الاثنين، 18 أغسطس 2008

الفصل الثالث والثلاثون من دماء على جسر الحب والأخير

حتى يخرج الطبيب من غرفة العمليات معلناْ نجاة خالد فما أن تسمع رنين ذلك حتى تفقد وعيها من شدة إرهاقها وتوترها.

وفى غرفة خالد يلتف الجميع حوله وخالد يبدأ فى أستعاده وعيه تدريجياْ وما أن يفتح عينيه حتى تقع على رنين وهى تجلس بجواره وتمسك يديه وكلها لهفة وسعادة لرؤيته يعود مرة أخرى إلى الحياة وتبتسم إليه تلك الأبتسامة التى تنر وجهها فتضيف إليه حيويه وإشراقاْ .

فيبتسم خالد وبصوت يبدو مرهقاْ ومجهداْ يحدثها قائلاْ

لقد تمنيت أن تكون عينيكى هى أول شئ تقع عينى عليه إذا قدر الله لى الحياة مرة أخرى كما كانت هى آخر شئ رأيته قبل أن أفقد الوعى.

فتبتسم رنين قائلة بحب

ولن تفارقك أبداْ مهما حدث فأنت حبيبى الوحيد وقلبى وعمرى ولن أسمح لك أن تعذبنى وتبتعد عنى وتشغلنى عليك مرة أخرى.

فيبتسم خالد قائلاْ ومن قال أننى أقدر على ذلك حتى وأنا غائب عن الحياة وفاقد الوعى كنت معى روحك لم تفارقنى لحظة.

فتتسع أبتسامة رنين قائلة

ولكننا لن نكون وحدنا بعد الآن فسوف يشاركنا ضيف جديد حياتنا؟

فيعقد خالد حاجبيه فى دهشة مردداْ ماذا تعنين؟

فتبتسم رنين قائلة

هناك شريك سوف يشاركك فى قلبى .

فلا يصدق خالد ما يسمعه مردداْ فى سعادة أنت.......؟؟؟؟

فتهز رنين رأسها فى إيجاب قائلة

نعم أنا حامل

فيصيح خالد فى سعادة قائلاْ

هذا أسعد خبر سمعته فى حياتى ....أنا سأكون أب ...رنين أحبك فمن الآن لن نفترق أبداْ فوداعاْ للأحزان.... وداعاْ للخوف ..فالآن ستبدأ حياتنا بدون خوف أو قلق ..رنين أحبك ولن أستطيع الحياة بدونك ولن أسمح لك أن تعذبيننى مرة أخرى بعنادك وشكك دوماْ فى صدق حبى إليك. خاصة بعد قدوم ثمرة حبنا الذى سيتوج هذا الحب إلى الأبد.

فيقترب منه حسين قائلاْ

آسف يا خالد إن كنت شكيت فيك لحظة ولكن سامحنى عادل كان صديق طفولتى ولم يكن من السهل علىٌ أبداْ أن أعلم بأنك قد يكون لك يد فى وفاته . ولكن الحمد لله ظهرت الحقيقة التى كان يجب أنت تكون واضحة لنا منذ البداية ولكن أعتقد أن قلبك الكبير سوف يسامحنا جميعاْ.

فتضحك مريم قائلة

بالطبع سوف يسامحنا فهو خالد الرجل الوحيد الذى أستطاع أن يخترق قلب رنين وفى نفس الوقت أستطاع أن يتحملها كل هذا الوقت . ثم تكمل فى دعابة قائلة ولا أخفى عليكما فهذا أمر شاق للغاية وأسألونى أنا من تحملتها كل هذه السنين والحمد لله حتى الآن لم يصيبنى الجنون.

فيضحكون جميعاْ

فيمسك شكرى الشايب يد ابنه وهو ينظر إليه فى تأثر وحب قائلاْ

لم أكن أعلم أننى أحبك إلى هذا الحد فقد تمنيت أن أموت أنا وأن يتركك الله لتعيش ..سامحنى يا حبيبى إن كنت تسببت فى عذابك مرة وتدخلت فى حياتك فمن الآن قد عاهدت نفسى بأننى لن أتدخل فى حياتك مرة أخرى .

فينظر إليه خالد فى تأثر قائلاْ

لا تقل ذلك يا أبى ولقد نسيت كل ما حدث ولسوف نبدأ جميعاْ من الآن صفحة جديده نبدأها بكل حب وبكل صفاء .

وتمر الأيام وتعقبها الشهور حتى يتماثل خالد الشفاء وفى شرفة القصر تجلس رنين مع خالد فى المساء يتسامران

فتضحك رنين قائلة

لن تستطيع أن تتخيل والدك وهو يلهو مع الأطفال فأنا لأول مرة أراه يتخلى عن حدته وقوته ليتحول إلى رجل بسيط على سجيته التى لم أعتادها عليه ...حقاْ أنا لأول مرة أراه سعيداْ بحق يبتسم من قلبه دون أى مجاملة ورسميات.

فيرمق خالد رنين بنظراته الوالعة بها قائلاْ

من يقترب منك يعرف معنى السعادة الحقيقية حتى أبى قد تغير على يديك وأصبح إنسان آخر بقلب ومشاعر فشكرى الشايب غول السوق أصبح رجل الأعمال الخير صاحب أضخم المشاريع الخيرية والهادفة لمساعدة المحتاجين والبسطاء.

فتضحك رنين قائلة

لن تتخيل حجم سعادته وهو يحتضن طفل يتيم ويقدم إليه هدية فوالدك بداخله كم كبير من المشاعر والأحاسيس النبيلة كانت فى حاجة إلى من يخرجها ويكتشفها حتى تكشف عن شكرى الشايب الحقيقى. أتعلم يا خالد أنا أريد أن أعلم أولادنا الحب ...أن أعلمهم أن الحياة حب وعطاء لا أخذ وجفاء...وكلما تعطى كلما ستأخذ...وكلما تبذر حب ستحصد سعادة وهناء.....فوراء أى سعادة لحظة حب صادقة .
ثم تنظر إلى خالد بنظراتها الحالمة قائلة

خالد أحبك وشكراْ لك على حبك وصبرك معى...ثم تتجه نحو سور الشرفة وترفع رأسها إلى السماء وتشاور إلى القمر وكأنها تحييه قائلة

أنظر إلى القمر فهو يبتسم إلينا والنجوم ما أروعها الليلة فهى تزداد تألقاْ وبريقاْ وهاهو ملك العشاق يحينا فهو الذى شهد على مولد حبنا الذى عانى كثيراْ معنا. فحقاْ من لم يذق طعم الحب الحقيقى لم يعش الحياة. فلو كان بين أبى وأمى حب حقيقى ما كانت حياتهم أصبحت مليئة بالمشاحنات والخلافات وتسلل الملل إلى حياتهم. لو كان بينى وبين اخوتى حب حقيقى ما كان هذا التباعد بيننا .فالحب هو سر السعادة ....سر الحياة فأنا أحمد الله كل ليلة على حبك لى فهو من أحيانى ...عرفت معه أجمل المعانى ...أجمل المشاعر حتى آلام الحب كان لها طعم آخر فقد عذبنى حبك وقد أسعدنى ..كم أضحكنى وكم أبكانى...كم آلمنى وكم داوانى ...خالد أنا حقاْ سعيدة وأود الآن أن أجعل العالم كله سعيداْ مثلى ..أتمنى أن أصيح قائلة للعالم أجمع أن الحب هو سر الحياة.... سر السعادة ..... سر الوجود.

وتمر الأيام حتى تضع رنين مولودها الأول أدهم الذى توج ثمرة حبهما وكم كانت سعادتهم جميعاْ بهذا الطفل وخاصة شكرى الشايب فقد أصبح حفيده هو كل حياته فقد تفرغ إليه وكرس معظم وقته لحفيده وللمشاريع الخيرية ولمساعدة المحتاجين والأيتام.

أما خالد فقد تفرغ لإدارة الشركات حتى كون لنفسه اسم كبير فى السوق دون الأعتماد على اسم والده ورنين قد عزمت جاهده على فعل كل ما بوسعها لنجاح هذه الأسرة القائمة على الحب والترابط والعطاء والتفاهم هذا النموذج من الأسرة الناجحة التى فقدته رنين فى حياتها فهاهى تعيشه الآن وتراه أمامها وهى جزء من هذه الأسرة التى تنعم بهدوئها تضحك لضحكاتها وتتألم لأحزانها فالآن فقط يجب أن تودع الخوف فلن تخشى شيئاْ بعد الآن ...سوف تترك الخوف الذى طالما صاحبها حتى خوفها على أسرتها سوف تتخلى عنه فقد قررت أن تستمتع بكل لحظة دون خوف من المجهول ....من المستقبل. فهى تعيش الآن أجمل أيام حياتها مع زوجها الحبيب خالد ولا يجب أن تضيع سعادتها تلك من بين يديها كما فعلت من قبل ...نعم

فرنين بعد كل ما حدث لها قررت أن تجلس مع نفسها تفكر فى حالها فى طريقتها فى التفكير ...تتذكر كلام خالد لها بأنها هى السبب فى كل ما حدث لهما .....تفكر فى كلام مريم وهى تقول لها بأنها هى التى تعذب نفسها بيديها ...تفكر فى كلام محيى الذى قاله لها أن خالد يحبها أكثر حتى مما يحب نفسه وأن حياته قد غيرها من أجلها ..فتقرر رنين أن تواجه نفسها بالحقيقة ...نعم الحقيقة التى واجهها بها الجميع ولكنها كانت ترفض أن تصدقها . ولكن يجب أن تواجه نفسها بها الآن حتى لا تدعها تحطم حياتها وتفسد عليها سعادتها ...فلقد أضاع منها الخوف أجمل أيام حياتها ....فلم تكن تصدق بأنها ستجنى السعادة حتى وهى تنعم بها كانت تشك فى وجودها فلم تتمتع بها ولا بحب خالد الذى غمرها به فقد كانت تنتظر خيانته وثورته عليها وشجاره معها فى أى لحظة .حتى أفسد الخوف عليها سعادتها معه.ولكنها قررت ألا تدع الخوف يتسلل إلى حياتها ويفسد عليها سعادتها بعد الآن . فقد أصبحت تؤمن بوجود الحب...فالحب طائر يطوف ويحلق فى السماء ولا يقف على أى غصن إلا من طلبه وتمناه فمن عانده وسخر منه أصابته لعنته ومن تمناه وحلم به نال حلاوته .
فبأيدينا نصنع حياتنا ونختار سعادتنا أو شقائنا .

فينضم خالد إليها قائلاْ فى دعابة أمازلتى تخوننى مع القمر؟؟؟؟

فتبتسم رنين قائلة

أنه شريكك فى قلبى فهو من علمنى الحب ....أنسيت أنه كان مرسال حبنا.

فيضمها خالد بين ذراعيه وأبتسامته الساحرة تنر وجهه قائلاْ

لم أنسى يا حبيبة القلب ولكن قولى لى ما أخبار أولادنا؟

فتبتسم رنين قائلة

أنا حتى الآن لا أصدق أننى حامل فى تؤم

فتتسع أبتسامة خالد قائلاْ

كم أتمنى أن يتكرر ذلك فى كل حمل حتى يكون لى منك أكبر عدد من الأبناء

فتعقد رنين حاجبيها فى دهشة قائلة

ما هذا لم أكن أعلم أنك إلى هذا الحد تريد الخلاص منى !!!! فمن أين لى بالصحة

حتى أنجب لك كل هذا العدد؟؟؟؟

فيبتسم خالد قائلاْ

أنا أحبك وأتمنى أن نكون عائلة كبيرة قائمة على الحب وتعيش فى سعادة فقد كنت دوماْ أتمنى أن يكون لدى عائلة كبيره أحبها وأهتم بها.

فتسلم رنين رأسها إلى كتف خالد قائلة

طالما نحن معاْ سنحقق كل أحلامنا فالحب الذى توج قلوبنا سينر لنا حياتنا وسيصل بنا إلى بر الأمان ....بر السعادة.

ويقفان معاْ ينظران إلى الغد بكل حب ...بكل أمل والقمر فوقهما ينر السماء بوجهه المضئ المبتسم يحيهما.

وتمر الأيام ويعقبها السنين ورنين تعيش حياتها كما يجب أن تكون بدون قلق أو خوف وتخرج إلى شرفتها تنظر إلى ابنائها وهم يلعبون مع جدهم ووالدهم فى حديقة القصر ..تتأمل أسرتها الجميلة وأولادها أدهم وأياد والجميلة نيرة.

فيشير إليها خالد بيده فتبادله رنين التحية بأبتسامتها العذبة المشرقة .متأملة جمال أسرتها فتحمد الله عليها وتنظر إلى السماء تأمل فى فجر يوم جديد بلا حزن أو ألم ...تأمل فى دوام الأستقرار والسعادة لأسرتها المتحابة والمترابطة

فتبتسم قائلة لنفسها

لاه الغد هو ملك الله وأنا أثق فى رحمته ..أما اليوم فهو أعيشه الآن فيجب أن أتمتع به مع أسرتى الغالية بلا خوف أو قلق يفسد علىٌ سعادتى.

وهكذا صارت الحياة برنين ...فعجباْ لتلك الحياة فقد تكون حياة الواحد منا كفيلم سينيمائى لا يصدقه عقل وهذا ما حدث مع رنين فحياتها كانت عجيبه وكأنها فيلم كتب السيناريو فيه القدر ولم تملك هى فى أحداثه شيئاْ سوى الأستسلام للأقدار تسيرها كما تشاء ولكنها كانت رحيمة بها فى النهاية وكانت جائزتها إليها تلك الأسرة التى أفتقدتها فى حياتها فهاهى تنعم بها الآن وتنعم بحب كل من حولها خاصة زوجها المحب خالد. هذه الحياة التى لم تؤمن يوماْ بوجودها من قبل فهاهى الآن تحياها...فقد آمنت بأننا نحن من نصنع بأيدينا الحياة حتى لو كانت تعوقها بعض العقبات والصعاب بالأيمان والرغبة فى نجاح الحياة سنجتاح أى صعاب . فالمهم هو أن نؤمن بوجود السعادة والحب حتى ننعم بهما ونستمتع بحياتنا بلا خوف أو قلق من المجهول....لأن المجهول بيد الله وليس بأيدينا

فوراء أى سعادة حب صادق نابع من القلب.


تمت بحمد الله.

ليست هناك تعليقات: