الاثنين، 18 أغسطس 2008

الفصل الثانى والثلاثون من دماء على جسر الحب

وفى الطريق فجأة تقف رنين وتتسمر واجمة فى مكانها محدثة نفسها وقد أنتابتها مشاعر مزدوجة بين شوقها لرؤيته وبين غضبها منه كم تمنت أن تهرول نحوه وتلقى بجسدها بين ذراعيه باكية وكم تود الهرب من أمامه الآن ولا تراه مرة أخرى تحدث نفسها وعينيها التى يسكنها نظرة حزن عميقة تحاورة قائلة لا فائدة من الكلام معى

. ولكنه يقترب منها مقاوماْ عنادها وما أن يحاول خالد الكلام حتى تثور عليه رنين بعصبية تنم عن أضطرابها قائلة فى حدة

ما الذى أتى بك إلى هنا ؟؟؟ ألم يكفيك قتله ماذا تريد بعد ذلك؟؟؟؟

فيحاول خالد الدفاع عن نفسه والدموع تتأجج فى عينيه قائلاْ

لا تظلميننى مرة أخرى فلم يعد لدى مقدرة على تحمل المزيد.

فترمقه رنين بنظرات إزدراء قائلة

لا داعى لأن تقل المزيد فأى كلمة ستقولها لن أسمعها فلقد أنتهى مابيننا ....فدماء عادل ستبقى بيننا فلقد مات حبنا لحظة أن عرفت الحقيقة وأصبح سراباْ فى سماء الحياة لا وجود له.

فلا يملك خالد تحمل المزيد من عنادها فيثور عليها متسائلاْ بصوت يحمل نبراته الأستعطاف والأستنكار قائلاْ

وأنا وحبى وقلبى وحياتى التى غيرتها من أجلك !!!! كيف تطلبين منى بسهولة هكذا أن أبتعد عنك بعد أن تملكتى حياتى ؟؟؟ فهل تعنين حقاْ ما تطلبيه منى؟؟؟؟ ثم

يكمل مستعطفاْ أياها قائلاْ

رنين أنك تطلبين المستحيل..... تحكمين علىٌ بالموت والفناء وأنا مازلت أحيا.

فتهز رنين رأسها قائلة فى أصرار لا فائدة مما تقوله فلن يغير شيئاْ فقد أنتهى ما بيننا ولن يعود مرة أخرى....ثم ترمقة بنظرة إستنكار قائلة أتعلم لماذا لأن دماء عادل ستبقى دائماْ تصرخ بيننا وتذكرنى بأنك أنت قاتله.

فيتملك خالد الغضب وهو يرمقها بنظراته الغاضبه ويصيح فى وجهها قائلاْ فى حده

كم أكره عنادك هذا فلقد كان السبب فى كل ماحدث لنا. أتريديننى أن أواجهك بالحقيقة ؟؟؟؟ سوف أقولها لك الآن وهى أنك أنت السبب فى كل ما حدث. فأنت بداخلك مازلت ترفضين أن تصدقى أننى أحبك ..... ما زلت لا تؤمنين بوجود السعادة حتى بعد أن عشناها معاْ...فأنت بداخلك مازلت لا تؤمنين بوجودها.....فمنذ أن ألتقينا وولد الحب فى قلوبنا وأنت تقاومين هذا الحب ورفضتى الفرصة التى حانت إليك لتعيشين حياتك كما يجب أن تكون وكنت تتحججين بزواجك الهش من عادل وأنه يجب عليك الإخلاص لزوج لا يشعر من الأصل بوجودك فى حياته حتى بعد أن مات قاومتى حبى بلا أى سبب أو مبرر وبعد زواجنا كنت بداخلك لا تصدقين أننى أحبك حقاْ وكنت تنتظريننى فى أى وقت أن أتركك وأعود مرة أخرى لحياتى السابقة التى ودعتها قبل حتى أن أتزوج منك والآن ترفضين تصديق أننى برئ من دم عادل وترفضين حتى الأنصات إلىٌ وكأنك كنت تنتظرين وقوع أى شئ حتى تجدينها حجة و تبتعدين عنى حتى تثبتين لنفسك أنه حقاْ لا يوجد حب وسعادة فى هذه الدنيا كما كنت دوماْ تتوهمين. للأسف يا رنين أنت إنسانة معقدة وعقدك هذه ستدمرك وستدمرنى معك للأننى للأسف أحبك .

فتحدق رنين فى وجهه وعيناها يسكنها الألم وتحاول أن تتغلب على أحزانها وضعفها ورغبتها فى أن تلقى بجسدها بين ذراعيه وتبكى قائلة

أنقذنى من نفسى ولا تتخلى عنى فلن أستطيع أن أحيا بدونك ولكنها تحاول أن تبدو قوية أمامه قائلة

أنا لست معقدة كما تزعم حتى تبرر فعلتك الشنعاء تلك...إن صورة عادل والدماء تغطى معظم جسده لا تفارقنى وكأنها لعنة أصابتنى عقاب لى على حبى لك... فدماء عادل قد تناثرت على جسر حبنا وأنت من فعلت ذلك وليست غلطتى أنا.

فيثور خالد فى وجهها قائلاْ ولكننى برئ من هذا الدم

فترفض رنين السماع إليه وهى تبتعد عنه قائلة الوداع يا خالد الوداع يا حب العمر الوداع إلى الأبد.

فيحاول خالد أن يلحق بها ولكن فجأة تظهر سيارة مسرعة وهى تتجه نحوه عن قصد فيحاول خالد تفاديها ولكنها تصدمه...

فتصرخ رنين فى هيستريا وهى ترى خالد يتهاوى أمامها ليرتطم جسده بالأرض فتنبثق الدماء متفجرة منه وكأنها بركان ثائر أنفجر ليتناثر فى كل مكان.......حتى تسمع صوت شوقى وهى يصيح بصوته الثائر القبيح قائلاْ لابد من أحرق قلب والدك عليك فلن أضيع وحدى ولقد حذرتك من قبل وينطلق بسيارته هارباْ

فتهرول رنين مسرعة نحو خالد وهى تصيح فى هيستريا خااااااااالد وتحتضنه والدماء تخضب ملابسها قائلة

لاتمت لا تتركنى وحدى فلن أستطيع الحياة بدونك فلا تتركنى أرجوك

فيحاول خالد جاهداْ الكلام مقاوماْ آلامه قائلاْ رنين أننى أواجه الموت الآن ولن أكذب عليك لأننى سوف أقابل ربى ....صدقيننى لم أفكر يوماْ فى قتل عادل ولم أطلب من شوقى ذلك حتى أن هناك شكوك أن كان هو بالفعل من قتله فليس لدينا دليل على ذلك ...نعم لقد أحببتك وقد كنت على أستعداد لفعل أى شئ فى سبيل حبك ولكننى لم أقتله صدقيننى وحياة حبنا أعظم حب..هذا الحب الذى طهرنى من حياتى اللاهية العابثة التى كنت أحياها.

فتنهار رنين والدموع تنهمر من عينيها بلا هوادة قائلة لا تجهد نفسك بالكلام أرجوك فهذا خطر عليك.

فينظر خالد فى عينيها متسائلاْ بصوت يجاهد الموت قائلاْ
هل ستسامحيننى؟؟؟؟

فتجيبه ودموعها تسبق كلامها نعم أسامحك ....فأنت حبيبى ...أنت من أحييتنى وجعلتنى أعيش بحق الحياة.....أنت عمرى الذى لن أحياه بعدك....أنت من أعطى قلبى النبض لكى يحيا فلن أدعك تمت وتتركنى وحدى أتعذب من لوعة الفراق.....لا تمت يا خالد أرجوك .....لا تمت.

فينظر خالد فى عينيها بنظراته الواهنة المفعمة بحبه إليها وهما يتبادلان نظرات الحب والخوف من الفراق حتى والموت يحلق حولهما يهددهما قائلاْ

لقد أرتاح قلبى الآن نعم الآن فقط سأموت وأنا أعرف أنك مازلتى تحبيننى لا ساخطة علىٌ . رنين لقد قولت لى بأن الله يغفر ذنوب العبد طالما تاب عنها ...فهل تعتقدين أننى حقاْ كفرت عن ذنوبى ؟؟؟؟

فتنظر إليه رنين والحزن يعصر ملامح وجهها قائلة رحمة الله أكبر كثيراْ من أعمالنا يا خالد .

فيبتسم خالد أبتسامة واهنة قائلاْ الحمد لله أننى قد قابلتك فى حياتى حتى تغيرينها قبل أن أقابل ربى ...ولكننى أعلم أن الله يعلم جيداْ أننى برئ من دم عادل وكنت أريد أن أرى فى عينيكى أنك تصدقيننى أيضاْ قبل أن أسلم روحى لخالقها. والحمد لله أرى ذلك فلقد أرتاح قلبى . ...نعم الآن فقط سأموت وأنا أعرف أنك مازلتى تحبيننى لا ساخطة علىٌ فأنا أود أن أموت الآن وعيناكى التى طالما عذبتنى هى آخر شئ أراه ....تلك العينين التى علمتنى الحب وكيف تكون الحياة... رنين ضعى يديك فى يداى أريد أن أشعر بها ضمينى بشدة حتى أفارق الحياة وأنا بين ذراعيكى .

ولكن رنين تصيح بصوت باكى ....لا....لا.... لن تفارقنى لا لن يفعل الله بى ذلك نعم فلم أجنى يوماْ على أحد حتى يكتب الله علىٌ العذاب طيلة حياتى . فلن تمت حتى لا أمت من بعدك. فأنا لن أحيا بعدك يوماْ واحداْ فالله سيكون رحيماْ بى ولن يدعك تمت وتتركنى فتماسك يا حبيبى من أجلى ......قاوم من أجل حبى لا تتركنى فقد كنت دوماْ تلاحقنى تقاوم عنادى ...فقاوم الآن من أجلى من أجل حبنا.

فيغيب خالد عن الوعى فتصيح رنين فى هيستريا

خااااااااالد تماسك من أجلى أرجوك.

ويتم نقل خالد إلى المستشفى وينهار شكرى الشايب فهو لا يصدق ما حدث ففى لحظة ممكن أن يفقد ابنه الوحيد.....فهو قد فعل كل ذلك من أجله وهو الآن قد يضيع منه فما فائدة ما فعله إذن وابنه قد يفقده للأبد.

بينما تبقى رنين واقفة أمام حجرة العمليات منهارة والدموع متحجرة فى عينيها لا تملك غير الأنتظار ولا يفارق لسانها كلمة يارب ...فهى تترجى الله أن يكون رحيماْ بها ولا يحرمها من خالد.

فيقترب منها محيى قائلاْ رنين يجب أن ترتاحين فأنت تبدين مرهقة تعالى معى لنتناول كوب من عصير الليمون حتى تهدأ أعصابك.

فتحاول رنين جاهدة الكلام قائلة لا أقدر يا محيى على تناول أى شئ. فقلقى على خالد يكاد أن يقتلنى فأنا لا أحتمل فكرة أن خالد قد يمت ويتركنى

فينظر إليها محيى فى تأثر قائلاْ

أعتقد أن من حق خالد علىٌ الآن أن أؤكد إليك الحقيقة التى أبيتى أن تسمعينها منه...رنين خالد برئ من دم عادل وحتى وأن كان شوقى فعلها وهو من قتله مع أن ذلك الأمر لم نتأكد منه بعد فخالد لم يعلم شئ بهذا الأمر ولم يخبره شوقى إلا منذ شهرين أو أكثر قليلاْ بعدما بدأ خالد يضجر من تصرفات شوقى وتجاوزاته فى العمل فقام شوقى بتهديده بإنه إن لم يكف عن البحث وراءه سوف يخبرك بأن خالد هو وراء مقتل عادل..فصدم المسكين عندما أخبره شوقى بذلك وكاد أن يفقد عقله وهو يفكر ماذا سيكون رد فعلك عندما تعلمين ذلك وكيف ستتقبلين الأمر وأنك لن تصدقين أنه برئ مماحدث وللأسف هذا ما حدث بالفعل ولكن خالد الآن بين يد الله ولن يفيده الكذب بشئ فهو برئ من دم عادل ولم يفكر للحظة فى قتله أتعلمين لماذا؟ لأنه أحبك فالحب قد طهر قلبه من أى شر .

فتنظر إليه رنين بعين باكية وهى تحدثه بصوت يعصر الألم والندم نبراته قائلة

كل هذا العذاب تحمله خالد وحده وأنا كنت أظن واهمة أنه قد عاد لحياته السابقة ولذلك كان يتهرب منى ...كم كنت قاسية عليه وكما قال فقد ظلمته معى كثيراْ...يا حبيبى يا خالد ياليت الله يكتب له النجاة حتى أعوضه عن كل ما سببته إليه من عذاب فإن مات خالد فلن أسامح نفسى أبداْ وسأبقى طيلة حياتى أشعر بالندم عن تعسفى وظلمى إليه.

فينظر إليها محيى فى تأثر قائلاْ لا نملك الآن سوى الدعاء إلى الله أن ينجيه حتى تعوضينه عن كل ما فات...فقد تعذب خالد كثيراْ يا رنين تعذب كثيراْ.

ويحل المساء وخالد لا يزال بداخل غرفة العمليات فتخرج رنين إلى الشرفة وتنظر إلى السماء تتأمل تلك اللوحة التى رسمها خالد إليها القمر وحوله النجوم ولكنها تراها الآن بصورة مختلفة وكأنها ترى اللوحة تبكى فقد أختفت البهجة ليحل محلها الحزن فهى ترى القمر وقد أختفت بسمته ليحل محلها الحزن .فمن يعصر الحزن قلبه يرى كل شئ حوله حزينا.

فتناجى رنين ربها باكية ....يا إلهى لقد كنت شاهد على ٌ وعلى حياتى فقد تعذبت كثيراْ فى طفولتى وصباى ودفعت ثمناْ باهظاْ لهذا الخواء العاطفى الذى عشته طيلة عمرى وكان خالد بمثابة طوق النجاة الذى ألقيته لى لينقذنى مما كنت أعانى منه ولكنه الآن يضيع منى ولن أستطيع تحمل ذلك فأنا أدعوك يا أرحم الراحمين بأن ترحمنى وتقف بجواره وتعيده لى ...فلم أخطئ يوماْ فى حقك وكنت أخشاك فى تصرفاتى فكن رحيماْ بى ولا تتخلى عنى فأنا بدون خالد لن أقدر على الحياة ...ثم تترجى ربها باكية والدموع تبلل خديها قائلة

يارب قف معى أستحلفك باسمك الأعظم الذى إذا دعيت به أجبت أن تقف مع خالد وتنجيه حتى لا تتحول حياتى إلى جحيم وعذاب لا نهاية له.

وتقف رنين مع نفسها تسترجع ذكرياتها فهاهى تعود من حيث بدأت ولكن بآلام وجراح أعمق فلن يفارقها خالد مهما طال بها العمر فسيبقى هو حبها الأول والأخير .هذا الحب الذى عذبها وحيرها فى بدايته وزادها عذاباْ وآلاماْ فى آخره. سيبقى قلبها ينبض بحب خالد طالما سيبقى به النبض فطالما هى تحيا سيبقى خالد يحيا بداخلها .

حتى تسمع صوت صديقتها مريم وهى تصيح بلهفة وقلق قائلة رنين حبيبتى كيف حالك؟

فما أن تراها رنين حتى تلقى بجسدها بين ذراعيها وتنهار باكية وكأنها تسلم هذا الجبل من الهموم الذى تحمله على عاتقها إليها قائلة مريم أنا أفقد خالد يا مريم.... أفقد خالد.

فيتحدث حسين قائلاْ للأسف سوف يلقى نفس مصير المرحوم عادل فأن الله يمهل ولا يهمل.

فى دخلة شكرى الشايب وقد سمع كلام حسين متسائلاْ فى دهشة وأستنكار ماذا تقصد بهذا الكلام؟

فينظر إليه حسين قائلاْ ألا تعلم يا شكرى بك أن ابنك ومساعدك الحقير شوقى قد قتلا عادل؟؟؟

فيحدق شكرى فى وجهه بدهشة وأستنكار قائلاْ

من قال هذا الهراء فليس لخالد ابنى أو هذا الحقير شوقى أى دخل فى مقتل عادل هذا. فلن يحدث أمر هكذا بدون علمى أبداْ .

فتنظر رنين إلى حسين قائلة حسين ليس لخالد أى يد فى مقتل عادل وقد أصبحت متأكده من ذلك بينما الحقير شوقى فأن كان قتله أم لا فهو سوف يأخذ جزاءه عما فعله .

فيؤكد شكرى قائلاْ لقد وصل إليه رجالى وسوف يسلمانه إلى الشرطه ولن أهدأ إلا أن يأخذ جزاءه عما فعله فلن يفلت أبداْ بمحاولة قتل ابنى .

حتى يسمعوا أصوات فى الأستراحة فتخرج رنين مسرعة ويلحق بها شكرى ليتبينوا ما الأمر .

ليجدوا عشرات
الأطفال من دار الأيتام يقفون أمام غرفة خالد يدعون إليه بالشفاء والنجاة من الموت

فتبتسم رنين وتنظر إلى شكرى الشايب قائلة هؤلاء هم الكنز الحقيقى الذى يمتلكه خالد فقد تكون دعواتهم هذه إليه الآن هى التى ستنجيه من الموت لا ملايينك التى تحرص على جمعها.....فهؤلاء حبهم هو الثروة الحقيقية التى يجب أن يسعى الأنسان إليها ويحرص على جمعها حتى تصبح سنده فى الدنيا والآخرة. وتنضم رنين إلي الأطفال الذين يلتفتون حولها داعين الله أن يشفى خالد وينجيه من الموت ولقد ظلوا هكذا طوال الليل رافعين كفوفهم إلى الله والدموع تبلل خديهم راجين رحمة الله
.

ليست هناك تعليقات: