الخميس، 24 يوليو 2008

الفصل الثامن والعشرون من دماء على جسر الحب

لا تجد رنين غير مريم صديقتها لتنقل إليها ظنونها عسى أن تجد معها حل لحيرتها تلك .


فما أن تحكى رنين إليها حتى تندهش مريم قائلة

ما هذا الهراء الذى تقولينه خالد ينشغل عنك ويتجنب لقائك !!!
لا يارنين لا تفكرين بهذه الطريقة .

فتصر رنين وتؤكد على ظنونها قائلة بصوت حائر تعب من التفكير

لا يا مريم أن الأمر خطير حقاْ فخالد قد تغير معى فقد كان من قبل لا يقدر على فراقى ساعات قليلة وكان يتصل بى أكثر من مرة فى اليوم الواحد بل كان فى بعض الأحيان يتصل بى مرة كل ساعة حتى يسمع صوتى ويطمئن على. وكان يحرص على تناول الغذاء معى مهما كانت ضغوط العمل ومشاغله وكان يشاركنى فى كل شئ ويحكى لى عن تفاصيل يومه دون أن يمل . ولكن الآن الأمر قد أختلف تماماْ فقد يمر يوماْ كاملاْ علينا ولا حتى أراه فيه ولا أسمع صوته . فلم يعد يأتى إلى البيت إلا بعد منتصف الليل وإذا لاحظ أن مصباح غرفة نومى مضاء يبقى فى حديقة القصر ولا يصعد إلى الغرفة حتى يتأكد من أننى قد نمت وكأنه لا يرغب فى رؤيتى والأغرب من ذلك هو أننى أشعر به طوال الليل يتقلب فى فراشه وكأن هناك شيئاْ ما يكدره ويؤرق نومه ولكننى لا أعلم ماهو.

فتحاول مريم أن تخفف عنها قلقها قائلة

لابد من أن هناك شيئاْ ما يشغله فى العمل. فلا داعى لقلقك هذا ولا تنسى ما يفعله خالد من مجهود لكى يثبت إليكى أنه رجل أعمال ناجح كما تودين . فليس من الهين ما يبذله خالد من مجهود حتى يعتمد على نفسه فى كل شئ ويدير معظم شئون الشركة فى هذا الوقت القصير.

فتهز رنين رأسها يميناْ ويساراْ وهى غير مقتنعة بهذا الكلام فهناك شعور خفى بداخلها يرفض هذا المبرر فتصر رنين على قلقها قائلة

لا يا مريم هناك شيئاْ آخر غير العمل يشغل خالد ويملك تفكيره بل ويبنى حاجز بيننا ولكن ما هو ذلك الشئ لا أدرى ...لا أدرى. ثم تصيح بصوت متألم ثائر وهى تمسك

رأسها بيديها قائلة

أشعر وكأن رأسى سوف تنفجر من التفكير أكاد أن أفقد عقلى .

فتحاول مريم تهدئتها قائلة بصوتها الحنون

لا يا رنين أياك وأن تسمحى لهذه الظنون أن تفسد عليك حياتك وتصل بك إلى هذه الدرجة من التوتر والقلق. فلا فائدة من كل ذلك فلن يجنى عليك تفكيرك هذا إلا العذاب وكفاكى يا صديقتى ما مر بك من قبل. يجب أن ترحمين نفسك من هذا العذاب فدعى تلك الظنون جانباْ ولا تدعيها تعكر عليك صفو حياتك . فخالد يحبك بجنون ولا أشك لحظة فى ذلك ولما إذن تحمل كل ما مر وصبر حتى تزوج منك فى النهاية فليس من السهل أن يضحى بهذا الحب مهما كان الأمر

ثم تبتسم وكأنها تحاول أن تخفف عنها قائلة
أنت فقط لم تتعودين على هذا الحب فرنين القديمة لازالت بداخلك فلا تدعيها تنتصر عليك وتفسد عليك سعادتك وتعكر صفو هذا الحب . فخالد يحبك ولا داعى للشك فى ذلك وأستمتعى بحياتك يا صديقتى القلقة دائماْ.

فتنظر إليها رنين وعينيها يملؤها الحيره فهى شبه متأكده بأن هناك شيئا ما يخيفه عنها خالد ولكن ما هو لاتدرى.

وتمر الأيام ورنين ظلت شاردة الفكر مستسلمة لتلك التساؤلات التى تحيرها وتشغل تفكيرها فقد مرت الليالى عليها وهى يعاندها النوم وظلت تتقلب فى فراشها وكأنها تترجى النوم أن يعطف عليها ويمن عليها بالنوم حتى يريحها من هذا التفكير الذى يعذبها ولكن لا فائدة فالنوم يعاندها كعادته دوماْ معها عندما تكون حائرة قلقه فتغادر فراشها وتخرج إلى الشرفة فيستقبلها النسيم بهمساته الباردة فيداعب خصلات شعرها برفق وكأنه يغازلها وهى مستسلمة إليه بلا مقاومة فترفع عينيها إلى السماء لتجد القمر كعادته يبتسم إليها فتنظر إليه بعينيها الحائرة متسائلة وهى

تناجيه قائلة

قل لى يا قمر ما الذى يشغل خالد عنى ؟ ألم تكن مرسالنا ......ألم يرسل من خلالك رسالته التى حملت لى حبه إلى ...ألم تشهد على حبنا الذى ولد أمام عينيك؟؟؟؟ نعم فأنت تراه الآن وتعلم مايشغله عنى . فلا تبخل على وقل لى الحقيقة حتى تريحنى من هذا العذاب الذى كاد أن يفتك بى .

ولكن فجأة تسود السماء الغيوم ويغطى القمر بتلك السحب ويختفى وراءها فتشعر رنين بإنقباض ويعتريها الخوف والقلق . لقد أختفى القمر قبل أن يجيب عليها وما هذه الغيوم فقد صارت السماء داكنة ملبدة بالغيوم والبرق يضئ ويشق السماء والرعد يدوى والريح يشتد صفيرها . فأين النسيم بهمساته الناعمة ؟ أين القمر بوجهه المضئ؟ أين النجوم المتلألأة فى السماء؟

فأخذت تدور حول نفسها فى قلق فقد هلعها ما حدث ففى ثوانى قليلة تغير الطقس من جو هادئ رومانسى خلاب إلى تلك الصورة حيث بدا لها مخيفاْ موحشاْ والبرق يضئ ويشق السماء والرعد يدوى فيبث الرعب فى قلبها والريح يشتد صفيرها وكأنها من شدتها ستقلع الأشجارمن جذورها فتهرول رنين مسرعة إلى الداخل وتغلق نافذة الشرفة وراءها وهى تصارع الخوف الذى تملكها . فتلقى بجسدها على فراشها وهى ترتعد وكأن رعشة مفاجأة قد أصابتها وهى تفكر كيف أن الطقس قد تغير فى ثوانى معدودة قليله . أيمكن أن يكون خالد قد تغير هو الآخر ؟

أيكون قد عاد مرة أخرى لما كان عليه من قبل؟؟؟؟

أهناك أمرأة أخرى غيرى فى حياته؟ أعاد للسهر ومغامراته السابقة؟ أيكون قد مل الحياة معى ؟ يا إلهى كن رحيماْ بى ففى ذلك نهايتى . ولكن كيف ذلك ومتى وخالد مشغول دائماْ فى الشركة ولم يفارقنى طيلة الفترة الماضية . فمتى حدث ذلك ؟

وكيف......كيف؟

لا يجب أن أضع حداْ لتلك الظنون فقد يصل بى التفكير إلى الجنون . آهن لو كانت ظنونى تلك هى الحقيقة ففى ذلك نهايتى. لاه يا خالد لا تفعل بى ذلك فأنا قد أحببتك بجنون وأنت من سعيت إلى هذا الحب . فلم أطلب منك أن تحبنى وأن تجعلنى أحبك حتى فى النهاية تتركنى وتعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه . أيمكن أن أكون مجرد نزوة فى حياتك

لعبة جديدة قد أعجبتك حتى مللتها . آهن لو كانت هذه هى الحقيقه . يا إلهى ماذا أفعل ؟ فلم أخطئ فى شئ حتى تكون هذه هى نهايتى . فقد قاومت حبه حتى النهاية وأنت كنت شاهد على ذلك . يارب كن بجانبى وهون على ما تخفيه لى الأيام.

حتى تقع عينيها على صورة زفافهما فتهب واقفة من على فراشها وتتجه نحوها حتى

تقف أمامها متسائلة وهى تحدث خالد قائلة

ترى ما هى الحقيقة يا خالد ؟؟؟ فأنا أكاد أن أقسم بأن هناك شيئاْ ما تخفيه عنى شيئاْ يقلقك ويعذبك ولكن ما هو لا أدرى. يا إلهى كم أخشى المجهول . ثم تتنهد وهى تنظر إلى صورة خالد وتحدثه بصوت حائر

حزين قائلة

خالد أنا أحبك وأخشى على هذا الحب أن يصيبه أى مكروه .. نعم أنا خائفة. يا إلهى هل سيظل الخوف يلازمنى طيلة حياتى ألن أسعد بما لدى من نعم أبداْ. لقد دفعت ثمناْ باهظاْ لهذا الخواء العاطفى الذى عشته فى طفولتى وصباى والآن أنا مهددة بضياع حبى من بين يدى . هذا الحب الذى أحيانى وجعلنى أشعر بوجودى وبكيانى وأعطانى الأمل فى أن أحيا حياة لم أكن أؤمن بوجودها. فهل سأبقى طيلة حياتى أعيش فى هذا القلق ألن أنعم بحياة هادئة ومستقرة ؟؟؟ هل مكتوب على الخوف والقلق دائماْ حتى وأنا سعيدة فى حياتى . لكم أكره هذا الخوف وأتمنى أن يختفى من حياتى إلى الأبد .....إلى الأبد.

ولكن لاه يجب أن أضع حداْ لتلك الظنون يجب أن أذهب لخالد الآن وأواجهه وأعرف منه حقيقة ما يشغله عنى ومهما كانت الحقيقة فيجب أن أعرفها وأواجهها بكل شجاعة . فمهما كانت فستكون أهون على من هذه الحيرة والتى كادت أن تفتك بى وتدمرنى.
وتذهب رنين إلى خالد فى مكتبه وتقف عند باب المكتب لتجده مشغولاْ كعادته أمام الأوراق التى يطالعها بأهتمام

فتنظر إليه فى صمت ودقات قلبها المتصارعة تتهافت وتزداد فى ترقب وقلق وقد ظلت واقفة فى مكانها دون أن تنطق بكلمة واحده تتأمل خالد فى صمت . حتى يرفع خالد رأسه عن الاوراق حتى يفاجأ بوجود رنين فيعقد حاجبيه فى دهشة متسائلاْ
رنين منذ متى وأنت هنا؟ ولما تقفين عندك هكذا ؟ فأنا لم أشعر بوجودك.

فتنظر إليه رنين بنظرة عتاب مشوبة بحيرة وقد تجمدت ملامح وجهها وتجيبه بصوت

منكسر حزين قائلة

أعتقد أنك لم تعد تشعر بوجودى وكأننى قد أختفيت من حياتك.

فينظر إليها خالد فى صمت فكيف يرد عليها ؟ ماذا يقول لها حتى يدافع عن نفسه أمامها؟ لا شئ .... لا شئ

فيفضل الصمت وعينيه يسكنها الإنكسار والألم .

فيزداد غضب رنين فصمته هذا يقودها إلى الجنون. أنه حتى لم يتفوه بكلمة واحده .

ماذا حدث؟ ما الذى جد عليه؟ ما سر صمته هذا؟ يا إلهى أن رأسى كاد أن ينفجر .

أن ظنونى تقتلنى فهلا رحمتنى من هذا العذاب؟؟؟؟؟

فيتنهد خالد ويسألها بصوت مرتبك قائلاْ

رنين لما تقفين هكذا ؟

فتأخذ رنين نفس عميق وتجيبه قائلة

أبداْ أحاول أن أكتشفك .... أتعرف عليك من جديد.

فيندهش خالد مردداْ تعرفيننى !!! ما معنى ذلك يا حبيبتى؟

فتجيبه رنين بصوت يحمل نبراته نبرة التحد وكأنها تتحدى الخوف الذى يمتلكها فهى تخشى نتيجة هذه المواجهة...تخشى مواجهة الحقيقة التى بدت واضحه أمامها الآن . فما تراه أمامها قد أكد إليها ظنونها فخالد قد أرتبك عند رؤيتها وكأنه لم يرغب فى

ذلك. فتحاول رنين أن تتغلب على آلامها قائلة

أحاول أن أعرف لماذا تغيرت معى؟ ولم تعد تشتاق إلى كما كنت من قبل.

فينهض خالد من على مكتبه ويتجه نحوها وعيناه تحاورها فى حب ممزوج بخوف .

فهو يخشى أن تعلم الحقيقة . فكلاْ منهما يخشى الحقيقة

ولا يملك خالد غير أن يمسك يديها وعيناه تحاورها فى أستعطاف قائلاْ

حبيبتى ماذا تقولين هل أقدر على فعل أى شئ يغضبك منى؟

فتنظر إليه رنين فى ترقب متسائلة خالد أمازلت تحبنى؟ أم قد أنتهى حبى من قلبك وما كنت إلا مجرد نزوة عابرة فى حياة خالد الشايب وسرعان ما أنتهت وعاد خالد إلى حياته السابقة .

وما أن يسمع خالد كلامها هذا حتى تنهار ملامحه وعيناه تحاورها فى أستنكار لا يصدق ما سمعه تواْ منها فيدافع عن حبه قائلاْ فى دهشة

لا أصدق ما أسمعه ...رنين ماذا تقولين ...أنت نزوة عابرة فى حياتى !!!! أحتى الآن مازلت تشكين فى حبى إليك ؟؟؟

ماذا أفعل حتى تتأكدين من أننى أحبك حقاْ؟ لقد غيرت حياتى كلها من أجلك تحديت نفسى قبل العالم من أجل نظرة رضا واحدة منك. تحملت كل هذا العذاب من أجل حبك وحتى عندما كان حبى هذا حب بدون أمل لم أيأس ولم أكف عن حبك . بل زاد حبك فى قلبى وتمكن منى أكثر وأكثر حتى صار كل حياتى كان حبك بالنسبة لى الحياة. فهو الهواء الذى أتنفسه وإذا حرمت منه أموت . وهو الروح التى تسكن جسدى وإن فارقتنى سأموت. وهو عينى التى أرى بها . فقد كان حبك هو الحياة .ثم يكمل وعينيه يسكنها الدموع وصوته يرتجف وكأنه يستعطفها قائلاْ

رنين أنت حياتى . فحبك هو من علمنى الحياة بمعانيها الحقيقية التى كنت غافلاْ عنها . رنين حبك لم ولن يكون أبداْ مجرد نزوة عابرة لأنه هو الحقيقة الوحيدة فى حياتى . آهن لو تعلمين كم عذبنى حبك وكم تعذبنى الآن نظرة الشك تلك التى أراها تسكن عينيك . رنين أنت أغلى عندى من نفسى فلا تشكين لحظة واحدة فى حبى إليك. فهو لم ولن ينضب أبداْ من قلبى حتى آخر العمر فهو نبض قلبى . فإن توقف قلبى عن النبض فى تلك اللحظة فقط سيتوقف حبك فى قلبى الذى يسكن جسدى . بينما روحى فستتغنى بحبك دوماْ لأن حبك أقوى من الموت.

فتأخذ رنين نفس عميق وكأنها تحاول أن تصدق ما تسمعه فعيناه تشع صدقاْ ولكنها مازالت تشعر بأن هناك شيئاْ ما يخفيه عنها خالد ويقف حاجزاْ بينهما. ولكن ما هو ؟ لا تدرى


حتى يدخل شوقى عليهما قائلاْ وفى يده بعض الأوراق
هذه هى أوراق...... ثم يقطع كلامه عندما يرى رنين فينظر إليها بعينيه الخبيثة

قائلاْ لم أكن أعلم بوجودك هنا..........؟

فينظر إليه خالد والقلق يكاد أن يفتك به خوفاْ من أن يخبرها شوقى بشئ.

بينما تنظر رنين إليه بتلك النظرات المستنكره قائلة

وهل يضايقك ذلك فى شئ؟ أنها شركة زوجى ومن حقى أن أزوره فى أى وقت أريده . أم أنك ترى غير ذلك؟

فيزداد قلق خالد وهو ينظر إلى شوقى وينتظر رد فعله

فيضحك شوقى بخبث قائلاْ

بالطبع أعلم أنها شركة زوجك . ولا مانع عندى أبداْ فى وجودك هنا طالما لا تتدخلين فى شئون الشركة . لأن ذلك ليس من أختصاصك ولا أعتقد أنك تفهمين شيئاْ فى الأدارة والأعمال أليس كذلك؟

فيزداد غضب رنين ثم تنظر إلى خالد تنتظر منه أن يرد على شوقى .

ولكن خالد يتهرب من ملاقاة عينيها وينظر إلى شوقى قائلاْ

شوقى كما ترى فأنا الآن مع رنين فأى شئ تريد أن تناقشه معى يمكن أن يؤجل لوقت لاحق.

فيبتسم شوقى فى دهاء قائلاْ

بالطبع أى شئ ممكن يؤجل طالما سنرضى رنين هانم. فأنا دائماْ فىالخدمة ولا أريد سوى راحتكما وسعادتكما كما دوماْ أفعل . ثم ينظر إلى خالد بنظرة ذات معنى قائلاْ

أليس كذلك يا خالد؟؟؟

فتحدق رنين فى وجهه بدهشة وهى لا تعى ماذا يقصد متسائلة

ماذا تقصد بهذا الكلام ماذا فعلت من أجل سعادتنا وراحتنا؟؟

ليست هناك تعليقات: