا تقلق يا خالد فكل ما فى الأمر أننى شعرت بأننى سوف أفقد وعى لبرهة قصيرة ولكننى الآن أفضل الحمد لله . لا تقلق هكذا يا حبيبى.

فيحدق بها خالد ونظراته القلقة تحتويها قائلاْ يجب أن تذهبين إلى طبيب حتى نتأكد أنك بخير.

فتبتسم رنين قائلة أن شاء الله بعد أن أعود من الأسكندريه سوف أذهب إلى الطبيب الأهم الآن هو أن تهدأ أنت ولا تقلق هكذا فأنا بخير الحمد لله

حتى يصل القطار إلى المحطة فتسأله رنين هل ستعود إلى القاهرة ؟

فيجيبها نافياْ لا فأنا لن أتحمل فراقك مهما كان حتى ولو كنت أنت قادرة على ذلك. فأنا كالسمك وأنت البحر إذا أبتعدت عنك أموت.

فتصيح رنين فى سعادة إذن ستأتى معى.

فيومأ خالد برأسه قائلاْ بالطبع يا حبيبتى وهل أقدر على غير ذلك؟؟؟؟

ويذهبان معاْ إلى منزل أسرتها فيرحبوا بهما وتدخل رنين إلى غرفتها متأملة أياها فقد شهدت تلك الغرفة على آلامها وأحزانها على دمعها ويأسها فيلحق بها خالد متسائلاْ

فى دعابة ماذا تفعلين هنا وحدك ؟ هل تخوننى مع ذكرياتك؟

فتبتسم رنين قائلة فى دعابة
الحقيقة كنت بالفعل أخونك مع ذكرياتى ثم تختفى نبرة المرح من صوتها ليحل محلها نبرة حزن قائلة

مع أنها كانت ذكريات أليمة مره . ففراشى هذا قد شهد على وأنا ملقاة عليه أبكى ألماْ وأصوات شجار أبى وأمى تلدغنى كعقارب شرسة تهجم على بلا هواده . ثم تتجه نحو النافذه وتشير إليها قائلة وتلك النافذة قد شهدت على وأنا أقف خلفها أترجى الله داعية أن تكون حياتى خالية من الشجار والمشاحنات وألا أصبح صورة أخرى من أمى وألا يكون زوجى صورة من أبى وألا تتحول حياتنا لصورة أخرى من حياتهما. ثم تلقى بجسدها على فراشها وتحتضن وسادتها قائلة أما وسادتى الخالية تلك فكثيراْ ما بللتها بدموعى الحائرة فلن أخفى عليك فزوجتك دائماْ حائرة.

فيمدد خالد جسده بجوارها متسائلاْ وعينيه تحتضنها بنظراته الحانية قائلاْ

وهل مازالت تلك الحيرة تلازمك حتى وأنت معى ؟

فتتنهد رنين قائلة أنت أكبر حيرة فى حياتى وكأنك تحولت للغز يصعب على فهمه .

فيهب خالد واقفاْ ويقول لها

ها أنا أمامك كتاب مفتوح يمكن لك قراءة كل ما فى بكل سهولة ويسر.

فتضحك رنين ساخرة منه قائلة

كعادتك دائماْ تعرف كيف تتهرب من الأجابة

فيحرك خالد رأسه فى حركة مسرحية قائلاْ

وهل أقدر على ذلك يا زوجتى العزيزه؟

فتبتسم رنين قائلة فى دعابة قدرى أننى أحببت مهرج ساحر عرف كيف يسحرنى بحبه. ثم تسلم رأسها لوسادتها الناعمة لتغوص فيها قائلة

تعلم يا خالد لقد كانت حياتى هنا معقدة للغاية . كنت أحلم باليوم الموعود الذى أترك فيه هذا المنزل وأرتاح من هذا الجحيم وصوت شجار أبى وأمى . فكل واحد هنا كان لديه عالمه الخاص به مع أننا أسرة واحده . ثم تنظر إلى خالد فى أستعطاف قائلة

خالد لا أريد أن يحدث ذلك لنا فحياتى معك هى الأمل الوحيد الذى أحيا من أجله فأرجوك لا تهدم هذا الحلم مهما حدث هل توعدنى بذلك؟

فيمسك خالد يديها وعينيه تحتويها بكل حب قائلاْ

لن أقدر على هدم حياتى فهو حلمى قبل أن يكون حلمك أعدك يا رنين أن أبقى على عهدى بحبى إليك ولن أتغير معك أبداْ ولن تصبح حياتنا يوماْ مثل حياة والديك لأن ما يجمعنا هو الحب الحقيقى الذى يسعد من يحافظ عليه ويقويه .

فتنظر إليه رنين وعينيها يملؤها الأمل قائلة أتمنى ذلك يا خالد فلن تتخيل كم يقلقنى أن أعود مرة أخرى إلى هذا العذاب وأستيقظ يوماْ من نومى فأكتشف أن حياتنا معاْ كانت مجرد حلم وأستيقظت منه لأعود إلى حياتى السابقة ولأصدقائى القدامى وهما الدموع والحزن

فيبتسم خالد قائلاْ كل ما أريده منك الآن يا حبيبتى هو أن تقفين بجانبى حتى تمر هذه المحنة بسلام علينا

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة متسائلة أى محنة يا خالد كلامك هذا هو الذى يقلقنى

فيتنهد خالد قائلاْ كل ما فى الأمر أننى أكتشفت أن شوقى يمارس الكثير من الألاعيب الغير قانونية فى الشركة وهذا لايروق لى وللأسف أعلم جيداْ أن أبى لن يعجبه أن أقوم بطرد شوقى لأنه مقتنع به ولكن شوقى لا يستحق أن يبقى فى الشركة ولا حتى ليوم واحد خاصة وأنه قد أرتكب أمر بشع لا يستطيع عقلى أن يصدقه حتى الآن ولن أهدأ قبل أن ينل جزاءة عما فعله وهذا ما أحاول أن أفعله الآن .

وثق بى يا حبيبتى عندما تتجمع تحت يدى جميع أدلة إدانته وأتأكد من أنه سوف ينل عقابه الذى يستحقه سوف أحكى لك كل شئ بالتفصيل .

فتومأ رنين برأسها قائلة

لقد قلت لك من قبل أننى لا أرتاح لشوقى هذا ولكنك لم تكن تأبه بكلامى وهاهى الأيام تثبت لك أننى كنت على حق.

فيؤكد خالد كلامها قائلاْ

نعم كنت على حق وما خفى كان أعظم ولكننى لن أهدأ ولن يرتاح لى بال قبل أن ينل شوقى جزاءه عما فعله حتى أستطيع أن أعيش حياتى بسلام.

فتبتسم رنين قائلة ولكننا لن نقضى الوقت كله فى كلامنا على شوقى هذا . نحن الآن فى عروس البحر المتوسط ويجب أن نستمتع بكل لحظة نقضيها معاْ فأنا أرغب فى أن ترى كل الأماكن التى كنت دوماْ أتردد عليها وشهدت على وأنا أكبر منذ أن كنت طفلة حتى قبل زواجنا

فتتسع إبتسامة خالد قائلاْ وأنا مستعد هيا بنا فلا يجب أن نضيع أى لحظة حلوه قد نحياها معاْ. فاللحظة التى تمر ليس من السهل أن تعود مرة أخرى .

ويمر الأسبوع سريعاْ عليهما ورنين تصطحب خالد إلى كل مكان كانت تحبه وله معها ذكرى . فقد كانا كالطفلين يلهوان ويمرحان فى حب وسعادة وطائر الحب يحلق فوق رؤوسهما يتغنى ويغرد بهمسات حبهما والنسيم العطر يداعبهما برفق وكأنه يغازلهما

وفى المساء يذهبان إلى الشاطئ ويجلسان على الصخر ليراقبان الموج وهو يرتطم بالصخور فى قوة وبلا هوادة يسهران مع القمر وهو متوج على عرشه يراقب العشاق بوجهه المضئ المبتسم والنجوم تتلألأ حوله بضيها البراق كأنها ومضات تسطع فى السماء لتزن العرش .

ويعودان إلى القاهرة والسعادة تزفهما ويتوج قلبهما الحب وتذهب رنين إلى زيارة مريم صديقتها فى شقتها فما أن تراها مريم حتى تنظر إليها فى خبث قائلة أراكى اليوم متغيرة تماماْ عما قبل . فأنا أرى السعادة تسكن عينيكى بدلاْ من تلك الحيرة التى كانت تمتلكك .

فتصيح رنين فى سعادة وكأنها طفلة صغيرة قائلة

نعم فأنا سعيدة وسعادتى تفوق الوصف . أتعلمين أنا على أستعداد أن أراهنك بأنه لا يوجد أحد على هذه الأرض يفوقنى سعادة والسر فى ذلك هو حب خالد لى فهو يحبنى بجنون فعينيه وقلبه قد أخبرانى بذلك.

فتضحك مريم قائلة أخيراْ قد أقتنعتى بذلك فياليت عقلك هذا يهدأ ويتركك تعيشين حياتك فى هدوء ولا تضيعين أيام عمرك فى الشك والحيرة فخالد يحبك ولا داعى لكل هذه الحيرة حتى لا تضيعين حبه من بين يديك من أجل تلك الأوهام التى لا وجود لها إلا فى خيالك هذا الذى يغلبك ويغلبنى معك.

فتتنهد رنين فى هيام قائلة نعم يحبنى ومع أننى لا أخفى عليك أشعر بقلق غر يب يجتاحنى فى تلك الأيام

فتصيح مريم قائلة لا أرجوك كفاكى قلق أتعلمين لو كان القلق رجل لقتلته حتى أرتاح . رنين كفاكى قلق يا حبيبتى وأستمتعى بما أنعم الله عليك من نعم أتعلمين أنا لو كنت من خالد لكنت مللت منك وتركتك حتى أنقذ عقلى من الجنون . فهو يفعل كل ما يقدر عليه وأكثر حتى تكونى سعيدة وأنت دوماْ تبحثين عن أشياء لا وجود لها حتى تقلقى وتعذبين نفسك وتعذبيه معك.

فتتنهد رنين قائلة كم أتمنى أن يكون قلقى هذا مجرد وهم لا وجود له إلا فى خيالى

فينضم إليهما حسين مرحباْ برنين قائلاْ

رنين كيف حالك؟ لقد كنت تواْ أتحدث مع خالد عبر الهاتف وسألنى عن ظروف موت المرحوم عادل وعن تفاصيل الحادث الذى تعرض له وأدى لموته

فتندهش رنين مرددة خالد يسألك عن موت عادل..... لما؟

فيرد عليها حسين قائلاْ

حقاْ لا أدرى أنا نفسى قد أدهشنى ذلك خاصة وقد مر أكثر من عامين ونصف على

وفاة المرحوم ولكننى أخبرته بما أعرفه .

فتنظر رنين إلى مريم وقد تملكتها الدهشة مرددة هذا أمر غريب حقاْ

فتتدخل مريم قائلة لا تعطون للأمر أهمية لكل شئ فى الدنيا سبب ومن المؤكد أن لخالد أسبابه فى ذلك.

فتومأ رنين برأسها متسائلة

ترى ما هى أسبابه ولما لم يسألنى أنا؟ على كل حال فأنا سوف أمر على الطبيب الآن وبعد ذلك سوف أمر على خالد فى الشركة وسوف أسأله عن سر أهتمامه بظروف موت عادل بعد كل هذا الوقت.

يجلس خالد فى مكتبه يراجع بعض الأوراق فيدخل عليه شوقى وقد تملكه الغضب والثورة متسائلاْ فى حده

أريد أن أعرف الآن لما تجمع كل هذه البيانات؟

فيرفع خالد عينيه عن الأوراق التى كانت أمامه وينظر إلى شوقى فى برود وهو يجيبه قائلاْ
أعتقد أننى أمتلك تلك الشركة ومن حقى أن أجمع ما أريد فى أى وقت .

فيرمقه شوقى بنظرات متفحصة والغضب يمتلك ملامح وجهه قائلاْ

لا تحاول أن تعبث معى يا خالد فأنت لن تقدر على ذلك فلم ترى منى الوجه الآخر بعد. وقد نصحتك من قبل أن أكون لك صديقاْ خير ألف مرة من أكون عدواْ لك.

فيبتسم خالد فى برود قائلاْ

غداْ سوف نرى من هو أقوى من الآخر.

فيضحك شوقى فى سخرية قائلاْ

مسكين يا خالد لاتعلم مع من تتحدث.

فيومأ خالد برأسه وعلى وجهه أبتسامة قائلاْ

للأسف أعلم مع من أتحدث ولا أخفى عليك وهذا يضايقنى جداْ أننى أتحدث مع شخص حقير مثلك.

فيطلق شوقى ضحكة ساخرة وينظر إلى خالد فى تحد قائلاْ

ولكنك حتى الآن لم تقابل هذا الشخص الحقير يا خالد
فتدخل رنين عليهما وهى فى قمة السعادة وتصيح قائلة خااااا ثم تصمت عندما ترى

شوقى فتنظر إليه فى أحتقار قائلة هل مازلت هنا؟

فينظر إليها شوقى فى تحد قائلاْ وماذا كنت تتوقعين أن يستجيب خالد إليك ويقوم بطردى من الشركة . لا لا تكونى ساذجة هكذا فخالد وعائلة الشايب كلها لا تقدر حتى على التفكير بالأستغناء عنى. أتعرفين لماذا؟ لأننى أملك بيدى هذه كل أسرار العائلة الكريمة التى أطوقها بذراعى بل أنت نفسك تدينين لى بزواجك من خالد. ولولاى أنا ما كنت دخلتى هذه العائلة وأصبحتى فرد فيها.

فيصيح خالد فى ذعر فيه أصمت لا تقل شيئاْ


فتنظر رنين إليهما فى دهشة. فيرد عليه شوقى بنبرة عدائية لا لابد من أن تعرف أنه لولا أنا ما كانت الآن زوجة خالد الشايب.

فتزداد دهشة رنين متسائلة ماذا تقصد إيها الأحمق؟ ما معنى هذا الهراء الذى تتفوه به؟

فيجيبها شوقى فى حده قائلاْ نعم أنا أحمق لأننى سمعت كلام خالد وقتلت زوجك كما طلب منى .

وما أن نطق شوقى بذلك حتى تسمرت رنين فى مكانها وكأن كلامه هذا قد نزل على مسامعها كالصاعقة صعقتها فشلتها عن الحركة والتفكير وكأن سهاماْ سامة قد أجتاحت قلبها فأودته قتيلاْ.

حتى صرخ خالد فى وجه شوقى بطريقة هيستيرية ماذا فعلت أيها الأحمق ؟ لقد دمرت حياتى دمرتنى ..أنت مفصول وسوف ألحق بك فى السجن ..نعم فقد وقعت تحت يدى مستندات تدينك فالسجن هو مكانك الحقيقى الذى تستحقه. وسوف تدفع ثمن جميع جرائمك

فيحدق شوقى فى وجهه بتحد قائلاْ لن أدخله لوحدى ولقد حذرتك من قبل الأجدر بك أن تكسبنى صديقاْ بدلاْ من عدواْ لك وسوف ترى من هو شوقى ؟؟؟؟؟