الأربعاء، 30 يوليو 2008

الفصل التاسع والعشرون من دماء على جسر الحب

فيزداد أرتباك خالد وهو ينظر إلى شوقى وعينيه كادت أن تصرخ أرجوك أصمت.

فينظر شوقى إلى خالد . ثم ينظر إلى رنين قائلاْ

هل تريدين أن تعلمى ماذا أفعل من أجل راحتكما ؟

حسناْ سوف أقول لك...

فيصيح خالد فى شوقى بعصبيه قائلاْ

أعتقد أننى قد قلت لك من قبل بأننى مشغول الآن مع رنين.

فيبتسم شوقى فى خبث قائلاْ

وأنا سوف أنصرف الآن لأننى ليس لدى ما أقوله قد يكون فى وقت لاحق ولكن ليس الآن فشوقى دائماْ يختار الوقت المناسب ليقول ما يريده. ثم ينظر إلى رنين قائلاْ

غداْ سوف تعلمين كم أنا مخلص لهذه العائله ودوماْ أعمل لصالحها . ثم يضحك فى خبث ويغادر المكتب.

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة وتنظر إلى خالد متسائلة

ماذا يقصد بهذا الكلام ؟ ولما يتحدث بتلك الطريقة الغريبة؟

فيصيح خالد بعصبية قائلاْ

أنا لا أعلم بأى طريقة تريدينه أن يتحدث ؟

فتنظر رنين إلى خالد فى صمت وقد بدت على ملامحها الدهشة فهو لأول مرة

يتحدث معها بتلك العصبيه .

فيشعر خالد بالندم فيأخذ نفساْ عميقاْ وينظر إليها قائلاْ

رنين أرجوكى سامحيننى . فأنا مرهق جدا تلك الأيام ولذلك فأنا عصبى بعض الشئ.

فتنظر إليه رنين فى ترقب وتجيبه قائلة

لست غاضبة منك ولكننى سوف أعود إلى البيت فلا جدوى من وجودى هنا.

فينظر إليها خالد فى تأثر وبصوت حائر مهموم يحدثها قائلاْ

سوف أعود معك إلى البيت فأنا مرهق حقاْ وأحتاج أن أرتاح بعض الشئ.

وعلى مائدة الغذاء تجتمع العائلة . شكرى الشايب وخالد ورنين يتناولون الطعام. خالد

يجلس كعادته شارد الفكر عينيه يسكنها الحزن و ملامحه حائرة مكتئبة يتناول طعامه فى صمت ورنين تتأمله فى ترقب وعيناها حائرة غاضبة هائجة تريد أن تعلم ما به ما سر تغيره؟ ما الذى يشغله ويحيره ويجعله مهموماْ هكذا؟ فمن تراه الآن ويجلس أمامها ليس خالد الذى تعرفه . خالد حبيبها وزوجها بل أنه شخص آخر مهموم حزين يتعذب عيناه تكاد أن تبكى ...نعم فهى تشعر به تكاد أن ترى الدموع تسكن عينيه كلما نظرت إليهما. ولكن ماذا تفعل وهو يرفض أن يبوح لها بما يقلقه ويؤرقه وهذا ما يزيد من عذابها .

ويلاحظ شكرى ذلك التغيير ويندهش لهذا الصمت الذى يسود المكان فلم يعتاد على ذلك فمنذ متى وخالد ورنين يكفان عن الكلام والضحك معاْ!!!!

فيراقبهما فى صمت وينظر إلى خالد ويلاحظ هذا التغيير الذى طرأ عليه فهو يبدو مهموماْ حزيناْ. فيراوده القلق على ابنه متسائلاْ

خالد ما بك أنك تبدو ليس على ما يرام؟

فيجيب عليه خالد قائلاْ
لا يا أبى لا شئ أننى بخير ولكن كل ما فى الأمر أننى مرهق بعض الشئ من العمل .
فيومأ شكرى برأسه قائلاْ
أنا لا أفهم لماذا ترهق نفسك هكذا فى الشركة ؟ فأنا أريدك أن ترتاح ولا تقسو على

نفسك فأنت أهم عندى من الشغل والمؤسسة .فأنت تحمل نفسك أكثر مما يجب وترهق نفسك كثيراْ وأخشى أن يصيبك مكروه لا قدر الله.

فيبتسم خالد تلك الأبتسامة الباهتة قائلاْ
لا تقلق على يا أبى فأنا بخير فينظر بعد ذلك إلى رنين ليجدها ترمقه بنظرات شك فى صحة ما يدعيه فيتهرب من ملاقاة عينيها وينشغل بالطعام وكأنه يخشى من أن تقرأ فى عينيه كذبه ومحاولة لإخفاء الحقيقة.

فرنين يراودها إحساس خفى بأن هناك شيئاْ يؤرق خالد غير العمل ولكم تود معرفته حتى ترتاح فما هو ذلك الشئ ؟؟

ولماذا يخفيه خالد عنها؟ تساؤلات وتساؤلات تدور فى ذهنها ولكنها لا تجد إجابة عليها . وكعادتها دائماْ سوف تترك الأمور للأقدار فليس بيديها شيئاْ كى تفعله غير الأنتظار والصمت فلن يفيد الكلام بشئ . فخالد لا يصارحها بما يشغله وكما ترى فهو لا ينوى أن يصارحها به.

كل ذلك وخالد يلاحظ تلك التساؤلات التى تشغل تفكير رنين . فعيناها تحاوره دائماْ متسائلة ماذا بك؟ ما الذى تخفيه عنى ؟ ولكنه لا يملك سوى الصمت فما الذى بيده كى يفعله؟ فهو يتعذب يخشى أن يفقدها ...يفقد هذا الحلم الذى يعيشه فهو نفسه حتى الآن لم يستعيد توازنه بعد تلك الصدمة ومعرفته بما فعله شوقى ...فماذا سيكون رد فعل رنين لو علمت الحقيقة؟؟؟؟

تقرر رنين السفر إلى الأسكندريه فهى فى حاجة إلى أن تبتعد بعض الوقت عن خالد.

فالأيام تمر بلا جديد بل أنها تشعر بأنه كلما مر الوقت كلما زاد البعد بينهما ولذلك قررت الهرب بعيداْ عنه حتى تريح نفسها من هذا العذاب وتعطيه الفرصة ليفكر مع نفسه ويحدد ماذا يريد.

فتنظر رنين إلى الهاتف فى تردد ولكنها تقاوم ترددها وترفع السماعة وتتصل بخالد فما أن يرد عليها حتى تخبره قائلة بصوت مضطرب

خالد أنا سأسافر إلى الأسكندرية فى قطار الساعة الثالثة عصراْ.

فما أن يسمع خالد ذلك حتى يصمت برهة قصيرة من الوقت وكأنه يحاول أن يستوعب ما قالته تواْ إليه . فلم يكن يتوقع أن تبتعد عنه رنين يوماْ بعد زواجهما فيحدثها بصوت خافت حزين قائلاْ

لا أعرف ماذا أقول لك ولكن لماذا تريدين السفر فهل صدر منى شيئاْ قد أغضبك منى دون أن أقصد؟

فتغمض رنين عينيها فى أستسلام لحزنها قائلة
لا بل أنا محتاجة لأن أكون مع نفسى بعض الوقت بعيداْ عن هنا.

فيرد عليها خالد بصوت يتملكه الشجن هادئ النبرات هذه هى المرة الأولى التى تبتعدين فيها عنى منذ زواجنا.

فتأخذ رنين نفس عميق وتجيبه قائلة
قد نكون معاْ جسداْ ولكننا مفترقين روحاْ وقد يكون قلباْ أيضاْ

فيصمت خالد وينكس رأسه محدثاْ نفسه فى صمت

آهن لو تعلمين كم أتعذب الآن يا حبيبتى ولكننى لا أملك من أمرى شيئاْ.

فلا تجد رنين فائدة فهى لا ترى منه سوى هذا الصمت القاتل الذى كاد أن يفقدها صوابها . فتودعه وهى بالكاد تحبس دموعها الهائجة من الأنطلاق.

وتلحق رنين بالقطار وتجلس كعادتها بجوار النافذة فتتذكر تلك المرة التى كانت مسافرة فيها إلى أسرتها عندما كانت متزوجة من عادل ولحق بها خالد حتى لا تسافر وحدها.

فتومأ برأسها فى سخرية من حال القدر معها . فهاهى الأيام تمر وتدور بها فقد كانت فى المرة السابقة تهرب من حب خالد إليها ومطاردته لها وهاهى الآن تهرب من بعده وتهربه منها. فتسلم رأسها لخلفية المقعد الذى تجلس عليه وهى تسخر من حالها فالأيام تدور بها وتلعب معها ومن يدرى ماذا فى جعبة الأيام فتغمض عينيها فى أستسلام حتى تشعر بشخص يجلس فى المقعد المواجه لها فما أن تفتح عينيها حتى تفاجأ بخالد يجلس أمامها . فتنر الأبتسامة وجهها وهى لا تصدق متسائلة

خالد ماذا تفعل هنا؟

فيحتويها خالد بنظراته الوالعة بحبها قائلاْ

لم أستطع تحمل فكرة أنك سوف تسافرين وحدك هكذا فقد ملكنى القلق عليكى وتذكرت كيف لمت المرحوم عادل عندما تركك تسافرين وحدك فى المرة السابقة ولحقت بك وأنا أعلم من أنك سوف تصديننى ولكننى لم أستطع أن أمنع نفسى مع أننى كنت على يقين من أنك سوف تثورين فى وجهى قائلة أغرب عن وجهى أيها الأحمق فقد مللت منك ومن مطاردتك لى فى كل مكان ولم أشعر بنفسى اليوم إلا وأنا أقود سيارتى بجنون حتى ألحق بك وأجلس أمامك حتى لا يجلس هنا من يضايقك ولن أخفى عليك كما حدث أيضاْ فى المرة السابقة فليس معى تذكرة ولا أدرى ماذا أفعل؟

فتتسع أبتسامة رنين على طريقته فى تقليدها

فيصيح خالد فى سعادة قائلاْ أخيراْ عادت إلى رنين حبيبتى فما أسعدنى الآن.

فتومأ رنين برأسها قائلة لن تتغير أبداْ ستظل دائماْ خالد الطفل.

فيمسك خالد يديها وعينيه تحتويها بحبه قائلاْ وخالد الطفل يحتاج إليك ولا يريدك أن تفارقيه مهما كان السبب لأن فى ذلك نهايته . فأنا أحبك لدرجة الجنون وبدونك لن أعيش ومجرد شكك فى حبى إليك فيه نهايتى . فلا تملك رنين أمام كلامه هذا غير الإستسلام إليه فى سكون وتبتسم قائلة

خالد هل مازلت تحبنى أم قد قل الحب بعد الزواج وبعد أن أصبحت زوجتك وملك يديك.

فيأخذ خالد نفس عميق ينم عن حزنه الدفين بداخله وحيرته فهو فى صراع بين أن يقول لها الحقيقة أم يخفيها إلى الأبد لتظل تعذبه هو وحده لا غير. ثم ينظر فى عينيها بحب قائلاْ

رنين لا يوجد أى كلام مهما كان يستطيع أن يعبر عن حب حقيقى يخرج من القلب فالحب أقوى من أن تعبر عنه الكلمات فمهما قلت لن أستطيع أن أعبر عما بداخلى نحوك. يكفى أن تشعرين به وتحسين به فى كل نفس يخرج منى وهو يتغنى باسمك فيكفى أن أقولك لك أننى أحسب عمرى منذ لحظة لقائك فحتى الآن مازلت أتذكر ذلك اليوم الذى رأيتك فيه لأول مرة فى الأقصر .أتذكر نظراتك إلى تلك النظرة التى رودت قلبى وعلمته الطاعه بعد أن كان دوماْ يعلن العصيان . علمنى حبك كيف يكون بحق الأنسان كيف أشعر وكيف أتألم وكيف أعشق حتى العذاب طالما أتعذب لإنسان يستحق منى أن أتعذب من أجله.

فتنظر إليه رنين فى تأثر متسائلة
ولما تتعذب الآن . أستطيع أن أفهم سر عذابك من قبل ولكننى لا أفهم ما سرعذابك الآن . خالد أنا أشعر بك تتعذب أرى دوماْ الدموع تسكن عينيك أبحث عن خالد حبيبى عسى أن أجده ولكننى لا أجد سوى سراب وهذا يعذبنى لأننى لا أستطيع أن أفهم.

خالد أعلم أنك تحبنى ولكن الحب هو أسمى عاطفة عرفتها البشرية فهى عاطفة تربط بين قلبين حبيبين يسعدان معاْ ويتعذبان معاْ فالحب الحقيقى لا يعرف الفردية أو الأنانية لما لا تشاركنى همك لما لا تحكى لى عما يشغلك فقد أساعدك على مواجهة ما يعذبك .

فينظر إليها خالد وعينيه يسكنها الحيرة يحدث نفسه فى صمت قائلاْ
ما يشغلنى قد يدمر حياتنا معاْ ففيه نهايتى ونهايتك نهاية أجمل حب جمع بين قلبين لم يعرفان من قبل معنى الحب ولكنه ولد بينهما وجمع بينهما ليعيشان معاْ أجمل أيام العمر ولكن هذا الحب صار مهدد بالفناء سوف يحكم عليه بالموت لو علمتين الحقيقة. تلك الحقيقة التى لم أكن أعرف عنها شيئاْ ولم يكن لى دخل فيها ولا فى وجودها. آهن يا رنين لو علمتى الحقيقة فلن تمر أبداْ بسلام.

فتحدق رنين فى عينيه بصمت تحاول أن تقرأ أفكاره فهى صارت على يقين من وجود شيئاْ ما يؤرقه ويخفيه عنها ولكنها لا تستطيع أن تخمن ما هو هذا الشئ فعقلها يعجز عن أكتشافه ومعرفته.

فينظر إليها خالد فى تردد ثم يمسك يديها وعينيه تترجاها فى توسل قائلاْ
رنين أرجوكى يجب أن توعديننى بأنك لن تتركيننى مهما كان .

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة متسائلة

ولماذا أتركك؟؟ خالد أنا أحبك .....أحبك حتى أكثر من الحب ذاته . هل سمعت يوماْ أن الشمس أبت أن تشرق يوماْ أو أن الأرض قد كفت عن الدوران أو أن مياه البحر جفت . فحبى إليك حقيقة دائمه مثل تلك الحقائق التى لا يمكن أن تتغير ...فلا تشك لحظة فى حبى إليك فأنا لن أتتركك مهما حدث لأننى لن أحيا بدونك.

ولكنك يجب أن تخبرنى بما يشغلك هذا هو حقى عليك . ثم تنظر فى عينيه بتوسل قائلة خالد أن كنت حقاْ غالية عليك وأنا أعلم بأننى حبيبتك وأغلى شئ فى حياتك يجب أن تصارحنى بكل ما يعذبك

فينظر إليها خالد فى حيره وشجن ثم يفكر برهة قصيرة ويحدثها قائلاْ

ولكن يجب أن توعديننى بأنك سوف تتفهمين حقيقة الموقف وألا تظلميننى .

فنؤكد عليه رنين قائلة بالطبع يا حبيبى وهل تشك لحظة واحده فى ذلك . ولكن يجب أن تصارحنى حتى نستطيع أن نواجه أى مشكلة تواجهنا فحبنا أقوى من أى صعاب مهما كانت لأنه حب حقيقى ينبع من القلب

فيهز خالد رأسه فى مؤكداْ نعم حبنا أقوى من أى صعاب وأنا لم أعد قادراْ على التفكير وتحمل هذا الحمل الثقيل وحدى فلم أعد قادر على كل هذا العذاب وكنت أتمنى أن أستطيع أن أجنبك معرفة الحقيقة حتى لا تتعذبين مثلى الآن ولكننى يا حبيبتى لم أعد أقدر على المقاومة وحدى وسوف أقول لك كل شئ عسى أن أن أجد فى ذلك الراحة بعد طول عذاب.رنين لقد علمت من فترة قصيرة بأن.....

ولكن خالد يصمت ولا يكمل لأن رنين فجأة قد وضعت يديها على رأسها وهى تحاول أن تتماسك وهى تنظر إلى خالد قائلة بصوت واهن خالد أنا أشعر بأن روحى تنسحب


منى ..........خالد .........؟.

ليست هناك تعليقات: