الاثنين، 4 أغسطس 2008

الفصل الثلاثون من دماء على جسر الحب

يجتاح خالد القلق على رنين وهو ينظر إليها فى ذعر متسائلاْ

رنين حبيبتى مابك؟

فتحاول رنين أن تهدئ من قلقه قائلة

لا تقلق يا خالد فكل ما فى الأمر أننى شعرت بأننى سوف أفقد وعى لبرهة قصيرة ولكننى الآن أفضل الحمد لله . لا تقلق هكذا يا حبيبى.

فيحدق بها خالد ونظراته القلقة تحتويها قائلاْ يجب أن تذهبين إلى طبيب حتى نتأكد أنك بخير.

فتبتسم رنين قائلة أن شاء الله بعد أن أعود من الأسكندريه سوف أذهب إلى الطبيب الأهم الآن هو أن تهدأ أنت ولا تقلق هكذا فأنا بخير الحمد لله

حتى يصل القطار إلى المحطة فتسأله رنين هل ستعود إلى القاهرة ؟

فيجيبها نافياْ لا فأنا لن أتحمل فراقك مهما كان حتى ولو كنت أنت قادرة على ذلك. فأنا كالسمك وأنت البحر إذا أبتعدت عنك أموت.

فتصيح رنين فى سعادة إذن ستأتى معى.

فيومأ خالد برأسه قائلاْ بالطبع يا حبيبتى وهل أقدر على غير ذلك؟؟؟؟

ويذهبان معاْ إلى منزل أسرتها فيرحبوا بهما وتدخل رنين إلى غرفتها متأملة أياها فقد شهدت تلك الغرفة على آلامها وأحزانها على دمعها ويأسها فيلحق بها خالد متسائلاْ

فى دعابة ماذا تفعلين هنا وحدك ؟ هل تخوننى مع ذكرياتك؟

فتبتسم رنين قائلة فى دعابة
الحقيقة كنت بالفعل أخونك مع ذكرياتى ثم تختفى نبرة المرح من صوتها ليحل محلها نبرة حزن قائلة

مع أنها كانت ذكريات أليمة مره . ففراشى هذا قد شهد على وأنا ملقاة عليه أبكى ألماْ وأصوات شجار أبى وأمى تلدغنى كعقارب شرسة تهجم على بلا هواده . ثم تتجه نحو النافذه وتشير إليها قائلة وتلك النافذة قد شهدت على وأنا أقف خلفها أترجى الله داعية أن تكون حياتى خالية من الشجار والمشاحنات وألا أصبح صورة أخرى من أمى وألا يكون زوجى صورة من أبى وألا تتحول حياتنا لصورة أخرى من حياتهما. ثم تلقى بجسدها على فراشها وتحتضن وسادتها قائلة أما وسادتى الخالية تلك فكثيراْ ما بللتها بدموعى الحائرة فلن أخفى عليك فزوجتك دائماْ حائرة.

فيمدد خالد جسده بجوارها متسائلاْ وعينيه تحتضنها بنظراته الحانية قائلاْ

وهل مازالت تلك الحيرة تلازمك حتى وأنت معى ؟

فتتنهد رنين قائلة أنت أكبر حيرة فى حياتى وكأنك تحولت للغز يصعب على فهمه .

فيهب خالد واقفاْ ويقول لها

ها أنا أمامك كتاب مفتوح يمكن لك قراءة كل ما فى بكل سهولة ويسر.

فتضحك رنين ساخرة منه قائلة

كعادتك دائماْ تعرف كيف تتهرب من الأجابة

فيحرك خالد رأسه فى حركة مسرحية قائلاْ

وهل أقدر على ذلك يا زوجتى العزيزه؟

فتبتسم رنين قائلة فى دعابة قدرى أننى أحببت مهرج ساحر عرف كيف يسحرنى بحبه. ثم تسلم رأسها لوسادتها الناعمة لتغوص فيها قائلة

تعلم يا خالد لقد كانت حياتى هنا معقدة للغاية . كنت أحلم باليوم الموعود الذى أترك فيه هذا المنزل وأرتاح من هذا الجحيم وصوت شجار أبى وأمى . فكل واحد هنا كان لديه عالمه الخاص به مع أننا أسرة واحده . ثم تنظر إلى خالد فى أستعطاف قائلة

خالد لا أريد أن يحدث ذلك لنا فحياتى معك هى الأمل الوحيد الذى أحيا من أجله فأرجوك لا تهدم هذا الحلم مهما حدث هل توعدنى بذلك؟

فيمسك خالد يديها وعينيه تحتويها بكل حب قائلاْ

لن أقدر على هدم حياتى فهو حلمى قبل أن يكون حلمك أعدك يا رنين أن أبقى على عهدى بحبى إليك ولن أتغير معك أبداْ ولن تصبح حياتنا يوماْ مثل حياة والديك لأن ما يجمعنا هو الحب الحقيقى الذى يسعد من يحافظ عليه ويقويه .

فتنظر إليه رنين وعينيها يملؤها الأمل قائلة أتمنى ذلك يا خالد فلن تتخيل كم يقلقنى أن أعود مرة أخرى إلى هذا العذاب وأستيقظ يوماْ من نومى فأكتشف أن حياتنا معاْ كانت مجرد حلم وأستيقظت منه لأعود إلى حياتى السابقة ولأصدقائى القدامى وهما الدموع والحزن

فيبتسم خالد قائلاْ كل ما أريده منك الآن يا حبيبتى هو أن تقفين بجانبى حتى تمر هذه المحنة بسلام علينا

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة متسائلة أى محنة يا خالد كلامك هذا هو الذى يقلقنى

فيتنهد خالد قائلاْ كل ما فى الأمر أننى أكتشفت أن شوقى يمارس الكثير من الألاعيب الغير قانونية فى الشركة وهذا لايروق لى وللأسف أعلم جيداْ أن أبى لن يعجبه أن أقوم بطرد شوقى لأنه مقتنع به ولكن شوقى لا يستحق أن يبقى فى الشركة ولا حتى ليوم واحد خاصة وأنه قد أرتكب أمر بشع لا يستطيع عقلى أن يصدقه حتى الآن ولن أهدأ قبل أن ينل جزاءة عما فعله وهذا ما أحاول أن أفعله الآن .

وثق بى يا حبيبتى عندما تتجمع تحت يدى جميع أدلة إدانته وأتأكد من أنه سوف ينل عقابه الذى يستحقه سوف أحكى لك كل شئ بالتفصيل .

فتومأ رنين برأسها قائلة

لقد قلت لك من قبل أننى لا أرتاح لشوقى هذا ولكنك لم تكن تأبه بكلامى وهاهى الأيام تثبت لك أننى كنت على حق.

فيؤكد خالد كلامها قائلاْ

نعم كنت على حق وما خفى كان أعظم ولكننى لن أهدأ ولن يرتاح لى بال قبل أن ينل شوقى جزاءه عما فعله حتى أستطيع أن أعيش حياتى بسلام.

فتبتسم رنين قائلة ولكننا لن نقضى الوقت كله فى كلامنا على شوقى هذا . نحن الآن فى عروس البحر المتوسط ويجب أن نستمتع بكل لحظة نقضيها معاْ فأنا أرغب فى أن ترى كل الأماكن التى كنت دوماْ أتردد عليها وشهدت على وأنا أكبر منذ أن كنت طفلة حتى قبل زواجنا

فتتسع إبتسامة خالد قائلاْ وأنا مستعد هيا بنا فلا يجب أن نضيع أى لحظة حلوه قد نحياها معاْ. فاللحظة التى تمر ليس من السهل أن تعود مرة أخرى .

