الأربعاء، 30 يوليو 2008

الفصل التاسع والعشرون من دماء على جسر الحب

فيزداد أرتباك خالد وهو ينظر إلى شوقى وعينيه كادت أن تصرخ أرجوك أصمت.

فينظر شوقى إلى خالد . ثم ينظر إلى رنين قائلاْ

هل تريدين أن تعلمى ماذا أفعل من أجل راحتكما ؟

حسناْ سوف أقول لك...

فيصيح خالد فى شوقى بعصبيه قائلاْ

أعتقد أننى قد قلت لك من قبل بأننى مشغول الآن مع رنين.

فيبتسم شوقى فى خبث قائلاْ

وأنا سوف أنصرف الآن لأننى ليس لدى ما أقوله قد يكون فى وقت لاحق ولكن ليس الآن فشوقى دائماْ يختار الوقت المناسب ليقول ما يريده. ثم ينظر إلى رنين قائلاْ

غداْ سوف تعلمين كم أنا مخلص لهذه العائله ودوماْ أعمل لصالحها . ثم يضحك فى خبث ويغادر المكتب.

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة وتنظر إلى خالد متسائلة

ماذا يقصد بهذا الكلام ؟ ولما يتحدث بتلك الطريقة الغريبة؟

فيصيح خالد بعصبية قائلاْ

أنا لا أعلم بأى طريقة تريدينه أن يتحدث ؟

فتنظر رنين إلى خالد فى صمت وقد بدت على ملامحها الدهشة فهو لأول مرة

يتحدث معها بتلك العصبيه .

فيشعر خالد بالندم فيأخذ نفساْ عميقاْ وينظر إليها قائلاْ

رنين أرجوكى سامحيننى . فأنا مرهق جدا تلك الأيام ولذلك فأنا عصبى بعض الشئ.

فتنظر إليه رنين فى ترقب وتجيبه قائلة

لست غاضبة منك ولكننى سوف أعود إلى البيت فلا جدوى من وجودى هنا.

فينظر إليها خالد فى تأثر وبصوت حائر مهموم يحدثها قائلاْ

سوف أعود معك إلى البيت فأنا مرهق حقاْ وأحتاج أن أرتاح بعض الشئ.

وعلى مائدة الغذاء تجتمع العائلة . شكرى الشايب وخالد ورنين يتناولون الطعام. خالد

يجلس كعادته شارد الفكر عينيه يسكنها الحزن و ملامحه حائرة مكتئبة يتناول طعامه فى صمت ورنين تتأمله فى ترقب وعيناها حائرة غاضبة هائجة تريد أن تعلم ما به ما سر تغيره؟ ما الذى يشغله ويحيره ويجعله مهموماْ هكذا؟ فمن تراه الآن ويجلس أمامها ليس خالد الذى تعرفه . خالد حبيبها وزوجها بل أنه شخص آخر مهموم حزين يتعذب عيناه تكاد أن تبكى ...نعم فهى تشعر به تكاد أن ترى الدموع تسكن عينيه كلما نظرت إليهما. ولكن ماذا تفعل وهو يرفض أن يبوح لها بما يقلقه ويؤرقه وهذا ما يزيد من عذابها .

ويلاحظ شكرى ذلك التغيير ويندهش لهذا الصمت الذى يسود المكان فلم يعتاد على ذلك فمنذ متى وخالد ورنين يكفان عن الكلام والضحك معاْ!!!!

فيراقبهما فى صمت وينظر إلى خالد ويلاحظ هذا التغيير الذى طرأ عليه فهو يبدو مهموماْ حزيناْ. فيراوده القلق على ابنه متسائلاْ

خالد ما بك أنك تبدو ليس على ما يرام؟

فيجيب عليه خالد قائلاْ
لا يا أبى لا شئ أننى بخير ولكن كل ما فى الأمر أننى مرهق بعض الشئ من العمل .
فيومأ شكرى برأسه قائلاْ
أنا لا أفهم لماذا ترهق نفسك هكذا فى الشركة ؟ فأنا أريدك أن ترتاح ولا تقسو على

نفسك فأنت أهم عندى من الشغل والمؤسسة .فأنت تحمل نفسك أكثر مما يجب وترهق نفسك كثيراْ وأخشى أن يصيبك مكروه لا قدر الله.

فيبتسم خالد تلك الأبتسامة الباهتة قائلاْ
لا تقلق على يا أبى فأنا بخير فينظر بعد ذلك إلى رنين ليجدها ترمقه بنظرات شك فى صحة ما يدعيه فيتهرب من ملاقاة عينيها وينشغل بالطعام وكأنه يخشى من أن تقرأ فى عينيه كذبه ومحاولة لإخفاء الحقيقة.

فرنين يراودها إحساس خفى بأن هناك شيئاْ يؤرق خالد غير العمل ولكم تود معرفته حتى ترتاح فما هو ذلك الشئ ؟؟

ولماذا يخفيه خالد عنها؟ تساؤلات وتساؤلات تدور فى ذهنها ولكنها لا تجد إجابة عليها . وكعادتها دائماْ سوف تترك الأمور للأقدار فليس بيديها شيئاْ كى تفعله غير الأنتظار والصمت فلن يفيد الكلام بشئ . فخالد لا يصارحها بما يشغله وكما ترى فهو لا ينوى أن يصارحها به.

كل ذلك وخالد يلاحظ تلك التساؤلات التى تشغل تفكير رنين . فعيناها تحاوره دائماْ متسائلة ماذا بك؟ ما الذى تخفيه عنى ؟ ولكنه لا يملك سوى الصمت فما الذى بيده كى يفعله؟ فهو يتعذب يخشى أن يفقدها ...يفقد هذا الحلم الذى يعيشه فهو نفسه حتى الآن لم يستعيد توازنه بعد تلك الصدمة ومعرفته بما فعله شوقى ...فماذا سيكون رد فعل رنين لو علمت الحقيقة؟؟؟؟

تقرر رنين السفر إلى الأسكندريه فهى فى حاجة إلى أن تبتعد بعض الوقت عن خالد.

فالأيام تمر بلا جديد بل أنها تشعر بأنه كلما مر الوقت كلما زاد البعد بينهما ولذلك قررت الهرب بعيداْ عنه حتى تريح نفسها من هذا العذاب وتعطيه الفرصة ليفكر مع نفسه ويحدد ماذا يريد.

فتنظر رنين إلى الهاتف فى تردد ولكنها تقاوم ترددها وترفع السماعة وتتصل بخالد فما أن يرد عليها حتى تخبره قائلة بصوت مضطرب

خالد أنا سأسافر إلى الأسكندرية فى قطار الساعة الثالثة عصراْ.

فما أن يسمع خالد ذلك حتى يصمت برهة قصيرة من الوقت وكأنه يحاول أن يستوعب ما قالته تواْ إليه . فلم يكن يتوقع أن تبتعد عنه رنين يوماْ بعد زواجهما فيحدثها بصوت خافت حزين قائلاْ

لا أعرف ماذا أقول لك ولكن لماذا تريدين السفر فهل صدر منى شيئاْ قد أغضبك منى دون أن أقصد؟

فتغمض رنين عينيها فى أستسلام لحزنها قائلة
لا بل أنا محتاجة لأن أكون مع نفسى بعض الوقت بعيداْ عن هنا.

فيرد عليها خالد بصوت يتملكه الشجن هادئ النبرات هذه هى المرة الأولى التى تبتعدين فيها عنى منذ زواجنا.

فتأخذ رنين نفس عميق وتجيبه قائلة
قد نكون معاْ جسداْ ولكننا مفترقين روحاْ وقد يكون قلباْ أيضاْ

فيصمت خالد وينكس رأسه محدثاْ نفسه فى صمت

آهن لو تعلمين كم أتعذب الآن يا حبيبتى ولكننى لا أملك من أمرى شيئاْ.

فلا تجد رنين فائدة فهى لا ترى منه سوى هذا الصمت القاتل الذى كاد أن يفقدها صوابها . فتودعه وهى بالكاد تحبس دموعها الهائجة من الأنطلاق.

وتلحق رنين بالقطار وتجلس كعادتها بجوار النافذة فتتذكر تلك المرة التى كانت مسافرة فيها إلى أسرتها عندما كانت متزوجة من عادل ولحق بها خالد حتى لا تسافر وحدها.

فتومأ برأسها فى سخرية من حال القدر معها . فهاهى الأيام تمر وتدور بها فقد كانت فى المرة السابقة تهرب من حب خالد إليها ومطاردته لها وهاهى الآن تهرب من بعده وتهربه منها. فتسلم رأسها لخلفية المقعد الذى تجلس عليه وهى تسخر من حالها فالأيام تدور بها وتلعب معها ومن يدرى ماذا فى جعبة الأيام فتغمض عينيها فى أستسلام حتى تشعر بشخص يجلس فى المقعد المواجه لها فما أن تفتح عينيها حتى تفاجأ بخالد يجلس أمامها . فتنر الأبتسامة وجهها وهى لا تصدق متسائلة

خالد ماذا تفعل هنا؟

فيحتويها خالد بنظراته الوالعة بحبها قائلاْ

لم أستطع تحمل فكرة أنك سوف تسافرين وحدك هكذا فقد ملكنى القلق عليكى وتذكرت كيف لمت المرحوم عادل عندما تركك تسافرين وحدك فى المرة السابقة ولحقت بك وأنا أعلم من أنك سوف تصديننى ولكننى لم أستطع أن أمنع نفسى مع أننى كنت على يقين من أنك سوف تثورين فى وجهى قائلة أغرب عن وجهى أيها الأحمق فقد مللت منك ومن مطاردتك لى فى كل مكان ولم أشعر بنفسى اليوم إلا وأنا أقود سيارتى بجنون حتى ألحق بك وأجلس أمامك حتى لا يجلس هنا من يضايقك ولن أخفى عليك كما حدث أيضاْ فى المرة السابقة فليس معى تذكرة ولا أدرى ماذا أفعل؟

فتتسع أبتسامة رنين على طريقته فى تقليدها

فيصيح خالد فى سعادة قائلاْ أخيراْ عادت إلى رنين حبيبتى فما أسعدنى الآن.

فتومأ رنين برأسها قائلة لن تتغير أبداْ ستظل دائماْ خالد الطفل.

فيمسك خالد يديها وعينيه تحتويها بحبه قائلاْ وخالد الطفل يحتاج إليك ولا يريدك أن تفارقيه مهما كان السبب لأن فى ذلك نهايته . فأنا أحبك لدرجة الجنون وبدونك لن أعيش ومجرد شكك فى حبى إليك فيه نهايتى . فلا تملك رنين أمام كلامه هذا غير الإستسلام إليه فى سكون وتبتسم قائلة

خالد هل مازلت تحبنى أم قد قل الحب بعد الزواج وبعد أن أصبحت زوجتك وملك يديك.

فيأخذ خالد نفس عميق ينم عن حزنه الدفين بداخله وحيرته فهو فى صراع بين أن يقول لها الحقيقة أم يخفيها إلى الأبد لتظل تعذبه هو وحده لا غير. ثم ينظر فى عينيها بحب قائلاْ

رنين لا يوجد أى كلام مهما كان يستطيع أن يعبر عن حب حقيقى يخرج من القلب فالحب أقوى من أن تعبر عنه الكلمات فمهما قلت لن أستطيع أن أعبر عما بداخلى نحوك. يكفى أن تشعرين به وتحسين به فى كل نفس يخرج منى وهو يتغنى باسمك فيكفى أن أقولك لك أننى أحسب عمرى منذ لحظة لقائك فحتى الآن مازلت أتذكر ذلك اليوم الذى رأيتك فيه لأول مرة فى الأقصر .أتذكر نظراتك إلى تلك النظرة التى رودت قلبى وعلمته الطاعه بعد أن كان دوماْ يعلن العصيان . علمنى حبك كيف يكون بحق الأنسان كيف أشعر وكيف أتألم وكيف أعشق حتى العذاب طالما أتعذب لإنسان يستحق منى أن أتعذب من أجله.

فتنظر إليه رنين فى تأثر متسائلة
ولما تتعذب الآن . أستطيع أن أفهم سر عذابك من قبل ولكننى لا أفهم ما سرعذابك الآن . خالد أنا أشعر بك تتعذب أرى دوماْ الدموع تسكن عينيك أبحث عن خالد حبيبى عسى أن أجده ولكننى لا أجد سوى سراب وهذا يعذبنى لأننى لا أستطيع أن أفهم.

خالد أعلم أنك تحبنى ولكن الحب هو أسمى عاطفة عرفتها البشرية فهى عاطفة تربط بين قلبين حبيبين يسعدان معاْ ويتعذبان معاْ فالحب الحقيقى لا يعرف الفردية أو الأنانية لما لا تشاركنى همك لما لا تحكى لى عما يشغلك فقد أساعدك على مواجهة ما يعذبك .

فينظر إليها خالد وعينيه يسكنها الحيرة يحدث نفسه فى صمت قائلاْ
ما يشغلنى قد يدمر حياتنا معاْ ففيه نهايتى ونهايتك نهاية أجمل حب جمع بين قلبين لم يعرفان من قبل معنى الحب ولكنه ولد بينهما وجمع بينهما ليعيشان معاْ أجمل أيام العمر ولكن هذا الحب صار مهدد بالفناء سوف يحكم عليه بالموت لو علمتين الحقيقة. تلك الحقيقة التى لم أكن أعرف عنها شيئاْ ولم يكن لى دخل فيها ولا فى وجودها. آهن يا رنين لو علمتى الحقيقة فلن تمر أبداْ بسلام.

فتحدق رنين فى عينيه بصمت تحاول أن تقرأ أفكاره فهى صارت على يقين من وجود شيئاْ ما يؤرقه ويخفيه عنها ولكنها لا تستطيع أن تخمن ما هو هذا الشئ فعقلها يعجز عن أكتشافه ومعرفته.

فينظر إليها خالد فى تردد ثم يمسك يديها وعينيه تترجاها فى توسل قائلاْ
رنين أرجوكى يجب أن توعديننى بأنك لن تتركيننى مهما كان .

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة متسائلة

ولماذا أتركك؟؟ خالد أنا أحبك .....أحبك حتى أكثر من الحب ذاته . هل سمعت يوماْ أن الشمس أبت أن تشرق يوماْ أو أن الأرض قد كفت عن الدوران أو أن مياه البحر جفت . فحبى إليك حقيقة دائمه مثل تلك الحقائق التى لا يمكن أن تتغير ...فلا تشك لحظة فى حبى إليك فأنا لن أتتركك مهما حدث لأننى لن أحيا بدونك.

ولكنك يجب أن تخبرنى بما يشغلك هذا هو حقى عليك . ثم تنظر فى عينيه بتوسل قائلة خالد أن كنت حقاْ غالية عليك وأنا أعلم بأننى حبيبتك وأغلى شئ فى حياتك يجب أن تصارحنى بكل ما يعذبك

فينظر إليها خالد فى حيره وشجن ثم يفكر برهة قصيرة ويحدثها قائلاْ

ولكن يجب أن توعديننى بأنك سوف تتفهمين حقيقة الموقف وألا تظلميننى .

فنؤكد عليه رنين قائلة بالطبع يا حبيبى وهل تشك لحظة واحده فى ذلك . ولكن يجب أن تصارحنى حتى نستطيع أن نواجه أى مشكلة تواجهنا فحبنا أقوى من أى صعاب مهما كانت لأنه حب حقيقى ينبع من القلب

فيهز خالد رأسه فى مؤكداْ نعم حبنا أقوى من أى صعاب وأنا لم أعد قادراْ على التفكير وتحمل هذا الحمل الثقيل وحدى فلم أعد قادر على كل هذا العذاب وكنت أتمنى أن أستطيع أن أجنبك معرفة الحقيقة حتى لا تتعذبين مثلى الآن ولكننى يا حبيبتى لم أعد أقدر على المقاومة وحدى وسوف أقول لك كل شئ عسى أن أن أجد فى ذلك الراحة بعد طول عذاب.رنين لقد علمت من فترة قصيرة بأن.....

ولكن خالد يصمت ولا يكمل لأن رنين فجأة قد وضعت يديها على رأسها وهى تحاول أن تتماسك وهى تنظر إلى خالد قائلة بصوت واهن خالد أنا أشعر بأن روحى تنسحب


منى ..........خالد .........؟.

الخميس، 24 يوليو 2008

الفصل الثامن والعشرون من دماء على جسر الحب

لا تجد رنين غير مريم صديقتها لتنقل إليها ظنونها عسى أن تجد معها حل لحيرتها تلك .


فما أن تحكى رنين إليها حتى تندهش مريم قائلة

ما هذا الهراء الذى تقولينه خالد ينشغل عنك ويتجنب لقائك !!!
لا يارنين لا تفكرين بهذه الطريقة .

فتصر رنين وتؤكد على ظنونها قائلة بصوت حائر تعب من التفكير

لا يا مريم أن الأمر خطير حقاْ فخالد قد تغير معى فقد كان من قبل لا يقدر على فراقى ساعات قليلة وكان يتصل بى أكثر من مرة فى اليوم الواحد بل كان فى بعض الأحيان يتصل بى مرة كل ساعة حتى يسمع صوتى ويطمئن على. وكان يحرص على تناول الغذاء معى مهما كانت ضغوط العمل ومشاغله وكان يشاركنى فى كل شئ ويحكى لى عن تفاصيل يومه دون أن يمل . ولكن الآن الأمر قد أختلف تماماْ فقد يمر يوماْ كاملاْ علينا ولا حتى أراه فيه ولا أسمع صوته . فلم يعد يأتى إلى البيت إلا بعد منتصف الليل وإذا لاحظ أن مصباح غرفة نومى مضاء يبقى فى حديقة القصر ولا يصعد إلى الغرفة حتى يتأكد من أننى قد نمت وكأنه لا يرغب فى رؤيتى والأغرب من ذلك هو أننى أشعر به طوال الليل يتقلب فى فراشه وكأن هناك شيئاْ ما يكدره ويؤرق نومه ولكننى لا أعلم ماهو.

فتحاول مريم أن تخفف عنها قلقها قائلة

لابد من أن هناك شيئاْ ما يشغله فى العمل. فلا داعى لقلقك هذا ولا تنسى ما يفعله خالد من مجهود لكى يثبت إليكى أنه رجل أعمال ناجح كما تودين . فليس من الهين ما يبذله خالد من مجهود حتى يعتمد على نفسه فى كل شئ ويدير معظم شئون الشركة فى هذا الوقت القصير.

فتهز رنين رأسها يميناْ ويساراْ وهى غير مقتنعة بهذا الكلام فهناك شعور خفى بداخلها يرفض هذا المبرر فتصر رنين على قلقها قائلة

لا يا مريم هناك شيئاْ آخر غير العمل يشغل خالد ويملك تفكيره بل ويبنى حاجز بيننا ولكن ما هو ذلك الشئ لا أدرى ...لا أدرى. ثم تصيح بصوت متألم ثائر وهى تمسك

رأسها بيديها قائلة

أشعر وكأن رأسى سوف تنفجر من التفكير أكاد أن أفقد عقلى .

فتحاول مريم تهدئتها قائلة بصوتها الحنون

لا يا رنين أياك وأن تسمحى لهذه الظنون أن تفسد عليك حياتك وتصل بك إلى هذه الدرجة من التوتر والقلق. فلا فائدة من كل ذلك فلن يجنى عليك تفكيرك هذا إلا العذاب وكفاكى يا صديقتى ما مر بك من قبل. يجب أن ترحمين نفسك من هذا العذاب فدعى تلك الظنون جانباْ ولا تدعيها تعكر عليك صفو حياتك . فخالد يحبك بجنون ولا أشك لحظة فى ذلك ولما إذن تحمل كل ما مر وصبر حتى تزوج منك فى النهاية فليس من السهل أن يضحى بهذا الحب مهما كان الأمر

ثم تبتسم وكأنها تحاول أن تخفف عنها قائلة
أنت فقط لم تتعودين على هذا الحب فرنين القديمة لازالت بداخلك فلا تدعيها تنتصر عليك وتفسد عليك سعادتك وتعكر صفو هذا الحب . فخالد يحبك ولا داعى للشك فى ذلك وأستمتعى بحياتك يا صديقتى القلقة دائماْ.

فتنظر إليها رنين وعينيها يملؤها الحيره فهى شبه متأكده بأن هناك شيئا ما يخيفه عنها خالد ولكن ما هو لاتدرى.

وتمر الأيام ورنين ظلت شاردة الفكر مستسلمة لتلك التساؤلات التى تحيرها وتشغل تفكيرها فقد مرت الليالى عليها وهى يعاندها النوم وظلت تتقلب فى فراشها وكأنها تترجى النوم أن يعطف عليها ويمن عليها بالنوم حتى يريحها من هذا التفكير الذى يعذبها ولكن لا فائدة فالنوم يعاندها كعادته دوماْ معها عندما تكون حائرة قلقه فتغادر فراشها وتخرج إلى الشرفة فيستقبلها النسيم بهمساته الباردة فيداعب خصلات شعرها برفق وكأنه يغازلها وهى مستسلمة إليه بلا مقاومة فترفع عينيها إلى السماء لتجد القمر كعادته يبتسم إليها فتنظر إليه بعينيها الحائرة متسائلة وهى

تناجيه قائلة

قل لى يا قمر ما الذى يشغل خالد عنى ؟ ألم تكن مرسالنا ......ألم يرسل من خلالك رسالته التى حملت لى حبه إلى ...ألم تشهد على حبنا الذى ولد أمام عينيك؟؟؟؟ نعم فأنت تراه الآن وتعلم مايشغله عنى . فلا تبخل على وقل لى الحقيقة حتى تريحنى من هذا العذاب الذى كاد أن يفتك بى .

ولكن فجأة تسود السماء الغيوم ويغطى القمر بتلك السحب ويختفى وراءها فتشعر رنين بإنقباض ويعتريها الخوف والقلق . لقد أختفى القمر قبل أن يجيب عليها وما هذه الغيوم فقد صارت السماء داكنة ملبدة بالغيوم والبرق يضئ ويشق السماء والرعد يدوى والريح يشتد صفيرها . فأين النسيم بهمساته الناعمة ؟ أين القمر بوجهه المضئ؟ أين النجوم المتلألأة فى السماء؟

فأخذت تدور حول نفسها فى قلق فقد هلعها ما حدث ففى ثوانى قليلة تغير الطقس من جو هادئ رومانسى خلاب إلى تلك الصورة حيث بدا لها مخيفاْ موحشاْ والبرق يضئ ويشق السماء والرعد يدوى فيبث الرعب فى قلبها والريح يشتد صفيرها وكأنها من شدتها ستقلع الأشجارمن جذورها فتهرول رنين مسرعة إلى الداخل وتغلق نافذة الشرفة وراءها وهى تصارع الخوف الذى تملكها . فتلقى بجسدها على فراشها وهى ترتعد وكأن رعشة مفاجأة قد أصابتها وهى تفكر كيف أن الطقس قد تغير فى ثوانى معدودة قليله . أيمكن أن يكون خالد قد تغير هو الآخر ؟

أيكون قد عاد مرة أخرى لما كان عليه من قبل؟؟؟؟

أهناك أمرأة أخرى غيرى فى حياته؟ أعاد للسهر ومغامراته السابقة؟ أيكون قد مل الحياة معى ؟ يا إلهى كن رحيماْ بى ففى ذلك نهايتى . ولكن كيف ذلك ومتى وخالد مشغول دائماْ فى الشركة ولم يفارقنى طيلة الفترة الماضية . فمتى حدث ذلك ؟

وكيف......كيف؟

لا يجب أن أضع حداْ لتلك الظنون فقد يصل بى التفكير إلى الجنون . آهن لو كانت ظنونى تلك هى الحقيقة ففى ذلك نهايتى. لاه يا خالد لا تفعل بى ذلك فأنا قد أحببتك بجنون وأنت من سعيت إلى هذا الحب . فلم أطلب منك أن تحبنى وأن تجعلنى أحبك حتى فى النهاية تتركنى وتعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه . أيمكن أن أكون مجرد نزوة فى حياتك

لعبة جديدة قد أعجبتك حتى مللتها . آهن لو كانت هذه هى الحقيقه . يا إلهى ماذا أفعل ؟ فلم أخطئ فى شئ حتى تكون هذه هى نهايتى . فقد قاومت حبه حتى النهاية وأنت كنت شاهد على ذلك . يارب كن بجانبى وهون على ما تخفيه لى الأيام.

حتى تقع عينيها على صورة زفافهما فتهب واقفة من على فراشها وتتجه نحوها حتى

تقف أمامها متسائلة وهى تحدث خالد قائلة

ترى ما هى الحقيقة يا خالد ؟؟؟ فأنا أكاد أن أقسم بأن هناك شيئاْ ما تخفيه عنى شيئاْ يقلقك ويعذبك ولكن ما هو لا أدرى. يا إلهى كم أخشى المجهول . ثم تتنهد وهى تنظر إلى صورة خالد وتحدثه بصوت حائر

حزين قائلة

خالد أنا أحبك وأخشى على هذا الحب أن يصيبه أى مكروه .. نعم أنا خائفة. يا إلهى هل سيظل الخوف يلازمنى طيلة حياتى ألن أسعد بما لدى من نعم أبداْ. لقد دفعت ثمناْ باهظاْ لهذا الخواء العاطفى الذى عشته فى طفولتى وصباى والآن أنا مهددة بضياع حبى من بين يدى . هذا الحب الذى أحيانى وجعلنى أشعر بوجودى وبكيانى وأعطانى الأمل فى أن أحيا حياة لم أكن أؤمن بوجودها. فهل سأبقى طيلة حياتى أعيش فى هذا القلق ألن أنعم بحياة هادئة ومستقرة ؟؟؟ هل مكتوب على الخوف والقلق دائماْ حتى وأنا سعيدة فى حياتى . لكم أكره هذا الخوف وأتمنى أن يختفى من حياتى إلى الأبد .....إلى الأبد.

ولكن لاه يجب أن أضع حداْ لتلك الظنون يجب أن أذهب لخالد الآن وأواجهه وأعرف منه حقيقة ما يشغله عنى ومهما كانت الحقيقة فيجب أن أعرفها وأواجهها بكل شجاعة . فمهما كانت فستكون أهون على من هذه الحيرة والتى كادت أن تفتك بى وتدمرنى.
وتذهب رنين إلى خالد فى مكتبه وتقف عند باب المكتب لتجده مشغولاْ كعادته أمام الأوراق التى يطالعها بأهتمام

فتنظر إليه فى صمت ودقات قلبها المتصارعة تتهافت وتزداد فى ترقب وقلق وقد ظلت واقفة فى مكانها دون أن تنطق بكلمة واحده تتأمل خالد فى صمت . حتى يرفع خالد رأسه عن الاوراق حتى يفاجأ بوجود رنين فيعقد حاجبيه فى دهشة متسائلاْ
رنين منذ متى وأنت هنا؟ ولما تقفين عندك هكذا ؟ فأنا لم أشعر بوجودك.

فتنظر إليه رنين بنظرة عتاب مشوبة بحيرة وقد تجمدت ملامح وجهها وتجيبه بصوت

منكسر حزين قائلة

أعتقد أنك لم تعد تشعر بوجودى وكأننى قد أختفيت من حياتك.

فينظر إليها خالد فى صمت فكيف يرد عليها ؟ ماذا يقول لها حتى يدافع عن نفسه أمامها؟ لا شئ .... لا شئ

فيفضل الصمت وعينيه يسكنها الإنكسار والألم .

فيزداد غضب رنين فصمته هذا يقودها إلى الجنون. أنه حتى لم يتفوه بكلمة واحده .

ماذا حدث؟ ما الذى جد عليه؟ ما سر صمته هذا؟ يا إلهى أن رأسى كاد أن ينفجر .

أن ظنونى تقتلنى فهلا رحمتنى من هذا العذاب؟؟؟؟؟

فيتنهد خالد ويسألها بصوت مرتبك قائلاْ

رنين لما تقفين هكذا ؟

فتأخذ رنين نفس عميق وتجيبه قائلة

أبداْ أحاول أن أكتشفك .... أتعرف عليك من جديد.

فيندهش خالد مردداْ تعرفيننى !!! ما معنى ذلك يا حبيبتى؟

فتجيبه رنين بصوت يحمل نبراته نبرة التحد وكأنها تتحدى الخوف الذى يمتلكها فهى تخشى نتيجة هذه المواجهة...تخشى مواجهة الحقيقة التى بدت واضحه أمامها الآن . فما تراه أمامها قد أكد إليها ظنونها فخالد قد أرتبك عند رؤيتها وكأنه لم يرغب فى

ذلك. فتحاول رنين أن تتغلب على آلامها قائلة

أحاول أن أعرف لماذا تغيرت معى؟ ولم تعد تشتاق إلى كما كنت من قبل.

فينهض خالد من على مكتبه ويتجه نحوها وعيناه تحاورها فى حب ممزوج بخوف .

فهو يخشى أن تعلم الحقيقة . فكلاْ منهما يخشى الحقيقة

ولا يملك خالد غير أن يمسك يديها وعيناه تحاورها فى أستعطاف قائلاْ

حبيبتى ماذا تقولين هل أقدر على فعل أى شئ يغضبك منى؟

فتنظر إليه رنين فى ترقب متسائلة خالد أمازلت تحبنى؟ أم قد أنتهى حبى من قلبك وما كنت إلا مجرد نزوة عابرة فى حياة خالد الشايب وسرعان ما أنتهت وعاد خالد إلى حياته السابقة .

وما أن يسمع خالد كلامها هذا حتى تنهار ملامحه وعيناه تحاورها فى أستنكار لا يصدق ما سمعه تواْ منها فيدافع عن حبه قائلاْ فى دهشة

لا أصدق ما أسمعه ...رنين ماذا تقولين ...أنت نزوة عابرة فى حياتى !!!! أحتى الآن مازلت تشكين فى حبى إليك ؟؟؟

ماذا أفعل حتى تتأكدين من أننى أحبك حقاْ؟ لقد غيرت حياتى كلها من أجلك تحديت نفسى قبل العالم من أجل نظرة رضا واحدة منك. تحملت كل هذا العذاب من أجل حبك وحتى عندما كان حبى هذا حب بدون أمل لم أيأس ولم أكف عن حبك . بل زاد حبك فى قلبى وتمكن منى أكثر وأكثر حتى صار كل حياتى كان حبك بالنسبة لى الحياة. فهو الهواء الذى أتنفسه وإذا حرمت منه أموت . وهو الروح التى تسكن جسدى وإن فارقتنى سأموت. وهو عينى التى أرى بها . فقد كان حبك هو الحياة .ثم يكمل وعينيه يسكنها الدموع وصوته يرتجف وكأنه يستعطفها قائلاْ

رنين أنت حياتى . فحبك هو من علمنى الحياة بمعانيها الحقيقية التى كنت غافلاْ عنها . رنين حبك لم ولن يكون أبداْ مجرد نزوة عابرة لأنه هو الحقيقة الوحيدة فى حياتى . آهن لو تعلمين كم عذبنى حبك وكم تعذبنى الآن نظرة الشك تلك التى أراها تسكن عينيك . رنين أنت أغلى عندى من نفسى فلا تشكين لحظة واحدة فى حبى إليك. فهو لم ولن ينضب أبداْ من قلبى حتى آخر العمر فهو نبض قلبى . فإن توقف قلبى عن النبض فى تلك اللحظة فقط سيتوقف حبك فى قلبى الذى يسكن جسدى . بينما روحى فستتغنى بحبك دوماْ لأن حبك أقوى من الموت.

فتأخذ رنين نفس عميق وكأنها تحاول أن تصدق ما تسمعه فعيناه تشع صدقاْ ولكنها مازالت تشعر بأن هناك شيئاْ ما يخفيه عنها خالد ويقف حاجزاْ بينهما. ولكن ما هو ؟ لا تدرى


حتى يدخل شوقى عليهما قائلاْ وفى يده بعض الأوراق
هذه هى أوراق...... ثم يقطع كلامه عندما يرى رنين فينظر إليها بعينيه الخبيثة

قائلاْ لم أكن أعلم بوجودك هنا..........؟

فينظر إليه خالد والقلق يكاد أن يفتك به خوفاْ من أن يخبرها شوقى بشئ.

بينما تنظر رنين إليه بتلك النظرات المستنكره قائلة

وهل يضايقك ذلك فى شئ؟ أنها شركة زوجى ومن حقى أن أزوره فى أى وقت أريده . أم أنك ترى غير ذلك؟

فيزداد قلق خالد وهو ينظر إلى شوقى وينتظر رد فعله

فيضحك شوقى بخبث قائلاْ

بالطبع أعلم أنها شركة زوجك . ولا مانع عندى أبداْ فى وجودك هنا طالما لا تتدخلين فى شئون الشركة . لأن ذلك ليس من أختصاصك ولا أعتقد أنك تفهمين شيئاْ فى الأدارة والأعمال أليس كذلك؟

فيزداد غضب رنين ثم تنظر إلى خالد تنتظر منه أن يرد على شوقى .

ولكن خالد يتهرب من ملاقاة عينيها وينظر إلى شوقى قائلاْ

شوقى كما ترى فأنا الآن مع رنين فأى شئ تريد أن تناقشه معى يمكن أن يؤجل لوقت لاحق.

فيبتسم شوقى فى دهاء قائلاْ

بالطبع أى شئ ممكن يؤجل طالما سنرضى رنين هانم. فأنا دائماْ فىالخدمة ولا أريد سوى راحتكما وسعادتكما كما دوماْ أفعل . ثم ينظر إلى خالد بنظرة ذات معنى قائلاْ

أليس كذلك يا خالد؟؟؟

فتحدق رنين فى وجهه بدهشة وهى لا تعى ماذا يقصد متسائلة

ماذا تقصد بهذا الكلام ماذا فعلت من أجل سعادتنا وراحتنا؟؟

الخميس، 17 يوليو 2008

الفصل السابع والعشرون من دماء على جسر الحب

يحدق شكرى فى وجه رنين برهة قصيرة من الوقت قبل أن يتحدث قائلاْ

سوف أعود إلى مكتبى فورائى الكثير من الأعمال . فهنا مكان عمل ولا يوجد هنا أى مجال للدلع أو للكسل . ثم يرمق خالد بنظرات ذات مغزى ويتركهما ويغادر المكتب.

فتنظر رنين إلى خالد فى دهشة متسائلة

ما به وماذا يقصد بكلامه هذا؟

فيحاول خالد أن يحتوى الموقف . فيقترب منها وهو يحتويها بنظراته التى تنم عن حبه
وشوقه إليها قائلاْ

لا تشغلين بالك أنت بهذه الأشياء التافهة. وتضيعين علينا أجمل لحظة فى كلام لن يفيد. ثم يرمقها بنظراته الوالعة بحبه إليها قائلاْ

كم أفتقدتك فكلما أبتعدت عنك أشعر وكأن روحى قد فارقتنى . ففى كل مرة تغيبين فيها عن عينى أخشى ألا أراكى مرة أخرى ويتملكنى القلق حتى ألقاكى وأشعر بأنفاسك تلامس وجهى ويديك تحتضن يدى فأشعر بالأمان وأنك معى وأما عينى .

فتنظر رنين فى عينيه بحب وتجيبه قائلة

لا تقل ذلك يا حبيبى فلا تسمح للقلق والخوف أن يفسد علينا سعادتنا . فأنا لك وأنت لى ولن يفرق بيننا أى شئ مهما كان حتى الموت . فستبقى أرواحنا معاْ .

فيضمها خالد بشدة وكأنه يخشى أن تضيع منه قائلاْ ياليتك تعلمين كم أحبك وسأظل أحبك للأبد.

فتجيبه رنين قائلة أعلم يا حبيبى وثق فى أننى أحبك كما تحبنى ولا تخشى شيئاْ فالحب الذى يجمعنا أقوى من أن يموت.

وفى المساء تجلس رنين فى حديقة القصر بين الزهور والخضرة فهى تعشق الطبيعة وخاصة الزهور فهى تجد سلوتها وهى تجلس وحولها الزهور برحيقها المنعش وألوانها البراقة فأستسلمت رنين إلى هذا الجمال لتغوص فيه بخيالها وهى تستمتع بجمال الأغصان المحملة بالزهوربألوانها البراقة وهى تتمايل مع هبات النسيم الذى يبدو وكأنه يغازلها وهى تتمايل عنه فى إستيحاء والقمر يبسط نوره الهادئ على الأغصان ليعكس ضيه جمالها .

حتى ينضم إليها شكرى الشايب فما أن تراه رنين وهو مقبلاْ عليها حتى تشعر بخفقان قلبها وإضطرابها . فيجلس شكرى فى المقعد المواجه إليها قائلاْ بصوته الأجش الصارم الثابت النبرات

أنا ألاحظ أنك دوماْ تفضلين الجلوس هنا ترى ما السر فى ذلك؟

فتحاول رنين التغلب على إضرابها وتجيبه وهى تحاول أن تشغل عينيها بجمال الزهور قائلة

أننى أعشق الطبيعة وخاصة الخضرة فأنا أجد نفسى هنا ودائماْ ما أغوص بخيالى فى بحور هذا الجمال.

فوضع شكرى ساقاْ فوق الأخرى وهو يمط شفتيه وهو يبدو عليه غير آبه بما تقول متسائلاْ

أين خالد ؟ فأنا لا أراه معك وأنا لا أعتاد على رؤيته بعيد عنك فهو منذ أن تزوج بك وهو لا يفارقك وكأنك تسحرين إليه. يلقى شكرى بتلك الكلمات دون النظر إلى رنين.

ففاجئتها كلماته هذه وأخذت تحدق فى وجهه برهة قصيرة من الوقت وعلى وجهها علامات عدم التصديق تحاول أن تستوعب ما قاله . هل هو يتهمها بأنها تسحر لخالد؟

هل وصل به التفكير إلى هذا المستوى المتدنى؟
أنا لا أصدق. فحاولت أن تتغاضى عن إهانته تلك إليها وردت عليه بهدوء مشوب بنبرة تحد قائلة

أنه سحر الحب الذى سحر قلوبنا منذ أن ألتقينا ولم يكن ذلك بأيدينا وأعتقد أنك تعلم جيداْ أننى قد قاومت هذا الحب منذ البداية ولكن القدر أراد لحبنا أن يكتمل ويتوج بالزواج ولم يكن لى أى دخل فى ذلك.

فأخذ شكرى يحدق فى وجهها برهة من الوقت فى حين بقيت هى جالسة أمامه فى ثبات دون أن تخفض بصرها بل أصرت على أن تقابل نظراته هذة إليها بنظرات إصرار وتصميم . فهى منذ أن تزوجت من خالد وهى تشعر بوجود حاجز بينهما وأنه يعاملها بتحفظ بعض الشئ ولكنها كانت تتغاضى عن ذلك فطالما خالد يحبها ويسعى دائماْ لأرضاءها فلماذا تشغل تفكيرها بوالده . ولكن السؤال الذى يدور فى ذهنها الآن ماذا يريد منى شكرى الشايب؟ وما سر جلوسه معى الآن ترى هل يريد أن يفاتحنى فى أمر ما؟ أم أن هناك شيئاْ آخر؟ لا أدرى ولكن كل ما أشعر به الآن هو القلق والخوف أخشى مما سيقوله لى.

فبدت ملامح القلق والشرود تظلل وجهها وهى تحاول أن تخفى إضطرابها متسائلة

أعتقد أنك تريد أن تتحدث معى فى أمر ما ؟ هل أنا محقة فى ذلك؟

فيصطنع شكرى إبتسامة غير حقيقية على وجهه قائلاْ أكثر ما يعجبنى بك هو ذكائك . أنا بالفعل أريد أن أتحدث معك .

فتسأله رنين فى ترقب قائلة عن أى شئ؟

فمط شكرى شفتيه قائلاْ فى برود مصطنع عن تلك الملاجئ والجمعيات الخيرية التى تهدرين مالى عليها لقد تحدثت مع خالد فى الأمر ولكنه يبدو لم يأبه بكلامى ومازال مستمراْ فى هدر أموالى التى عانيت حتى أجمعها . وهو يصر على أهدارها على تلك الجمعيات وأعتقد أنك أنت وراء كل ذلك أليس كذلك؟

فتنظر إليه رنين فى دهشة قائلة

أهذا هو الأمر إذن !!!

ولكننى لا أفهم ما سر غضبك هكذا ؟ أنا لا أفهم ماذا تريد منا أن نفعل ؟ هل نمتنع عن مساعدة المحتاجين !!! فهذا فرض علينا وليس منة منا عليهم . فنحن إذا لم نفعل ذلك سيعاقبنا الله فى الآخرة ألا تعلم ذلك؟؟؟؟

فهب شكرى من فوق مقعده غاضباْ وهو يحدثها قائلاْ

كيف تجرئين على التحدث إلى على هذا النحو ؟ أنا الآن تأكدت من أنك وراء ذلك الهراء الذى يقوم به خالد . أنا لا أعرف ماذا تريدين إلا تحمدين ربك على ما أنت فيه !! أنك الآن زوجة لابن أكبر رجل أعمال ألا تعلمين ما معنى ذلك؟ ومن أنت حتى تعلميننى ما يجب على أن أفعله؟

قال ذلك وهو يحدقها بنظرات ناريه مشيراْ إليها بسبابته أسمعى أنت هنا فى مملكة شكرى الشايب أنا هنا من يأمر ويحكم وأنت يجب أن تعلمين حدودك فى عالمى هذا الذى صنعته وحدى ولن أسمح بأن يأتى اليوم الذى تعلمنى فيه فتاة مثلك ما الذى يجب علي عمله.

فترد عليه رنين بتحد قائلة أنا أعرف حدودى جيداْولست بحاجه لمن يعرفنى إياها. كما أن مملكتك هذه لا تعنينى بشئ ولولا أننى أحببت خالد ما كنت تزوجته فلم يهمنى أنه خالد ابن شكرى الشايب بل ما همنى هو أنه خالد الذى يحبنى وأحبه كما لا تغضب هكذا من أجل إنفاق بعض المال على أعمال الخير لأن ما أنفقناه سبرد علينا بملاين مضاعفة من الثواب فى الآخرة والرحمة بنا فى الدنيا. وأنا لا أفهم ما سر غضبك هذا؟؟؟؟ أكل ذلك من أجل بضعة آلاف لن تضرك بشئ !!. لقد أنفقنا أنا وخالد أكثر من هذا المبلغ فى حفل زواجنا وشهر العسل عندما كنا نظوف بلدان العالم . أعتقد يا شكرى بك أن الأمر أكبر من ذلك فما الذى يقلقك منى ؟ وياليتك تكون صريحاْ معى حتى أستطيع أن أفهمك.

فيحدق بها شكرى وعينيه تقذفها بنظراته النارية قائلاْ أبتعدى عن مملكتى فلن أسمح لك بأقتحامها ولا أريد أن أراكى مرة أخرى فى الشركة ولا تتدخلين فى أمورها وخاصة الموظفين وهذا إنذار . فأنت لم تقابلين بعد شكرى الشايب غول السوق والأفضل لك ألا تقابلينه ويتركها وينصرف.

فتسمرت رنين واجمة فى مكانها تحاول أن تستوعب ما قاله لها تواْ.

كل ذلك وقد كان خالد يقف فى شرفة حجرة النوم يراقب ما يحدث وقد بدا على وجهه

القلق والخوف من نتيجه هذا الحوار. ويذهب ليلتقى برنين قائلاْ

رنين أرجوك لا تغضبين من أبى . فهو رجل طيب ويحبك ثقى بى ولكنه يحب عمله ولم يروق له تدخلك فى شئون الشركة هذا كل ما فى الأمر وأرجوكى أن قال لك أى شئ قد أغضبك سامحينه . فأنت زوجتى وحبيبتى وهو أبى لا أحب أن تتوتر العلاقة بينكما فلن أحتمل ذلك.

فتحاول رنين أن تتماسك أمام خالد وأن تتظاهر بأنه لم تشعر بالضيق من كلام شكرى إليها قائلة

خالد حبيبى والدك فى مقام أبى ومهما قال لن أغضب منه ويكفى أنه أبيك حتى أغفر إليه أى أساءة .

فيرمقها خالد بنظراته الحانية قائلاْ

رنين لا أريد أى شئ مهما حدث أن يعكر علينا صفو حياتنا . فأنا أحبك ومؤمن بكل ما تؤمنين به ولا أريدك أن تشكين لحظة واحدة فى ذلك.

فتبتسم رنين قائلة أعلم يا حبيبى كل ذلك ولا تقلق فلن يؤثر أى شئ مهما كان على حبى إليك وكما وعدتك من قبل سأظل أحبك حتى آخر قطرة فى عمرى . فحبنا حتى أقوى من الموت.

وفى المكتب يجلس خالد مع شوقى يتناقشان فى تفاصيل الصفقة الجديدة التى سوف تخوضها الشركة

فيتحدث خالد قائلاْ فى حماس

أتمنى أن ترسى علينا هذه الصفقة فهى هامة حقاْ فأذا فزنا بها فستغطى تكاليف خسارتنا فى الصفقة السابقة.

فيمط شوقى شفتيه قائلاْ فى ثقة

لا أطمئن فهى أصبحت ملكنا بالفعل.

فيندهش خالد متسائلاْ لما أنت متأكد هكذا . فنحن لم نسلم كراسة المناقصة بعد فمن أين لك بهذة الثقة؟

فيضع شوقى ساقاْ فوق الأخرى قائلاْ بثقة

لأنها أصبحت ملكنا بالفعل.

فتزداد دهشة خالد مردداْ أنا لا أفهمك ماذا تقصد بأنها أصبحت ملكنا بالفعل؟

فيرد عليه شوقى فى برود قائلاْ لا يهم أن تفهمنى فكل ما يهمك هو أن تكون الصفقة ملكك وأنا وظيفتى هنا أن أحقق لك ذلك ودوماْ كنت أنجح فى هذا الأمر.

أليس كذلك؟؟؟؟

فيحدق خالد فى وجهه بإستنكار متسائلاْ

أليس من حقى أن أعرف كيف تدار أعمالى!!!!

فيضحك شوقى تلك الضحكة التى تنم على خبثه ودهائه قائلاْ

هذا الأمر أكبر منك وخاصة الآن.

فيسأله خالد بترقب هل تقوم بأعمال غير قانونية؟ أتتبع أساليب ملتوية فى إدارة الشركة؟

فيضحك شوقى ساخراْ من خالد قائلاْ


فى عملنا هذا لا يوجد فرق بين القانونى واللا قانونى. فالمهم هو أن تحصل على ما تريد وأن تكون الفائز فى النهاية حتى تمتلك السوق بلا منازع. ودوماْ كنا ننجح فى ذلك.

فيرمقه خالد بنظرات إستنكار قائلاْ

أنا لا أحب أن تدار أعمالى بتلك الطريقة وذلك الأسلوب الرخيص فأنا أحب أن تكون أعمالى سليمة بعيدة عن تلك الألاعيب الملتوية فقد كانت رنين على حق عندما كانت تشك فى طريقتك فى إدارة الشركة .

فيضحك شوقى ساخراْ . وخالد ينظر إليه فى دهشة وهو لا يفهم ما الذى يضحكه هكذا ؟

متسائلاْ ما الذى يضحكك هكذا؟؟

فيقترب شوقى من خالد ويواجهه وجها لوجه قائلاْ له فى تحد

لولا تلك الأساليب ما كانت رنين هذة زوجتك الآن يا خالد بك...........

فيعقد خالد حاجبيه فى دهشة وترتسم على وجهه ملامح الأستنكار متسائلاْ

ما هذا الهراء الذى تقوله؟؟ ما علاقة زواجى برنين بهذا الأمر؟؟؟؟؟

فيرد عليه شوقى قائلاْ بصوته الخبيث أنسيت كيف كانت حالتك قبل أن تتزوج بها ؟؟؟؟

فقد قلت لى أنك على أستعداد لتفعل أى شئ فى سبيل زواجك منها وقد حققت لك رغبتك كما أعتدت دوماْ أن أفعل.

ولا تظهر لى الدهشة وجهلك بالأمر فقد قلت لك بأننى سوف أساعدك فى الزواح منها وأنه لو كان زوجها هو العقبة بينكما فلا تهتم به وأعتقد أن كلامى معك كان واضحاْ ومفهوماْ جيداْ ومعنى ذلك أنك شريك معى فى قتل عادل . ولك أن تتخيل ماذا سيكون شعور رنين عندما تعلم بأنك أنت قاتل عادل زوجها ولا تنسى مقولتلك لى بأنك على أستعداد لفعل أى شئ فى سبيل الزواج منها مهما كلفك الأمر . فالأفضل لك ألا تعبس معى وأن أبقى صديقك أفضل من أن أصبح عدواْ لك لأننى لا أستسلم بسهولة

ثم يرمقه بنظراته الخبيثة الكريهة من أسفل إلى أعلى ثم يضحك ضحكة مخيفة قائلاْ

أنك ما زلت صغيراْ على اللعب مع الكبار يا خالد .ثم يتركه ويغادر المكتب.

فيتسمر خالد فى مكانه مصدوماْ لا يصدق ما سمعه تواْ هل هو قاتل عادل؟ يا ألهى ما هذا الكابوس.

أنا لا أصدق عادل ...أنا...كيف؟ آهن لو علمت رنين بهذه الكارثة فسوف تنتهى حياتى . نعم فالموت عندى أهون من أن تعلم بأننى لى يد فى موت عادل. ثم يطلق صيحة حزينة حائرة وهو يحدث نفسه قائلاْ

ولكننى لم أقتله ولم أفكر يوماْ فى موته. إلا الموت ..إلا الموت. وكيف سأعيش بعد الآن بعد أن علمت بأننى كنت سبب فى موت أنسان برئ لم يكن له ذنب فى أننى أحببت رنين. يا ألهى أنا لا أصدق هذا الكابوس كيف سأواجه رنين وأنا حتى عاجزاْ عن مواجهة نفسى. آه لو علمت رنين بذلك سوف تكرهنى وتكره اليوم الذى قابلتنى فيه. ولكننى برئ نعم برئ يارب كن معى فأنت الوحيد الذى تعلم الحقيقة . ماهذا الجحيم الذى ألقانى فيه شوقى ؟؟؟؟

وينهار على مقعده وهو يكاد أن يفقد عقله الذى لايزال غير قادراْ على أستيعاب ما سمعه تواْ من شوقى وهو يفكر كيف ستكون حياته بعد أن علم الحقيقة ؟ ورنين كيف سيواجهها بعد الآن؟؟؟؟؟؟

ويعود خالد إلى القصر وهو مهموماْ حزيناْ يفكر فيما قاله شوقى متسائلاْ ما العمل لو علمت رنين بأننى أنا وراء مقتل زوجها ؟ أنها بلا شك سوف تحتقرنى ومهما كان حبها لى سينهار هذا الحب وستبقى دماء عادل عائقاْ أمام حبنا وستبنى سداْ بيننا . فلقد تساقطت الدماء على جسر الحب.

وتمر الأيام وخالد على حالته تلك حائر حزين مهموم . فلم يعد خالد المرح الهايم بالحب بل صار يتجنب لقاء رنين والتحدث معها . فهو يخشى أن ينهار أمامها فكلما كان يراها كان يرى صورة عادل تقف أمامهما وهو يصرخ فى وجهه ما ذنبى حتى تقتلنى ؟؟؟

فصار يتهرب من العودة إلى البيت ورؤية رنين فهو يخشى أن تلاحظ عليه شيئاْ وتقرأ فى عينيه ما يشغله وهو لن يحتمل نتيجة ذلك .

وعند منتصف الليل وحالة من السكون تخيم على المكان تقف رنين فى شرفتها لترى خالد يجلس مع نفسه فى حديقة القصر وقد بدا عليه الحزن ويخيم الوجوم على وجهه.

فتسأل نفسها فى قلق وحيرة قائلة

ما بك يا خالد ؟ ما الذى يشغلك عنى هكذا؟ وما سر تلك الحيرة التى أراها تسكن عينيك؟ فأنا على يقين من أنه يوجد ما تخفيه عنى . فعيناك تتهرب من ملاقاة عينى وكأنك تتهرب من الحديث معى . وأصبحت تتأخر بالساعات خارج المنزل وأنت الذى كنت من قبل لا تقدر على البعد عنى للحظة واحده. ترى ما هى حقيقة الأمر الذى تخفيه عنى يا خالد؟ آهن لو تخبرنى وتريحنى من هذه الحيرة قبل أن تفتك بى وتقودنى للجنون.

ويستمر الحال هكذا خالد يتجنب لقاء رنين . ورنين تسأل نفسها ماذا جد على خالد؟
ولكن يبقى سؤالها بلا إجابة فهى على يقين من أنه يوجد شئ يؤرق خالد فهو يكاد لا ينام فهى تشعر به وهو يتقلب فى فراشه طوال الليل وكأن هناك شيئاْ ما يكدره ويعذبه ولكن ما هو فلا تدرى .

فكم من مرة سألته ولكنه كان يتهرب من الإجابة عليها ويتحجج بأنه مرهق من العمل وضغطه عليه ولكنها بالطبع لا تصدق هذا المبرر الواهن.

فماذا تفعل وهى ترى الحاجز بينهما يعلى ويكبر؟ هل ستبقى واقفة فى مكانها تتفرج على حب عمرها وهو يختنق أمام عينيها؟ أم ما ذا تفعل ؟ وهل هى فى يديها حقاْ شيئاْ كى تفعله؟

آهن من تلك الحيرة . فهذا هو ما كانت تخشاه فسعادتها التى طالما حلمت بها وتمنتها هاهى مهددة بالضياع ولا بيديها أى شئ كى تفعله؟

ولكن هل ستستسلم رنين دون أن تعرف ما سر تغير خالد ؟ وما الذى


يشغله...............؟

الجمعة، 11 يوليو 2008

الفصل السادس والعشرون من دماء على جسر الحب

يذهب شكرى الشايب إلى الشركة بعد أن عاد إلى مصر قادماْ من ايطاليا وما أن يصل إلى المكتب حتى يقوم شوقى بإستقباله قائلاْ

الشركة نورت حقاْ بوجودك وقد أفتقدناك كثيراْ
.
يبتسم شكرى قائلاْ

كيف حال المؤسسة يا شوقى فى غيابى ؟ هل حدث أى جديد لم أعلم به بعد؟

فيطلق شوقى زفرة قصيرة فى ضيق قائلاْ

هناك أشياء كثيرة أود أن أخبرك بها حتى نستطيع أن ننقذ ما يمكن إنقاذه خاصة وأن الأمر كل يوم يزداد سوءاْ عما قبله.

فيعقد شكرى حاجبيه فى دهشة متسائلاْ

ماذا حدث ؟

فيجيبه شوقى بخبث قائلاْ

رنين زوجة خالد

فتزداد دهشة شكرى مردداْ

رنين !!!!


فيؤكد شوقى قائلاْ نعم رنين. فهى تحرض خالد على صرف مبالغ هائلة على تلك الجمعيات والملاجئ الخيريه وغير ذلك . ولم تكتفى بذلك وحسب بل أيضاْ تتدخل فى إدارة شئون المؤسسة وقررت صرف حوافز إضافيه للعمال والموظفين بدون أى سبب وللأسف أنا ألاحظ أن خالد ضعيف جداْ أمامها ولا يستطيع أن يرفض إليها أى طلب . حتى أنا عندما حاولت أن أمنعها من تدخلاتها فى أمور الموظفين . لم يسمع خالد لى ووافق على كل ماتريده بدون حتى نقاش أو حتى يسمع لى.

فيحدثه شكرى قائلاْ

لتلك الدرجة . لم أكن أتخيل أن تصل الأمور إلى هذا الحد
.
فيرد عليه شوقى قائلاْ

وأكثر من ذلك فسوف تفاجئ بأرقام المبالغ التى جعلت خالد يصرفها فى غضون شهر واحد . مبالغ هائلة ناهيك عن تدخلها ووجودها المستمر فى الشركة وتدخلاتها الزائده فى كل أمر. لقد حاولت لفت نظر خالد ولكن كما قلت لك فهو ضعيف جداْ أمامها ولا يستطيع أن يرفض لها أى طلب. ولذلك فكرت بأنك أنت الشخص الوحيد الذى يمكنه أن يوقف تلك المهزلة قبل أن تزداد وتكبر أكثر من ذلك. فقد أصبحت رنين خطر على خالد نفسه فهى تحرضه على معرفة كل أسرار العمل وأنا وأنت نعلم جيداْ خطورة ذلك . فهى تسعى إلى فتح أبواب مغلقة لن يؤدى فتحها إلا المشاكل نحن فى غنى عنها.

فيزداد غضب شكرى قائلاْ لن أسمح بأستمرار تلك المهازل فأنا قد بنيت تلك المؤسسة بتعبى ومجهودى ولن أسمح لواحدة مثل رنين تهد كل ما بنيته حتى وأن كان خالد يحبها فإلى هنا وهذا يكفى.

فترتسم على ملامح شوقى نشوة الأنتصار فهاهو يحقق غايته فى التوقيع بين رنين وشكرى الشايب.

وبعد أن أنتهت رنين من زيارة أحدى الملاجئ كما أعتادت دوماْ تعود إلى القصر لتجد صديقتها مريم فى أنتظارها فما أن تراها حتى تصيح مرحبة بها فى سعادة قائلة

مريم حبيبتى ما تلك المفاجأة الجميلة.

فتعاتبها مريم قائلة

كاذبة كالعادة يا صديقتى العزيزة .

فتبتسم رنين قائلة أعلم بأننى مقصرة معك ولكن الله وحده يعلم كم أنا مشغولة هذه الأيام حتى خالد نفسه لم يعد يرانى إلا فى المساء بعد أن أنتهى من كل ما ورائى من أعمال.

فتعقد مريم حاجبيها فى دهشة قائلة

خالد ومن الطبيعى أن يكون مشغولاْ فى شركته وأعماله . أما أنت فأى أعمال هذه التى تتحدثين عنها!!!!

فتتسع إبتسامة رنين قائلة

معك عذرك فأنت لا تعلمين.

فتنظر إليها مريم فى دهشة متسائلة أعلم ماذا؟

فتبتسم رنين وهى تتهادى فى خطواتها داخل حجرة المعيشة بخيلاء ثم تستدير لتواجهها قائلة

أنا الآن سيدة أعمال من الدرجة الأولى ذلك بالطبع بجانب أهم وأعظم عمل أقوم به وهو الأعمال الخيرية من رعاية الأيتام ومعاهد الأورام وغيرها.

فترفع مريم إحدى حاجبيها فى دهشة قائلة

أنا لا أصدق ما أسمعه أنت تهتمين بالشركات والأمور المالية !!!

فتومأ رنين برأسها مؤكده بالطبع ولكن لا أخفى عليك فخالد هو السبب فى ذلك. فقد كان شرطه حتى يذهب إلى الشركة ويهتم بعمله هو أن أشاركه فى العمل و أن أقف بجانبه وبالطبع وافقت فكل ما كان يهمنى هو أن ينشغل خالد بالعمل حتى لا يعود مرة أخرى لحياته السابقة. وكما تعلمين بالطبع ولعى بالأطفال وخاصه الأطفال اليتامى فكنت أحرص دوماْ على زيارتهم وتقديم ما يمكن على فعله لمساعدتهم . لا أنكر أن كل ذلك يرهقنى حتى أننى بمجرد أن أسلم رأسى لوسادتى لا أشعر بنفسى إلا وأنا مستغرقة فى سبات عميق.

فترد عليها مريم قائلة لا يهم التعب المهم أن تكونين سعيدة

فتصيح رنين قائلة بصوت حالم

كلمة سعيدة أقل بكثير مما أشعر به الآن فأنا لم أكن أحيا من قبل. فحياتى قد بدأت بعد زواجى من خالد. فخالد يحبنى ويبذل كل ما فى وسعه لأسعادى .
ثم تنظر إلى مريم وتكمل قائلة أتعلمين يا مريم كثيراْ أجلس مع نفسى وأفكر كيف كانت حياتى قبل أن أقابل خالد؟ وأقارن بينها وبين حياتى الآن فأكتشف أننى لم أكن أحيا من قبل وأتسائل هل كنت سأقدر قيمة ما أنا فيه الآن وهذه السعادة التى أعيشها لو لم أكن مريت بكل ما فات؟ حتى خالد هل كان سيقدر قيمة حبنا هذا أن لم يذق طعم العذاب ويعصر قلبه الألم حتى لا يضيع حبنا من بين يديه.فكثيراْ أفكر بأن الله سبحانه وتعالى قد قدر علينا كل ما فات حتى نستطيع أن نصون نعمته التى أنعم بها علينا الآن ولا نضيعها فلا يعرف طعم السعادة من لم يذق طعم الألم والحرمان.

فترد عليها مريم قائلة لقد كانت نظرتنا للحياة مختلفة نظرة ضيقة من جانب واحد . فانا كنت أرى الحب بمنظورة الضيق القائم على النظرات الحالمة الناعسة وغيرها ولكن حياتى مع حسين علمتنى كيف يكون الحب الحقيقى. الحب الذى يصمد ويعيش مع الأيام مهما قابله صعاب يقوى ويشتد فأنا وحسين نحاول بقدر ما يمكننا العمل على نجاح زواجنا وألا يتسلل الملل إلى حياتنا حتى لايقتل الحب. فكنت كثيراْ أفكر مع نفسى متسائلة ماذا كان سيحدث إذا لم أكن تزوجت من حسين وبقيت أنتظر الفارس الذى أحلم به ليحملنى على حصانه الأبيض ونعيش معاْ فى عالم الأحلام والرومانسية كما كنت أتمنى هل كنت سألقاه فى الحقيقة ؟ لا أدرى ولكن كل ما أعلمه وعلى يقين منه أننى أعيش مع حسين أجمل حياة . أجمل حتى مما كنت أحلم وأتمنى .

فتبتسم رنين قائلة كلاْ منا كانت نظرته خاطئة للحياة فأنت كنت ترينها من الجانب الرومانسى الحالم فقط وأنا كنت أراها من الجانب العقلانى الجامد والذى دفعت ثمنه فترة من حياتى لم تكن سهلة أبدأْ. وكان من الممكن أن أبقى طيلة حياتى أدفع ثمن تفكيرى هذا لولا تدخل القدر وظهور خالد فى حياتى . ثم يغلب على صوتها نبرات حيرة وقلق قائلة

ولكننى على الرغم من السعادة التى احياها الآن مازلت أخشى المجهول وألا تدوم بى هذه السعادة .

فتنظر إليها مريم فى دهشة متسائلة

لماذا تقولين ذلك؟ هل صدر من خالد أى تصرف جعلك تقلقين هكذا؟؟؟

فتنفى رنين قائلة

لا لا فخالد دوماْ يحرص كل الحرص على سعادتى . ولكننى أخشى من أن يأتى عليه اليوم الذى يحن فيه إلى حياته السابقة ويعود مرة أخرى لخالد الشايب فتى النساء الأول . ففى ذلك نهايتى وسوف يتحطم قلبى وينتهى بى الأمر فى النهاية إلى الجحيم.

فتحاول مريم أن تهدئ من قلقها هذا الذى يغلب عليها قائلة

رنين يا حبيبتى لما تصرين دوماْ على حرمان نفسك من الشعور بالأمان . ولما تتكلمين دائماْ عن الماضى . يا حبيبتى الماضى قد أنتهى ولن يعود فخالد قد تغير من أجلك حتى يكون جدير بحبك ولم يجبره أحد على ذلك بل تغير لأنه يريد التغير وقد مر حتى الآن ما يقرب من عام على زواجكما ولكنه لم يمل ولم يعود لحياته السابقة كما تخشين أنت. وأعتقد أن فى ذلك دليل كبير على حبه الصادق والحقيقى إليك. أنا أرى أن خالد على أستعاداد لفعل أى شئ تريدينه من أجلك . لأنه يحبك فكفاكى قلق وأستمتعى بحياتك فالحظة التى تمر لا تعود مرة أخرى. فلا تضيعينها فى أوهام لا وجود لها إلا فى خيالك هذا الذى يصعب عليه أن تعيشين فى سعادة وأستقرار.

فتطلق رنين زفرة قصيرة ثم تنظر إلى مريم فى حيرة فهى حائرة قلقه تخشى أن تفقد تلك السعادة التى لأول مرة تعرف طريقها إلى حياتها. قائلة معك حق
ثم تتنهد قائلة يجب أن أن أترك تلك الأوهام جانباْ فخالد يحبنى ولن يخذلنى أبداْ . هذا على الأقل ما أتمناه.


وبينما كان خالد يجلس فى مكتبه يراجع بعض الأوراق يدخل عليه شكرى الشايب حجرة المكتب فما أن يراه خالد حتى يهب واقفاْ من مقعده ليحيه قائلاْ
أبى ما هذه المفاجأة الرائعة فما أسعدنى اليوم شكرى الشايب ذات نفسه بشرفنى هنا فى مكتبى.

فيبتسم شكرى قائلاْ لم أعد أأخذ منك إلا كلام فقط . فقد قلت لنفسى أذهب أنا إليك طالما أنت لا تسأل عنى

فتتسع إبتسامة خالد ويحتضن والده قائلاْ

وهل أقدر على ذلك؟؟ ولكن كل ما فى الأمر أننى كما ترى وتعلم بالطبع مشغول معظم الوقت فى العمل وشئون المؤسسة . فأنا أحول أن أفهم أكثر كيف يسير العمل وأن أعتمد على نفسى بقدر الأمكان حتى ترى ابنك رجل أعمال بحق وتفتخر بى.

فيمط شكرى شفتيه قائلاْ وهذا أمر جيد ويسعدنى بالطبع ثم يرمقه بنظرات متفحصه قائلاْ

ولكن هناك أمر سمعت به وأود أن أتأكد منه منك أنت أولاْ قبل أن أتدخل وأتخذ أى قرار فيه.

فيسأله خالد فى دهشة قائلاْ وما هو؟

فينظر شكرى إليه برهة من الوقت قبل أن يجيبه قائلاْ

ذلك الأمر المتعلق بتلك الملاجئ والجمعيات الخيريه.

فيرتبك خالد مردداْ أوصلك الأمر إذن ولا عجب إن كان شوقى هو من أخبرك به.

فيرد عليه شكرى قائلاْ

لا يهم من أخبرنى ولكن المهم هو صحة هذا الأمر.

فيرد عليه خالد مبرراْ لموقفه قائلاْ أنا لا أجد داعى لإهتمامك هكذا فأنا لم أخطئ فى شئ.

فيثور شكرى قائلاْ فى دهشة

كل ذلك ولم تخطئ . ماذا كنت تريد أن تفعل أكثر من ذلك!!! فقد أضعت حتى الآن ما يفوق اثنين مليون جنيه فى أقل من شهر ولا ترى أنك قد أخطأت .

فيردد خالد فى إستنكار أضعت لا يا أبى فأنا لم أضيع هذا المال بل أنفقته فى عمل هام جداْ

فيسأله شكرى فى حدة وإستنكار

وما هو ذلك العمل الهام؟؟؟؟ أتسمى تلك الملاجئ والجمعيات الخيرية عمل هام؟؟

فماذا ستجنى من ورائها؟

فيجيبه خالد بثبات وبلا أى تردد

سأجنى السعادة ...سأجنى حب الناس ..سأجنى الأحساس بذاتى وبكيانى وبأهمية وجودى فى الحياة . فلن أستطيع أن أصف إليك مقدار سعادتى وأنا أرى الأبتسامة على وجه طفل يتيم ...وأنا أرى السعادة تبدل الحزن الذى كان يسكن قلبه وأسمع دقاته تخفق بشده من سعادته فقد ساهمت فى إسعاد الآخرين وتخفيف آلامهم . ألا يستحق ذلك ما فعلت؟؟؟؟

كما أن هذه المبالغ لا تساوى شيئاْ بالنسبة لثروتنا أليس كذلك يا أبى؟؟

فيثور شكرى عليه فى حدة قائلاْ

لو كنت فعلت مثلك لما كانت ثروتنا وصلت لما هو عليه الآن.

فيرد خالد عليه بثقة قائلاْ

لا تهمنى هذه الثروة طالما هى عاجزة عن تحقيق لى الإحساس بالسعادة . فلقد أعطانا الله المال كى نسعد به ونسعد به غيرنا لا حتى نضخمها وننظر إليها وهى تملئ البنوك.

فيحدق شكرى فى وجهه وهو لا يصدق ما يسمعه فليس هذا كلام ابنه لا هذا ليس كلامه بل كلام شخص آخر

فيسأله شكرى قائلاْ

كلام من هذا؟ ثم يكمل فى سخرية وإستنكار قائلاْ

أعتقد أنه كلام زوجتك الحمقاء الحاقدة عليك وعلى ثرائك .ألا تحمد ربها أنها تزوجت من رجل مثلك !!!

ولكن ماذا أقول فهذا هو حال من هم أقل منا مستوى . فنحن لا نرى منهم غير الحقد والكراهية.

فيدافع خالد عن رنين نافياْ هذا الأتهام قائلاْ

لا يا أبى رنين ليست حاقدة كما تزعم وتظن . كما أنها تملك كل شئ لم نمتلكه نحن . فرنين لديها الحب والحنان ...الخير ...الطيبة ..الشرف ...حب الناس وأهم شئ الخوف من الله . فرنين قد علمتنى أشياء كثيرة لم أكن أعرفها من قبل . فقد علمتنى معنى الحياة ..معنى الدنيا ...معنى الآخرة. علمتنى أن الحياة قصيرة مهما طالت . علمتنى أن الثروة الحقيقية هى حب الناس وإن أدخال بسمة على وجه طفل أو مسكين ومحتاج أفضل من مال الدنيا كلها . فرنين علمتنى أن الثراء الحقيقى فى الآخرة وليس فى الدنيا كما كنت أتوهم.

ثم ينظر إلى والده فى ترقب ويسأله قائلاْ

هل فكرت يوماْ فى الآخرة يا أبى؟

فيحدق شكرى فى وجه خالد وقد تملكه الغضب متسائلاْ فى حدة

هل قالت لك تلك الحمقاء أن ثروتى حرام ؟؟؟؟

فيجيبه خالد نافياْ لا يا أبى بالطبع لا . بل أنها علمتنى بأنه يجب علينا أن نساعد الناس كما ساعدنا الله وذلك ليس عيباْ بل واجب علينا وحق الله علينا أن نشكره كما أنعم علينا بنعمته.

فبدا شكرى وكأنه لم يعد قادراْ على التحكم والسيطرة على مشاعره وغضبه فقد بدا ذلك فى عينيه الداكنتين فى نظراته التى كانت يملؤها الغضب وفى تحركه المضطرب ثم يرد عليه فى حدة قائلاْ

أنا لايهمنى ما تقوله لك تلك الحمقاء ولكن ما يهمنى هو أن تعود أنت إلى صوابك قبل ما تضيع كل ما بنيته طيلة حياتى . فلن أسمح لك أن تبدد ثروتى التى عانيت حتى جمعتها ودفعت فى مقابلها من دمى وصحتى وعمرى. فلم أولد مثلك لأجد والدى رجل ثرى . بل أننى كافحت حتى وصلت لما أنا عليه الآن. ولذلك فالأفضل لك أن تعود إلى صوابك وتعقل زوجتك قبل أن أتدخل أنا فى الأمر وهذا تحذير نهائى ويجب أن تأخذ كلامى محمل الجد لأننى أعى جيداْ لكل كلمة أقولها . فأنا لن أتهاون مع تلك الحمقاء الحاقدة ولن أسمح لها بالتدخل فى شئون مملكتى بأفكارها الهدامة تلك. فعليك بها أنت حتى لا أجعلها تندم على اليوم الذى دخلت فيه مملكة الشايب.

فينهار خالد ويلقى بجسده على مقعده ووضع رأسه بين يديه وأزداد تقلص وجهه وكأنه يهم على البكاء فهو حائر مهموم يتسائل ماذا يفعل فهو يؤمن بكل كلمة وفعل تقوم به رنين . فقد عرف معنى الحياة الحقيقى معها ولن يتنازل عن هذه السعادة التى عرفها معها لأول مرة فى حياته . نعم فهو لأول مرة يحيا الحياة بمعانيها الحقيقية لا الزائفة التافهة . فهو يؤمن بكل ما تقوله رنين وتفعله لأنه دائماْ يكون الصواب ولكن ماذا يفعل مع والده فهو يصر على موقفه من رنين وهو يخشى أن يحدث أى تصادم بينهما وفى تلك الحالة لن يعرف ماذا يمكن أن يفعل ويتصرف. فهى زوجته وحبيبته وهو والده الذى لا يمكن أن يواجهه أو يعارضه.

ولكن شكرى ظل يحدق فى وجه خالد دون أن يتخلى عن ملامح وجهه الغاضبة ويكمل قائلاْ

كما أننى لا أريدها أن تأتى إلى المؤسسة هنا وتتدخل فى شئونها وهذا أنذار نهائى يا خالد ومن الأفضل لك أن تعى كلامى جيداْ وتنفذه.

وفى تلك اللحظه تدخل رنين عليهما حجرة المكتب قائلة فى براءة


مساء الخير..........؟

الاثنين، 7 يوليو 2008

الفصل الخامس والعشرون من دماء على جسر الحب

وفى صباح اليوم التالى تذهب رنين مع خالد إلى دار الأيتام ومعهما هدايا كثيرة. وما أن ترى رنين الأطفال حتى تبدأ فى مداعبتهم ومسامرتهم فى لطف وبراءة وكأنها عادت طفلة صغيرة تلعب مع أقرانها تلهو وتضحك وتغنى وتسرد حكايات والأطفال يتجاوبون معها فى سعادة.

وخالد يشاركها اللعب معهم وهو يتأملها فى أعجاب يرى تلك الإبتسامة التى تنر وجهها وكأنها قد ملكت الدنيا فى يديها. فقد فاقت سعادتها سعادة الأطفال باللعب والهدايا فقد كانت تزداد عينيها بريقاْ ولمعاناْ كلما رأت السعادة على وجه طفل .

ويعودان إلى القصر بعد يوم حافل ومرهق ولكنه كان بالنسبة لرنين التعب اللذيذ الذى منحها السعادة والتى لا توازيها أى سعادة فى الدنيا. فقد بدت رنين كالفراشة الطائرة وكأنه لا يوجد من هو أسعد منها فى ذلك اليوم لم تكف عن الحديث عن سعادتها وهى ترى الإبتسامة على وجوه الأطفال وهم يودعونها ويطلبون منها تكرار الزيارة.

وتصيح فى سعادة وهى تحدث خالد قائلة

آهن يا خالد لن أستطيع أن أعبر لك عن سعادتى الآن فأنا أشعر بإحساس جميل لا يعوض بأى ثمن.

فينظر خالد إليها وعينيه تحاورها بكل حب وأعجاب ونظراته تصرخ أحبك ....أحبك ويحتضن يديها بين يديه قائلاْ

رنين أعترف إليك بأننى فى كل يوم أحبك أكثر وأكثر من أى يوم مضى فأنا أدين إليك بحياتى كلها التى تغيرت على يديك فقد غيرنى حبك من شاب مستهتر تافه يعتمد على ثرائه ونفوذ والده لا يفكر سوى فى نفسه فقط إلى شاب جاد محب يشعر ويحس بآلام الآخرين ومن ؟ أنا من كنت لا أفكر فى أحد سواى لا أبالى بأحاسيس ومشاعر من حولى أرى الدنيا وكأنها قد خلقت فقط من أجلى . رنين فأنا أدين إليك بهذا التغير ....أنت من صنع حبك خالد جديد وأفضل.

فتنظر إليه رنين ونظراتها والعة بحبه قائلة

لا يا خالد لا تقل ذلك يا حبيبى . فأنا هنا من أدين إليك بعمرى وحياتى . فقد عرفت معنى الحياة الحقيقية معك عرفت السعادة .......عرفت الحب فأنا أعيش أحلى لحظات العمر معك. فمعك يا حبيبى بدأت حياتى فقد فجر حبك بداخلى الحياة فجعلنى أحيا ثم تكمل قائلة والقمر يشهد على ذلك.

فينظر إليها خالد فى دهشة مردداْ القمر

فتؤكد رنين قائلة نعم القمر وتصحبه إلى الشرفة وتنظر إلى القمر قائلة لقد شهد القمر على مولد حبنا كما شهد من قبل على حياتى السابقة. فقد كان القمر صديقى من يستمع إلى دون أن يضجر أو يمل منى . أنظر إليه الآن ستجده يحيينى وأبتسامته تنر وجهه المضئ الذى ينثر الحب بنوره على وجه الكون. فيسكن الحب قلوب العشاق . فالقمر هو الذى أخبرنى بأن الحب ليس دائماْ شجن وندم وخوف وأن طريق الحب ليس موحشاْ مخيفاْ كما كنت أعتقد بل أن طريق الحب هو طريق الحياة. أترى تلك النجوم اللامعة فى السماء . أنا كنت أرى السعادة مثل هذه النجوم جميلة متلألأة ولكنها بعيدة عنى لن أستطيع أن أمسكها بيدى أو أشعر بها فى حياتى . ولكنك يا حبيبى أهديتنى هذه النجوم بحياتى معك . كل يوم أعيش فيه معك يزداد قربى فيه من تلك النجوم حتى أصبحت أحتضنها بيدى ولم تعد بعيدة عنى كما كنت أراها من قبل.

فيضمها خالد بين ذراعيه قائلاْ بصوت محب عاشق

أحبك وكم أحمد الله على وجودك معى وظهورك فى حياتى .

فتسلم رنين رأسها على كتفيه وكأن قلبهما كان يعزف على أوتار الحب فيتراقصان معاْ على أنغام حبهما المغرد والسماء من فوقهما تتلألأ بما يزينها من نجوم لامعة والنسيم يداعبهما برفق وكأنه يحتضنهما . فهذا هو الحب الذى لا يعرف طريق أى قلب إلا من ناداه وتمناه . فالحب طائر مغرد لا يقف على أى غصن وإن زار القلب يحييه فهاهو يتراقص فى قلوبهم فى نظراتهم يجرى فى دمائهم........أنه الحب.

تحاوره رنين بعينيها التى كانت تقول له .....أحبك فأنا أود أن أذوب بين ذراعيك ....تضمنى عينيك فأذوب عشقاْ ...أذوب حباْ يا حبيبى يا من كان حبك هو سر وجودى ونبض قلبى وشريان حياتى .... يامن أعاد إلى قلبى النبض وإلى جسدى الروح وإلى شريانى الدماء....أحبك ولن أكف عن حبك ما دام فى قلبى النبض....أحبك.

فيبتسم خالد قائلاْ أتعلمين أن القمر أيضاْ كان صديقى !!!!

فتنظر إليه بعينيها الباسمة قائلة

أنت أيضاْ

فيومأ برأسه مؤكداْ إليها نعم . فكنت كل يوم وأنا فى ايطاليا أسأله عنك. وأحدثه قائلاْ

أنت تراها الآن فياليتك تخبرنى كيف حالها وهل مازالت تفكر فى أم قد أصبحت مجرد ذكرى قد مرت بها ونستها مع الأيام؟ وكم كان هذا الأحتمال يحزننى فمع أننى كنت أعلم بأن الطريق إليكى مسدود ولكننى لم أستطع أن أكف عن التفكير بك لحظة واحده . كنت أشعر بأننى ملكك وحدك ومجرد التفكير أو النظر إلى أى فتاة أخرى يعد خيانة لك. وأنت لا تستحقين منى أن أخونك . حتى عينى لم تعد تقدر على رؤيا إى فتاة أخرى مهما كانت جميلة. ثم يخرج تنهيدة عميقة قائلاْ حتى أن حبك قد حولنى لشاعر كنت أناجى القمر وأنا أتسائل

أحقاْ أنا أهواك
وهل زارنى هواك
أينبض قلبى بحبك
أهذا شوقى لقلبك
تزورنى أحلامى بحلم لقاك
تثيرنى أوهامى ببعد هواك
ووجدتنى أسأل نفسى أحقاْ أنا أهواك
فالهوى ملك الفؤاد ولم يعد لى أختيار
والحب تاج يتوج القلوب بلا فرار
أحبك وأعشق الهوى وللهوى لا قرار
أمنحنى حبك شاركنى قلبك
فأنا حقاْ أهواك

فتتسع أبتسامة رنين والسعادة تتراقص فى عينيها اللامعة ببريق الحب قائلة

ياه يا خالد لم أكن أبداْ أتخيل أن يحبنى شخص كل هذا الحب . أنت لن تتصور كم سعادتى الآن حتى كلمة سعادة أقل كثيراْ مما أشعر به . فلم أعد أريد من الحياة سوى أن أكون معك حتى ما فات من عمرى قد نسيته وكأننى لم أعيشه يوماْ ولم أمر به. فقد عوضنى حبك عن كل ما فات .

ثم تسلم رأسها الجميل إلى كتفه وتغمض عينيها وهى تشعر بالأمان معه فهى الآن تعيش حلمها الذى عذبها وأسعدها.....آلامها وأحزنها فهى تعيش الحب.

وظلا يتراقصان معاْ تحت ضى القمر ونسمات الليل العليل.

وتمر بهما الأيام ورنين يشاركها خالد فى مساعدة الملاجئ ودار الأيتام ومعاهد الأورام والجمعيات الخيريه فقد فجر الحب بداخلها كل المعانى الجميله والأحاسيس المرهفة حتى أصبح بداخلها حب لجميع الناس .فهى تتمنى أن تساهم فى تحقيق السعادة لكل مريض ومريضه لكل محتاج ومحتاجة وكل ذلك وخالد يشاركها دون أن يمل حتى أنه أصبح لا يجد سلوى أو سعادة إلا فى تلك الأمور.

وأمام حوض السباحة الخاص بالقصر يجلس خالد مع صديقه محيى يتحدثان فيصيح خالد قائلاْ

آه فأنا أشعر بالتعب والأرهاق فقد كان يومى حافلاْ من الذهاب إلى دار الأيتام ومعاهد الأورام . ولكن كما تقول رنين دائماْ أنه التعب اللذيذ.

فيرمقه محيى بنظرات متفحصه وهو يبدو أنه لا يصدق ما يسمعه.

فيعقد خالد حاجبيه فى دهشة متسائلاْ لماذا تحدق بى هكذا؟ كأنك لأول مره ترانى !!!!!

فيجيبه محيى قائلاْ وهذه هى الحقيقة فأنا أشعر وكأنى لأول مرة أراك فيها . بل وكأنك شخص آخر غير خالد الذى أعرفه . ثم يكمل قائلاْ

خالد أننى لم أعد أراك تذهب إلى النادى أو تسهر فى الديسكو كما كنت تفعل من قبل. بل طريقتك فى الكلام ونظرتك للأمور وأهتماماتك قد تغيرت
.
فيبتسم خالد ويجيب عليه قائلاْ

لأننى أكتشفت تفاهة تلك الأشياء وأننى كنت أضيع عمرى هباءاْ فى أشياء لن تفيدنى بشئ. ولكننى الآن قد أكتشفت الطريق الصحيح لحياتى ...الطريق الذى فيه أشعر بقيمة وجودى فى الحياة وأننى أحيا أفيد وأستفيد ...أعطى وأأخذ فهذه هى الحياة كما يجب أن تكون.

فيبتسم محيى قائلاْ هذا ليس كلامك يا خالد

فيتنهد خالد قائلاْ

نعم فهو كلام رنين التى علمتنى معنى الحياة وكيف يكون الأنسان حقاْ أنسان. فمع رنين أختلفت حياتى فلم أعد أجد سلوى فى الحياة سوى سعادتها وتحقيق ما تريد فأنا أرى رنين شئ كبير لا يمكن أن أوصفه فهى كنسيم البحر تشعر به ولكنك لا تلمسه .كالقمر يضئ السماء بنوره ولكنك لا يمكن أن تصل إليه . كالبحر الذى تراه ولكنك لا ترى نهايته . فرنين زوجتى وحبيبتى وصديقتى وكل حياتى.

فيحدق محيى فى وجهه متسائلاْ فى دهشة

ألتلك الدرجة تحب رنين يا خالد . لقد كنت أظن أنك بعد أن تتزوج من رنين سوف يهدأ حبك إليها وستعود مرة أخرى إلى حياتك السابقة ولكن ما يدهشنى حقاْ هو أن العكس الذى يحدث بل أنك قد تغيرت إلى النقيض تماماْ وكل يوم يمر عليك تتغير معه أكثر.

فيبتسم خالد قائلاْ أنه الحب يا صديقى العزيز. وليس الحب فقط بل أننى أشعر وكأننى ولدت من جديد لا أنكر أننى فى البداية كنت أفعل ما أفعله من الذهاب إلى الملاجئ ومساعدة الفقراء من أجل أرضاء رنين ولكننى لا أخفى عليك بدأت أشعر بتغير كبير فى حياتى بعد ما فعلت ذلك. فا لأول مرة يا محيى أشعر بأننى راضى عن نفسى وأشعر بأهمية وجودى فى الحياة. لأول مرة أشعر بأننى شخص مهم فى حياة الآخرين أرى فى عيونهم حب حقيقى لى . ومهما قلت لك لن أستطيع أن أعبر عن جمال هذا الأحساس.

فيبتسم محيى قائلاْ

لا أدرى لماذا بدأت أشعر بالغيرة منك وسوف أبحث عن رنين أنا الآخر حتى أكون سعيد مثلك هكذا.

فيجيبه خالد بثقة قائلاْ

نعم أبحث عنها حتى تعرف طريق السعادة طريق الحياة.

وتنضم رنين إليهما متسائلة فى دعابة

عن من تتحدثون ؟

فيجيبها محيى فى دعابة قائلاْ

وعن من سنتحدث غيرك . فمنذ أن قابلك خالد ونحن لا نتحدث عن أى شخض آخر حتى بعد الزواج. مع أننى كنت دوماْ أسمع أنه لا يوجد رجل يتحدث عن زوجته كما أرى خالد يفعل الآن بهذا الحب وتلك الرومانسيه.

فتضحك رنين قائلة فى دعابة

لماذا أشعر بالحسد فى كلامك . لاه أرجوك أبعد هذا الحسد عنا


فيتدخل خالد قائلاْ

لا تخشين شيئاْ يا حبيبتى فحبنا أقوى حتى من الحسد.

فيضحك محيى قائلاْ

ألم أقولها أنكم حقاْ لغرباء

فتضحك رنين قائلة

أنه الحب يا محيى ياليتك تجرب حتى تشعر بما نقوله

فيصيح محيى قائلاْ

ياليت يحدث ذلك فلا أخفى عليكما بدأت أشعر بالغيرة حقاْ وإذا لم أحب سوف أسلط عينى الحاسدة عليكما

فيصيح خالد قائلاْ


لا فمن غداْ سوف أبحث لك عن عروسة حتى أتجنب حسد عينيك.

فيرد محيى قائلاْ

لاه أنا لا أريد أى عروسة أنا أريدها مثل رنين


فتتسع أبتسامة رنين قائلة

غداْ أن شاء الله ستقابل من هى أفضل منى ولكن تمنى أنت الحب وسوف تلقاه

ثم تنظر إلى خالد متسائلة

سوف تذهب غداْ إلى الشركة يا خالد أليس كذلك ؟

فيجيبها خالد قائلاْ

لا أدرى فلم أحدد بعد.

فتحدثة رنين قائلة

لا يا خالد يجب أن تتواجد فى الشركة أكثر من ذلك. فأنا لا يروق لى تدخل شوقى وتحكمه فى كل مجريات الأمور بهذا الشكل. فهو يتصرف وكأنه هو المالك وأنت مجرد ضيف شرف مجرد اسم فقط لا غير.

فيومأ خالد برأسه قائلاْ

أنا حتى الآن لا أفهم لماذا لا ترتاحين لشوقى يا رنين؟

فتتنهد رنين قائلة

أنا لا أناقش الآن مسألة أرتياحى إليه . بل أناقشك فى أمور شركتك خالد لقد تحدثنا من قبل فى هذا الأمر وطلبت منك أن تهتم بأعمالك أكثر من ذلك ولكنك لم تأخذ كلامى مأخذ الجد وهذا لا يروق لى. فأنا أريد أن أراك خالد رجل الأعمال الناجح فهل هذا بالشئ الكثير!!!!!

فيبتسم خالد قائلاْ

لاه يا حبيبتى ليس بالشئ الكثير وكما وعدتك من قبل فى أن أعمل جاهداْ على تحقيق كل ما تريدينه سوف أنفذ كل ما تريدين. فغداْ سوف أذهب إلى الشركة

وسوف أتابع كل الأعمال بنفسى . ثم ينظرإليها وهو يحاول إرضائها متسائلاْ
هل أنت راضية عنى الآن؟؟؟؟

فتتسع إبتسامة رنين قائلة

نعم يا حبيبى ولكننى أيضاْ أريدك أن تفهم كيف تسير أمور الشركة ولا تعتمد على شوقى هذا فى كل شئ .

فيتدخل محيى قائلاْ فى مزاح

لما أشعر بأن عينى الحاسدة قد أصابتكما

فتنظر إليه رنين قائلة

لا محيى لم تصيبنا بل أن هذا الأمر هام جداْ بالنسبة لى ثم تنظر إلى خالد قائلة

وأنا أعلم أن خالد حبيبى سوف يهتم بهذا الأمر كما وعدنى .

فيتنهد خالد قائلاْ

وهل أقدر على غير ذلك يا حبيبتى ؟؟؟؟

وفى الشركة يتجه خالد إلى مكتب شوقى ويحدثه قائلاْ

شوقى أريد منك أن تأتى لى بجميع ملفات العمليات الجديدة التى تقوم بها الشركة . أريد أن أعرف تفاصيل كل عملية جيداْ حتى أستطيع المتابعة. وأرى ماذا يمكن أن نفعله فى كل عملية.

فينظر إليه شوقى فى دهشة متسائلاْ ولما تريد ذلك فأنت تعلم بأننى دوماْ أتولى تلك المسائل لما تشغل نفسك بها الآن؟؟؟

فيجيبه خالد قائلاْ


لأننى أريد أن أبدأ من الآن التركيز فى العمل وشغل المؤسسة أكثر من قبل . كما أريد أن أعرف كيف تسير الأمور.
حتى أستطيع مواصلة العمل بتركيز أكثر.

فيفكر شوقى برهة قصيرة من الوقت ثم ينظر إليه قائلاْ

بالطبع وأنا كما كنت دوماْ معك وسوف أساعدك فى معرفة كل ما تريد معرفته.
فيبتسم خالد قائلاْ فى حماس
فالنبدأ من الآن . فسوف أعود إلى مكتبى وسوف أنتظرك لتأتى وتحضر معك جميع أوراق العمليات الأخيرة للشركة.

فيومأ شوقى برأسه قائلاْ بالطبع.

وما أن يغادر خالد المكتب حتى يحدث شوقى نفسه قائلاْ

ما هذا الكلام الجديد منذ متى وخالد يريد أن يعرف كل تفاصيل العمل . ثم يتنهد قائلاْ بالطبع هى وراء ذلك ومن غيرها رنين هانم. ولكن ذلك لا يريحنى كما أن وجود رنين الدائم فى الشركة مع خالد لا يريحنى أيضاْ خاصة وهى تحاول دوماْ أن تعاندنى . يالها من طفلة لا تعرف من هو شوقى ولكن الأمر حقاْ يحتاج منك تفكير عميق يا شوقى فخالد كما ترى ضعيف جداْ أمامها ولا يرفض لها أى طلب وهى لا ترتاح معك وتصر دوماْ على معاندتى ولكن من تكون هى حتى تقدر على ذلك؟؟؟؟ لاه يا شوقى يجب أن تعطى لرنين أهمية أكبر من ذلك. ويجب أن تفكر جيداْ وترى كيف يمكن أن أحصن نفسى منها ؟ يفكر شوقى مع نفسه وهو يتسائل ماذا يمكن أن أفعل معها.......ماذا يمكن أن أفعل معها............. حتى فجأة يصيح قائلاْ يالك من عبقرى يا شوقى أنها لفكرة جهنمية كيف فكرت بها ثم يضحك قائلاْ وبتلك الطريقة أكون قد ضمنت ولاء وطاعة خالد إللى فهو لن يجرؤ على معارضتى بعد ذلك. ورنين هانم سيكون بقائها هنا متوقف على إشارة واحدة منى فإن زادت فى معاندتها وتحديها إللى بكلمة واحدة منى سوف تغادر بإرادتها مملكة الشايب ولن تعود إليها . مسكينة يا رنين مازالت صغيرة على اللعب مع الكبار. ولكنك أنت من أختارتين ذلك


وسوف تدفعين الثمن غالياْ...........نعم غاليا

الأربعاء، 2 يوليو 2008

الفصل الرابع والعشرون من دماء على جسر الحب

هذا ظلم....حرام ماذا فعلت كى أفصل من العمل؟ ماذا فعلت حتى يشرد أولادى؟

فتقترب منه رنين متسائلة ما الأمر لماذا تصيح هكذا؟

فينظر إليها العامل والحزن والحسرة تحرق قلبه قائلاْ

لقد فصلنى أستاذ شوقى من العمل ثم يكمل باكياْ ماذا أفعل الآن ؟ فأنا فى رقبتى أربع أولاد غير زوجتى ووالدتى المريضه. كيف سنعيش وأنا لا أملك من الدنيا غير راتبى.

فتنظر إليه رنين فى تأثر متسائله وما السبب الذى جعل شوقى يفصلك من الشركة؟

فيجيبها باكياْ لأننى قد تأخرت فى تسليم شحنة البضاعة التى كانت فى عهدتى فى ميعادها . ولكن والله العظيم لم يكن ذلك بإرادتى ولم أقصد ذلك فقد أتصلت بى زوجتى وأنا فى الطريق وأبلغتنى بأن ابنى قد سقط من شرفة المنزل ونقل إلى المستشفى بين الحياة والموت. فلم أدرى بنفسى إلا وأنا أذهب إلى المستشفى مهرولاْ لأرى ابنى فقد كنت فى حالة لا تسمح لى بالتفكير فى أى شئ . فقد كنت مصدوماْ خائفاْ ليضيع منى ابنى . ثم يكمل باكياْ فلم أكن أفكر إلا فى حياة ابنى المهددة بالإنتهاء وهو يصارع الموت . أعلم بأننى أخطأت وكان يجب على الأتصال بالشركة وأسلم السيارة التى معى إلى سائق غيرى ولكننى لم أكن قادر على التفكير فى أى شئ. وكيف أفكر وابنى أراه يضيع أمام عينى ولكن أستاذ شوقى لم يتفهم ذلك وقام بفصلى من الشركة . ماذا سأفعل الآن وكيف سأعيش أنا وأسرتى وابنى كيف سأوفر مصاريف علاجه ؟

فتحاول رنين تهدئته قائلة

لا تقلق فسوف تعود إلى العمل مرة أخرى وسوف يصرف لك مبلغ مالى إضافى يعينك على تحمل تكاليف علاج ابنك . واليوم أجازه لك حتى ترافق ابنك فى المستشفى فهو فى حاجة إليك الآن . ولكن لاتنسى أن تتصل بى حتى تطمئننى على حالته.

فينظر إليها العامل فى دهشة متسائلاْ من حضرتك؟

فتبتسم رنين قائلة

أنا زوجة خالد الشايب صاحب هذه المؤسسه ولا تقلق سوف تنفذ كل كلمة قلتها لك.

فلا يكاد أن يصدق العامل نفسه وتبتهل ملامح وجهه ويتبدل الحزن إلى سعادة وهو يصيح غير مصدقاْ

الله يعمر بيتك الله يكرمك ....ربنا يديكى من خيره ونعيمه كمان وكمان ويركع محاولاْ تقبيل قدميها

فتقوم رنين بتهدئته قائلة أنا لم أفعل شيئاْ فذلك أقل ما يجب عمله مع كل موظف وموظفه يعمل هنا ويساهم فى نجاح هذه المؤسسة ويخدمها بإخلاص.

فلا يملك العامل سوى الدعاء إليها والدموع تبلل شفتيه من فرحته وكأنه كان يصارع الموت فمدت إليه رنين طوق النجاة فردت إليه روحه من جديد ويدعو إليها قائلاْ يارب ينجيكى من كل سوء ذى ما نجتينى وأنقذتى أولادى من الجوع.

ويتركها وهو لايزال يدعو لها والسعادة والفرحة وعدم تصديق ما حدث يتملكانه.

فيجتاح رنين شعور جميل بالسعادة وتشعر برعشة فى جسدها من دعاء هذا الرجل إليها وكادت أن تدمع عينيها من تأثرها بمنظره وهى ترى السعادة فى عينيه تبدل هذا الحزن الذى كان مسيطرا عليه . فتقرر العودة لخالد حتى يشاركها سعادتها وهذا الشعور الجميل الذى تشعر به .

وتقف رنين عند باب مكتب خالد تتأمله وهو منهمك فى قراءة بعض الملفات التى كانت أمامه. فتبتسم رنين قائلة فى دعابة

ما هذا أتترك نصف ساعة و أعود لأجدك تخوننى مع هذه الأوراق!!!

فيتنبه خالد لوجودها وينظر إليها متسائلاْ فى دهشة

رنين ألم تغادرين الشركة بعد؟؟؟

فتقترب منه رنين وهى فى غاية السعادة تصيح قائله لم أستطع أن أمنع نفسى من أن أعود إليك حتى تشاركنى أجمل لحظة مرت بى فى حياتى . خالد حبيبى كم أنا سعيدة ...أشعر وكأنى أحلق فى السماء وأطير وأطير بلا توقف وجسدى لا يزال يرتجف من جمال ما رأيته اليوم وحدث تواْ.

فتتسع أبتسامة خالد وهو ينظر إليها متسائلاْ رنين حبيبتى ماذا حدث ؟ أنا لا أفهم شيئاْ

حتى يدخل عليهما شوقى وهو يتملكه الغضب والثورة ويوجه كلامه لرنين قائلاْ فى حده
ما هذا الذى فعلتيه؟ أتحرضين العمال ضدى ؟ وتكسرين أوامرى.
.
فيصيح فيه خالد معاتباْ

ما هذا يا شوقى كيف تتحدث مع رنين هكذا وبتلك الطريقة؟

فيرد شوقى بعصبيه وحده عليه قائلاْ

أسألها ماذا فعلت تواْ مع ذلك العامل التافه المهمل؟

فينظر خالد لرنين متسائلاْ ماذا حدث يارنين؟

فتجيبه رنين قائلة

لا شئ يستدعى كل هذى الثورة . فقد رأيت ظلم يقع على عامل بسيط لا يملك من الدنيا سوى عمله وأربع أولاد وزوجته ووالدته المريضه . وليس لديه مصدر رزق آخر غير عمله هنا فى هذه الشركة. و الذى يتشبث به ليرعى أسرته ويصرف عليها.

ولم أستطع تحمل منظره وهو يبكى منهاراْ بعد ضياع مصدر رزقه هذا وينتظره وهو وأسرته مصير مظلم أسود .

فيسخر منها شوقى مردداْ فى أستهزاء

ظلم أى ظلم هذا الذى تتحدثين عنه؟ فهذا العامل قد أخطأ وكان لابد من أن يعاقب .

فقد أضاع على الشركة آلاف الجنيهات وهو نفسه لا يساوى جنيهاْ واحداْ. هل أتهاون معه حتى تصبح المؤسسة فوضى بعد ذلك !!!

فتحدق رنين فى وجهه بإستنكار قائلة

تفعل معه أى شئ إلا قطع الأرزاق. فأنت بذلك لا تعاقبه هو بل تعاقب أسرته فما ذنب أولاده حتى تحرمهم من حقهم فى الحياة وتضيع رزقهم ومستقبلهم؟؟؟؟ ومع ذلك فقد كانت هناك ظروف قاسية مر بها هذا الرجل كان يجب عليك أن تتفهمها أولاْ قبل أن تطلق أوامرك بفصله. كان يجب أن تكون رحيماْ معه فهناك ألف طريقة للعقاب إلا قطع الرزق.

فيسخر منها شوقى قائلاْ

لو كنا نفعل ذلك ما كانت هذه الشركة ما زالت قائمة حتى الآن.

فترد عليه رنين فى تحد قائلة

أنا لا أطلب منك أن تتهاون بل أطلب منك أن ترحم. فهناك فرق كبير جداْ بين الرحمة والتهاون. فأنت نفسك لو كانت مرت بك نفس الظروف التى مر بها هذا العامل لكنت فعلت ما فعله.

فيرد عليها شوقى نافياْ بلا تردد
لاه فأنا عملى أهم شئ لدى.

فتحدق رنين فى وجهه بدهشة متسائلة

حتى أهم من حياة أولادك؟؟؟؟؟؟

فيؤكد بلا تردد نعم أهم من حياة أولادى أو أى شئ فى الدنيا

فتتسمر ملامح رنين وقد أذهلتها أجابته قائلة

هذا إذن يفسر لى قسوتك وحدتك مع هذا العامل. ثم تتنهد قائلة

يا أستاذ شوقى ما يجب أن تعرفه إن من لا يَرحم لا ’يرحم وأن تكسب حب العمال أفضل كثيراْ من أن تكسب خوفهم منك بل وكرههم أيضاْ.

فيتدخل خالد قائلاْ ومع أننى لا أفهم شيئاْ ولا أفهم عن أى شئ تتحدثون ولكننى أؤيد أى شئ تقوله رنين لأننى أثق من أنها تفعل الصواب دائماْ

فيزداد غضب شوقى ويرد عليه بعصبيه وحده قائلاْ

وصورتى أمام الموظفين أتنهار هكذا؟؟

فيومأ خالد برأسه قائلاْ

لا تعطى للأمر أكبر من حجمه يا شوقى فهو لايستحق كل ذلك. ولا تتوقف كثيراْ أمام هذه الأشياء البسيطة.

فيرد عليه شوقى فى حدة قائلاْ

أتعتبر صورتى أمام العمال شئ بسيط !!!!

فيحاول خالد تهدئته قائلاْ

شوقى كلنا نعلم أن صورتك لم ولن تهتز. فالكل هنا يعلم مكانتك جيداْ فلا تعطى للأمر أكبر من حجمه.

فينظر شوقى لرنين بتحد وكأنه يتوعدها بأن ما فعلته لن يمر مرور الكرام
فلا تملك رنين غير أن تقابل نظراته تلك . بنظرات تحد وكأنها تخبره بأنها لا تخشاه وتوعده بالصبر والمقاومة حتى تنتصر عليه.

فيغادر شوقى المكتب وقد بدا عليه الضيق والغضب . فينظر خالد لرنين قائلاْ

أتمنى أن يمر هذا الموقف على خير فلا أخفى عليك أبى قد لا يروق له ما حدث.
ولكن لا يهم أنا سوف أتولى هذا الأمر فكل ما يهمنى هو سعادتك .

فتنظر رنين إلى خالد و تتحدث إليه والسعادة تنر وجهها وتسكن صوتها قائلة

ياه يا خالد لن أستطيع أن أصف إليك كم أنا سعيدة الآن . فما أجمل من أن تساعد فى رفع ظلم عن أنسان وتمد إليه يد المساعدة كنت أتمنى أن ترى معى وجه هذا العامل البسيط وهو يدعو لى. فقد كان جسدى يرتعد من صوته وبكائه . ياه يا خالد لو كنت رأيت الفرحة وهى تبدل الحزن الذى كان مسيطراْ عليه وكأن روحه ردت إليه من جديد.

لقد عرفت اليوم أن أجمل شئ فى الحياة هو أن تساعد فى منح السعادة للآخرين.

ثم تنظر إلى خالد قائلة

أتعلم يا خالد بماذا أفكر الآن؟

فيبتسم خالد متسائلاْ

بماذا تفكرين يا حبيبتى؟

فتجيبه رنين بصوت تتغنى نبراته بالسعادة قائلة

أفكر فى أننا يمكن أن نساعد المحتاجين. ثم تكمل قائلة خالد يا حبيبى لقد أنعم الله علينا بالمال الوفير الذى يمكن من خلاله أن نساعد الناس الفقراء والمحرومين.... تخيل أنه بمبلغ بسيط جداْ قد يساعد فى أحياء حياة شخص محتاج. أنا أعتقد بل وبؤمن أن الله سبحانه وتعالى قد أعطانا المال كى نسعد به ونسعد غيرنا به. فالسعادة الحقيقية التى لا تعوض هى التى تستطيع أن تحققها للغير. فقد جعلك الله سبب فى منحى السعادة وشعورى بها . تلك السعادة التى جعلتنى أحيا بحق فقلبى منذ أن تزوجنا هو ينبض بعد أن كان مات فيه النبض وأشعر بدمائى تسرى فى عروقى بعد ما كان جف من قبل نهر شريان حياتى . فأنا معك أشعر بأننى أحيا بعد أن كنت جسد يحيى بلا روح. فأنا سعيدة وأتمنى أن أرى الكل من حولى سعيداْ مثلى .أتمنى أن يؤمن الجميع بأن السعادة موجودة حقاْ وليست مجرد وهم نتمناه ولكننا لا نراه . فهى أمام عينى الآن وأعيشها وما أجملها يا خالد.

فيمسك خالد يديها ويوعدها وعينيه تحاورها فى حب قائلاْ

أعدك يا حبيبتى بأننى سأحاول دوماْ وجاهداْ أن أحقق لك كل ما تتمنيه . فأهم شئ عندى هو سعادتك

فتتنهد رنين تنهيدة مفعمة بالحب والسعادة وعينيها لامعة ببريق الحب قائلة

أن سعادتى الحقيقية هى أن أبقى بجوارك ومعك فى كل وقت وأى مكان . فأنت حبيبى الذى لم أحب قبله ولن أحب بعده.

وفى المساء تجلس رنين فى حديقة القصر تتأمل السماء فى سكون ونسمات الليل العليل تداعب خصلات شعرها وهى مستسلمة فى سكون حتى ينضم إليها خالد قائلاْ فى دعابة

ماهذا أتخوننى وتجلسين وحدك مع القمر.

فتبتسم رنين قائلة لست وحدى يا حبيبى فأنت دوماْ معى تملك قلبى وعقلى وكيانى . ولكننى لا أخفى عليك كنت أفكر فى أمر هام . فهو حلم راودنى وأتمنى أن تساعدنى فى تحقيقه.

فيجيبها خالد بلا تردد قائلا

أنت تعلمين يا حبيبتى أننى لا أريد فى هذه الحياة إلا تحقيق أحلامك وأن تكونين سعيدة معى.

فتتسع أبتسامة رنين قائلة

وأنا أريد من هذه الحياة السعادة التى حرمت منها دوماْ فى حياتى ولكن الله أخيراْ أنعم بها على بحياتى معك . ولذلك فكرت كثيراْ كيف يمكن أن أشكر الله على نعمته تلك . فوجدت أن أفضل طريقة لذلك هى مساعدة الناس والمحتاجين . ثم تكمل قائلة لن تتخيل يا خالد كم ستكون سعادتك وأنت تساعد فى مد يد العون لمحتاج أو مسكين. فقد يجعلك الله سبباْ فى منح أنسان السعادة والأمل فى الحياة. ولذلك يا حبيبى فكرت فى أننا يمكن أن نقوم بأنشاء جميعة صغيره ونسجل فيها اسماء الأسر الفقيرة التى تحتاج إلى المساعده ونحاول أن نساعدهم على قدر ما نستطيع كما يمكن أن نقيم بعض المشاريع الصغيرة ولا يكون هدفنا منها الربح على قدر ما يكون هدفنا هو مساعدة الفقراء والمحتاجين وأن نوفر فرص عمل هم فى أمس الحاجة إليها. كما أننى لى طلب بسيط منك.

فيضم خالد يديها بين يديه قائلاْ بصوت عاشق محب أنت تأمريننى يا حبيبتى

فتنظر رنين فى عينيه قائلة

خالد أنا أعشق الأطفال وخاصة الأطفال الأيتام فقد كتب عليهم القدر الحرمان من الأسرة والعائلة ولن تعرف كيف ستكون سعادتهم عندما نحاول دوماْ أن نزورهم وترى نظرات السعادة تبدل لمحات الحزن من عيونهم. سوف نشترى لهم بعض الهدايا ونتبرع ببعض المال فهم يستحقون منا ذلك الأهتمام لأنهم فى أمس الحاجة لمن يشعر ويهتم بهم . فهم أيتام ليس لديهم أحد فى هذه الحياة وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالأهتمام بأمرهم. كما أنهم لا يحتاجون منا المال فقط بل أيضاْ الرعاية والحرص على زيارتهم دائماْ. فما هو رأيك يا حبيبى؟

فيضمها خالد بعينيه التى تعشقها ويرمقها بنظراته الوالعة بحبها قائلاْ

فى كل يوم أعرف فيه لماذا أحببتك ويزداد حبى لك يوماْ عن الآخر. رنين أنا معك أشعر وكأننى فى كل يوم أولد فيه من جديد. شخص آخر يشعر ويحس يعشق ويحب يعطى ويمنح يفكر فى الآخرين لا فى نفسه فقط. فأنا معك يا حبيبتى فى كل شئ تريدينه طالما ستجدين فيه سعادتك فقد تعهدت إليك من قبل أن أحاول جاهداْ فى إسعادك وأن أرى دوماْ فى عينيكى السعادة والحب . ويضم خالد رنين بين ذراعيه يضم حبه الذى أحياه وخلق منه إنسان آخر .

حتى تسمع رنين صوت سيارة تدخل حديقة القصر فترفع رأسها لتراها حتى تجد شوقى يخرج منها . فما أن تراه حتى تشعر بضيق وإنقباض يجتاحها وتنظر إلى خالد متسائلة

ما الذى جاء بشوقى هذا إلى هنا؟؟؟؟؟

فيجيبها خالد قائلاْ لقد أتى ليقابل والدى أعتقد أن معه أوراق هامة تحتاج إلى توقيع أبى.


فتسأله رنين قائلة

لماذا يقوم شوقى بكل شئ فى الشركة . فأنا ألاحظ بأنه المتصرف الوحيد فى كل أمورها حتى خيل لى أنه هو صاحب الشركة وليس أنت.

فيبتسم خالد قائلاْ لأنه يعرف كل شئ فى الشركة ولأنه يد أبى اليمنى .

فتومأ رنين برأسها قائلة ولما لا تقوم أنت بكل شئ؟

فيضحك خالد قائلاْ رنين شوقى خبرة لا تعوض وأنا لا أعرف لماذا لا ترتاحين إليه هكذا؟

فتطلق رنين زفرة قصيرة وتجيبه بصوت حائر قائلة

لا أدرى فكلما أراه أشعر وكأن شيئاْ بداخلى يصرخ يود ضربه . فأنا أخشاه ...عيناه لا تريحنى ...نظراته تخيفنى . وأنا لأول مرة أشعر بهذا الأحساس أتجاه أحد
.
حتى ينضم إليهما شوقى قائلاْ

مساء الخير

فلا ترد عليه رنين وتستأذن منهما قائلة

أشعر ببعض الأرهاق وأحتاج أن أرتاح عن أذنكما. ثم تنظر إلى خالد قائلة سوف أصعد إلى غرفتى.
.
فينظر إليها شوقى وهو يحدث نفسه قائلاْ


لا أدرى لماذا أشعر بأنك لن يطول وجودك هنا كثيراْ يا رنين هانم؟؟؟؟؟؟؟؟؟