الأحد، 8 نوفمبر 2009

الحلقة الرابعة عشر من قصة المنزل الزجاجى


فوجئت رجاء بحاتم ينهض من على مقعده ويمر بجوارها وهو يشير اليها بعينيه كى تلحق به

وبدون ان تشعر وجدت نفسها تعتذر اليهم وتتحجج برغبتها فى الذهاب إلى دورة المياه وتلحق به بلا تفكير وكأن نظراته إليها سلبت منها تفكيرها

فصارت كالمسحورة التى تتبع تعليمات الساحر دون مقاومة.

قابلته عند مدخل المطعم الخارجى

أقتربت منه بخطوات بطيئه وعينيها لا تفارق عينيه ..تبادلا النظرات الصامته حتى وقفت أمامه

تأملها فى صمت بنظرات عتاب وسرعان ما تبدلت إلى نظرات شوق وبصوت هامس قال لها

وحشتينى

حدقت به رجاء بدهشة مرددة

وحشتك!!

فيهز حاتم رأسه مؤكداْ

بالتأكيد وحشتينى

هزت رأسها فى دهشة وإستنكار قائلة

انت انسان غريب يا حاتم دلوقتى بتقولى انى وحشتك... مع ان لما قابلتك عند الجريده تجاهلتنى تماما لدرجة انى شكيت فى نفسى وشكيت انى قابتلك فى يوم من الايام .

رجاء انا كنت متعمد انى اتجاهلك وكنت ناوى بالفعل انى اتجاهلك على طول بس ما قدرتش ..اول ما عنيه اتقابلت مع عنيكى حسيت بضعفى وانى لسه محتاجلك ولازم اسلم واسامحك

حدقت به مرددة

تسامحنى ..تسامحنى على ايه؟

فهنا يتخلى حاتم عن هدوئه يرد عليها بإنفعال وهو يرمقها بنظرات تهكم واتهام

اسامحك لانك خدعتينى ..كنت فاكرك مخلوقه مختلفه عن كل النساء اللى عرفتهم فى حياتى بس للاسف اكتشفت انك زيهم وماتفرقيش عنهم فى اى حاجه.....

بالعكس انت اخطر منهم لانك مش واضحه وممتازه فى التمثيل
ثم يستطرد بتهكم قائلاْ

كنت فاكره انى حاجرى وراكى واركع تحت قدميكى واقولك ارجوكى ارجعيلى انا مش قادر اعيش فى بعدك

رجاء بدهشه وإستنكار وهى لا تفهم عن أى شئ يتحدث

انت بتقول ايه؟

فيهز حاتم رأسه فى أسف

إلا انت يارجاء..... اخر واحده اصدق انها تكون زى كل الستات ..انا كنت شايفك مختلفه عنهم بس للاسف اثبتى ليه انى كنت مخطئ

تقلصت ملامح رجاء وهى لا تستوعب ما يقوله ...مردده

انا مش فاهمه حاجه....مش فاهمه حاجه

فيرمقها بنظرات شك متسائلاْ

يعنى حقيقى مش فاهمه؟

فتهز رجاء رأسها مؤكده

أكيد مش فاهمه وأرجوك فهمنى انت تقصد ايه بكلامك

وبلهجة جافه متهكمه يوضح لها قائلاْ بحده

اقصد طبعا انك لما بعدتى كنت بتلعبى معايا لعبه معروفه ومحفوظه من الاعيب النساء... بعد ما تتأكدى انى فعلا اتعلقت بيكى....

تبعدى عشان اتعذب واعرف واتاكد انى مش قادر اعيش من غيرك.....

وبعد فتره تظهرى عشان انا افرح واركع واترجاكى انك مش تسيبينى ثانى واكون عبد ليكى لانى متاكد انى مش اقدر اعيش من غيرك

فنظرت إليه رجاء فى عتاب وبلهجة مستعطفة ترد عليه قائلة

حرام عليك تظلمنى

انا مش بظلمك

فتصر رجاء

لأ بتظلمنى

فيومأ حاتم برأسه قائلاْ

طيب فسرى ليه... ليه بعدتى عنى واختفيتى فجأه من غير حتى ما تقولى سبب البعد..وفجأه من ثانى ظهرتى

لم تجب بل بدا عليها كالتى تجمع شتات أفكارها ...والحيرة والتردد يسيطران على ملامحها

فيصر حاتم على أن يعرف منها الإجابة قائلاْ

ياريت تجاوبينى

فتصيح فى وجهه قائلة بلهجة مشوبه بالمرارة

لانى اكتشفت انك متزوج

فيهز حاتم كتفه بلا مبالاه

انت مش سألتينى وانا انكرت..... الدنيا كلها عارفه انى متزوج

وبصوت مختنق متألم مشوب بخيبة الأمل ترد قائلة

بس انا لأ

فيهز حاتم رأسه فى إنفعال متسائلاْ

ومسأله زواجى تفرق معاكى فى ايه؟

فنظرت إليه قائلة

تفرق كثير ثم هزت رأسها فى أسى وأستطردت متسائلة فى إستنكار

ازاى اتعرف على واحد ويكون فى علاقه بينا وهو متزوج من انسانه ثانيه؟

فأجابها قائلاْ

عشان الواحد ده محتاج ليكى وأعترفلك بإحتياجه

وبصوت متألم مشوب بالحيرة تتسائل

وهى ذنبها ايه ؟

بإنفعال يرد عليها

وانا ذنبى ايه ؟

فتهز رأسها فى خجل

انا عمرى ما فكرت أنى ممكن أكون فى يوم من الأيام واحده خاينه ..

فيرد عليها بإتهام قائلاْ

ولا تعرفى كمان يعنى ايه معنى الاحتياج

فتدافع عن نفسها قائلة بلهجة ملؤها الصدق

انا كنت محتاجه ليك اكثر ما انت محتاج ليه

فيومأ حاتم برأسه فى سخريه قائلاْ

واضح عشان كده اتخليتى وبعدتى عنى بسهوله

فتهز رجاء رأسها فى أسى قائلة

انت مش فاهم حاجه

ياريت تفهمينى

فتنظر إليه رجاء فى صمت وتردد وبصوت مختنق تقول له

انا اتخطبت

فيحدق بها حاتم فى ذهول وكأنه فوجئ ولم يكن متوقعا ما قالته ثم يهز رأسه وبلهجة متهكمه يقول

اه كده وضحت يعنى اتقدملك واحد افضل منى... فسبتينى ..ليه تضيعى وقتك معايا ..عشان أنا محتاج ليكى ...طبعا وأنا أهمك فى أيه؟

وبصوت منكسر مشوب بالحزن والعتاب ترد عليه قائلة

ثانى بتظلمنى

المسأله واضحه

ثم يطلق زفرة قويه فى ضيق وينظر إليها ويستطرد قائلاْ

ربنا يوفقك مع خطيبك واكيد هو انسان محظوظ لانه اتعرف عليكى وحايكون زوجك

والتفت ليتركها ويعود إلى زوجته وأصدقائه

فسألته رجاء بصوت حائر

انت رايح فين؟

فيلتفت إليها حاتم مرة أخرى ويلقى بنظره طويله عليها قائلاْ

الكلام بينا انتهى

بالسرعه دى

كل شئ كان فى اديكى وانت اللى اختارتى

غصب عنى

للاسف برضاكى

ارجوك افهمنى وأقدر موقفى وياريت تسامحنى

انا كنت محتاج ليكى يارجاء وانت اتخليتى عنى عايزانى افهم ايه ثانى

وقبل ان تجيبه خرج فؤاد ليراهما معا فرمقهما بنظرات حاده متسائلاْ

رجاء بتعملى ايه هنا؟

جلس دكتور محسن فى غرفة المعيشه بمنزله يتظاهر بقراءة إحدى الكتب وهو فى الحقيقه لم يقرأ سطرا واحدا من الكتاب

..كان يتظاهر بالقراءة حتى يتهرب من الحديث مع زوجته ..التى كانت تشاهد التلفاز حتى شعرت بهجوم النوم عليها فسألته وهى تتثائب

حبيبى متى ستخلد للنوم؟

فاجابها بانه يريد ان ينتهى من قراءة الكتاب اولا ثم بعد ذلك سينام.

رمقته بنظراتها وكأنها تقول له انها تعلم بانه يتظاهر بالقراءه ولكنها لم تتحدث بل نهضت ووضعت قبله خفيفه على جبينه ونظرت الى صفحة الكتاب قائلة بلهجة ذات معنى

حبيبى لن تنتهى من قراءة الكتاب الليله لانك قضيت ثلاث ساعات فى صفحة واحده منذ ان بدأت فى القراءة

ثم انسحبت بهدوء دون ان تعطيه الفرصة للرد عليها

أخذ دكتور محسن نفسا عميقا وأخذ يراقبها وهى تصعد درجات السلم المؤدى إلى الطابق الأعلى وبعد أن تأكد من دخولها غرفة النوم وسمع صوت غلق الباب وراءها

...ألقى بالكتاب جانباْ

وظل يفكر كانت سحابه من الهم تغيم على ملامحه وتسكن نظراته...حتى فجأة لمعت عيناه وكأن خطر على باله شيئا هاما .

نهض من مقعده ودخل غرفة مكتبه ..أخذ يبحث بين أوراقه القديمه حتى وجد بين الكتب ألبوم الصور الخاص به عندما كان طالبا بالجامعه فى مدينة طنطا بمصر

سحبه بهدوء من بين الكتب...ضمه إلى صدره وكأنه يحمل كنز ثمين وجلس على مقعده الهزاز وأخذ يتصفح صفحاته ...ويتأمل كل صورة بتمعن .

.وكأنه يستعيد ذكرياته فتأخذه الصوره اللى تلك الحقبة الزمنية من حياته وكأنه ركب آلة الزمن فعادت به للوراء إلى أكثر من خمسة وعشرين عاما ..

نعم لقد أنتزعته الصور من عالمه وعادت به الى عالمها ..فهو يكاد يشعر بانه عاد بالفعل إلى بداية العشرينات من عمره

ويقف الآن فى الجامعة مع أصدقائه يضحك ويتسامر معهم ..يحلمون بالمستقبل ...يسخرون من كل شئ حولهم ..يسخرون حتى من أنفسهم....

وبدون أن يشعر إرتسمت الإبتسامة على شفتيه وكأنه تذكر حواراتهم الساخرة .

أخذ يتأمل كل صورة ويستعيد ذكرياتها معه حتى وصل إلى صورتها

غابت عنه الابتسامه وغلب على وجهه الوجوم ...أخذ يتأملها بلا توقف هاجمته مشاعر مضطربه بين الشوق والسخط والغضب منها

مضت برهة طويلة عليه وهو ممسكا بيده صورتها ثم تنهد تنهيده عميقه وأخذ يعاتب نفسه قائلاْ

على الرغم من مرور كل السنين دى ولسه بتحبها ألقى بصورتها بعصبيه بعيدا وهب واقفا وأخذ يتلفت يمينا ويسارا وهو يرد على نفسه بانفعال

مين قال انى لسه بحبها انا بكرهها ...

عاد بذاكرته للوراء حملته ذكرياته الى الزمن البعيد ليتجرع مرة اخرى فى حلقه مرارة الفراق والالم من صدمة تخليها عنه .

كانت نبيله زميلته فى الجامعه ....نالت إعجابه منذ المرة الأولى التى التقى بها فيها ....كانت جميله وذكيه ....استطاعت فى أيام قليله أن تمتلك قلبه وتجعله يعيش أسيرا لحبها

لم يسمع لتحذيرات أصدقائه منها ....فكانوا يرونها بعين مختلفة عنه ...

إنها تستغلك ولا تحبك كما تظن....فهى لا تقابلك إلا لو كانت تريد منك شيئا ...أنت تحضر المحاضرات وتعد لها ملخصات وتساعدها فى المذاكرة وتنجح هى بتقدير أعلى منك فى كل عام...لهذا الغرض فقط هى تعرفك .

لم يسمع لهم وظن انهم يغارون منه لأنها تحبه .

ظلت علاقتهما معا حتى انتهت سنوات الدراسه وظهرت النتيجه وتم تعينها معيده فى الجامعة

أما هو فلم يساعده تقديره على أن يلحق ركاب السلم الجامعى .....لا يستطيع أن ينكر انه شعر بالضيق لانه لم يحقق حلمه ولكنه كان سعيدا جدا من أجلها.

قرر الهجرة إلى أمريكا والدراسة هناك وطلب منها أن تسافر معه ولكنها رفضت وعندما عاتبها عن تخليها عنه

.....سخرت منه وأتهمته بأنه يغار منها لأنها تفوقت عليه وأنها لن تتخلى عن مستقبلها الجامعى من أجل السفر والغربة معه .

شعر بالصدمه من تصرفها وتخليها عنه وما زاد من صدمته أنها تمت خطبتها على أستاذ مساعد بالكلية بعد شهر واحد فقط من خلافهما معا .

إذن فهى لم تكن تحبه كما كان يتوهم ..بل أستغلت حبه كى يساعدها أثناء الدراسه كما كان يخبره أصدقاؤه وهاهى الآن تكمل مسيرتها ويتم خطبتها لمن سوف يساعدها فى إستكمال طريقها الجامعى .

ثم نظر الى صورتها وانحنى والتقطها من على الارض وتأملها بعمق وحدث نفسه قائلاْ

من أول لحظه وقعت عينى فيها على أميره وأنا لاحظت وجه الشبه الكبير بينهما ...ليس فى الملامح فقط بل فى كل شئ.....

طريقة الكلام والثقة فى النفس الزائده عن الحد والطموح الذى لا حدود له ...وكأنها نسخة أخرى منها.

ثم أخذ نفساْ عميقاْ وتسائل

ألهذا السبب أشعر بالسخط عليها؟

فيهز رأسه فى نفى ويرد على نفسه نافيا هذا الاتهام

لا ...لا فأميره أخطأت وكان يجب أن أعاتبها على مافعلته ...فيرد على نفسه
ولكنك كنت قاسيا معها ....

أى باحث فى الدنيا معرض لأن يخطأ أثناء التجربه ويتسبب فى فسادها وإعادة العمل مرة أخرى . .....كل هذا شيئا طبيعيا فى مجال البحث ودائم الحدوث

ولكنك حملتها المسئولية وكأنها إرتكبت جرما وتستحق العقاب ...أنك حتى لم تستمع إلى دفاعها...لا تنكر أكثر من ذلك يا محسن فأنت لا تحبها لأنك ترى فيها صورة أخرى من نبيلة.

فألقى بجسده على المقعد وضع رأسه على راحة كفيه وأخذ يفكر ويتسائل
هل يعقل بعد كل هذه السنوات لا يزال يفكر بها ....لقد مر على قصتهما أكثر من خمسة وعشرين عاماْ..

فهو ليس لديه شك لو رأته نبيلة الآن سوف تندم الف مرة على تخليها عنه ... فهاهو الآن أصبح أستاذا فى واحده من أهم جامعات أمريكا والعالم ولديه ثروة كبيره وتزوج من دكتورة أمريكيه أحبته ومخلصه فى حبه تفوق نبيله جمالا مائة مرة .

ولكن الانسان لا ينسى حبه وجرحه الاول مهما مضى به العمر ..ومر عليه جراح وعاش قصص .

.يبقى الجرح الأول حيا بداخله حتى لو تراكمت عليه الذكريات وظن أنه دفنه فى مقابر النسيان...ففى لحظات يفاجئ به يحيا من جديد ويظهر أمام عينيه .

ولكن ماذنب أميرة؟

هكذا تسائل

فصاح فى إستنكار

وماذنبى أنا ...أن أراها كل يوم أمامى لتذكرنى بنبيله وتعيد على الجراح ....أنا لست ملاكا بل بشر ...له مقدره على التحمل...وله نقط ضعف .

صمت للحظات وأخذ يهدأ من نفسه ويعيد ترتيب أفكاره ثم ألتقط هاتفه المحمول من على سطح المكتب وقام بطلب رقم أميرة

كانت الساعه الخامسة صباحا وأميرة مستغرقة فى النوم سمعت رنين هاتفها المحمول الذى كان فى حقيبة يدها وكأنه حلم حتى تأكدت منه

فنهضت من فراشها وهى تتحسس طريقها حتى فتحت حقيبتها وأخرجته منها ..حدقت فى الرقم بدهشة
متسائلة

دكتور محسن يتصل بها فى مثل هذا الوقت المبكر ...لماذا؟

لم يكن لديها خيار آخر يجب أن ترد عليه وترى بنفسها ماذا يريد منها
ردت عليه قائلة بلهجة جافة وكأن مرارة ثورته عليها وإهانته لها لازالت عالقة بحلقها

صباح الخير يا ترى فى حاجه يا دكتور محسن تستدعى ان حضرتك تتصل بيه بدرى كده

صمت محسن قليلاْ ولم يشأ أن يرد عليها بنفس نبرتها ولكنه باختصار قال لها

حانتظرك الساعه التاسعة صباحا فى المكتب

وانهى المكالمه دون ان يعطى لها الفرصه ان ترد عليه
تنهدت اميره وهى تتسائل

ياترى عايز منى ايه ثانى ؟ ربنا يستر



انا مش فاهمه يا فؤاد انت مكبر الموضوع كده ليه..فيها ايه لما اسلم على كاتب مشهور ومعروف للناس كلها

وبلهجة حاده يرد عليها قائلاْ

أنا طبعى كده وفهمتك من أول يوم أتكلمنا فيه..... أنى ما بحبش الست إللى حاتحمل اسمى أنها تتكلم مع أى شخص غريب مهما كان وضعه واسمه وشهرته


وبعدين أنت قولتى أنك رايحه الحمام ...أيه إللى يخليكى تخرجى بره المطعم؟؟؟

فترتبك رجاء وتبحث عن إجابه وتجيبه بلهجة متلجلجة قائلة

عشان شوفته وحبيت انى اسلم عليه واعبر ليه عن اعجابى بكتاباته وروايته ....منا قولتلك انه كاتب مشهور.

لو سمحتى بعد كده ما تسلميش ولا تتكلمى مع اى حد غريب عنك ودى آخر مره هنبهك للنقطه دى

فتنظر إليه بإستنكار متسائلة

يعنى ايه يا فؤاد حاتحجر عليه؟

والله ده طبعى.... انا رجل شرقى ودمى حامى وبغير على أهل بيتى ومش شايف أن ده عيب.

لو عجبك على كده اهلا وسهلا ولو مش عجبك احنا لسه فى اولها لانى ماعنديش اى استعداد انى اشوفك مكرره الموقف ده ثانى ...وكويس جدا أنى حاسامحك المرادى .

فتطلق زفرة قوية فى ضيق وتهب واقفة وهى تنظر اليه قائلة بانفعال

اعتقد أنى محتاجه وقت أفكر فى موضوع إرتباطنا من ثانى ...لأنى بصراحه أتخنقت ..ممنوع الشغل ..ممنوع الخروج لوحدى ...ممنوع أنى أتكلم مع أى شخص

...ممنوع أنى أفكر ...ممنوع أنى أناقش ...أنا خايفه ليكون ممنوع كمان أنى أتنفس

فيقف فؤاد وينظر اليها قائلاْ بلهجة حازمة

انا فى البيت لما تفكرى براحتك ابقى ردى عليه ..بس ياريت تفكرى بسرعه لانى خلاص مسافر بعد اسبوعين

فتومأ رجاء برأسها فى سخرية قائلة بلهجة ذات معنى

طبعا عايز تلحق تحجزلك عروسه ثانيه

فلا يرد عليها فؤاد وينظر اليها قائلا

صلى ركعتين لله واستعيذى بالله من الشيطان الرجيم جايز ربنا يهديكى للصواب
ويتركها وينصرف

فتهز راسها فى ضيق قائلة

انت انسان مستفز ....

أستيقظ يحيى فى الصباح الباكر كعادته وغادر بهدوء حجرة النوم حتى لا يوقظ عبير

وقام بصنع كوب كبير من القهوة ودخل غرفة المكتب ...وقف أمام أرفف المكتبه وأخذ يتطلع فى الكتب وهو يتصفح العناوين فى عجاله حتى يختار منهم واحداْ......

.حتى وقعت عيناه على كتاب ملفوف بورق سوليفان سحبه بحذر من رف المكتبه

تأمله وقد خيم الحزن على ملامح وجهه ..لقد كان هذا الكتاب هو آخر هديه من أمل إليه....أهدته إليه قبل وفاتها بأسبوع واحد

قام بنزع ورق السوليفان عن الكتاب وقرأ الإهداء فى صمت والدموع ترقرق فى
عينيه

إهداء إلى حبيبى

أعلم ولعك بالشعر وشعراء العصر الأموى خصيصا

ولذلك أهديك هذا الكتاب

لتعبر عبر صفحاته إلى هذا الزمن الجميل

وتتذوق ما طاب لك من ثمار الأشعار

حبيبتك المخلصه

أمل

ضم الكتاب إلى صدره وقبله ...قبله حارة ..... وعاد إلى غرفة المعيشة

قام بالإستماع إلى أغنية فيروز( أكتب اسمك) وأخذ يقرأ فى الكتاب إبتسم وهو يتخيل أمل حبيبته تجلس بجواره تنظر إلى الكتاب قائلة بعتاب رقيق

لسه فاكر تقرأ الكتاب دا كان هديتى ليك من أكثر من ست سنوات...حبيبى كعادته كسول

فإتسعت إبتسامته وضم الكتاب إلى صدره وقبله قبلة عميقه وهى يتلمس بأصابعه غلاف الكتاب برفق وكأنه يتحسس بصمات أصابع يد أمل التى لمست الكتاب من قبل ...
.يشعر بأنفاسها كلما قرب صفحات الكتاب إلى وجهه...ثم تنهد تنهيده عميقه نابعة من أعماق قلبه قائلاْ بتمنى

متى ألقاكى مرة أخرى يا أجمل أمل أضاء حياتى ؟

سمع خطوات قدم عبير الثقيلة وهى تجر قدميها ببطئ وتقترب منه..تثائبت وألقت بجسدها على الأريكة قائلة بصوت ناعس

صباح الخير

فرمقها يحيى بنظرة سريعة واجابها وهو يعود للقراءة فى الكتاب

صباح الخير..ثم تسائل بلهجة تحمل السخرية

يا ترى ايه اللى خلاكى تتنازلى وتصحى بدرى كده

فهزت رأسها فى ضيق قائلة بلهجة حادة

أعمل أيه ..منا مش عارفه أشوفك ...طول الوقت إما فى الجريده أو مع أصحابك

..والوقت القليل إللى بتقضيه فى البيت إما تحبس نفسك فى مكتبك تكتب أو تسمع أغانى قديمه بايخه بقالها قرن وماحدش أصلاْ بيسمعها غيرك وكأنك عندك ستين سنه

ثم تستطرد قائلة

إحنا تقريبا ما بنتقابلشى خلال اليوم إلا دقائق معدوده...وبصراحه أنا زهقت ...أنا ولا كأنى متزوجه ..

المفروض أننا نخرج مع بعض ..ونتفسح ونشوف الدنيا ...إحنا لسه متجوزين بقالنا كام شهر ....أنا مش عارفه لما يمر على زواجنا سنين حايحصل أيه ؟؟؟

فأخرج يحيى زفرة قصيرة وأغلق الكتاب ووضعه جانبا برفق ونظر إليها قائلاْ

أعتقد أنى حاولت أكثر من مرة أنى أقرب المسافه بينا وياما طلبت منك أنك تشاركينى إهتماماتى وأنت إللى كنت بترفضى ...عايزانى أعمل أيه دلوقتى ؟

عايزاك تحسسنى أنى زوجه ..وماتنساش أنى ليه حقوق عليك ولازم تلتزم بيها

عايزه أيه يا عبير ياريت تتكلمى بوضوح وبإختصار عشان عايز أنزل بدرى فى إجتماع مجلس إداره النهارده فى الجريده ولازم أحضره

طبعا ماهو أنا مش فى حساباتك خالص ..عندك وقت بس أنك تقرأ فى كتب ممله وتسمع أغانى قديمه كئيبه

قالت ذلك وهى تشير إلى الكتاب وإلى مكتبة الأغانى الخاصة به

ثم تستطرد قائلة

...أما أنا طبعا ما عندكش أى وقت ليه ..أنا زهقت يا يحيى ومش قادره أستحمل ولا أصلاْ ناويه أسكت على إللى بيحصل بينا ..وده إنذار نهائى ليك ..

لإما تخصص وقت كافى ليه كل يوم نخرج ونتفسح مع بعض وتحسسنى فيه أنى زوجه وفى رجل فى حياتى ..

إما أنا آسفه حايكون ليه تصرف ثانى خالص معاك

ثم تهب واقفه وترمقه بنظره إستهجان وتغادر غرفة المعيشه وتدخل غرفة نومها وتغلق باب الغرفة خلفها بقوة...

كل ذلك وهو يظل صامتا يستمع إليها فى هدوء دون أن يرد عليها أو يجادلها ثم أخذ نفسا عميقا وبكل هدوء ألتقط الكتاب مرة أخرى وعاد ليكمل قرائته.

وقفت أميرة أمام دكتور محسن فى مكتبه ...فضلت الصمت وهى تنتظره أن ينتهى من إمضاء الأوراق التى تحتاج إمضاءه حتى ينتهى منها ويعطيها لسكرتيرته

ثم يخلع عن عينيه نظارته الطبيه ويضعها على سطح المكتب وبلهجة رسميه يحدثها قائلاْ

آنسه أميره أعتقد بعد أن فسدت نتائج التجربه ..يجب أن تبدأى فى العمل من جديد والوقت ليس فى صالحك ..فأتمنى أنك تركزى مجهودك ووقتك فى العمل الفترة القادمة

فحاولت اميره ان تتحدث

ولكنه لم يعطى لها الفرصه قائلا

آنسه أميره أعتقد أن الوقت إللى حانضيعه فى الكلام... العمل أولى بيه...أتفضلى على المعمل أنا طلبت من أسامه أنه يحضر ليكى الشرائح وفيروس جديد

يعنى تقتدرى تبدأى العمل فى التجربه من دلوقتى ...أتمنى أنك تكونى قد المسئوليه المرادى ....ثم أشار لها بيده قائلا

أتفضلى على المعمل

لم تملك أميره خياراْ آخر.... فدكتور محسن لم يعطى لها أى فرصه للنقاش فغادرت المكتب وإتجهت إلى المعمل وبداخلها تساؤلات عديده تبحث عن إجابة عنها ......

لا تنكر أنها تشعر بالأرتياح فلهجة دكتور محسن فى تلك المرة معها أختلفت كثيراْ وبدا وكأنه سامحها عما حدث...

ولكن ما يحيرها هو تقلبات دكتور محسن معها ..تارة تشعرأنه يقدر مجهوداتها و يريد مساعدتها ...

وتارة أخرى تشعر وكأنه لا يرغب فى الأشراف عليها وينتظر أى خطأ منها حتى ينهرها ويتهمها بالأهمال ويطلب منها أن تبحث عن مشرف آخر لها .

أخذت نفسا عميقا وأخذت تفكر بهدوء هل تواجهه بشعورها وتطلب منه أن يكون واضحا معها ويخبرها هل حقا يريد ان يكمل الاشراف عليها ..أم لا ؟ ولكن إن كانت إجابته لا ..ماذا ستفعل ؟

فهى الخاسرة الوحيده فى تلك الحالة ...فهى لاتملك غير أن تركز مجهودها فى أن تنتهى من عملها فى أسرع وقت حتى تنتهى من رسالتها وتعود إلى مصر .

مرت عليها ساعات وساعات وهى تعمل بجد حتى تنتهى من كل شئ كلفها به دكتور محسن ..فيجب أن تثبت إليه أنها حقا ملتزمه وماحدث من قبل كان خارجا عن إرادتها.

تذكرت موعدها الليلة مع إيهاب ....شعرت بالقلق فأمامها الكثير من العمل وتخشى ألا تستطيع أن توفى بوعدها إليه ...لن يتفهم ظروفها وسيظن أنها تتهرب منه مرة أخرى...

أطلقت زفرة قصيرة وأخذت تفكر ماذا ستقول له.... فالوقت يمر وهى لايمكن أن تترك التجربة الآن وتعود إلى البيت كى تستعد للخروج معه....وفى نفس الوقت لا تريده أن يغضب منه مرة أخرى

لاحظ عليها أسامه شرودها فأقترب منها متسائلاْ

أميره فى حاجه ؟

فتنبهت إليه وابتسمت وهى تهز رأسها نافيه

لاه ابداْ مافيش

ولكنه يدرك من نظرات عينيها الشاردة أنه يوجد ما يشغلها ....فيسألها مرة اخرى
لو حاسه انك تعبانه ممكن تروحى

فتهز رأسها قائلة

ما أقدرشى أسيب التجربه دلوقتى قدامى على الأقل ثلاث ساعات كمان

فيعرض عليها المساعده قائلاْ

أنا ممكن أكمل الشغل مكانك

فتصيح فى إمتنان قائلة

لاه شكرا أنا إن شاء الله حاقدر أخلصه ..أنت كمان مشغول وعندك شغلك

فيصر اسامه قائلاْ

أرجوكى سيبى كل حاجه وأنا حاكمل ..أنا أصلى كده كده حاقعد على الأقل ساعتين عشان أنتهى من الشغل ومافيش أى مشكله لو قعدت ساعه زياده.

شعرت أميره بالراحة وشكرته بامتنان وخلعت فى عجاله البلطو الابيض وحملت حقيبه يدها وغادرت المعمل

عادت إلى شقتها وبدلت ملابسها فى عجاله قبل أن يطرق إيهاب بابها وبالفعل أنتهت من كل شئ ..

كانت تسابق الريح لم ترغب فى أن تجعله ينتظرها ..يجب أن تكون جاهزه فى الميعاد ...وبالفعل تسمع خبطات على بابها فتفتح والابتسامة الرقيقه ترتسم على شفتيها قائلة

أنا جاهزه فى الميعاد بالضبط

فرمقها بنظره متأمله قائلاْ

كنت خايف أنك تعتذرى وبصراحه ماكنتش مصدق أنك فعلا حاتخرجى معايا

فأتسعت إبتسامتها وأومأت برأسها قائلة

دلوقتى صدقت

فهز رأسه قائلا

أكيد وأتمنى أنك تستمتعى بكل دقيقه حاتكونى فيها معايا....

نظرت إلى وجهه وكأنها تنظر إليه لأول مره..كم هو رقيقا معها...بل لأول مره تشعر بأنه يستحق منها أن تعيد النظر فى تصورها عنه ..

قد تكتشف أنها كانت مخطئه فى حكمها عليه ...من يدرى.

لم يكن قرار فسخ رجاء لخطبتها من فؤاد قرارا سهلاْ ولكنها أخذته وصممت عليه على الرغم من معارضة والدها الشديده ولكنها لم تتراجع وصمدت للنهاية حتى أنتهت منه نهائياْ.

هى نفسها لا تعلم هل إستمدت شجاعتها تلك من خلال مقابلتها لحاتم ...أم لأنها أدركت بأنه لن تكون سعيده مع فؤاد وأنها تلقى بنفسها فى النار بيدها ؟

وتأكدت من إستحالة وجود حالة من التفاهم بينهما؟ ومهما كانت الاجابه فهى سعيده لأنها تخلصت منه

شعرت وكأنها كانت محبوسه فى زجاجة ضيقة تختنق بداخلها تدريجياْ وفجأه خرجت منها لتعود إلى الحياة مرة أخرى ....إلى الأمل من جديد.




وفى إحدى محلات الذهب وقفت فريده بجوار ياسمين تساعدها فى أختيار شبكتها ومعهما عمر ووالد ووالدة ياسمين ..أشارت فريده إلى إحدى الأساور وطلبت من الصائغ أن يحضرها إليهم ..

ولكن والد ياسمين تدخل معترضا عليها
قائلاْ

لاه دى مش تنفع دى كلها فصوص ...أحنا عايزين حاجه تكون خاليه من أى فصوص

فنظرت إليه فريده قائلة

بس شكلها جميل وأعتقد أنها حاتكون جميله جدا فى يد ياسمين

فيجيبها بتلقائية

يا ست فريده هانم من خبرتى ..الفصوص دى منظر فقط وخساره كبيره ..دلوقتى حاتدخل فى وزن الأسورة وحاتدفعى قيمة الوزن ده .

بس لما تيجى تبيعيها بكل بساطه الصائغ حايفصل الفصوص عن الأسورة ومش حايدفع ليكى غير ثمن الذهب ....يبقى ليه الخسارة بس؟

إستغربت فريده من كلامه عن البيع فقالت له

أنت ليه بتتكلم عن البيع دلوقتى ..إن شاء الله تكون شبكة العمر وعمر يزيدها ليها مش ينقصها

فيتدخل عمر فى الحوار قائلاْ وهو يوعد ه

يا عمى أوعدك أنى مش حابيع خالص شبكة ياسمين مهما حصل ولو عايز تتأكد أنا ممكن أتعهد بكده رسمى فى ورقة وتحفظها مع حضرتك أو نكتب الشبكه فى قايمة العفش عشان تتطمأن

فيهز والد ياسمين رأسه فى إنفعال قائلاْ بثقة

لاه يا ابنى أنا واثق انك ابن اصول وحاتصون بنتى وحاتحافظ على حاجتها ...بس ماحدش يضمن ظروفكم فى المستقبل

وسبق وإتكلمنا فى الموضوع ده قبل كده يوم قراءة الفاتحه وبعدين ليه تدفع فلوس فى شويه زجاج ....وبعدين يا سمين نفسها ما بتحبش الفصوص

ثم نظر إلى يا سمين متسائلاْ

صح يا ياسمين

فنظرت إليه بإستسلام وأجابته بنبرة المغلوب على أمره

صح يا بابا .

فنظر قائلاْ للصائغ

عايزين موديلات خاليه من أى فصوص والمصنوعيه تكون فيها بسيطه

وفى حفل بسيط تم فى منزل ياسمين... أقتصر على أفراد الأسرة فقط تمت خطبة عمر وياسمين ...

كانت سعاده فريده لا توصف وهى تطلق لأول مره فى حياتها الزغاريد بلا توقف وبين الحين والآخر تضع قبله عميقه على جبين ابنها عمر وهى تتمنى من الله أن يتم فرحته على خير ويكتب له السعاده فى حياته مع حبيبة قلبه التى أختارها.

بينما كانت فرحة عمر نفسه أكبر من أى وصف ظل يحتضن بيده يد يا سمين يضمها بشده وكأنه يخشى أن تضيع منه ويفتقدها وكأنه يتشبث بالأمل الذى أنار حياته وكأنه ولد من جديد .

ينظر فى عينيها بين الحين والآخر ويهمس

أحبك

والإبتسامة المشرقة لا تفارق شفتيه والتى إنعكست على ملامحه ونظراته الوالعه بحبه لها.

حتى أنه لأول مره فى حياته يقبل رأفت ويسلم عليه بحرارة ...أنه جمال الحب ..فهو الساحر الوحيد القادر على إذابة أى كراهية .

.فالحب هو عدو الكره الأول وبلا أى منافس وهو القادر الوحيد على الأنتصار عليه وهزيمته .

لم تفارق الإبتسامه شفاة يا سمين ...كانت تتأمل فرحة عمر فى صمت بدا عليها فى لحظات أنها تفكر فى شيئا ما ...

بل سيطر على ملامحها فى فترات القلق والإرتباك وكأنها تخشى شيئا .

بل تحولت للحظات نظراتها لعمر إلى نظرات شفقة عليه وتارة إلى نظرات حب وتمنى .....فتضغط بأصابعها على يده وكأنها تطلب منه الحماية وألا يتخلى عنها...

شعر عمر بأحاسيسها المضطربة فنظر إليها والسعاده تتراقص فى ملامحه ونظرات الحب تسكن عينيه قائلاْ بصوت حالم تتراقص نبراته على أنغام عشقه

أنا أسعد إنسان على وجه الأرض..حاسس وكأنى ملكت الدنيا كلها لأنك عندى بالدنيا
ثم يستطرد وهو يتأملها بنظرات قلقه قائلاْ

.بس ليه مش حاسس أنك سعيده زيى ..شايف القلق والخوف فى عنيكى مع أن أخيرا حلمنا الجميل أتحقق.

فنظرت إليه ياسمين بنظره قلقه ثم هربت بعينيها بعيدا عنه وقالت وكأنها تحدث نفسها

خايفه

من أيه يا حبيبتى ...

فأجابته والحيرة تتملك ملامحها الجميله

ممكن خايفه للحلم الجميل إللى أنا عايشاه معاك ينتهى ..لأول مره أحس أنى سعيده فى حفل خطوبتى ..لأول مره أحس أنى عروسه وأنى سعيده بعريسى ....بس خايفه

ليه يا ياسمين ..كل شئ بيسير فى الطريق السعيد والحمد لله والدك متعاون جدا معايا وأنا الحمد لله قدرت أنفذ شرطه الوحيد عشان جوازنا يتم وأشتريت الشبكه بالقيمه إلى هو حددها .

أكتفت ياسمين بالصمت وتركت عينيها تتحدث بدلا منها.... حديث صامت لايسمعه أحد غيرها ..

.كانت تخبره بكل شئ ولكنه لم يسمع ولم يفهم سر خوفها .

فإبتسم ورفع يدها ليقبلها وهو ينظر فى عينيها يطمأنها قائلاْ

أنا عارف أنك خايفه أنك تكررى من ثانى نفس التجربه ...أكيد شئ صعب أن الإنسان يرتبط أكثر من مره ويفشل....

بس أنا أوعدك يا حبيبتى أنى حاكون مختلف عن كل إللى عرفتيهم ...وأن كل هدفى فى الحياه حايكون أنى أشوف السعاده فى عنيكى ..عارفه ليه؟

فنظرت إليه ياسمين بحب متسائلة بصوت هامس

ليه؟

فيأخذ عمر نفسا عميقا وبصوت ملؤه الصدق وعمق الإحساس وكأنه نابع من أعماق قلبه المفعم بالحب أجابها

لأنى بحبك... ..

والإنسان إللى بيحب بجد بيكون كل هدفه فى حياته أنه يشوف حبيبه سعيد ..وأنت حبيبتى وكل حياتى ...أنت الأمل إللى أتولد فى حياتى من جديد فأحيانى مع لحظه ولادته ...

أنت الحلم إللى ياما حلمت بيه بس كنت شايفه حلم بعيد بشوفوا بس فى خيالى وكنت خايف ليكون بعيد جدا عن حياتى ...بس أنت بكل بساطه ظهرتى ومعاكى أجمل حلم ....

ياسمين لو فى أى كلام ممكن أقوله عشان يطمنك أنا مستعد أقول وأقول ..بس أنا مش عايزك تسمعى لكلامى .

.أنا عايزك تسمعى لقلبى ....هو حايقدر يطمنك أكثر من لسانى ...لأن القلب أصدق من اللسان ...

وألقى عليها نظره طويله مفعمه بحبه هامساْ

بحبك

تأملته ياسمين بنظراتها وبدون أن تشعر هربت من عينيها دموعها ودت أن تسلم رأسها إلى صدره وتطلب منه أن يأخذها إلى عالم آخر ...عالم تشعر فيه بالأمان والحب.

وأنطلقت الزغاريد ووالدتها تحمل صنية كبيره عليها ثلاث علب كبيره تحتوى على الشبكه وأقتربت من عمر قائلة

ياله يا عريس عشان تلبس ياسمين الشبكه

فنظر عمر إلى ياسمين بنظرات حب عميقه وبصوت ملؤه الصدق والإخلاص همس إليها قائلاْ

أجمل ياسمينه فى الدنيا شبكتها الحقيقيه هى قلبى.

وقفت فريده فى حجرتها أمام المرآه تغير ملابسها والسعاده لأول مرة تنر وجهها فعادت إليه إشراقته وحيويته ..

دخل عليها رأفت الحجرة وأستلقى بجسده على الفراش وهو يرمقها بنظراته قائلاْ

أنا مش فاهم يعنى أيه حفلة خطوبه تكون قاصره علينا أحنا بس ..فين أهل العروسه ؟ مافيش أى حد خالص من قرايبها يحضر

فتتنهد فريده وترد عليه قائلة

أنا مش فاهمه أنت زعلان ومضايق ليه ....ما والد العروسه قالك أنه عايز يكون الموضوع مقتصر علينا عشان ربنا يتم على خير وفى حفلة الزواج إن شاء الله حايعزم الناس كلها ...

وبعدين الله يخليك يا رأفت أنا سعيده جدا ومبسوطه قوى ومش عايزه أى حاجه تنكد عليه وتفسد عليه فرحتى ..أنا ماصدقت أنى أفرح

فيحدق بها رأفت بنظرات غاضبه ويكتم غيظه قائلاْ

أنتم أحرار مع أنى مش مطمن خالص للرجل ده ويمدد جسده على الفراش ويسحب الغطاء نحوه ويطلب منها بلهجة حاده

ياريت تطفى النور عايز أنام.

فهزت فريده رأسها فى إستسلام وأطفأت نور الحجرة ومدت جسدها بجواره على الفراش والإبتسامه تنر وجهها وترفع عينيها إلى السقف وتحمد الله قائلة
الحمد لله...الحمد لله

مد حاتم يده بمقالته اليوميه ليسلمها للحاجب حتى تلحق المطبعه وبعد أن غادر الحاجب المكتب طلبته سكرتيرته لتخبره بأن هناك فتاة تريد مقابلته تسمى رجاء
صمت لحظه يفكر ثم طلب منها أن تسمح لها بالدخول

دخلت رجاء المكتب بخطوات بطيئة وهى تنظر إليه فى ترقب وتردد ولكنه فضل الصمت وأنتظرها كى تبدأ هى بالحديث.

أقتربت منه ووقفت أمام مكتبه ونظرت إليه قائلة

أعتقد أن فى كلام بينا لسه ما كملشى

فرمقها بنظرة طويله متفحصة ثم رد عليها بلهجة مشوبه بالعتاب قائلاْ

يهمك أن الكلام بينا يكمل

صمتت لحظات قليله وهى تنظر إليه وبلهجة مترقبة أجابته قائلة

لو كان يهمك أنت كمان .

عاد بظهره إلى الوراء ونظر إليها قائلاْ

مع أنى لسه مجروح منك .....بس غصب عنى عايز أسامحك

أخذت رجاء نفسا عميقا ونظرات عينيها حائرة لا تعلم هل ما تفعله الآن صواب أم خطأ ...سوف تندم فى المستقبل عليه أم ستسعد بقية حياتها ..

.ياليتنا نعلم الغيوب قد يساعدنا ذلك على إتخاذ القرارات دون قلق.

نهض حاتم من على مكتبه وأقترب منها ومد يده لها قائلاْ

تحبى نبدأ صفحه جديده من غير أى عتاب

نظرت إليه فى تردد وبعد فتره قصيرة مدت يدها إليه قائلة

أتمنى أنى مش أندم فى يوم أنى جيتلك هنا ثانى

فنظر إليها قائلاْ

أجمل شئ فى الدنيا يا رجاء أننا نستمتع بكل لحظه بنعيشها من غير خوف أو قلق وتساؤل يا ترى حايحصل أيه بعد اللحظه دى

.....خلينا فى لحظتنا ..نعيشها ونستمتع بيها ....ثم يصيح قائلاْ فى سعاده

ياااااااه ...أنا كنت زى التايه من بعدك وأخيراْ لقيت طريقى . أوعدينى يا رجاء أنك ماتتخليش عنى ثانى .

فتأملته فى صمت وهزت رأسها قائلة فى إستسلام

أوعدك.

ذهبت جاكلين لزيارة أميرة فى المعمل لتشكرها على ما فعلته معها وتخبرها بآخر تطورات حياتها ..

رحبت أميره بها وطلبت منها أن تجلس معها بعض الوقت ولكنها أعتذرت لأنها لديها مقابلة مع أحد الدكاتره وتتمنى أن يوفقها الله فى تلك المقابله وتحصل على عمل

....فقد قررت أن تعطى لنفسها الفرصه لكى تغير حياتها وتجد ما يشغل وقتها حتى لا تصاب بالإكتئاب مرة أخرى وتكرر تجربة الانتحار.

شجعتها أميره وتمنت لها التوفيق. غادرت جاكلين المعمل وهى فى طريقها إلى المصعد ..كانت تسير بعجاله حتى تلحق موعدها ولا تتأخر عنه

فجأه

أصتدمت بشخص ما وكادت أن تسقط على الأرض ..أعتذرت إليه فى عجاله وكادت أن تكمل طريقها ولكنها توقفت وكأنها تذكرت شيئا وإلتفتت إليه مرة أخرى قائلة.....؟

الحلقة الثالثة عشر من قصة المنزل الزجاجى



كيف تهون على الانسان حياته هكذا؟

تسائلت أميرة ... وهى تقف بجوار فراش جاكلين بالمستشفى ..ففى الصباح الباكر كانت أميره فى طريقها إلى المعمل لمتابعة تجربة البحث وإستكمال عملها عليها

..وأثناء سيرها داخل المبنى لمحت باب شقة جاكلين مفتوحا على مصرعيه

..إندهشت ..إقتربت بترقب ..نادت عليها من الخارج ولكنها لم تجب.

وقفت عند باب الشقة وقد بدا عليها التردد وهى تفكر هل تدخل لتطمئن عليها أم تكمل طريقها..

فيجب ألا تتأخر أكثر من ذلك فهناك مادة هامة يجب أن تضيفها على عينات التجربه كل 9 ساعات حتى ترى مدى تأثيرها عليها وإن تأخرت قد يضيع كل ما فعلته...فدقيقه واحده تأخير قد تغير نتائج كل شئ...فكرت لبرهة قصيرة

ولكنها لم تستطع تجاهل الأمر..إقتربت بحذر وخطت بقدميها داخل الشقة التى كانت سابحة فى بحر من الفوضى.....

بدت وكأن معركة عنيفة كانت قائمة وخلفت كل هذه الفوضى وراءها.... فلا يوجد شئ فى مكانه حتى ملابس جاكلين كانت ملقاة بهمجية فى كل مكان... على الأريكة ومائدة الطعام والمقاعد حتى أرضية المطبخ

..مما زاد من قلقها ...نادت عليها مرة أخرى ولكنها لم ترد عليها أيضاْ .

قد تكون لم تعد من الخارج بعد ونسيت باب شقتها مفتوحاْ عندما خرجت
أمس....هكذا قالت أميرة لنفسها

.....ولكنها سرعان ما إستبعدت هذا الإحتمال بعد أن رأت حقيبة يدها ملقاه على الأرض وبجوارها مفاتيح الشقة

إذن فهى هنا ..ولكن أين؟ أخذت تقترب بحذر وهى تبحث عنها حتى دخلت غرفة النوم وفوجئت بها ملقاة على الأرض ..هرولت نحوها ونادت عليها ولكنها لم ترد ..هل هى نائمة ؟

قد تكون بالفعل نائمه ولا تستطيع سماعى من أثر الشرب ..فمن الواضح أنها شربت كثيراْ بالأمس...فرائحة الخمر تنبعث منها بشده وكأنها كانت تسبح فى بحر من الخمور.

حاولت إيقاظها ..هزت بيديها جسدها برفق ولكنها لم تستجب ..ظنت انها نائمة بعمق من أثر الخمر ولذلك لا تستجيب لها...

رفعت رأسها عن الأرض ووضعت وسادة تحتها وهمت واقفة وألقت عليها نظرة أسى وشفقة على حالها وكادت أن تغادر الحجرة حتى لمحت علبة دواء فارغة ملقاة على الأرض بجوار النافذه.

ساورتها الشكوك واقتربت مرة أخرى من جاكلين وهزت جسدها بعنف أشد فى تلك المرة ولكنها لم تستجب فتأكدت من انها انتحرت .

صاحت بذعر عندما تأكدت من ذلك وبدا عليها الارتباك متسائلة

ماذا افعل؟؟

أخذت تدور حول نفسها لدقائق وهى يتملكها الذعر والتوتر ثم اقتربت منها مرة أخرى حتى تتأكد من أنها فارقت الحياة بالفعل ..أم لايزال يوجد أمل فى إنقاظها ..أحست بنبضاتها الضعيفة ..فصاحت

الحمد لله لسه فيها الروح

تذكرت رقم النجده ..أخرجت هاتفها المحمول بعجالة من حقيبتها واتصلت برقم النجده (911) وطلبت منهم سيارة إسعاف حتى تنقذها قبل فوات الآوان.

كانت ساعات عصيبه وتجربة قاسية خاضتها أميرة وحدها ..فقد خضعت لتحقيقات لأكثر من ساعة لمعرفة سبب معرفتها بجاكلين وما سبب مرورها عليها فى تلك الساعة المبكرة.

.على الرغم من توسلاتها لهم بأن يتركوها تذهب إلى المعمل كى تضيف المادة المنشطه لعينات التجربة فى ميعادها قبل أن يمر الوقت ويضيع تعبها هباءاْ.

ووعدتهم بأن تعود وترد على كافة إستفسراتهم بعد ذلك ..رفضوا وأصروا على إستكمال التحقيق.

رمقها المحقق ذو الجسد الضخم والصوت الأجش بنظره حاده وبلهجة جافه رد على توسلاتها قائلاْ بحزم

إنها جريمة قتل وأنت الشاهده الوحيده لدينا حتى الآن .

أخبرتهم بما حدث وبعد أن تأكد المحقق من صدق كلامها ..سمح لها بالأنصراف

..عادت إلى غرفة جاكلين بعد أن طمأنها الدكتور بأنه تم إنقاذها وأنها سوف تستعيد وعيها خلال دقائق

وقفت أميره بجوار فراشها تشعر بالأسى والشفقة عليها وهى تراها مستلقية على الفراش كالجثة الهامدة ..وجهها شاحباْ ..ملامحها باهته ....شفتيها زرقاء اللون وكأن الدماء هربت من جسدها. ..

نظرت فى ساعة يدها وتنهدت بحسرة فلن يفيد بشئ ذهابها إلى المعمل الآن فقد ضاع منها الوقت ومن المؤكد أن كل ما بذلته من مجهود فى الشهور السابقة قد ضاع هباءاْ ثم نظرت إلى جاكلين معاتبه

يعنى كان لازم تنتحرى دلوقتى ..ثم هزت رأسها معاتبه نفسها عما قالته

والكلام ده يفيد بأيه دلوقتى يا أميره أنت كمان ..ربنا يستر ودكتور محسن يتفهم ما حدث ..ويقدر موقفى.

بدأت جاكلين فى إستعادة وعيها تدريجياْ..

بدا لها كل شئ مشوشاْ فى البدايه وكأن هناك سحابة بيضاء تغيم عينيها ثم بدأت تتضح لها الصورة تدريجياْ حتى وقعت عينيها على أميرة التى كانت تقف بجوارها ويبدو على ملامحها التأثر والقلق عليها

إبتسمت جاكلين إبتسامة باهته وأخذت نفساْ ضعيفا وهربت من ملاقاة عينيها وصمتت قليلاْ وكأنها تفكر فى شيئا ما ...

بدت كالطفلة التى تخشى عقاب والدتها وكأنها إرتكبت خطأ فادح تعرف أنه سوف يغضبها منها.

إبتسمت أميره قائلة

الحمد لله انك بخير

نظرت إليها بعينيه التى يسكنها الدموع قائلة بصوت محشرج منبوح يخرج من بين احبالها الصوتيه بصعوبة

أنت أكيد زعلانه منى وممكن تكونى بتحتقرينى دلوقتى ....أنا آسفه أنى خذلتك

أخذت أميرة نفسا عميقا وبدون أن تقصد خرجت منها الكلمات خالية من أى تعاطف قائلة بلهجة جافة حازمة

انت إنسانه ناضجه يا جاكلين ومسئوله عن تصرفاتك

صمتت جاكلين وغاصت مرة أخرى فى تفكيرها ثم إبتسمت إبتسامة باهته ونظرت إليها قائلة

غريبه أنت آخر واحده كنت بفكر فيها وأنا بموت..صورتك كانت قدام عنيه ..كنت شيفاكى بتعاتبينى وبتصرخى فى وجهى.... ليه أنت ضعيفه كده؟ هو ده إللى احنا أتفقنا عليه؟

ودلوقتى أنت أول واحده عنيه تفتح عليها ....وشايفه فى عنيكى نفس العتاب .

كانت أميره تعلم بأنه لا فائدة من عتابها الآن فقد فعلت ما فعلت وأنتهى الأمر..ففضلت ألا تعاتبها قائلة

حاولى مش ترهقى نفسك بالكلام

فتهز جاكلين رأسها فى حسرة وتهرب الدموع من عينيها وتنظر إلى أميرة قائلة بصوت باكى..متألم

كنت خايفه من الموت جدا ..إحساس صعب وأنت بتحسى بأنفاسك تدريجيا بتقل وإن روحك بتنسحب من جسدك..وإن خلاص مش حايكون فى حياة ....وإنى حاموت......خوفت من الموت قوى .

أول مره أخاف منه مع أنى أتمنيته كثير ..بس لما حسيت أنى فعلا بموت ..خوفت قوى... ..قوى....أتمنيت ساعتها أنى أرجع الدنيا مرة أخرى وأبدأ من جديد .

ثم تبتسم فى حسرة وتستطرد قائلة

الموت بيخوف والحياة مؤلمة ...

فهنا شعرت أميره بالتعاطف معها... فتجلس بجوارها على الفراش وتضع يدها على يديها وتنظر إليها بتأثر وبصوت يحمل نبراته الحنان تقول لها

الحياه جميله للى يقدر يفهمها ويدور على الجمال إللى فيها ...وأنت ربنا منحك فرصة ثانيه وقدامك خيار من أثنين إما تستغلى الفرصه وتعيدى ترتيب حياتك وتعيشها صح المرادى ..
إما ترجعى ثانى لليأس وتحاولى الموت مرة ثانيه .

الأختيار فى إيدك أنت وأنت الوحيده إللى تقدرى تختارى.

فتنظر إليه جاكلين بحسرة قائلة

أنا قولتلك أنى مش قويه زيك

فتبث بها أميرة الحماسه والإيمان وتشجعها قائلة

وأنا واثقه من أنك حاتكونى أقوى مما تتخيلى

ثم تنظر فى ساعة يدها وتتنهد قائلة

للأسف حاسيبك دلوقتى عشان الشغل وأكيد حا زورك ثانى

نظرت إليها جاكلين بإمتنان وشكرتها بعمق

شكرا يا أميره انك أنقذتى حياتى الدكتور قالى أن لولا إنك أتصلتى بالنجده فى الوقت المناسب كان زمان الموت خطفنى من الدنيا.

فتنظر إليها أميره وتومأ برأسها قائلة

مافيش داعى للشكر ...لأن ربنا هو إللى أراد أنه يمنحك فرصه ثانيه وأتمنى أنك تستعيدى صحتك فى أقرب وقت.

وتغادر حجرتها وهى تهرول مسرعة حتى تلحق بدكتور محسن وتعتذر إليه والقلق من رد فعله يكاد أن يقتلها ..

لمحت إيهاب الذى كان يحمل فى يديه باقة من الزهور ويبحث عن غرفة جاكلين ولكنها تجاهلته وأكملت طريقها فى عجالة .

أعلم أنه سيظن أننى أتجاهله عن قصد ولكن لا يهم ماذا سيظن الآن..... الأهم أن أنقذ ما يمكن إنقاذه وألا يكتشف دكتور محسن ما حدث قبل أن أخبره بنفسى بكل الظروف التى مرت على

..قد يكون ذلك كفيلاْ بأن يشفع لى عنده ..أتمنى ذلك...وكفانى ضياع تعبى و مجهودى ووقتى هباءاْ.

فوجئت فريدة بقرار رجاء بالموافقة على الزواج من فؤاد ..أصابتها مشاعر مضطربة بين سعادتها لزواج ابنتها الوحيده وبين قلقها لتكون حياتها صورة مكررة من حياتها هى .
عجباْ أمر الانسان انه لايستفيد من تجارب الآخرين...فإن كان يفعل لتغيرت الدنيا عما هى عليه ..

فإن كان الظالم يؤمن بأن آخرته الموت وأن ظلمه هذا لن يفيده فى آخرته لما كان ظلم أحدا ..ولما إنتشرت الشرور فى هذا العالم ولا أخطئ أحد ..

ولكن الوقائع تكرر نفسها والتاريخ دوما يعيد نفسه والانسان لا يتعظ .

دخلت شرفتها وهى تفكر ماذا تفعل ؟ قد تكون مخاوفها تلك لا أهمية لها ..ورجاء ستكون سعيده وموفقه فى حياتها مع فؤاد . وقد يحدث ما تخشاه وتعانى ابنتها مما تعانى هى منه.

ظلت تفكر ولكن بلا فائة فماذا فى يديها ان تفعل فهى نفسها لاتملك علم الغيب حتى تعرف مصير ابنتها .

جلست وحدها فى شرفتها مستسلمة للهدوء كعادتها فى مثل هذا الوقت من اليوم ..بين وقت الغروب والمساء.

أنضم إليها عمر ووضع قبلة عميقة على رأسها وجلس فى المقعد المواجه لها وقد بدا عليه التردد وأنه يريد أن يفاتحها فى أمر ما

رمقته فريده بنظراتها وكأنها تقول له أستطيع أن أقرأ أفكارك من عينيك وابتسمت قائلة بلهجة ذات معنى

شكلك كده فى موضوع مهم عايز تتكلم معايا فيه

إبتسم قائلاْ

دايما بتفهمينى من قبل مااتكلم

فأومأت برأسها قائلة وهى ترمقه بنظرات تخبره بأنها تعرف عن أى شئ يريد أن يتحدث

اتمنى انك تكون عايز تتكلم معايا فى اللى بفكر فيه

ويا ترى أيه إللى بتفكرى فيه؟

فرمقته بنظرات شك

يعنى مش عارف؟ عموما عشان بس تعرف أنى حاسه بيك ثم نطقت اسمها وهى تبتسم

ياسمين.

ففوجئ عمر بمعرفتها بالأمر وصاح فى دهشة متسائلاْ

عرفتى منين؟

فإتسعت إبتسامة فريده وبلهجة مفعمة بالسعاده والترحاب تجيبه قائلة

كنت ملاحظه اهتمامها بيك من أول يوم سكنوا فيه فى الشقه إللى قصادنا ..وطبعا حوارات البلكونه الليلية إللى كانت بدور بينكم كنت بسمعها كلها...

وكنت بحب اسمع كلامكم قوى وبستمتع وأنا بحس بالسعاده فى نبرات صوتكم حتى فى صمتكم كنت بحس بحبكم وهو بيغرد بينكم.....

وبدعى من كل قلبى انها تكون من نصيبك... لانى لاول مره كنت بحس بالسعاده فى ملامحك ونظرات عنيك
.
فيتنهد عمر تنهيده عميقة حارة ويؤكد لها بصوت المحب العاشق السعيد بحبه

انا فعلا حاسس انى بحبها... بل شبه متأكد من حبى ليها

وبكل حماسه تشجعه فريده متسائلة

ومستنى ايه؟ لازم تخطبها

فغابت السعادة قليلا عن ملامحه ليحل محلها الخوف والقلق قائلاْ

خايف

فحدقت به بدهشة متسائلة

من ايه؟

إن يحصل معايا زى ماحصل قبل كده... واهلها يرفضوا ثم يستطرد بلهجة حسرة

ياسمين بنت جميله واكيد اهلها عايزينها تتجوز من شاب ظروفه الماديه أفضل منى... خصوصا إن من كلام ياسمين عن ظروف أسرتها واضح أنها من أسره مستواها المادى مرتفع.

فتحاول فريده أن تطمئنه قائلة

أنت شاب والمستقبل لسه قدامك وكمان البنت واضح أنها بتحبك وأكيد أهلها حايقدروا الحب ده.

هى فعلا طلبت منى انى اتقدم رسمى لوالدها

يبقى خلاص مستنى ايه؟

منا قولتلك خايف أنى أتسرع وتضبع منى ..ثم تنهد وغاص بناظريه بعيدا وبصوت خافت وكأنه يحدث نفسه يستطرد قائلاْ بلهجة مفعمه بالمرارة

فى المرات اللى فاتت لما كنت بترفض من أهل العروسه..... كنت بزعل لانى اتحرجت وكنت بحس بالمهانه ..

احساس ان فى ناس رافضينك صعب جدا مش أى حد ممكن يتقبله..خصوصا لما يكون سبب الرفض خارج عن إرادتك .. أصعب إحساس مريت بيه وآلمنى جداْ.

ثم ينظر لها قائلاْ بصوت يعصر نبراته القلق والخوف

بس المرادى لو اترفضت من اهلها حازعل لانى حافقدها مش لأنى أترفضت ..وهى فعلا أصبحت شئ مهم جدا فى حياتى وحلمى انى ارتبط بيها وتكون زوجتى ..وخايف لينتهى الحلم....أهم وأجمل حلم فى حياتى .

فتنظر إليه فريده بتأثر ولكنها تشجعه قائلة

انا واثقه انهم حايوافقوا. لانهم اكيد ملاحظين اهتمام ياسمين بيك ..لو كانوا معترضين كان ظهر من البدايه وحاولوا أنهم يبعدوها عنك وأعترضوا على أنها بتتكلم معاك.

بالعكس والدتها بحس انها بتعاملنى كويس جدا وبتحاول انها تودنا .

بدأ الأمل يتسلل تدريجيا إلى قلبه ونظر إليها قائلاْ بتمنى ورجاء

ادعيلى يا ماما لو حصل وارتبطت بياسمين حاكون اسعد انسان فى الدنيا وهحس ساعتها انى اتولدت من جديد وان فى امل ان ممكن حياتى تتغير .

.لأن ياسمين حاتكون هى الأمل والنور إللى حاينور حياتى.

ان شاء الله حايوافقوا

بصوت مفعم بالرجاء والتمنى يصيح عمر

يارب يوافقوا.

انت إنسانه مهمله... انا من الاول كنت مقتنع انك مش ليكى فى الشغل وانك حاضيعى وقتى معاكى ..بس قولت اديكى فرصه ممكن تثبتي ليه عكس توقعى..... وهى دى النتيجه إللى كنت متوقعها.

إهمالك تسبب فى خسارة وقتى وفلوسى ..انت عارفه يا آنسه ان التجربه دى اتكلفت آلاف الدولارات...

الشريحه الواحده ثمنها اكثر من خمسميت دولار غير ان الدقيقه الواحده تفرق فى النتيجه يعنى مجهود وتعب اكثر من شهر ضاع بلا فائدة.

عشان اهمالك... .بس اقول أيه.... ما انت واخده على الفوضى وعدم الالتزام.

وقفت اميره فى ذهول وهى تواجه ثورة دكتور محسن عليها... فقد مر ليطمئن على النتائج قبل أن تصل إلى المعمل وأكتشف غيابها و أنها لم تضف الماده المنشطه فى الموعد المحدد ...مما تسبب فى فساد التجربة.

حاولت الدفاع عن نفسها وشرح ماحدث ولكنه لم يعطى لها الفرصه كانت ثورته وغضبه اكبر من محاولاتها

خرجت من مكتبه وهى منهارة .....تعلم انها مخطئه ولكنها لم تقصد ذلك.... فالظروف كانت اقوى منها .

شعرت بالاهانه فالاول مره يثور عليها احد بتلك الطريقة انه حتى لم يسمع لها ولم يهتم بمعرفة سبب تأخيرها ...وكأنه كان ينتظر ان تخطأ حتى يثور عليها هكذا.

لم تستطع العودة إلى المعمل..شعرت بإنها فى حاجه لأن تجلس مع نفسها تعيد ترتيب أفكارها وترى كيف تتصرف معه .





كان رأفت يجلس فى غرفة المكتب..يقرأ فى إحدى الكتب ويدون الملاحظات كعادته

... أنفتح باب الحجرة ودخلت فريده وقفت عند الباب وألقت بنظرة طويلة عليه ....وكأنها تنتظر أن يسمح لها بالدخول.

تتأمله فى صمت وهو لا يعير لوجودها أى إهتمام ..فهو حتى لم يرفع عينيه عن صفحات الكتاب ليسألها ماذا تريد

.....تنهدت بعمق واقتربت منه وجلست على المقعد المواجه له... كان يبدو عليها التردد والأرتباك..طلت تحرك أصابع يدها بعصبية وتنظر إليه بين الحين والآخر بنظرات خاطفة ولكنها لم تجرؤ على الكلام قبل أن يسمح لها.

سادت فترة من الصمت ليست بالقصيرة ...فريده تفكر كيف تفاتحه فى الأمر ورأفت يتجاهل سؤالها عن سبب وجودها
فى مكتبه وهى تعلم أنه يرفض أن يدخل عليه أحد وقت وجوده بالمكتب

...إلا لو كانت هناك ضرورة قصوى ...حتى لا يفسد عليه تركيزه ويعطله عما يفعل.

حتى رمقها بنظره فاحصه طويله من تحت نظارته ثم قال بلهجة بدت ساخرة

طبعا عايزه تتكلمى معايا فى موضوع عمر ابنك وبنت الجيران

نظرت اليه بدهشة وبعينيها تسائل

كيف عرفت؟

خلع نظارته وظل ممسكا بها ويستطرد

والدتى سمعت كلامكم وقالت ليه

فاطلقت فريدة زفرة قصيرة فى ضيق فوالدته كعادتها تعشق التصنت والتلصص عليها وعلى ابنها وكأنها عادة أو ادمان.

لم ترد عليه وفضلت أن تصمت لترى رد فعله....وتعليقه على الأمر.

فأومأ رأفت برأسه وأستطرد قائلاْ

طبعا انت عايزانى أساعد عمر مادياْ فى زواجه منها

فريده بنبره تمنى وشك فى نفس الوقت

ياريت

فعاد بظهره للوراء ووضع ساقا فوق الأخرى وأطلق زفره طويله وصمت لفترة قصيرة وكأنه يفكر ثم نظر إليها قائلاْ

عشان خاطرك أنت بس يا فريده وعشان تتأكدى من انى مش ظالم زى ما انت فاكره
انا حاساعده

نظرت اليه فريده بنظرات شك وكانها لا تصدقه

فاستطرد قائلاْ بفخر وكأنه يمن عليها وعلى ابنها

انا ممكن اساعده بمبلغ 2000 هديه منى ليه وابقى بكده عملت اللى عليه ناحيته وأكثر كمان وماحدش يقدر يتكلم ويلومنى.

وبلهجة مستنكره ترد فريده

جنيه !! 2000

..ودول يساعدوه فى أيه؟

فيهز كتفه فى لامبالاه وعدم إكتراث قائلاْ

والله دى مش مشكلتى ....عمر شاب ناضج ولازم يعتمد على نفسه ويتكفل بزواجه ....انا اللى عليه عملته ناحيته وصرفت عليه لحد ما انهى تعليمه الجامعى ومش ملزم باى شئ ثانى إتجاهه.

يا رأفت انت صرفت عليه من فلوسى وإللى جزء كبير منها فلوسه وميراثه من والده.... مش من جيبك

فهنا يخرج رأفت عن هدوئه المستفذ ويثور عليها قائلاْ بإنفعال

ثانى حانعيد الكلام فى الموضوع ده ..هو انت واولادك ما بتزهقوش

فتترجاه فريده بتوسل بنبرة الأم الضعيفة المغلوب على أمرها

يا رأفت ارجوك انا ضاع منى ابن...... حرام يضيع منى الثانى

وهى دى مشكلتك يا فريده انك مش بتفكرى غير فى إيهاب وعمر اما اولادى انا مابتفكريش فيهم

فترد عليه بإستنكار

ايه الكلام ده ...كلهم اولادى

فيومأ برأسه فى سخريه ويرد عليها

واضح ما رجاء بنتك كلها اسبوع وتتجوز... ليه مش مهتمه بيها زى ماانت مهتمه بعمر . مع إن رجاء هى اللى المفروض نفكر فيها لأنها البنت....

فتدافع فريده عن نفسها قائلة

رجاء مش محتاجه لحاجه ...لان شقتها حاتكون فى جده مكان شغل زوجها ...اما هدومها وبقية الرفايع هى كانت بتشتريهم من مرتبها وتقريبا اشترت كل حاجه .

اما عمر هو اللى محتاج منك انك تراعى ربنا فيه وماتنساش ان الشقه اللى احنا قاعدين فيها دى المفروض انها شقة والده الله يرحمه

ولولا انه كتبها باسمى هى وفلوسه لما عمل الحادث وحس انه حايموت وخاف عليه انى اتبهدل بعد وفاته.... كانت زمانها رسمى ملكه هو واخوه .

بدأ الغضب يلوح على وجه رأفت وأخذ يرمقها بنظرات غاضبه وبإنفعال رد عليها بصوت مرتفع

وانا صرفت عليه اكل وشرب ولبس وتعليم لحد ما اتخرج من الجامعه وأصبح مهندسا واشتغل ..عايزه منى ايه ثانى ؟

ولا عايزانى أنا وأولادى نروح نقعد فى فندق ونسيب الشقه للبيه يتجوز فيها ..هو ده اللى انت عايزاه؟

انا ما قولتش كده بس على الاقل تساعده فى زواجه .. وتستطرد برجاء وهى تحاول أن تستعطفه

عمر بيحب البنت وانا شايفه انها مناسبه جدا ليه ..اعتبره ابنك وساعده

انا لما اتجوزت ماحدش ساعدنى وهو لازم يعتمد على نفسه .اعتقد انه رجل ومادام عايز يتجوز لازم يكون قد المسئوليه..وده آخر كلام عندى ومش حارجع عنه مهما حاولتى.

فلا تجد فريده فائده من الجدال فرأفت هو رأفت لن يتغير. فأصابتها خيبة الأمل ونظرت إليه فى صمت بنظرات يسكنها الحسرة وإنسحبت من أمامه وهى تجر قدميها ..تعصر المرارة قلبها الحزين....

بداخلها تلعن ضعفها وإستسلامها....تشعر بالذنب وتأنيب الضمير فهى التى ضيعت بيديها حق أولادها ......فهى الجانى والمظلوم فى آن واحد.

جلست اميره عند حمام السباحة..غاصت بناظريها فى صفحة المياه النقية التى تكتسب لون الحوض الازرق المنعكس على صفحاتها تفكر ماذا تفعل

..فقد شعرت بالاختناق وفضلت ان تخرج للهواء الطلق بدلا من ان تحبس نفسها داخل المنزل.

كانت سحابه من الحزن تغيم على وجهها..تمر الساعات عليها وهى تجلس فى صمت.

بدا عليها الهم والحيرة ..تفكر وتفكر حتى أعياها التفكير فهى لن تقبل ان تكمل عملها مع دكتور محسن بعد ان اهانها بتلك الطريقه..

فقد ثار عليها وكأنها طفلة فى حضانه وليست طالبة دكتوراه تعمل مدرسا مساعدا بالجامعه.

نعم اخطأت ولكنه كان قاسيا جدا معها...وأهانها بلا شفقة أو رحمة.ولكن اذا تركته الآن تكون اضاعت من وقت بعثتها اكثر من خمس شهور ..

هل ستبحث على مشرف اخر وتبدأ من جديد معه وتغيرمن رسالتها وتبدأ كل شئ من جديد.....يالها من حيرة...

أطلقت تنهيده عميقه نابعة من اعماق حيرتها ورفعت رأسها للسماء وهى تناجى الله قائلة بتمنى ورجاء

يارب اهدينى للصواب.... ثم تنهار مقاومتها وتستسلم لضعفها وتبكى وهى تحدث نفسها قائلة بصوت مستسلم

أنا تعبت.....أنا مهما كان بشر ..مخلوق ضعيف ..مش قادره أتحمل كل ده لوحدى ...
كل ما بحس ان خلاص كل أمورى إستقرت وقربت أحقق الحلم إللى أتغربت عشانه ..
.ألاقى نفسى من ثانى ببعد وبتتعقد الأمور...أعمل أيه دلوقتى ..يارب أعمل أيه؟

إستسلمت للبكاء عسى أن يريحها وهى تتمنى أن يهديها الله إلى الصواب .

لمحت ايهاب وهو يحمل طبق كبير بدا ان به قطع من الدجاج المتبل بالبهارات ويعلق على ذراعه كيس من الفحم وكأنه يعد للشواء....كان فى طريقه إلى المكان المخصص للشواء.

.وما أن رآها تغيرت ملامحه و تجاهلها وفضل الانسحاب ولكنها ندهت عليه وهرولت مسرعه حتى تلحق به

ولكنه تعمد تجاهلها ولم يرد عليها وأستمر فى طريقه دون أن يتوقف ولكنها لحقت به وطلبت منه ان يقف لتتحدث معه

التفت اليها بوجه صامت عابس دون أن ينطق كلمة واحده وبدا وكأنه ينتظر أن يسمع منها ماذا تريد أن تقول

نظرت اليه قائلة بلهجة معتذره

عارفه انك زعلان منى وفاكر انى بتجاهل انى اتكلم معاك بقصد
بس صدقنى ده مش حقيقى

وبلهجة جافه يرد عليها قائلاْ

آنسه اميره انت ليكى مطلق الحريه انك تتكلمى مع الانسان اللى تختاريه... وانا مقدر وفاهم انى مش الشخص ده ومش من حقى انى الومك..

.كل إنسان حر فى أختياره للناس إللى يحب أنه يتعرف عليهم.

ولكن أميره تنفى ذلك قائلة وهى توضح له

بس ده مش حقيقى ..صدقنى يا ايهاب كل مره كان بيكون عندى ظروف تمنع انى اتكلم معاك ..

بس انا دلوقتى فاضيه وتقريبا ممكن تكون اخر مره نقدر نتكلم فيها لانى احتمال كبير اسيب هنا...

قالت تلك الكلمات الأخيره بنبره خافته وقد بدت كالمغلوب على أمره.

فوجئ إيهاب بما قالته ونظر اليها بدهشة وإستغراب متسائلا

ايه... ليه؟

ليه دى تبقى حكايه لوحدها لو عندك وقت ممكن نقعد ونتكلم

فابتسم قائلا

تحبى تشاركينى شوى الفراخ وأحنا بنتكلم

فهزت رأسها فى إيجاب قائلة

اكيد .

وقف عمر فى الشرفه ينتظر ياسمين كما اعتاد يوميا فى مثل هذا الوقت ولكنها لم تظهر ..هاجمه القلق عليها واخذ يصدر اصوات وصفير عسى ان تسمعه وتخرج إلى شرفتها ولكنها لم تفعل..

.شعر بالقلق ودخل الى غرفته بعد ان ظل ينتظرها لاكثر من ثلاث ساعات ..انها
بالبيت يسمع صوتها بين الحين والاخر ..إذن لماذا لم تخرج لتراه كما اعتادوا؟؟؟ ...

وفى صباح اليوم التالى وهو فى طريقه اللى عمله قابلها عند مدخل المنزل ..

كانت تحمل بعض الأكياس البلاستيكيه المحمله بالجبن والخبز والعصائر فى يدها بدت وكأنها عائده تواْ من محل للبقاله

نظر اليها معاتبا

كده يا ياسمين تحرمينى من انى اسمع صوتك وأنى اشوفك ..انا ما قدرتش انام طول الليل كان هاين عليه اروحلك البيت عشان اشوفك.

فنظرت إليه ياسمين قائلة بلهجة غاضبة

وآخرتها يا عمر اعتقد انى قولتلك تعالى اتكلم مع بابا واطلب يدى منه... بس انت طنشت..انا آسفه انا حسيت وكأنى بعرض نفسى عليك ..

ازاى تقولى كده

طب ليه ما اتقدمتش

لانى خايف

خايف من ايه

خايف لاهلك يرفضوا

وأيه إللى يخليهم يرفضوا؟

ياسمين انت تستحقى احسن شاب فى الدنيا

وانت عندى احسن شاب فى الدنيا..عمر ارجوك انا مش حاقدر اتحايل عليك انك تتقدملى راعى كرامتى

خايف يا ياسمين

وانا بقولك ماتخافشى ..اتقدم وانا واثقه من ان اهلى حايرحبوا بيك..عايزنى أقولك أيه أكثر من كده ..ولا عايزنى أجيب أهلى ونروح نخطبك أحنا من أهلك عشان تطمن.

فأبتسم وهو يرمقها بنظرات عاشقة وبدا عليه الجديه وهو يسألها

ممكن اقابل والدك دلوقتى ؟

فرمقته ياسمين بنظره معاتبه قائلة

دلوقتى ايه.... فى حد بيتقدم لحد الصبح كده..ثم تبتسم وتستطرد قائله

خليها بعد المغرب عشان تكون رجعت من شغلك وارتحت شويه

مش حاقدر ارتاح لحد ما أقابله..حاتكون أهم مقابله فى حياتى وخايف جدا من نتيجتها

فتطمئنه بوعد منها قائلة

ان شاء الله اطمئن انا ليك ولا حاكون لغيرك أبدا مهما حصل.

تبادلت اميره الحديث مع ايهاب لاتعرف كيف تحدثت معه ساعات وساعات دون ان تشعر بالملل ..

كان الوقت يمر بسرعه ولكنها كانت مستمتعه وهو ايضا كان يبذل اقصى جهده ليسرق الضحكات من بين شفتيها .

.كان يرى الهم يسبح فى عينيها ويسكن نظراتها...لا يعرف لماذا تأثر وشعر بأن من واجبه أن يخفف عنها ...

و يشعر بالرضا عندما تضحك على إى شئ يقوله...

مما جعله يزيد من حديثه المرح ومن اطلاق النكت والسخرية حتى من نفسه حتى تستمر فى الضحك ..

تأملها وهى تضحك وقال لها بتلقائية

انت بتكونى جميله جدا لما تضحكى

اعتبر ان ده غزل

ممكن تعتبريها حقيقه..شايفها وبعبر عنها بكل صدق

تعمدت أن تتجاهل كلامه وأخذت نفسا عميقا وغاصت فى بحر من الصمت للحظات
ثم إبتسمت إبتسامة خفيفه ونظرت إليه قائلة

غريبه فى كل وقت بكون مضايقه فيه... فجأه بتظهر قدامى و بتكلم معاك..وبتتبدل حالتى بعدها وبحس انى باقدر افكر افضل من الاول.

اتمنى انى فعلا اقدر اساعدك

ليه ؟

فينظر فى عينيها ويجيبها قائلاْ بصوت هامس

مش عارف..ثم يهز رأسه ويستطرد قائلاْ

فى حاجه شدتنى ليكى من أول مره شوفتك فيها ... ممكن بشوف فيكى مصر ..ممكن بشوف فيكى والدتى ..مش عارف.

فتسأله بترقب

مفتقدها؟

هى مين ؟

والدتك

فيصمت قليلا وقد بدا عليه التأثر ويهز رأسه مؤكدا

أكيد مفتقدها

ممكن مكالمه منك تسعدها ...ثم سألته بلهجة معاتبه

ماتستحقش منك مكالمه واحده تطمنها عليك

فيطلق تنهيده عميقه ويجيبها قائلاْ

اكيد حايحصل بس مش دلوقتى

فتواجه أميره قائلة

خايف تسألك عملت ايه فى حياتك وتعرف انك ماعملتش حاجه

فهنا يخرج عن هدوئه ويلوح الغضب على وجهه ويرد عليها بإنفعال

انت ليه دايما بتحاولى انك تفسرى كل كلمه وتصرف كأنك محلله نفسيه

انا اسفه

فيهز رأسه فى ضيق وكأنه لايزال غاضبا قائلاْ بإنفعال

ممكن نغير الموضوع

فتنظر أميره فى ساعة يدها وتهم على الانصراف قائلة

لاه ممكن اسيبك عشان يادوبك أنام... الوقت اتأخر

فنظر اليها متسائلاْ

ممكن بكره اعزمك على فسحه اتمنى انها تعجبك

فتهز اميره رأسها فى إيجاب

اكيد

فرمقها بنظرته قائلا بلهجة ذات معنى

يعنى مافيش اعذار

فتبتسم أميره مؤكده

مافيش اعتذارات.




انا مش فاهم لازم يعنى يروح يتكلم مع والدها النهارده ..وهو عارف ان خطيب اخته حايزورنا .

هكذا صاح رأفت فى عصبيه عندما أخبرته فريده أن عمر يريد أن يذهب لطلب يد ياسمين من والدها اليوم بعد صلاة المغرب.

فتحاول فريده أن تهدأه قائلة

فؤاد قال انه حايزورنا بعد صلاة العشاء لانه بيحب يصلى الفروض جماعه فى الجامع...

وميعاد عمر مع اسرة ياسمين الساعه 7:30يعنى قبل صلاه العشاء بساعتين.... نكون زورناهم وفاتحناهم فى موضوع الخطوبه وخلصنا كل حاجه قبل ما فؤاد يوصل.

فيلوح رأفت بيده فى عصبيه

مايروح هو الاول... بدل ما يحرجنا معاه

ازاى بس يارأفت لازم نكون معاه طبعا انت عايز اهل البنت يقولوا ايه.

فيطلق رأفت زفرة قوية ويضغط على شفتيه ثم يهز رأسه قائلاْ

حاضر عشان بس مش تفتكرى إنى بتخلى عن ابنك مع انى عارف اللى حايحصل بس حاضر يا فريده..عشان خاطرك انت بس أنا حاروح .

فتنهدت فريده تنهيده راحه قائلة فى تمنى

إن شاء الله حايحصل كل خير

كان عمر متألقاْ فى بدلته ذات اللون الأزرق الداكن وقف امام المرأه يربط رابطة العنق وهو يتمنى أن تمر الليلة على خير.... مشاعر مضطربه إجتاحته بين سعادته وبين قلقه


دخلت عليه رجاء وصاحت فى ابهار

ايه الاناقه دى كلها احلى واشيك عريس فى مصر

ادعيلى يا رجاء انا خايف جدا

ان شاء الله خير

فيوعدها قائلاْ

عارفه لو والدها وافق حاعزمك انت وفؤاد على العشاء فى احسن واغلى مطعم

فإتسعت إبتسامة رجاء قائلة

بلاش احسن تدبس فى العزومه وانت عارفنى حاتمسك بوعدك

فيأخذ عمر نفسا عميقا وبتمنى يرد عليها

بس والدها يوافق وانا مستعد اعمل اى حاجه ..لانى ساعتها حاحس ان الدنيا خيرا صالحتنى

رمقته بنظرة متأمله متسائلة

بتحبها

وبلا تردد يجيب

اكيد

فسألته

الحب احساس جميل صح

أجابها بحماسه وكأن كل نبرة من صوته تصرخ مؤكده

اجمل احساس ممكن يعيشه الانسان...أكيد ان شاء الله حاتعيشيه مع فؤاد واكيد وقتها حتفتكرينى وتعرفى انا حاسس بأيه.

صمتت وقد تغيرت ملامح وجهها وقد بدا الشك فى نظراتها من ان ذلك قد يحدث يوما.

.ثم تصنعت الابتسامة ونظرت الى عمر قائلة بتمنى بصوت ملؤه الصدق
ربنا يوفقك يا عمر

يارب يا رجاء .....يارب



كم كان الوقت ثقيلا عليه كان يخشى نتيجة تلك المقابله بدا وكأنه تلميذ ينتظر نتيجة

الامتحان ..كانت معامله والد ياسمين ووالدتها له مبشرة بالخير ولكنه قد تعود على ذلك .

.فعادة ما يرحب به والد العروس حتى يبدأ الحديث فى الطلبات والالتزامات المادية حتى يتغير الامر ..

كلما نظر إلى وجه ياسمين التى كانت متألقه تزين المكان بجمالها وإبتسامتها الرقيقة يذوب قلبه المتعلق بها و يزداد شعوره بالقلق ..

يخشى أن يفقدها وتكون تلك هى المرة الأخيره التى يكون من حقه الحلم بأن تكون له ..

فضل رأفت الصمت وعدم التدخل فى الحديث وكأنه يؤدى دور صامت فى إحدى المشاهد المسرحية..

حتى سأله والد العروس عن اخبار الجامعه حتى فتح رأفت فى الحديث عن ابحاثه والمؤتمرات العلميه التى حضرها بلا انقطاع.

رمقته فريده بنظراتها حتى يكف عن الحديث عن نفسه ويبدأ فى الكلام عن طلب عمر ليد ياسمين

ولكنه لم يستجيب لها حتى تدخلت بنفسها وقاطعت كلامه قائلة

اكيد ان شاء الله فى المرات القادمه حايكون فى متسع من الوقت عشان رأفت يتكلم مع حضرتك عن ابحاثه بس المرادى احنا حا نتكلم عن عمر وياسمين..

ثم تستطرد قائلة

الحقيقه احنا يشرفنا اننا نطلب يد بنتك الجميله ياسمين لأبنى المهندس عمر

فرحب والدها قائلا

وانا يشرفنى اننا نكون نسايب واهل ومش حالاقى لياسمين احسن من عمر... الحقيقه الفتره اللى قعدنا فيها هنا كان نموذج للشاب الطيب المحترم ولا اتمنى لياسمين ابدا افضل منه

كان هذا الكلام كفيلا لان يجعل عمر يشعر بالارتياح ويهدأ من قلقه ولكنه ظل متوترا... فالاهم ماهو قادم

فبدا الرضا على وجه فريده وسألته

طب طلباتك ايه ؟

طلبات ايه يا هانم احنا اهم حاجه عندنا الشاب اللى حاناسبه و بنتى حاتكون من نصيبه

فهنا تدخل عمر فى الحديث وأصر قائلاْ

معلشى يا عمى انا يهمنى اعرف النهارده كل طلباتكم عشان اقدر ارتب نفسى عليها

يا عمر انا حاديك بنتى يعنى اغلى حاجه عندى.... الماديات مش اهم عندى من بنتى

ولكن عمر يصر قائلاْ

طب ممكن لو سمحت نتفق على كل حاجه

فيهز والد ياسمين رأسه قائلاْ فى إستسلام

زى ما تحب ..ثم يستطرد قائلاْ

انا الحمد لله قربت أنتهى من بناء عماره مكونه من خمسة طوابق فى حى مصر الجديده و مخصص لبناتى الأثنين كل واحده فيهم شقه

وابنى الصغيرهيثم شقتين هأجرهم لحد مايكبر ..وشقق البنات هما احرار فيها وانا شايف انكم تتجوزوا فيها افضل...

التمليك غالى والايجارات غاليه وانتم اولى بالفلوس اللى حاتدفعوها فى الايجار

ثم يستطرد قائلاْ وهو ينظر لفريده ورأفت

أنا شارى عمر وسعيد بيه عشان كده انا حاتكفل بكل جهاز بنتى بس ليه طلب واحد

فينظر اليه عمر بترقب متسائلاْ

طلب ايه يا عمى ؟

الشبكه تكون فى مقام ياسمين

وبلا تردد يرد عمر

طبعا اللى هى تختارها

فيضع والد ياسمين ساقا فوق الاخرى ويتحدث بلهجة مليئة بالفخر وكأنه يتباهى قائلاْ

ياسمين احلى بنت فى العيله وما شاء الله كل قريباتها كانت شبكتهم غاليه وعشان كده مش احب ان بنتى تكون اقل منهم...

فالشبكه بس هى اللى انا طالبها منك غير كده أنا حاتكفل بكل طلبات الزواج من الالف للياء...ياسمين بنتى وأنت حاتكون ابنى.

فيهز عمر رأسه مؤكدا

وانا تحت امر ياسمين

كانت نظرات رأفت تظهر إستغرابه لما يحدث ..فوالد العروس متساهل جدا مع عمر بدرجه لم يتوقعها وعندما تحدث والدها عن الشبكه هنا خرج عن صمته وسأله

يعنى عشان نكون عارفين فى حدود كام وعايزها ذهب ولا الماظ
وبتلقائيه يجيبه قائلاْ

لاه ذهب طبعا .. الألماظ بيعه مش سهل

فترمقه والدة ياسمين بنظرات تأنيب

فيلحق نفسه قائلا

قصدى افرض مثلا ياسمين فى المستقبل حبت انها تغير شبكتها وتشترى حاجه احدث... ماانتم عارفين البنات تحب دايما تغير على الموضه.

أو مثلا عمر احتاج فلوس فى المستقبل عشان يعمل مشروع خاص بيه ولا قدر الله مثلا احتاجوا يبيعوا الشبكه...

الذهب بيكون اسرع واضمن فى البيع اما الالماظ سوقه فى مصر مش قوى ..و ربنا مش يكتب عليكم البيع ودايما فى زياده ان شاء الله

فيعيد عليه رأفت السؤال مرة أخرى

يعنى عايزها تكون فى حدود كام؟

فيومأ برأسه ويشير بيده وهو يقول

ماتقلش عن 60 الف

فيفاجئ عمر بالمبلغ فيرد رأفت قائلاْ

مش شايف أنه مبلغ كبير

كثير على ياسمين طب والله خطيبها اللى قبليه كان جايب شبكه بسبعين الف جنيه غير الهدايا وانا لولا انى شارى عمر وحاسس ان يا سمين بنتى مرحبه بيه ما كنت عملت كل ده مع عمر

فيحاول عمر معه قائلاْ

يا عمى للأسف إمكانياتى الحاليه تمنعنى أنى أشترى لياسمين شبكه بالمبلغ ده . وكمان أنا أفضل أنى أشارك فى شراء الجهاز .

.أنا طبعا سعيد جدا بترحيبك بيه وعرضك لمساعدتى بس أنا شايف أننا ممكن نتخطب لمده سنه أو سنه ونصف ....

أكون قدرت أجمع مبلغ مناسب نشترى بيه الأثاث والشبكه طبعا بس تكون قيمتها أقل من المبلغ الكبير ده.

فتزداد حده نبرة صوت والدها ويصر قائلاْ

..انا ريحتك من هم الشقه والجهاز ..لأن مستوى بنتى فى العيله مش لازم يكون أقل من أى فرد فيها ..وأنا عارف إمكانياتك وأنك مهما قدرت تحوش مش حاتقدر على ثمن الأثاث إللى يليق ببنتى .

طب دا انا ناوى اشترى احسن واغلى جهاز ليها عشان تكون احلى شقه فى العائلة ...غير انى لحد دلوقتى دافع 40الف جنيه فى تشطيب شقتها لوحدها.

واعتقد شبكه بستين الف مش مشكله كبيره عشان تحفظ وضع بنتى بين بنات العائلة ...

غير أنى لا أفضل إطالة فترة الخطبه وأحب أن الزواج يتم خلال ثلاثه أشهر بالكثير.

.أنتم عارفين كل ما بتطول فترة الخطوبه كل ما المشاكل لا قدر الله بتزيد....
وياسمين بنتى أتخطبت قبل كده أكثر من مره وأنا أتمنى أن الزواج يتم على خير عشان أطمن عليها وعلى حياتها قبل ما أموت...

ثم يشير بيده قائلاْ

دا طلبى الوحيد وانتم ليكم حرية الاختيار ومهما حصل ده مش حاياثر على العلاقه بينا الزواج ده نصيب والاهم المعرفه الطيبه ومعرفة الناس كنوز زى ما بيقولوا وانتم معرفتكم بالدنيا

نظر عمر الى والدته وإلى ياسمين التى كانت تنظر اليه بنظرات خوف وتحسه ان يقبل

فتهز فريده رأسها بالموافقة قائلة

واحنا طبعا موافقين

فنظر اليها رأفت نظرة غاضبة

ولكنها تجاهلته وابتسمت صائحه

نقرأ الفاتحه

فقال والد ياسمين وفى شرط كمان بعد اذنكم

فتنظر اليه فريده متسائلة بترقب

شرط ايه ؟

فيتحدث قائلاْ

انا افضل اننا نشترى الشبكه الخميس القادم بإذن الله ونعمل حفلة الخطوبه هنا فى شقتنا من غير ما نعزم حد يعنى تكون فى حدود الاسرتين

..انتم عارفين الحسد والامور دى بتتنظر وان شاء الله الفرح يكون بعد ثلاث شهور او خمسه بالكثير....نبقى ساعتها نعزم إللى أحنا عايزينه وتكون حفله كبيره نفرح فيها زى ما إحنا عايزين.
وأكون انتهيت من تشطيب الشقه واشترينا الجهاز.
قولتم ايه؟

فتتسع إبتسامة فريده مهلله

قولنا نقرأ الفاتحه وان شاء الله يكون زواج سعيد وصدقنى انت كسبت ابن جديد ليك ..عمر رجل وان شاء الله مش حانندم ابداْ على زواج بنتك منه

انا عارف ومتأكد يا فريده هانم ..ووالله لولا انى فعلا مقتنع وشارى عمر كان زمان الكلام اتغير خالص

ويفتح كفيه ويرفعهما فى إتجاه وجهه ويصيح قائلاْ

نقرأ الفاتحه وان شاء الله ربنا يتم الموضوع على خير

لم يكن يصدق عمر نفسه اخيرا قرأ الفاتحه...وبعد اسبوع واحد ستكون ياسمين خطيبته و سيزين صابعه بدبلة محفور عليها اسمها ..

اجمل ياسمينه عطرت وزينت حياته ...ان كان ما يحدث الآن حلماْ اتمنى الا ينتهى ابداْ

بعد ان عادا الى البيت كانت رجاء فى استقبالهم تتسائل بلهفة

حصل ايه؟

فصاحت فريده فى سعاده

الحمد لله قرأنا الفاتحه.. وربطت على كتف عمر قائلة بسعاده

اخيرا عيشت اليوم وشوفتك عريس يا حبيبى

فتمط والدة رأفت شفتيها قائلة من تحت الضرس بلهجة ذات معنى

يعنى خلاص مش حايكون فى ام على وبسبوسه... ماهى ضمنتك حاتتعب نفسها ليه بقى...ثم تشير اليه بيدها قائلة

ياخايب كنت استنى لما تدخل على الطبيخ اللى بجد كنت لسه حاتاكل صوانى ومحمرات بس انت خايب ..وسلمت على طول.
من طبق أم على وحته بسبوسه.

فيداعبها عمر قائلاْ

يا ست الكل انت حاخليها تعملك كل اللى انت عايزاه.... هو احنا لينا بركه الا انت

فهنا يخرج رأفت عن صمته وينظر اليهم قائلاْ بإستهجان

خلاص خلصتم التهانى والمباركات ..أنا مش قادر أفهم أنتم فرحانيين ليه ؟ الموضوع واضح أنه أنتهى ثم ينظر إلى عمر متسائلاْ

تقدر تقولى أنت حاتجيب شبكه بستين الف جنيه منين؟ ...الرجل اصلا من الواضح انه بيرفضك بذوق وانتم مش فاهمين

فتندهش رجاء قائلة

شبكه بستين الف جنيه كثير قوى

فتصيح والدة رأفت فى استنكار

يا لهوى ..60 الف جنيه ..ليه حاتجوز بطلة سيما....أنا أروح أصلى صلاة العشاء أحسن ..قال 60 الف جنيه قال ..كل ده عشان عملت ام على ..أومال لو كانت عملت صنية رقاق باللحمه المفرومه ولا صنية بطاطس فى الفرن كانت طلبت شبكه بكام

فيومأ رأفت برأسه فى سخريه

طبعا كثير... قال وانا كنت فرحان ان شبكة رجاء ب25 الف جنيه..

فترد عليه فريده قائلة

ماهو فى المقابل ريح عمر من موضوع الشقه والجهاز اعتقد كده كويس جدا

فيرد عليها رأفت بسخريه

أنا مش فاهم هو فاكر نفسه مين ..الرجل ده أصلاْ أنا مش مرتاح ليه ..
كل شويه يتكلم عن مستواهم المادى والعيله وأن عندهم وعندهم ..

مع أن بيتهم مش يدل على أى ثراء . دا حتى عربيته موديل قديم ومش غاليه وبعدين هو ابنك يعنى معاه 60 الف جنيه...

فيرد عمر بلهجة مشوبه بخيبة الامل قائلاْ

انا كل اللى معايا 30 الف جنيه بس انا ممكن ادخل جمعيه واقبضها الاول

فيومأ رأفت برأسه وبلهجة ساخرة يرد عليه قائلاْ

جمعيه بكام يعنى الف... الفين.... خمس الاف جنيه بالكثير...والباقى حاتجمعه منين وأزاى؟

خصوصا انه مصمم ان ميعاد الخطوبه يكون الاسبوع الجاى ..طبعا بيعجزك لانه عارف انك مش حاتقدر

فتحاول فريده طمأنه عمر قائلة

ان شاء الله كل الامور دى حاتدبر... الاهم ان عمر يتزوج من الانسانه اللى بيحبها

فيلوح رأفت بيده وهو لا يروق له الكلام ويتركهما ويتجه نحو غرفة المكتب قائلاْ

والله انت وابنك احرار انا داخل المكتب اقرأ فى حاجه مفيده لحد ما يوصل فؤاد

نظر عمر الى فريده متسائلا بلهجة بائسه

هو معاه حق ياماما ..والد ياسمين مصمم ان الخطوبه تكون الاسبوع الجاى واشترى الشبكه وانا كل اللى معايا 30 الف جنيه بس

..يعنى لسه 30 الف جنيه كمان ..

حتى لو دخلت جمعيه كل اللى حاقدر اجمعه خمس الاف جنيه .ودى كمان مش مضمونه ... وجايز مش اقدر اجمع عدد كافى فى الوقت القصير ده

فتعرض عليه رجاء أن تساعده قائلة

انا معايا فى دفتر التوفير حوالى عشر الاف جنيه وانا مش حاحتاج ليهم دلوقتى.... فؤاد مش عايزنى اجيب حاجه وهو قال ان شقتنا فى جده جاهزه وفيها كل حاجه.

وشقتنا هنا لما نبقى نستقر نبقى نجهزها على ذوقنا ..انت اولى بالفلوس دلوقتى من انها تكون فى البنك وبعدين تبقى تسدهم على مهلك خصوصا ان الشبكه هى الشئ الوحيد اللى حايكون مكلف.

فيرفض عمر قائلاْ

لاه يارجاء خلى فلوسك معاكى

فتصر رجاء قائلة

يا عمر انت اخويا ..ولو مش كنت اساعدك حاساعد مين

اسمع كلام اختك يا حبيبى وربنا يخليكم لبعض وانا كمان حابيع كل الذهب اللى معايا

واعتقد انه باسعار الذهب الحاليه حايجيبوا مبلغ كويس الحمد لله ذهبى هو الحاجه الوحيده اللى قدرت احافظ عليها

وهو من حقك أنت واخوك لانه كان معظمه شبكتى من المرحوم والدك ..ايهاب سابنا وانت اللى فاضل وانت محتاجه .....

يبقى انت اولى بيه ..ولو رجع ايهاب فى يوم من الايام ابقى اديله نصيبه .

فيقترب منها عمر وقد بدا عليه التأثر ويقبل يدها وينظر فى عنيها قائلاْ

ربنا يخليكى ليه يا ماما

فتلمس فريده باصابعها على وجهه وهى تبتسم قائلة بصوت الام الحنون

انا اهم حاجه عندى انى اشوفك سعيد مع الانسانه اللى اخترتها وشايف انك حاتكون سعيد معاها

فيصيح فى سعادة

انا مبسوط قوى لاول مره فى حياتى احس بالسعاده وان اهم حلم فى حياتى بيتحقق..ثم ينظر الى رجاء قائلاْ

انا الليله ناوى اعزمك مع خطيبك على العشاء فى احسن مطعم زى ما وعدتك وانت كمان يا ماما تعالى معانا

فتعتذر فريده قائلة

لاه يا حبيبى كفايا انت واختك انا بكون سعيده لما بشوفكم سعداء ...ربنا يسعد أيامكم كلها ويعوضنى فيكم خير.

وبالفعل يدعو عمر رجاء وخطيبها على العشاء فى إحدى المطاعم الفاخرة وأثناء تناولهم الطعام

لمحت رجاء حاتم يجلس على احدى الطاولات فى الجانب الآخر من المطعم ... يتناول عشائه مع زوجته ومعهم رجل آخر وأمرأه

تعرفت على زوجته من صورتها فى المجله لم تختلف كثيرا عن الصوره بل كانت تبدو اجمل وهى متألقه فى فستان اسود لامع وشعرها الطويل الاصفر المصبوغ مسترسل على ظهرها اضاف اليها جمالا وجاذبيه

تأملته بنظرات حسرة وهى تتسائل ترى هل نسانى حقا ثم تذكرت انها ليست وحدها وخشيت ان يلاحظ احد انها تحدق فى حاتم

فركزت إهتمامها فى الطبق الخاص بها وأخذت تقطع قطعة اللحم بالشوكة والسكين وهى تقاوم رغبتها فى النظر إليه مرة أخرى.

رفع حاتم راسه وهو يتحدث مع الجرسون ليراها وبعد أن أنتهى من حديثه مع الجرسون ..ألقى بنظرة طويله متأملة لها

كانت رجاء بدورها تقاوم أى رغبه تجتاحها وتلح عليها فى أن تخطف نظرات قصيره لتراه ولكنها ضعفت وإستسلمت رفعت عينيها نحوه ..لتفوجئ به يحدق بها

تلاقت الاعين ساد بينهما نظرات طويله

شعرت بضعفها حاولت ان تتجاهله وتنشغل فى الاستماع للحوار الدائر بين عمر وفؤاد عن فرص العمل المتاحه والمشروعات..وغيره من كلام لا يعينيها بشئ.

ولكنها لم تستطع المقاومة أكثر من ذلك ...عادت دون ان تقصد للنظر اليه ...تأكدت من ضعفها وأنها صارت أسيرة لنظراته إليها ..حتى أنها تخلت عن حرصها وقلقها من أن يتنبه أحد لنظراتها لحاتم.

كانت الدهشة والحيرة تسيطر عليها ..أنه الآن ينظر إليها بنظرته المعتاده ...تلك النظرة التى أحيت بداخلها الأنثى .

.تشعر بإهتمامه كما كان يحدث من قبل ..لما إذن تجاهلها فى المرة الأخيرة ولا كأنه يعرفها ...

حتى فوجئت به ينهض ويمر بجوارها وهو يشير اليها بعينيه كى تلحق به

وبدون ان تشعر وجدت نفسها تعتذر اليهم وتتحجج برغبتها فى الذهاب إلى دورة المياه وتلحق به بلا تفكير وكأن نظراته إليها سلبت منها تفكيرها .

فصارت كالمسحورة التى تتبع تعليمات الساحر دون مقاومة.

قابلت حاتم عند مدخل المطعم الخارجى

إقتربت منه بخطوات بطيئه وعينيها لا تفارق عينيه ..تبادلا النظرات الصامته حتى وقفت أمامه

تأملها فى صمت بنظرات عتاب ثم قال

وحشتينى......؟

السبت، 24 أكتوبر 2009

الحلقة الثانية عشر من قصة المنزل الزجاجى


عقدت رجاء حاجبيها فى دهشة متسائلة بترقب

شرط أيه؟

أنا عارف طبعا انك تعملين محاسبه فى إحدى البنوك ..وحتى أكون صريحا من البدايه... أنا مقتنع تماما بأن عمل المرأه هو السبب الرئيسى فى إنحدار أخلاق الشباب فى مجتمعنا

وأنه بدعه طلع علينا بيها الغرب وللأسف إنسقنى وراءها كما دوماْ نفعل...
والنتيجه هى إللى أحنا شايفينها من تدهور أوضاع المجتمع .ليس فى الاخلاق فقط ولكن فى مختلف الامور.

كانت رجاء تنصت إليه بإهتمام تحاول أن تستوعب ماذا يريد أن يقول وقد بدا على ملامحها أنها لاتستوعب ما قاله أو بمعنى أصح فوجئت به وأدهشها رأيه .

استطرد فؤاد قائلاْ بثقة ويقين

يا اخت رجاء زى ما قولتلك أن مكان المرأه الطبيعى هو بيتها...فطبعا بعد الزواج إن شاء الله سوف تنقطع كل علاقتك بهذا العمل ..... وكما قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز (وقرن فى بيوتكن)

يعنى ايه حاقعد فى البيت ..مش حاشتغل ؟؟

البيت حايكون هو شغلك وحياتك وان شاء الله بعد كده أولادنا ..هو فى أعظم من مهنة الام ..والله سبحانه وتعالى كرم الام .والجنه تحت اقدام الامهات ..هل تتخلين عن الجنه من اجل العمل ؟

بس انا بحب شغلى وعمرى ما فكرت انى ممكن اسيبه وبعدين فى ستات كثير بتشتغل ومتزوجه فى نفس الوقت وقادرين يوفقوا بين الاثنين بنجاح وحياتهم مستقره .

يا اخت رجاء صلى على النبى عشان ربنا يباركلك ويهديكى الى الصواب بإذن الله

عليك أفضل الصلاة والسلام يا رسول الله

زمان كانت المرأه تربى على انها إمرأه ..وأن مصيرها هو الزواج وأهم شروط الزوجه هو الطاعة العمياء للزوج الذى هو قائد البيت ورب نعمتها وأن مهمتها الاولى هى تربية اولادها والاهتمام والرعايه ببيتها ..لذلك كان المجتمع ناجح ومستقر .

.أما بعد النظريات الشيطانيه اللى طلع علينا بيها الغرب وللاسف انساق وراءها بعض المفكرين والسفهاء والتى نادت بحرية المرأه فى الاختيار والتعليم والعمل بعد ذلك

ضلت المرأه طريقها وأصبحت مثل المسخ ولا هى إمرأه ولا هى رجل ...تسعى للمساواة والتعليم والعمل وتهمل فى واجبها اتجاه بيتها واسرتها ومن يدفع الثمن فى النهايه ...المجتمع بالطبع

إرتفعت نبرة صوته وصبغت بطابع الإلقاء وكأنه يلقى محاضرة على الطلبة أو يلقى بخطبة الجمعه على المصليين واستطرد قائلاْ بتأثر وإستنكار

والابناء هم الضحية لأن الام غاب وجودها الفعلى فى تربية اولادها ومتابعتهم وغرس القيم والاخلاق الحميده فى نفوسهم وبالتالى اصبح لدينا اجيالا من الشباب الضائع ..وإنتشر الفساد الاخلاقى كما نرى اليوم ونسمع.ربنا يحفظ ذريتنا إن شاء الله ويعافينا برحمته

حدقت به رجاء بدهشه وإستغراب ولكنها فضلت الصمت وألا تجادله حتى ينتهى من كلامه..

فأستطرد فؤاد بكل ثقة كلامه وهو يحاول إقناعها بوجهة نظره

يا اخت رجاء رجوع المرأه اللى دورها الاساسى فى الحياه هو مفتاح صلاح المجتمع والعوده اللى قيمه الاصيله والتى كانت سببا رئيسيا فى نجاحه وإستقراره .

تنهدت رجاء وهزت رأسها قائلة

بس انت مش مقتنع بعمل المرأه بس انت كمان مش مقتنع بتعليمها...ازاى فى ظل التحدى التكنولوجى اللى احنا عايشين فيه مش عايز المرأه تتعلم....

!! يعنى الام المدرسه ازاى تخرج اجيال واعيه وفاهمه وهى نفسها جاهله.

فهنا يصيح ويخبط كفاْ على كف قائلاْ بإنفعال

ماهو ده الكلام اللى بيضحكوا بيه على عقولنا ..وماهى أهمية التكنولوجيا التى تتحدثين عنها ؟؟؟..فما هى إلا اختراعات شيطانيه أدت فى النهايه إلى فساد حياتنا وتعقيدها ..

بصراحه تفكيرك غريب يا أستاذ فؤاد .....يعنى التكنولوجيا والاختراعات اللى فادت البشريه دى كلها مش مقتنع بيها

مثلا يا اختى الفاضله عندك هذا الاختراع الشيطانى الذى يسمى الكمبيوتر ومن بعده الانترنت ..أنه وباء فى منزل كل اسره

عقدت رجاء حاجبيها فى دهشة مرددة

وباء ليه؟

طبعا وباء وخطر كبير .... الاطفال اللى بيضيعوا وقتهم ويدمروا عقولهم وهما بيقضوا الساعات والساعات امام هذا الجهاز اللعين..... يلعبون العاب لا فائدة منها غير تدمير عقولهم وتسطيحها ...الشباب اللى بيتيح لهم هذا الجهاز مشاهده الافلام الاباحيه والصور المخلة فيثير شهواتهم ويفسد اخلاقهم
...
فتجادله رجاء قائلة

كل شئ فى الدنيا ليه عيوب وليه مميزات الكمبيوتر والانترنت زى ما فى العاب وافلام اباحيه زى ما بتقول... فيه معلومات وكم هائل من المعرفه لا حصر لها

وتستطرد قائلة

...تخيل لما تحب أنك تقرأ بحث معين او تعرف معلومه معينه خلال ثوانى معدوده تقدر تتعرف على كل اللى انت عايز تعرفه ..دى ثوره تكنولوجيه معلوماتيه هائلة

غير انه سهل كثير فى مجال العمل وغيره وغيره من مميزات لا حصر لها ..انا بالطبع بتفق معاك ان للاسف بيكون فى استخدام سئ للكمبيوتر والأنترنت بس ده يرجع لغياب دور الاسره وتوجيه اولادها من البدايه التوجيه الصحيح وده دور الاب والام
..
فيشيح فؤاد بيده وكأنه غير مقتنع بكلامها ويصيح قائلاْ

والله من وجهة نظرى ان الفائده الوحيده منه هو انه وسيله رخيصه للاتصال من خلال خاصية التشات بتوفر عن الاتصال الدولى وسعر المكالمات الغالى

أخذت تحدق به فى صمت وقد أدهشها ما قاله وطريقة تفكيره ثم أومأت برأسها قائلة حتى تنهى الجدال فى موضوع التكنولوجيا لأن من الواضح أن النقاش معه سوف يصل إلى طريق مسدود

أستاذ فؤاد بغض النظر عن اعتراضى على معظم كلام حضرتك بس أنا ممكن أتفق معاك ان الزوجه والام لو حست ان بيتها محتاج ليها يبقى طبعا البيت اولى بوقتها ومجهودها وده شئ لا خلاف عليه

..وأنا أكيد ممكن أتنازل عن شغلى فى مقابل إستقرار بيتى والاهتمام بيه

ولكنها تهز رأسها وهى غير قادره على تقبل أفكاره وتستطرد قائلة

...بس طريقة تفكيرك نفسها غريبه جدا بالنسبه ليه ..أنت غير مؤمن بتعليم المرأه ...طب ازاى تربى اجيال وهى نفسها جاهله فكريا؟؟

. أنا مش قادره استوعب ان فى حد بيفكر زيك كده فى العصر اللى احنا عايشين فيه .
يا اخت رجاء خلينا واقعين انا جدتى رحمة الله عليها كانت جاهله ..اميه وانجبت والدى وكان محامى ضليع فى القانون وعمى مدير مدرسه فاضل .

ووالدتى لم يكن معها سوى دبلوم تجارى وربتنا احسن تربية وبفضل تربيتها الكريمة لنا ..الحمد لله تعلمنا أحسن علام فأخى الاكبر بلا فخر طبيب واخى الاخر محامى مثل والدى رحمة الله عليه وأنا مهندسا واختى طبيبه واختى الاخرى معلمة فاضلة
.
فتعقد رجاء حاجبيها قائلة

يعنى اخواتك البنات متعلمات و بيشتغلوا كمان

وهل انا راضى عن حياتهم ..بالعكس فانا عندما ارى كم يرهقون انفسهم فى محاولاتهم للتوفيق بين العمل وواجباتهم المنزليه ....اشعر بالاسى والشفقة عليهن .

بدا على ملامح رجاء أنها ليست مقتنعه بكلام فؤاد....فنظر إليها فؤاد مؤكداْ

يا اخت رجاء هذا هو شرطى ولن أقبل التنازل عنه لأننى مقتنع بيه والحمد لله ..وأنت لك حرية الأختيار بين الزواج منى وبين عملك ومهما كان أختيارك أنا متقبله

.ولكن أسألك سرعة التفكير فكما تعلمين أنا وقتى ضيق وأتمنى أن أنتهى من موضوع الأرتباط هذا فى أسرع وقت حتى أعود إلى عملى فى مدينة جده قبل إنتهاء فترة الأجازه .

أخذت نفساْ عميقاْ ونظرت إليه بنظرات حيرة مشوبة بخيبة أمل وفضلت الصمت حتى تعطى لنفسها فرصة للتفكير.

بعد أن انتهت أميره من ساعات عملها مرت على المول لشراء لوازمها ..وأثناء تجولها فى المول لمحها إيهاب وأتجه نحوها وحياها قائلاْ

مساء الخير

فوجئت به أميره ..إبتسمت قائلة

مساء الخير

ألقى بنظره سريعه على عربة المشتريات الخاصه بها ولمح لفة بها سمك مجمد فعلق قائلاْ

فى محل بيبيع سمك طازج قريب من محطة الأتوبيس...أسعاره معقوله وطعمه حايكون أفضل كثير من السمك المجمد..

لو تحبى أنا ممكن أشترى ليكى كمية السمك إللى انت عايزاها.....صدقينى حايكون طعمه أفضل كثير وممكن لو تقبلى طبعا أننا نشوى سمك النهاردة عند المكان الخاص بالشوى فى المجمع السكنى عندنا ...أنا بشوى كويس جدا ...ده طبعا لو أنت مش عندك مانع.

وقبل أن توافق أميره على إقتراحه تذكرت موعدها على العشاء مع دكتور مايكل ..فأعتذرت قائلة بلطف

الحقيقه أنا مشغوله جدا النهارده ...بس أكيد ممكن فى وقت ثانى

ظن إيهاب أنها لازالت لا ترغب فى ان تكون لها اى علاقه به ...شعر بالحرج والضيق وبهدوء انسحب قائلاْ

أنا آسف إن كنت ضايقتك وأوعدك لو شوفتك فى أى مكان بعد كده مش حاحاول انى أتكلم معاكى ..قال ذلك وانسحب من أمامها

حاولت أميره أن توضح له الامر ولكنه لم يعطى لها الفرصه ففى ثوانى معدوده كان قد اختفى من امام ناظريها

لامت نفسها لأنها لم تخبره عن موعدها مع دكتور مايكل ..ولكنها صاحت قائلة فى ضيق

وهو ماله ليه أقوله انا حاكون مع مين ولا حاكون مشغوله فى ايه ..هو مش وصى عليه ولازم يعرف كل خطواتى ....وأنا اصلا مضايقه ليه انه زعل

..وبعدين كده افضل ..أنا من الاصل مش عايزه يكون ليه أى علاقه بيه ..واتمنى انه يكون زعل بجد عشان يبطل انه يحاول يتكلم معايا ثانى

..ثم تنظر الى علب السمك المجمد وتصيح فى غيظ وضيق قائلة

انا اصلا مش بحب السمك المشوى .

حبست رجاء نفسها فى غرفتها ظلت تفكر وتفكر حتى اعياها التفكير ..هل توافق على الارتباط بفؤاد ..

وهل مثلها له حق الرفض ؟ يجب أن تكون واقعية مع نفسها فهى ليست جميله بل انها اقل من العادية ولا يتهافت عليها الخطاب حتى يكون لها الحق فى الاختيار والرفض كما تريد

.. قد يكون فؤاد هو فرصتها الوحيده للزواج ...ولكن هل سيكون زواجا سعيدا؟ أم ستكون حياتها جحيماْ...

.هل فؤاد هو الزوج المناسب لها ؟ هل ستكون سعيده معه ؟ أم أنها تلقى نفسها فى نار لن يحترق بها احد غيرها ...

ظلت تفكر وتفكر توالت عليها الافكار وكأنها عواصف هوجاء صارت تدفعها وتطيح بها يميناْ ويساراْ بلا شفقة وهى عاجزه عن مقاومتها والوصول الى قرار

بداخلها أحلام وآمال تمنت أن تعيشها مع زوجها المنتظر ...ومن الواضح أن فؤاد بعيد كل البعد عن تلك الصورة التى تمنتها ورسمتها فى خيالها لزوجها....

هل تتنازل عن تلك الأحلام وتتقبل فؤاد وترضى بحياتها معه ؟ أم تنتظر ..ففى الإنتظار الأمل فى أن يتحقق ما تريد وتحلم ..أما قبول الزواج من فؤاد يقضى على أى أمل.

يالها من حيرة ...

فؤاد ليس شخص سيئ هكذا قالت لنفسها ..بالعكس فهو شاب واضح وصريح ولم يحاول خداعها كما يفعل الكثير من الرجال ..

من يرسمون أحلام ويفرشون الأوهام حتى يتم الزواج وبعد ذلك يخلعون عن وجوهم القناع المزيف لتظهر حقيقة نواياهم وأفكارهم ...

هل نست صديقتها دعاء التى تزوجت وهى فى السنة الأولى من الجامعه وقد وعدها زوجها بمساعدتها بعد الزواج فى إستكمال دراستها .

ولكن بعد حملها وإنجابها لطفلهم الأول أصر على أن تكف عن إستكمال الدراسة حتى ترعى الطفل ومر عام بعد الآخر.

.وكلما فاتحته فى أمر عودتها للجامعه تهرب منها وتحجج بأنها لن تستطيع التوفيق بين الدراسة والبيت .. ولم تكمل دراستها الجامعيه حتى الآن .

وهل نست قصة الحب الشهيرة والتى كانت حديث الطلبة فى الكلية بين معيدة قسم الإحصاء ومعيد قسم المحاسبة وبعد قصة حب استمرت خمس أعوام أنفصلا لأنه كان يغار من عملها ونجاحها وطلب منها أن تترك الجامعة .

ولكنها لا يعنيها بشئ أن تترك عملها من أجل زوجها ..فهى على إستعداد أن تفعل أى شئ حتى ترضى من تحب ..ولكن ما يشغلها أنها لاتشعر بأى مشاعر نحوه بل فى أحيان كثيره تشعر بالنفور منه .

أين هو من أحلامها ...ولكن أين أحلامها من واقعها؟

هل يجب أن تتخلى عن أحلامها.. من أجل أن تعيش واقعها؟

أنه السؤال الصعب الذى يجب أن تجد الإجابه عليه ..ولن يجيب عليه أحد غيرها .


..بعد أن إنتهت أميرة من إرتداء ملابسها حملت حقيبة يدها فى عجاله كى تذهب إلى دكتور مايكل الذى كان ينتظرها بسيارته عند الباب الخارجى للمجمع السكنى الذى تسكن به

... كانت ترتدى تايير أنيق اسود اللون به بعض التطريزات اللامعه على اطرافه قد أشترته حديثا من إحدى المحلات الأمريكية الشهيره للأزياء أثناء فترة الخصومات كى ترتديه يوم مناقشة الدكتوراه

..أضافت لمسات خفيفة من مساحيق التجميل على وجهها مما زادها جمالاْ وأخفى أثار الإرهاق التى كانت تترك بصماتها واضحه على وجهها

..كانت انيقه جميله صاح مايكل مبهورا بجمالها عندما رآها تقبل عليه قائلاْ

كليوبترا الجميله وأنحنى ليقبل يدها

إتسعت ابتسامة اميره وسعادتها لإطرائه عليها قائلة بصوت خجل هادئ

مرسى

واسرع ليفتح لها باب سيارته

فركبت السياره واغلق هو بابها

واتجه مسرعا ليقود سيارته منطلقا ليخترق الطريق متجها نحو المطعم الايطالى الفخم فى منتصف المدينة

كانت المره الاولى لأميره فى ان تدخل مطعم ايطالى ..كم كان جميلاْ... المكان هادئ ينبعث منه موسيقى هادئه من سماعات داخليه.... الاضاءه باهته خفيفة تبعث على المكان رومانسيه وهدوء

..الشموع المشتعله موزعة على الطاولات المستديرة الأنيقة أضافت على المكان جمالاْ ورومانسية.

..أختار مايكل طاوله دائريه فى منتصف المطعم وقام بسحب المقعد لأميره فجلست وهى تشكره وسحب هو مقعده ليجلس فى مواجهتها

إبتسمت وهى تتجول فى المكان بناظريها قائلة فى اعجاب

المكان هنا رائع..واعتقد انه غالى

فيبتسم مؤكداْ

هو فعلاْ مكان رائع..انا عادة أحب تناول عشائى هنا..الاكل ممتاز والمكان هادئ ومريح للاعصاب ...خاصة بعد يوم شاق ومرهق من العمل .

يأتى الجرسون ويسألهم بإبتسامة مهذبة عن طلباتهم

فينظر مايكل لأميره متسائلاْ

تحبى تشربى حاجه قبل العشاء

عصير برتقال

فينظر مايكل للنادل قائلاْ

انا صودا ثم يلتقط المينو ويطلب العشاء وينظر لاميره التى كانت بدورها تحاول ان تفهم وتتعرف على طبيعة الاكل ...شعرت بأنها تائهه وكأن الاصناف مكتوبه بلغه جديده عليها لم تراها او تعرف عنها شيئا من قبل ....كانت تبحث عن اى صنف معروف لها ولكنها لم تجد ...

مر وقت ليس بالقصير عليها وهى لازالت تائهه ينتظرها الجرسون وهى يزداد شعورها بالحرج والإرتباك فينظر إليها مايكل متسائلاْ

ياترى اختارتى ؟

فتبتسم وعينيها تبحث فى القائمة بلا فائدة ثم تنظر اليه متسائلة

هو فى هنا سمك فيليه ؟

فيهز رأسه مؤكدا

بالتأكيد

فتشعر بالراحه قائلة

اختار سمك فيليه وشوربه ( سى فود )

دون الجرسون طلباتهما وتمنى لهم قضاء وقت طيب وانصرف

نظر اليها مايكل متسائلاْ

انت لسه زعلانه من الحوار اللى دار بينا عن مصر؟



فتهز اميره رأسها فى نفى قائلة

اكيد لأ انت أتكلمت عن وضع شوفته ولمسته ..انا ممكن اضايقت اكثر من دكتور محسن وايهاب لانى كنت بحس بالسخريه فى كلامهم وانا مابحبش اللى بيسخر من وطنه مهما كان

فيعود مايكل بظهره للوراء وينظر إليها قائلاْ

من خلال معرفتى بالعرب وخاصة بالمصريين إكتشفت أن فى فرق جوهرى كبير فى التفكير بينا

فنظرت إليه أميره بإهتمام متسائلة

وياترى أيه هو؟

فيومأ مايكل برأسه قائلاْ

انتم عاطفيين زياده عن اللزوم ..بتقيموا الامور بالعاطفه اكثر من العقل

فتدافع أميره عن نفسها بثقة

مااعتقدشى ان عيب انى اكون بحب بلدى واضايق لما حد يسخر منها وخاصة لو كان مصرى ودى بلده زى ماهى بلدى.

النقد لا يقلل من حبك للشخص ..او للوطن ..احنا مثلا بننقد دائما النظام والحكومه لو حسينا انهم بيوجهوا البلد نحو المسار الخطأ
...
فتوضح له أميرة قائلة

فى فرق بين النقد والسخريه ..انتم مثلا هنا بتنقدوا النظام والحكومه وبتقدروا تغيروا من مسارها زى ما حصل فى انتخابات الكونجرس سنه 2006 .

وسحبتوا الكونجرس من الجمهورين بعد إثبات فشلهم فى ادارة البلد وكذبهم فى حرب العراق ...لما أوهموا الشعب الأمريكى إن فى أسلحه نوويه فى العراق بتهدد أمن أمريكا وأثبت عكس ذلك..

أما احنا للاسف بننقد ونسخر من اجل النقد والسخريه فقط من غير ما حد يقدم حلول او يساعد فى التغيير.

فيرمقها مايكل بنظرات متأمله قائلاْ

من الواضح انك مهتمه بالسياسه.

انا مهتمه ببلدى وبحبها ومن رأيى لو صلح الوضع السياسى فى أى بلد أكيد حايكون فى إصلاح فى مختلف المجلات ...القيادة الحكيمه هى إللى بتعبر بالبلاد إلى بر الأمان.

بس انت نموذج ممتاز لبلدك ...متغربه عن اسرتك واهلك من اجل العلم ..أنا بحترم جدا امثالك من الشباب .

صدقنى يا دكتور مايكل فى نماذج كثير افضل منى فى مصر من شباب مبدعين ومتفوقين علميا وفكريا ْ...بس للاسف مافيش فرص كافيه للشباب عشان يقدروا يثبتوا ذاتهم ويحققوا أحلامهم وطموحاتهم....

والدليل أن فى نماذج كثير لشباب قدروا يحققوا إنجازات عظيمه لما إتيحت لهم الفرصة فى الخارج.

فيتفق معها مايكل ويؤكد على كلامها قائلاْ

انا بالفعل اشرفت على طلبه من بلدان ناميه كثير..انا نفسى كنت مبهور بذكائهم وكنت بتسائل ازاى بلدهم ناميه وهى عندها عناصر ممتازه مثلهم

فتأخذ أميره نفساْ عميقاْ وتنظر إليه قائلة

الاجابه على السؤال ده محتاجه مجلدات بس ممكن نختصرها فى كلمتين ..الديموقراطيه والعداله الاجتماعيه وتستطرد قائلة

لو بصينا على معظم الدول الناميه حنلاقى ان معظمها دول تغيب عنها الديموقراطيه ماعدا تقريبا دوله واحده وهى الهند واعتقد ان الهند فى طريقها حاليا لطريق الاصلاح وانها تعدل من نفسها

فيهز مايكل رأسه موافقاْ على كلامها

اتفق معاكى...وياترى فى ديموقراطيه فى مصر؟

ديموقراطيه ناقصه ..ما أقدرشى أنكر ان الوضع فى مصر أفضل كثير من دول ثانيه ..بس لسه قدامنا كثير جدا عشان نكون دولة بتمارس فيها الديموقراطيه الحقيقيه..

.بس المشكله الحاليه إللى بتعانى منها مصر ...إن شعبها أصبح تائه فاقد الأمل ..
فى شعور عام باليأس والإحباط وعدم الثقه فى المستقبل .

..فقدوا إيمانهم بقدرتهم على أنهم ممكن يساهموا فى أى تغيير وأن الوضع الحالى هو أفضل وضع لأن أى تغيير حايكون أسوأ.

فيومأ برأسه قائلاْ

بس ده أكيد يرجع لثقافة المجتمع العامه عندكم


ثقافة مكتسبه مش أصيله فى الشعب المصرى والدليل لما تقرأ فى تاريخ مصر حتلاقى أن الشعب ياما ثار وعبر عن رأيه وقدر فعلاْ أنه يغيرالأوضاع الخاطئه إللى كانت قائمه ..

الشعب المصرى إللى ساند عرابى وسعد زغلول ومصطفى كامل وغيرهم من زعماء وثوريين قدروا بصوتهم أنهم يغيروا تاريخ مصر

تنهدت تنهيده عميقه واستطردت وهى تتحدث بحماسة وإقتناع قائلة

.أعتقد أن الأمل الوحيد فى مصر هو ظهور بطل وزعيم حقيقى يقدر يعيد الأمل والحماسه فى الشعب المصرى من ثانى ..أحنا مفتقدين القدوة الحقيقيه عشان كده أصبحنا تايهين ومنقسمين

.ثم تضحك قائلة

عارف الحاجه الوحيده اللى أصبحت بتوحد الشعب المصرى هى كرة القدم

فيعقد مايكل حاجبيه فى دهشة مردداْ

كرة القدم!

فتؤكد أميره قائلة

كرة القدم هى الشئ الوحيد اللى بيوحد الشعب المصرى وممكن تكون هى الشئ الوحيد إللى ممكن فعلاْ تفرحه .

.لو حصل والمنتخب مثلاْ حصل على بطولة كأس أفريقيا ..ياه ممكن الشعب مش ينام من الفرحه مع أن ممكن يكون عنده هموم أصلاْ ما يستحملهاش بشر
....
بس يفرح عشان المنتخب فاز وحصل على اللقب وينام راضى وسعيد وكأن كل مشاكله اتحلت.

فيتسائل مايكل بدهشة

مافيش حد مهتم بالسياسة

فتجيبه أميرة قائلة

الثقافه السياسيه مش ليها وجود فعلى فى مصر ..عادة الناس بتهتم بمشاكلها الخاصة أكثر من إهتمامها بإصلاح الوضع العام

قام مايكل بإشعال سيجاره وسحب منها نفساْ قوياْ ونظر إليها قائلاْ

هنا فى أمريكا عادة بنهتم بتعليم الطلبة فى المدارس المشاركه فى الحياه السياسية وبنشجعهم على الإهتمام والإندماج فيها لكن نسبة كبيره من الأمريكان لا يهتمون بالسياسة فى الواقع

....لكن بعد أحداث 11 سبتمبر وما أعقبها من الحروب والأزمه الأقتصاديه بدأ نسبه كبيره منهم فى المشاركه والإهتمام والرغبة فى التغيير .

وأتمنى أن يكون فى تغيير حقيقى وهو ده الأمل حالياْ فى القيادة الجديده.

فتهز أميره رأسها مؤكده

وهو ده أمل كل الشعوب حالياْ فى أمريكا.

فنظر مايكل إلى الطعام قائلاْ بدعابة

الحديث معك ممتع حقاْ ولكن أخشى أن نتحدث وننسى أن نأكل فالوقت يمر بسرعه فائقه ..وأشار إليها بيده كى تبدأ فى تناول طعامها

فإبتسمت أميرة والتقطت الشوكه والسكينه وبدأت فى تقطيع قطعة السمك الفيليه...

وأثناء تناولهما للطعام لمحت جاكلين وهى تدخل المطعم وهى تصطحب شاب يبدو أنه يصغرها بأكثر من عشرين عاماْ ..

.راقبتها وهى تجلس على إحدى الطاولات وقد بدا عليها من حركاتها الغير متزنه أنها مخمورة ..شعرت بالأسى من أجلها وأصابها الإحباط لأنها لم تنفذ وعدها وعادت مرة أخرى إلى حياتها الضائعة.

وما أن رأتها جاكلين حتى رفعت كأسها لتحييها صائحة بصوت محشرج شاذاْ

هاى أميره

ولكن أميره تجاهلت الرد عليها وأستمرت فى تناول طعامها دون أن تهتم بوجودها.

كانت ليله رائعه سعدت بها أميره كثيراْ تحدثا فى كل شئ عن السياسة والبحث العلمى والفن ....أبهرها ثقافته وعلمه وأستفادت من آراءه ونصائحه لها فى مجال البحث العلمى ووعدها بتقديم المساعده لها فى أى وقت تحتاجه فيه .


قام بتوصيلها الى المنزل وبعد ان شكرته وغادرت سيارته فوجئت بايهاب امامها لم يتحدث اليها بل ظلت ملامح وجهه جامده و نظر اليها نظره أثارت ضيقها وإبتعد عن طريقها دون أن ينطق بكلمة واحده.

شعرت أميره بالضيق من نظرته تلك إليها .... وكأنها نظرة تأنيب وعتاب ولكنها عادت ولامت نفسها لإهتمامها به فهو لا يعنيها فى شئ وأكملت طريقها نحو شقتها وهى تمنى نفسها بالنوم والراحة بعد يوم طويل شاق ومرهق. ...


فى الصباح الباكر استيقظ يحيى من نومه فى موعده اليومى .. والقى بنظره على عبير التى كانت مستغرقة فى نوم عميق همس اليها بصوت هادئ

عبير ..عبير

ولكنها لم ترد عليه واستدارت عنه واكملت نومها

نهض من الفراش وخرج من الغرفة بهدوء واتجه نحو المطبخ. اعد لنفسه كوب كبير من القهوه وجلس فى غرفة المعيشه.

نظر إلى مكتبة الاغانى الخاصه به أراد الاستماع الى احدى اغانى فيروز كما اعتاد ان يفعل كل صباح ولكنه قاوم رغبته و تراجع حتى لاتعيد عليه الذكريات..

فقد قرر ان يمنح حياته مع عبير الفرصة كامله حتى تنجح.

..دخل غرفة المكتب وقام بسحب احدى الكتب من مكتبته وعاد إلى غرفة المعيشه وظل يقرأ فيه اثناء تناوله لكوب القهوة .

.إستغرق فى القراءة لساعات ثم نظر فى ساعة يده ليجدها العاشرة صباحا ..وضع الكتاب جانبا وعاد الى عبير اقترب من الفراش وألقى بنظرة عليها

... ليجدها لازالت مستغرقه فى النوم تردد قليلاْ ولكنه قرر أن يوقظها حتى تجلس معه ويتحدثان معاْ

جلس بجوارها على الفراش..أقترب منها وهمس برفق وهو يضع يده على ذراعها قائلاْ

عبير ..عبير

فقامت عبير بازاحة يده عنها قائلة بتذمر

ايه فى ايه يايحيى عايزه انام

فنظر اليها قائلاْ

انا بقالى اكثر من خمس ساعات قاعد لوحدى ..تعالى نتكلم مع بعض شويه.
ييه نتكلم ايه دلوقتى ..انا عايزه انام ...لما اصحى براحتى من نومى نبقى نتكلم زى ما أنت عايز

رمقها بنظرة عتاب وتنهد قائلاْ فى إستسلام

براحتك ..أنا آسف أنى أزعجتك

ونهض من على الفراش ليغادر الحجرة لكى تنام براحتها كما تريد
فصاحت قائلة

لو سمحت وانت خارج اقفل الباب وراك ومش ترجع تصحينى ثانى... سيبنى اصحى براحتى

رمقها بنظرة طويله ثم أغلق الباب برفق

عاد يحيى ليجلس وحده فى غرفة المعيشه فتح التلفاز ليشاهد باقة من البرامج السخيفة ثم اغلقه والقى بالريموت جانبا

..نظر مرة اخرى الى مكتبة الاغانى ولكنه قاوم رغبته ونهض وعاد الى غرفة النوم وهو يتسحب بهدوء حتى لا يوقظها واخرج من الدولاب الخاص به ملابسه وخرج ليرتديها فى غرفة المعيشه وترك لها ورقة يخبرها بانه ذهب الى الجريده
.
جلس حاتم على مكتبه يراجع المقاله اليوميه الخاصه به فيدخل عليه يحيى ويجلس فى المقعد المواجه له دون ان ينطق بكلمة واحده ..حدق به حاتم لحظات ثم قال

واضح انك مضايق من حاجه ..خير ؟

هز يحيى راسه وأجابه بنبره بائسه

ابداْ..حاسس بملل

بعد اسبوع واحد من الزواج وحاسس بملل ..ده رقم قياسى ..عاده بعد شهر بنحس بملل مش اسبوع

أخرج يحيى زفرة قصيرة وقد بدا عليه اليأس وخيبة الأمل قائلاْ

انا بحاول أعمل كل اللى اقدر عليه عشان حياتى مع عبير تنجح... بس للاسف حاسس انها مش قادره تساعدنى ..ولا قادره تفهمنى .

ثم يخرج تنهيده عميقه ويستطرد قائلاْ

امبارح بليل اتكلمت معاها وقولتلها انا بحب لما اصحى من النوم انك تصحى معايا ونتكلم مع بعض ..نبدأ يومنا ونحضر الفطار ونشرب القهوة مع بعض ..رحبت بالفكره واتحمست ليها

لكن لما صحيت الصبح وحاولت انى اصحيها ثارت وطلبت منى انى اسيبها تنام براحتها ...بصراحه اضايقت.

فيصيح حاتم معاتباْ

يابنى بطل الرومانسيه بتاعتك دى وعيش الواقع ..قال عايزها تصحى معاك الصبح وتقعدوا تتكلموا ...دا انت رايق

فيهز يحيى رأسه قائلاْ

وفيها ايه بس لما احب ان زوجتى تشاركنى كل لحظه بقضيها فى حياتى

فيها انك مغفل ..يعنى انت فاكر انها حاتكلم معاك فى شغلك ولا فى السياسه وأحوال البلد ولا حتى الشعر والادب والاغانى القديمه اللى انت غاويها ...كل كلامها حايكون مجرد صداع وخساره لجيبك

ثم يبدأ فى التحدث بلهجة نسائية وهو يقوم بدور الزوجه

امبارح وانا خارجه يا حبيبى شوفت فستان تحفه فى المحل الفولانى ....بصراحه عجبنى جدا وكنت حاموت عليه ..

ثم يعود إلى نبرة صوته ويستطرد قائلاْ

طبعا لازم انت ترد وتقولها بعد الشر عليكى يا حبيبتى من الموت وتسألها زى البطل الهمام ثمن الفستان كام .

.ومهما كان ثمنه لازم تطلع من جيبك بكل هدوء ثمنه و بالابتسامه العريضه والا يومك مش حايعدى على خير ..

الا بقى تقولك.... ماما بتشتكى انك مش بتزورها ولا بتشترى ليها هدايا ..او زوج صحبتها الفولانيه اشترى خاتم الماظ هديه ليها فى عيد ميلادها

...وطبعا هى مش اقل من صحبتها ولا انت اقل من زوج صحبتها ربنا يسامحه ولازم فى عيد ميلادها تشترى ليها خاتم مش يقل بأى حال من الاحوال عن خاتم صحبتها وياسلام بقى لو كان أغلى وأقيم .

الا بقى هتدوشك بمشاكل هايفه حصلت لصحباتها وجيرانها..مين إتخانقت مع مين ومين أتجوز مين وغيره من هيافات ووجع دماغ .

فلا يروق ليحى كلامه قائلاْ

مافيش فايده فيك يا حاتم..لازم تسخر من كل شئ

فيؤكد له حاتم بثقة

بكره تشوف بنفسك

فيهز يحيى رأسه فى إستسلام ثم ينظر إليه متسائلاْ

المهم قولى اخبارك انت ايه؟

لا جديد بحاول اخلص فى الروايه الجديده بس مش ليه نفس حاسس انى فاقد اى رغبه ليه فى الكتابه ...أحداث الروايه كلها فى دماغى بس ماعنديش أى حماس أنى أكتب

ليه مافيش ملهمه جديده ..صحيح انت لسه ماتعرفشى ليه الملهمه الاخيره
اللى بصراحه تعبت من انى اعدهم سابتك ليه؟

لاه ومش عايز اعرف ..هى اللى خسرانه

بحسدك على قدرتك على النسيان..

فيضع حاتم ساقاْ فوق الأخرى قائلاْ

النسيان احسن نعمه ربنا انعم بيها على الانسان

بس انت كان واضح أنك متعلق بيها

فيهز حاتم رأسه مؤكداْ

فعلاْ لكنها قررت انها تبعد ...اعمل ايه ؟؟..اروح اقف تحت شباكها واغنى شحات الغرام...هى حره

ربنا يهديك يا حاتم

ادعى بس ربنا يهدينى لملهمه جديده عشان ترجع ليه الحماسه للكتابه من ثانى . أنت عارف صحبك ما بيعرفشى يبدع إلا وهو فى حالة حب.


بعد أن عاد عمر من عمله فى المساء خرج مسرعاْ إلى شرفته وهو يمنى نفسه بأن يرى ياسمين كما أعتاد كل يوم

..إنتظرها تخرج إلى شرفتها ودقات قلبه المتصارعه تتسابق مع اللحظات والثوانى ..كم أوحشته ..يفتقدها وكأنه مر على آخر مرة رآها فيها أيام وشهور وليس بضع ساعات قليلة..

حتى لمحها خارجة من البيت وهى تصطحب فى يدها أخيها الصغير هيثم.

شعر بقلبه يقفز من بين ضلوعه ليلحق بها .....لم يشعر بنفسه إلا وهو يركض مسرعاْ كى يلحق بها فلن يحتمل ألا يراها ويتحدث معها الليله.

اسرع من خطواته ليلحق بها حتى تدخل الحديقه فيسرع ويدخل ورائها

...تركت هيثم ليلعب ويلهو و جلست على احدى المقاعد تراقبه فى هدوء.

أقترب منها عمر وتصنع المفاجأه لرؤيتها قائلاْ

ياسمين مش معقول صدفه جميله

نظرت اليه ياسمين متسائلة بدهشة

عمر!! أنت بتعمل أيه هنا فى حديقة الاطفال؟

تلفت عمر حوله ليكتشف أنه فى حديقة خاصة بالأطفال.... فأرتبك قليلاْ وأخذ يفكر فى سبب مقنع

ولكنه جلس بجوارها وقد بدا كالطفل الصغير الذى يجلس منكس الرأس بجوار والدته يشعر بالذنب لأنه تسبب فى كسر إحدى الأنتيكات القيمة ويخشى غضبها

...وبدون أن ينظر إليها قال لها بصوت غلب عليه الحرج وكأنه مذنب يعترف بذنبه فى خجل طامعاْ فى الغفران

الحقيقه انا مشيت وراكى ومش صدفه ولا حاجه

ابتسمت ياسمين وهى ترمقه بنظراتها ثم مالت برأسها نحوه قليلاْ قائلة

عارفه لانى لمحتك وانت ماشى ورايا

فهنا رفع رأسه ونظر فى عينيها بعينيه المفعمة بنظرات التمنى والرجاء ...بدا وكأنه يقاوم رغبة تلح عليه بإصرار وهو يخشى الإستسلام إليها ثم صمت قليلاْ

وغاب بناظريه عنها وهو يحدق فى الأطفال وهم يلعبون بكل حيوية ونشاط وكأنه يبث فى نفسه الشجاعة ثم أخذ نفساْ عميقاْ وعاد لينظر إليها قائلاْ

ياسمين انا عايز أعترف ليكى بحاجه

فسألته ببرائة مصطنعه

عايز تعترف بأيه؟

نظر فى عينيها وكأنه يستمد الشجاعة من نظراتها التى كانت ترسل له إشارات تشجعه على الكلام وبصوت دافئ نابع من القلب يعترف لها قائلاْ

أنا من أول مره شوفتك فيها حسيت بأحاسيس غريبه أول مره احسها فى حياتى ...من أول يوم اتعرفت عليكى فيه وانا بقيت عايز اشوفك كل يوم .

..نفسى اتكلم معاكى طول الوقت ...كل ساعه وكل ثانيه ...لو مر يوم من غير مااشوفك بحس ان فى حاجه كبيره جدا نقصانى .

.وبكون مضايق ومش بقدر انام ..حتى لما بكون فى الشغل بفكر فيكى معظم الوقت ...
.وباتمنى ان الوقت يمر بسرعه عشان ارجع البيت واشوفك ..

ولما بشوفك بحس بسعاده وراحه كأنى ملكت الدنيا بأديه ومش بتمنى اكثر من انى أبص فى عنيكى واشوف ابتسامتك الرقيقه الصافيه

....انا عارف ان ممكن كلامى ده يضايقك ..وممكن يحرمنى من أجمل لحظات بعيشها فى حياتى

بس صدقينى حاولت كثير انى اقاوم بس ماقدرتش ..اعجابى بيكى والرابط الخفى إللى كان بيشدنى ليكى.... كان اكبر من محاولاتى ...

تأملته ياسمين للحظات وهى تتسائل وقد بدا على ملامحها التأثر بكلامه

ليه كنت بتحاول انك تقاوم؟

فيتنهد عمر تنهيده عميقه نابعه من قلبه ويجيبها بصوت تملك نبراته الخوف

لانى خوفت من انك تضايقى او افقدك لاى سبب من الاسباب

تصمت ياسمين وهى تنظر فى الأرض ..

.تأملها عمر بنظرات قلقة وصوت متردد
يسألها

ياترى من حقى أنى أطمع فى انى اسمع ردك على كلامى ولا تفضلى السكوت وانا حافهم لوحدى وصدقينى انا آسف لو كنت سببت ليكى اى ضيق او إحراج ..بس مشاعرى كانت اقوى منى .

فترفع ياسمين رأسها وتنظر إليه قائلة

اعتقد انهم بيقولوا ان السكوت علامة الرضا ..وانا بفضل السكوت

فيحدق بها عمر وهو يحاول أن يستوعب كلامها متسائلاْ

يعنى افهم انك مضايقه من مشاعرى ناحيتك

فتهز رأسها فى نفى

يعنى انت مرحبه بيها

فتهز راسها فى ايجاب

يعنى

فتقاطعه ياسمين وتنهض قائلة

يعنى انا كمان زيك بالضبط وتتركه وتهرول فى خجل نحو اخيها

فلا يصدق عمر نفسه ويبدو عليه التأثر وينهض وراءها ويقترب منها قائلاْ

انا....ولكن ياسمين تقاطعه وهى تنظر اليه قائلة

مش محتاجه اسمع منك ثانى اى كلام لانى سمعت بقلبى كل حاجه عايز تقولها ...

ويكفى انى اقولك انك ممكن تقابل بابا فى اى وقت تحدده

وتنده على هيثم حتى يعودا الى البيت وتلقى بنظره أخيره على عمر والإبتسامة الرقيقة العذبه تنر وجهها وتنسحب بهدوء من الحديقه.


كانت رجاء فى طريقها الى البيت بعد أن أنهت ساعات عملها ..وأثناء سيرها فى الطريق تمر على محل خاص بفساتين الزفاف والسهرة التى كانت دوماْ تمر عليه فى طريقها عند عودتها من العمل
وتقف أمام فساتين الزفاف تتسائل متى سترتدى فستانها.

تقف امام فاترينه المحل تنظر إلى ثوب الزفاف الابيض كان بداخلها مشاعر مضطربه ..لا تعرف لما لا تشعر بالسعاده مع انها طالما حلمت باليوم الذى تدخل فيه المحل كى تختار فستان زفافها الخاص بها

.....كانت الفرحه مخنوقة بداخلها بل ميته .

دخلت المحل وقفت أمام إحدى الفساتين وسألت الفتاة التى تعمل بالمحل عن ثمنه..فأجابتها الفتاة قائلة

للأسف يا آنسه الفستان ده مقاسه صغير عليكى

فتسألها رجاء

مافيش مقاسات أكبر منه؟

بصراحه الموديل ده مش حايكون مناسب ليكى لأنك مليانه من الجناب والوسط

وشكل الفستان العام عليكى مش حايكون مناسب

أستقبلت رجاء كلامها كالصفعة على وجهها وشعرت بالضيق

ثم تشير الفتاة إلى موديل آخر وتحدثها قائلة

أما الموديل ده حايكون مناسب لجسمك أكثر

فتنظر إليه رجاء قائلة

بس الموديل ده مش عاجبنى

فتهز الفتاة رأسها قائلة

بس هو اللى حايكون مناسب لجسمك اكثر

ابتسمت رجاء فى حسرة وهى تحدث نفسها فى صمت

يالسخرية القدر حتى فستان زفافى ليس لى الحق فى أختياره كما أريد.

خرجت من المحل وهى تشعر بحزن عميق بداخلها تشعر بعجزها على الاختيار ...فهى بداخلها لا تشعر برغبتها فى قبول الزواج من فؤاد

....تخشى الحياه معه ...تخشى أن تجد نفسها صورة أخرى من حياة والدتها البارده ..ولكنها تشعر بعجزها على الرفض ..

تخشى أن يكون ليس من حقها أن تختار ..فهى تحلم بحياة أخرى غير التى يعرضها عليها فؤاد ..

.تحلم بزوج يحبها وتحبه يكون بينهما رباط مقدس ورغبة مشتركه فى التعاون معاْ لنجاح حياتهما ..تحلم بقلب يضم قلبها المتعطش للحب

....لزوج يسمعها كلمات غزل ..تلك الكلمات التى لم تسمعها من قبل ..وطالما حلمت أن تسمعها ...هل تحلم بالمستحيل ؟ أم أنها ليس لديها الحق فى الحلم

وبدون أن تشعر وجدت قدميها تسير بها نحو مكتب حاتم منصور بالجريدة التى يعمل بها ..

وقفت أمام المبنى وهى تنظر إلى نافذة مكتبه بنظرات حسره وألم ...
.
حتى فوجئت به أمامها حدقت به وهى لاتصدق نفسها ..أنها امامه وهو امامها تنظر اليه وينظر اليها ..ودت أن تستسلم اليه وتلقى بجسدها الحزين بين ذراعيه وتبكى وتبكى عسى أن يريحها البكاء من تلك الحيرة التى تغرق فيها.

ولكنها فوجئت به يتجاهلها تماما ولا كأنه يعرفها ...وأكمل طريقه وركب سيارته وانطلق دون حتى أن يلقى عليها نظرة واحده

أصابتها الدهشة المشوبة بخيبة الامل وتسائلت فى حسره وهى لاتصدق

هل حقا نساها حاتم منصور بتلك السرعة ..أم أنها لم تقابله فى الواقع وكل ما حدث كان مجرد تخيلات وآحلام يقظه عاشتها فى خيالها..

لاه لاه يمكن ماهذا الهراء فأنا لست مجنونه

ولكنه لم يتعرف عليها... لم يبدو عليه أنه يعرفها ...هل حقا نساها أم تجاهلها ؟؟؟

عادت إلى المنزل وهى يتملكها شعور بالاحباط والانهيار التام ..سمعت صوت فؤاد يتحدث مع والدها فى غرفة الضيوف ..شعرت بالضيق عندما سمعت صوته ودخلت غرفتها والقت بجسدها على فراشها وهى تتسائل

كيف يمكن ان تتزوج من شخص لا ترغب حتى فى رؤيته ؟

دخلت عليها فريده قائلة

رجاء يا حبيبتى غيرى هدومك والبسى فستان شيك وتعالى عشان تقابلى خطيبك

فنظرت اليها رجاء باستسلام قائلة

حاضر يا ماما حاعمل كل اللى انتم عايزينه

فلم يروق لفريده لهجتها

فاقتربت منها وهى ترمقها بنظرات قلق متسائلة

مالك يا حبيبتى مش شايفه ليه الفرحه فى عيونك ولهجتك كلها يأس مع أنك عروسه والمفروض أنك تكونى سعيده.

فنظرت اليها رجاء بعينيها الباكية متسائلة

وهل انا من حقى انى افرح او احزن يا ماما؟

فزاد قلق فريده واقتربت منها اكثر وجلست بجوارها على الفراش وهى ترمقها بنظراتها الحانية متسائلة

ليه بتقولى كده ؟

فهنا إنهارت رجاء وصاحت بصوت باكى

لانى مش سعيده ولا راضيه على اللى بيحصلى... بس مش فى اديه حاجه غير انى اسكت واستسلم من غير ما حد يحس بالنار والالم اللى قايدين فيه.

ياه نار والم ليه يارجاء فى ايه ؟

فى انى كان نفسى اكون بنت عاديه زى كل البنات ..عشان يكون من حقى الاختيار ..أنا عارفه انى انا مش جميله بالعكس انا اقل من العاديه بس هو الجمال هو المقياس الوحيد للبنت وهو اللى بيديها الثقه فى نفسها ؟

تسائلت بحسره وصوت يعبر عن الألم الذى تعانى منه
.
لاه يا حبيبتى الجمال وحده مش المقياس والدليل ان فى بنات وستات كثير نجحوا فى حياتهم وكسبوا حب واحترام كل اللى حوليهم وهما بيفتقروا للجمال بس كان عندهم ثقه فى نفسهم .

فنظرت إليها رجاء بصوت متمنى قائلة

كان نفسى يكون عندى ثقه فى نفسى

ليه ياحبيبتى انت انسانه ناجحه فى شغلك وكلنا بنحبك

بس حاسه انى عاجزه انى احقق اهم حلم فى حياتى وهو انى اتزوج من شاب يحبنى ..يحب رجاء الانسانه يحس بيها وبمشاعرها ..يعاملها كأنها أنثى ..نفسى احس انى أنثى فهمانى يا ماما .

فرمقتها فريده بنظرات شفقة وصمتت قليلاْ ثم سألتها بصوت الأم القلق

رجاء يا حبيبتى انت مش مقتنعه بفؤاد؟

فأومأت برأسها فى حسرة متسائلة بنبرة حملت الشك

يعنى يهمك انك تعرفى رأيى يا ماما؟

طبعا يا حبيبتى يهمنى رأيك.

فأخدت نفساْ عميقاْ وهزت رأسها فى حيرة وردت عليها قائلة

انا نفسى مش عارفه ..انا كل اللى انا عارفاه وحاسه بيه انى مش سعيده ولا فرحانه ..بالعكس حاسه بغضب من كل شئ بيحصل حوليه وحاسه بعجزى عن انى ادافع عن نفسى وعن أحلامى.

يا حبيبتى لو مش عاجبك يبقى ارفضى انت من حقك الرفض او القبول ..دى حياتك وده قرارك مع انى شيفاه زوج مناسب ..رجل محترم ومستقبله كويس ووضعه المادى والاجتماعى جيد يعنى عريس مناسب

فتصيح رجاء بإنفعال

بس مش فيه اهم حاجه انا بدور عليها وهو انه يعاملنى كأنثى وزوجه بيحبها ومقتنع بيها مش مجرد زوجه تخدمه وتلبى رغباته .

فهنا صمتت فريده وكأن رجاء داست بكل قوتها على جرحها وكأنها تتحدث عن حياتها مع رأفت ..

سادت فترة من الصمت والحزن يخيم على وجوههما ..فريده التى تحزن على واقعها وهذا الكابوس الذى تحياه كل يوم وكل ساعه مع رأفت

..ورجاء التى تخشى أن تكون حياتها مثل والدتها وتعيش هى الأخرى تلك الآلام وهذا الواقع المرير الذى يرفضه عقلها وطبيعتها الحالمه.

فنظرت فريده إليها وبحماسه تشجعها قائلة

رجاء يا حبيبتى دى حياتك ولو مش مقتنعه خلاص ارفضى ده من حقك

فهزت رأسها بحسرة

يعنى بابا حايسمح ليه انى ارفض

ومايقدرشى انه يغصب عليكى

خلينا واقعيين ياماما يعنى انا لو رفضته ممكن حد ثانى يتقدم ليه

رجاء يا حبيبتى انا حاقولك الكلام ده لاول مره بس لازم اقوله لان هو ده وقته ممكن الكلام يضايقك بس كمان ممكن انه يساعدك على اتخاذ القرار المناسب

انا لما اتجوزت من والد ايهاب وعمر كان اختيارى وكان اجمل اختيار ..عيشت معاه اجمل ايام عمرى بس للاسف كانت ايام قصيره ومات فجأه فى حادثة عربيه

وسابنى لوحدى ارمله صغيره معاها ولدين ساعتها ما كنشى فى اى حل قدامى غير انى اتزوج من ثانى ....لانى كنت فاكره ان لازم يكون فى حياتى رجل يحمينى ويساعدنى على تربية اولادى

ودفعت ثمن تفكيرى ده لما اتزوجت من والدك .

الزواج مش هو الحمايه الوحيده للبنت ولا هو أقصى أمل ليها فى الحياة ..بالعكس ممكن يكون الزواج هو نهاية لحياتها لو كان الاختيار خاطئ ومش مناسب ليها

..أنا عارفه انك مريتى بتجارب قاسيه لما كان العرسان اللى بيتقدموا بيرفضوكى وكنت بتتعذبى نفسيا وبتنجرحى بس بيكون جرح مؤقت بياخد وقته وبيلم وبتنسيه

اما لو اتزوجتى من شخص انت من جواكى رفضاه وعندك شك انك حاتكونى سعيده معاه..جرحك ساعتها حايعيش معاكى للابد

...رجاء أنا عايزاكى يكون عندك ثقه فى نفسك اكثر من كده وتدافعى عن حقك فى الحياه ..مش عايزاكى تكونى صورة ثانيه منى .إلا الإستسلام يارجاء بيكون نهايته صعبه وقاسيه قوى ..صدقينى أنا لأنى عايشه فيه

ثم تمسح عن رجاء دموعها بيديها وتلمس على شعرها برفق وتبتسم قائلة

غيرى هدومك واٌقعدى ثانى مع فؤاد ولو حسيتى انك رفضاه يبقى ارفضيه ومايهمكيش اى حد المهم انك تكونى مقتنعه بقرارك.

فنظرت إليها رجاء بنظرات حائرة وهى تتمنى أن تمتلك الشجاعه وتستطيع أن تصل إلى القرار الذى لاتندم عليه

ودخلت رجاء حجرة الصالون وجلست على الاريكه ووجهها جامدا لاينم على أى تعبير

فصاح رأفت قائلا

نسيبكم مع بعض عشان تتكلموا براحتكم ثم أشار لفريده بيده كى تتركهما معاْ

فنظرت فريده إلى رجاء وهى تشجعها وتبتسم إبتسامة حانيه وتتركها وحدها معه.

نظر فؤاد إلى رجاء متسائلاْ

اتمنى انك تكونى فكرتى ووصلتى لقرار يا اخت رجاء.... انا زى ما أنت عارفه مستعجل واتمنى انى انتهى من موضوع الارتباط قبل سفرى

فسألته رجاء

يعنى لو حصل ورفضت الارتباط بيك حاتعمل ايه؟

فبكل ثقة وبلا تردد يجيبها قائلاْ

ولا حاجه فى اكثر من عروسه مرشحه ليه وانا بالفعل كنت مرتب انا حابدأ بمين ثم مين

ياه انت عامل حسابك على كل حاجه

يا اخت رجاء الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك وان وقتى ضيق

فكرت رجاء لآخر مره كانت تحس نفسها على الشجاعه والنطق بقرارها ولكنها صمتت قليلا

وأخذت قراراتها تناطح بعضها البعض برأسها وكأنها داخل حلبة للمصارعة

ثم نظرت اليه قائلة

وانا موافقة .


بينما كانت أميره فى طريقها فى الصباح الباكر إلى المعمل كى تتأكد من سلامة نتائج التجربه الخاصة بها لمحت شيئاْ جذب إنتباهها ...فأقتربت بترقب حتى فوجئت....؟