ويمر الأسبوع سريعاْ عليهما ورنين تصطحب خالد إلى كل مكان كانت تحبه وله معها ذكرى . فقد كانا كالطفلين يلهوان ويمرحان فى حب وسعادة وطائر الحب يحلق فوق رؤوسهما يتغنى ويغرد بهمسات حبهما والنسيم العطر يداعبهما برفق وكأنه يغازلهما

وفى المساء يذهبان إلى الشاطئ ويجلسان على الصخر ليراقبان الموج وهو يرتطم بالصخور فى قوة وبلا هوادة يسهران مع القمر وهو متوج على عرشه يراقب العشاق بوجهه المضئ المبتسم والنجوم تتلألأ حوله بضيها البراق كأنها ومضات تسطع فى السماء لتزن العرش .

ويعودان إلى القاهرة والسعادة تزفهما ويتوج قلبهما الحب وتذهب رنين إلى زيارة مريم صديقتها فى شقتها فما أن تراها مريم حتى تنظر إليها فى خبث قائلة أراكى اليوم متغيرة تماماْ عما قبل . فأنا أرى السعادة تسكن عينيكى بدلاْ من تلك الحيرة التى كانت تمتلكك .

فتصيح رنين فى سعادة وكأنها طفلة صغيرة قائلة

نعم فأنا سعيدة وسعادتى تفوق الوصف . أتعلمين أنا على أستعداد أن أراهنك بأنه لا يوجد أحد على هذه الأرض يفوقنى سعادة والسر فى ذلك هو حب خالد لى فهو يحبنى بجنون فعينيه وقلبه قد أخبرانى بذلك.

فتضحك مريم قائلة أخيراْ قد أقتنعتى بذلك فياليت عقلك هذا يهدأ ويتركك تعيشين حياتك فى هدوء ولا تضيعين أيام عمرك فى الشك والحيرة فخالد يحبك ولا داعى لكل هذه الحيرة حتى لا تضيعين حبه من بين يديك من أجل تلك الأوهام التى لا وجود لها إلا فى خيالك هذا الذى يغلبك ويغلبنى معك.

فتتنهد رنين فى هيام قائلة نعم يحبنى ومع أننى لا أخفى عليك أشعر بقلق غر يب يجتاحنى فى تلك الأيام

فتصيح مريم قائلة لا أرجوك كفاكى قلق أتعلمين لو كان القلق رجل لقتلته حتى أرتاح . رنين كفاكى قلق يا حبيبتى وأستمتعى بما أنعم الله عليك من نعم أتعلمين أنا لو كنت من خالد لكنت مللت منك وتركتك حتى أنقذ عقلى من الجنون . فهو يفعل كل ما يقدر عليه وأكثر حتى تكونى سعيدة وأنت دوماْ تبحثين عن أشياء لا وجود لها حتى تقلقى وتعذبين نفسك وتعذبيه معك.

فتتنهد رنين قائلة كم أتمنى أن يكون قلقى هذا مجرد وهم لا وجود له إلا فى خيالى

فينضم إليهما حسين مرحباْ برنين قائلاْ

رنين كيف حالك؟ لقد كنت تواْ أتحدث مع خالد عبر الهاتف وسألنى عن ظروف موت المرحوم عادل وعن تفاصيل الحادث الذى تعرض له وأدى لموته

فتندهش رنين مرددة خالد يسألك عن موت عادل..... لما؟

فيرد عليها حسين قائلاْ

حقاْ لا أدرى أنا نفسى قد أدهشنى ذلك خاصة وقد مر أكثر من عامين ونصف على

وفاة المرحوم ولكننى أخبرته بما أعرفه .

فتنظر رنين إلى مريم وقد تملكتها الدهشة مرددة هذا أمر غريب حقاْ

فتتدخل مريم قائلة لا تعطون للأمر أهمية لكل شئ فى الدنيا سبب ومن المؤكد أن لخالد أسبابه فى ذلك.

فتومأ رنين برأسها متسائلة

ترى ما هى أسبابه ولما لم يسألنى أنا؟ على كل حال فأنا سوف أمر على الطبيب الآن وبعد ذلك سوف أمر على خالد فى الشركة وسوف أسأله عن سر أهتمامه بظروف موت عادل بعد كل هذا الوقت.

يجلس خالد فى مكتبه يراجع بعض الأوراق فيدخل عليه شوقى وقد تملكه الغضب والثورة متسائلاْ فى حده

أريد أن أعرف الآن لما تجمع كل هذه البيانات؟

فيرفع خالد عينيه عن الأوراق التى كانت أمامه وينظر إلى شوقى فى برود وهو يجيبه قائلاْ
أعتقد أننى أمتلك تلك الشركة ومن حقى أن أجمع ما أريد فى أى وقت .

فيرمقه شوقى بنظرات متفحصة والغضب يمتلك ملامح وجهه قائلاْ

لا تحاول أن تعبث معى يا خالد فأنت لن تقدر على ذلك فلم ترى منى الوجه الآخر بعد. وقد نصحتك من قبل أن أكون لك صديقاْ خير ألف مرة من أكون عدواْ لك.

فيبتسم خالد فى برود قائلاْ

غداْ سوف نرى من هو أقوى من الآخر.

فيضحك شوقى فى سخرية قائلاْ

مسكين يا خالد لاتعلم مع من تتحدث.

فيومأ خالد برأسه وعلى وجهه أبتسامة قائلاْ

للأسف أعلم مع من أتحدث ولا أخفى عليك وهذا يضايقنى جداْ أننى أتحدث مع شخص حقير مثلك.

فيطلق شوقى ضحكة ساخرة وينظر إلى خالد فى تحد قائلاْ

ولكنك حتى الآن لم تقابل هذا الشخص الحقير يا خالد
فتدخل رنين عليهما وهى فى قمة السعادة وتصيح قائلة خااااا ثم تصمت عندما ترى

شوقى فتنظر إليه فى أحتقار قائلة هل مازلت هنا؟

فينظر إليها شوقى فى تحد قائلاْ وماذا كنت تتوقعين أن يستجيب خالد إليك ويقوم بطردى من الشركة . لا لا تكونى ساذجة هكذا فخالد وعائلة الشايب كلها لا تقدر حتى على التفكير بالأستغناء عنى. أتعرفين لماذا؟ لأننى أملك بيدى هذه كل أسرار العائلة الكريمة التى أطوقها بذراعى بل أنت نفسك تدينين لى بزواجك من خالد. ولولاى أنا ما كنت دخلتى هذه العائلة وأصبحتى فرد فيها.

فيصيح خالد فى ذعر فيه أصمت لا تقل شيئاْ


فتنظر رنين إليهما فى دهشة. فيرد عليه شوقى بنبرة عدائية لا لابد من أن تعرف أنه لولا أنا ما كانت الآن زوجة خالد الشايب.

فتزداد دهشة رنين متسائلة ماذا تقصد إيها الأحمق؟ ما معنى هذا الهراء الذى تتفوه به؟

فيجيبها شوقى فى حده قائلاْ نعم أنا أحمق لأننى سمعت كلام خالد وقتلت زوجك كما طلب منى .

وما أن نطق شوقى بذلك حتى تسمرت رنين فى مكانها وكأن كلامه هذا قد نزل على مسامعها كالصاعقة صعقتها فشلتها عن الحركة والتفكير وكأن سهاماْ سامة قد أجتاحت قلبها فأودته قتيلاْ.

حتى صرخ خالد فى وجه شوقى بطريقة هيستيرية ماذا فعلت أيها الأحمق ؟ لقد دمرت حياتى دمرتنى ..أنت مفصول وسوف ألحق بك فى السجن ..نعم فقد وقعت تحت يدى مستندات تدينك فالسجن هو مكانك الحقيقى الذى تستحقه. وسوف تدفع ثمن جميع جرائمك

فيحدق شوقى فى وجهه بتحد قائلاْ لن أدخله لوحدى ولقد حذرتك من قبل الأجدر بك أن تكسبنى صديقاْ بدلاْ من عدواْ لك وسوف ترى من هو شوقى ؟؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات: