الاثنين، 12 أكتوبر 2009

الحلقة العاشرة من قصة المنزل الزجاجى


عقدت أميرة حاجبيها فى دهشة عندما رأت دكتور محسن من العين السحريه ..وقبل أن تفتح الباب تنبهت أنها ترتدى جلباب البيت ولا يصح أن تقابله هكذا فرفعت من نبرة صوتها وهى تحدثه من خلف الباب قائلة

دكتور محسن ممكن ثوانى أغير هدومى وأفتح لحضرتك

فيجيبها من خلف الباب قائلاْ

أنا حانتظرك عند إيهاب

فما أن سمعت أميره اسم إيهاب حتى أصابها الذهول ..مردده إيهاب

أرادت أن تعترض ولكن دكتور محسن لم يعطى لها الفرصه ..خلال ثوانى قليله كان غادر باب شقتها متجهاْ نحو شقة إيهاب.

لم تجد أميره مفر ..بدلت ملابسها والأسئله تدور بذهنها فى حيرة

ماذا يريد منها دكتور محسن ؟ ولما يريد مقابلتها عند إيهاب؟ هل أشتكى له إيهاب منها بعد حوارها الأخير معه؟ وما دخل دكتور محسن فى ذلك؟ ثم تنهدت فى حيره قائلة

لا أعلم ...

أتجهت بالفعل إلى شقة إيهاب والفضول والقلق يسيطران عليها ..... يثير دهشتها أنها وجدت باب الشقة مفتوحاْ... وسمعت أصوات مختلطه تصدر من الداخل ....

فتدخل بحذر لتفاجئ بعدد كبير من الأشخاص يبدو من ملامحهم انهم عرب..نساء ورجال وبعض الأطفال الصغار يلهون ويمرحون .

حدثت نفسها قائلة

من الواضح أنها حفلة.

خطت بقدميها للداخل وقد بدا عليها الإرتباك والإحراج .. كانت تتأمل الوجوه الغريبه التى تراها لأول مره ...يبدو أنهم يعرفون بعضهم جيدا ... حتى اثار دهشتها ما رأته

..لوحات وصور للآثار الفرعونيه المصريه فى كل ركن ومكان بالشقه ..بخلاف تماثيل وأنتيكات صغيره للأهرامات وأبو الهول وتماثيل لتوت عنخ آمون ونفرتيتى وغيرهم من ملوك الفراعنه ....

حتى وقعت عيناها على علم مصر معلقاْ على الحائط وقفت أمامه ..تتأمله للحظات وعلامات الدهشة والإستغراب ترتسم على وجهها. وهى تتساءل

ترى هل يضع ايهاب تلك الاشياء فى شقته ليثير اعجاب صديقاته والفتيات الامريكانيات والمعروف ولعهم بالحضاره الفرعونيه... فيبدو لهم وكأنه حفيد الفراعنه مما يزيد من رغبتهم به

ام لانه يشتاق حقا لمصر ولذلك يضع فى شقته صور لاثارها الخالده ...ولكنها مالت للتفسير الاول فهو يتلائم أكثر مع شخصيه إيهاب كما تعرفها .

بحثت بعينيها عن دكتور محسن حتى وجدته يجلس مع إيهاب وبعض الشباب العرب ومعهم رجل يبدو فى الستينات من عمره أبيض يبدو من ملامحه أنه أمريكى ..بدا لها أنها رأته من قبل ولكنها ليست متأكده من ذلك .. ..ما أن رآها دكتور محسن حتى أشار إليها بيده لتنضم لهم

فأخذت أميره نفساْ عميقاْ وعينيها على إيهاب الذى تجاهل النظر إليها ..بدا عليها التردد وهى تفكر محدثة نفسها

هل تنسحب بهدوء فمن الواضح أنه تجمع للأسر العربيه فى شقة إيهاب ولكنه لم يدعوها ..فمن المؤكد أنه لا يرغب فى وجودى ومعه حق فى ذلك

فقد كنت قاسية فى كلامى معه .. حتى أنا نفسى لا أعرف لماذا تحدثت معه بتلك الثورة والغضب ..ما شأنى أنا بحياته ...ولكن ماحدث قد حدث ولن يفيد الندم أو التفكير فيه الآن .....سوف أعتذر لدكتور محسن وأتحجج بأننى مرهقة وأريد أن أرتاح ..هذا أفضل

وبالفعل تتجه نحو دكتور محسن الذى يصيح قائلاْ فى ترحاب

تعالى يا أميره ...أعرفك على دكتور ( مايكل سميث) أستاذ فى قسم البيولوجى عندنا فى الجامعه ..أكيد حاتستفيدى كثير لما تقعدى معاه ...

فما أن يرى الدكتور مايكل أميره يقف وينحنى ليقبل يدها وعلى شفتيه الإبتسامة قائلاْ

مساء الخير سيدتى الجميله

كم كان لطيفاْ بدا لها وكأنه بطل من أبطال السينما ...آثار الإرستقراطية تبدو عليه واضحه فى كل حركه ولفته ..وعلى الرغم من بلوغه الستين فإنه لايزال يحتفظ بمظهر جذاب ..قامة فارعة وجسد رياضى ممشوق ....بشرة متماسكة قليلة التجاعيد ....ولكن أكثر ما يميزه ويزيده وسامه هو عينيه الزرقاوان ونظرته الناعمة المبتسمه دائماْ.

إبتسمت أميره وهى تحييه... لا تستطيع أن تنكر انها إنبهرت بطريقته المهذبه وشياكته فى الترحيب بها ..تحدث محسن قائلاْ

دكتور مايكل زار مصر مرتين

فصاحت أميره على الطريقه الأمريكيه فعلى الرغم من الفترة القصيره التى قضتها بأمريكا.... إلا أنها أستطاعت أن تكتسب العديد من صفاتهم وأهمها هو إبداء الاثاره الزائده عن اللزوم عن أى شئ يقال لك ..حتى وإن كنت فى الحقيقه لا تهتم بما يقول الطرف الآخر ولكنك تظهرانبهارك بما يقال وكأنه شئ عظيم .

واو عظيم وياترى حبيت مصر

بالتأكيد خاصة الأهرامات شئ مذهل ..حضارة عظيمه

بالتأكيد

ثم يهز رأسه فى أسف قائلاْ

لكن للأسف فى الزياره الأخيره لمصر ..حسيت أنها أتغيرت كثير..

فيتدخل محسن فى الحديث قائلاْ

يا عزيزى الوضع فى مصر بيتدهور بطريقه تخوف

فيهز مايكل رأسه موافقا على كلامه قائلاْ

بالفعل ..أنا زورت مصر مرتين ..مره فى سنة 90 ومره الثانيه 2006 صدقنى حسيت بتغيير كبير جدا فى كل حاجه ..

فى الزياره الاولى كنت بحب أتمشى فى شوارع القاهره...وبستمتع بكل حاجه بتفرج عليها خاصة فى الأحياء القديمه زى الحسين وخان الخليلى والسيده زينب..كانت متعه كبيره بالنسبه ليه..

وأجمل حاجه الناس وبساطتهم .... كانوا لما يشوفونى يشيروا لى بترحاب وأحس بالفرحه فى عنيهم ولما كنت بعطى أى واحد دولار كان بيفرح جدا ويشكرنى . كنت بحس بالرضا والسعاده فى عيونهم. كان شئ جميل حقاْ.

..لكن للأسف فى زيارتى الأخيره ..أكتشفت أن الوضع تغير تماما ..زحمه وهمجيه والناس تحس أنهم مهمومين ..غابت الابتسامه من الوجوه ...حتى نظراتهم ليه أتغيرت ..غاب إحساسى بالجمال لكل شئ زورته من قبل وكأنى بزور بلد آخر .

تخيل لما أدخل محل عشان أشترى أى حاجه أو أروح أى مكان يقولى العامل

No tip ………No service.

فيهز محسن رأسه فى أسف وهو يؤكد على كلامه قائلاْ

للاسف أنا بسمع حكايات فعلاْ بتحزنى عن تدهور أحوال البلد غير انتشار الفساد والفجوه بين الطبقات وغيره من مشاكل تعقدت لدرجه أنه أصبح من الصعب أننا نقدر نحلها...مصر للأسف فقدت الكثير من جمالها وجمال الحياه فيها.

فيومأ إيهاب برأسه فى سخريه

كل ده نتيجه طبيعيه لأن مافيش تخطيط سليم ولا عداله فى التوزيع والفساد المنتشر والمتوغل فى كل مكان وغياب الحريه والديموقراطيه الحقيقيه ولسه الوضع هيزداد سوءا..أنا الحمد لله مريح دماغى ومابنزلشى مصر من الأصل.
قال ذلك بكل فخر

شعرت أميره بالضيق مما يقال ..كيف يستطيع شخص أن يهين بلاده ويسخر منها هكذا ..حتى وإن كان جزء كبير مما يقال صحيحاْ ...ولكن ليست مصر بهذا السوء الذى يتحدثون عنه

..مصر بلد جميله جدا ولا زالت تحتفظ بجزء كبير من جمالها على الرغم من الظلم الذى تعانى منه . .....وهو مين إللى ظلمها ماهو أولادها ...بدل ما هما بيسخروا منها ليه ما بيحاولوش يصلحوا فيها....

شعرت بأن من واجبها كمصريه تعشق تراب بلدها أن تدافع عنها فتدخلت فى الحديث قائله بكل ثقة وحماسه

الشعب المصرى شعب صبور على الرغم من كل المحن اللى بيمر بيها عايش وصابر ...الرجل الموظف الغلبان إللى مرتبه بسيط بيعانى ويكافح عشان يقدر يربى أولاده ويكفى بيته ويعبر بيهم لبر الأمان ..

فعلا الابتسامه والشعور بالرضا غاب عن معظم الوجوه المصريه وده يرجع لصعوبة الحياه وتعقيدها ....بس للأسف أحنا بس بنحب ننقد من غير ما نقدم حلول أو نساعد فى حل المشكله

ثم نظرت إلى مايكل قائلة

يا دكتور مايكل لما تقرأ عن تاريخ مصر حاتعرف أنها ياما مرت بمحن كثير وصعاب من الصعب على أى دوله غيرها أنها تتحملها ... ولكنها كانت بتقدر تقاوم وترجع من ثانى تقف على رجليها ..وصدقنى فى يوم من الأيام حاترجع مصر ثانى زى ماكانت ..

عارف ليه لأن هى دى مصر .

وبلهجة ساخرة قال إيهاب باللغة العربيه بصوت مسموع أخترق سمعها

كلام شعارات وأغانى .

فحدجته أميره بنظره غاضبه مستنكره ولكنها تجاهلت الرد عليه

فحاول محسن أن يغير مجرى الحديث ونظر إلى أميره وهو يشير إلى دكتور مايكل قائلاْ

دكتور مايكل عالم كبير وأحسن محاضر على مستوى تكساس ..أتمنى أنك تقدرى تستفيدى من علمه وأعتقد أن مافيش أحسن من الفرصه دى أنك تكلمى معاه

فيشير مايكل بيده ويصيح قائلاْ

أنا لا أحب أن أتحدث عن العلم فى وقت الراحه ..ثم نظر إلى أميره وأكمل قائلاْ

سوف أنتظرك فى مكتبى فى أى وقت لنتحدث عن كل ما تريدين معرفته..

فأبتسمت أميره مرحبه

أكيد يا دكتور و يشرفنى أنى أستفيد من علم عالم كبير مثلك ...

ثم تنظر إلى دكتور محسن وتعتذر إليه قائلة

الحقيقه يادكتور محسن أنا مرهقه جدا ومحتاجه أنى أرتاح ...كان نفسى أنى فعلا أتعرف على كل الموجودين ..وأشاركم الحديث وأتعرف أكثر على دكتور مايكل ..بس إن شاء الله مره ثانيه

ما احنا مش عاجبين الدكتوره..قال إيهاب ذلك باللغه العربيه دون النظر إليها

فحدجته بنظرات ضيق ولكنها تجاهلت ماقاله مرة أخرى واستأذنت وشقت طريقها نحو شقتها

لحق بها إيهاب ونده عليها معتذراْ

آنسه أميره.... ..أنا آسف

فألتفتت إليه والغضب يمتلك ملامح وجهها وقبل أن تثور عليه معاتبه .تراجع نفسها وتهدأ قليلاْ وتنظر إليه قائلة

أعتذراتك كثرت

فيومأ برأسه قائلاْ

وأعتقد أنك مدينه ليه بأعتذار

فتعقد أميره حاجبيها فى دهشة قائلة

أنا !! ليه ؟ ..أنا ماغلطتش فيك ..

يعنى أنت شايفه أنك ماغلطتيش فى كلامك معايا

فتومأ أميره برأسها وتصر قائلة بثقة

ممكن اكون كنت شديده معاك او صريحه زياده عن اللزوم وده طبعا مش من حقى .. خاصة وأن مافيش علاقه قويه بينا تسمح ليه بأنى أكلم معاك بكل صراحه ...بس ده مايمنعشى انى كنت بواجهك بالحقيقه..

فيرمقها إيهاب بنظرات متأمله للحظات ثم يمط شفتيه ويتنهد قائلاْ بصوت هادئ

ممكن فى يوم من الايام تتعرفى عليه أكثر وجايز نظرتك فيه تتغير

تصمت أميره دون أن تعقب بكلمة

فيومأ إيهاب برأسه ويعيد ماقاله بثقه أكبر قائلاْ

أنا واثق من أنك فى يوم من الأيام حاتغيرى نظرتك فيه

فتأملته أميره للحظات وملامح وجهها جامده لا تنم على أى تعبير ثم تأخد نفسا عميقا قائلة

كل شئ فى الدنيا جايز ..وأتمنى فعلاْ أن نظرتى فيك تتغير فى يوم من الأيام
ثم تتركه متجهه نحو شقتها

فيتأملها إيهاب ويراقبها حتى تختفى من أمام ناظريه وتدخل شقتها ..فيأخذ نفساْ عميقاْ ويعود إلى شقته وضيوفه.

تجلس رجاء على فراشها وهى تقرأ إحدى روايات حاتم منصور ....وبعد أن انتهت منها ألقت بها جانباْ وتنهدت وهى تحدث نفسها قائلة

أكيد زوجتك إنسانه محظوظه جدا يا حاتم لأنك زوجها ..كل جمله بتكتبها بحس أنها جمله موسيقيه ..بتلمس أوتار القلب وتسكن العقل ...أكيد إنسان حساس زيك ..زوج رائع تحلم بيه وتتمناه أى بنت...ثم راودها سؤال

ترى هل لا يزال يفكر بى حاتم منصور؟

فتنهدت تنهيده حارة وعادت برأسها لتسند على ظهر السرير تحدث نفسها قائلة فى يأس

لا يهم ..فمهما كانت الاجابه لا تهم .

فتدخل عليها فريده ..فما ان تراها حتى تعتدل رجاء فى قعدتها وتبتسم ابتسامه باهته مرحبه بها قائلة

تعالى ياماما ...خير فى حاجه؟

فترمقها فريده بنظراتها القلقه وتجلس بجوارها وبصوت الام الحنون تسألها قائلة

مالك ياحبيبتى بقالك فتره على طول سرحانه وساكته وبشوف نظرات حزن فى
عنيكى

فتتصنع رجاء الابتسامه وتطمأنها قائلة

انا بخير ياماما

ثم تومأ برأسها وبصوت يتصنع المرح تكمل قائلة

يعنى شويه اكتئاب كده ..بس أكيد أنا بخير

بعد الشر عليكى من الاكتئاب ياحبيبتى ..عموما ممكن الموضوع اللى حاكلمك فيه يضيع الاكتئاب ويرجع ابتسامتك الحلوه من ثانى

فتنظر اليها باهتمام متسائلة

موضوع أيه؟

فتتسع ابتسامه فريده وتضم رجاء إلى صدرها وهى تلمس على شعرها برفق قائلة

بابا كلمنى وقالى أن فى شاب مهندس كلمه عنك وعايز يزورنا فى البيت عشان يتعرف عليكى ويخطبك

فترفع رجاء رأسها وتتجمد ملامحها للحظات ثم يخيم الحزن والضيق عليها وكأنها لايروق لها ماسمعته.

فتندهش فريده متسائلة

رجاء ياحبيبى ...أنا حاسه أنك إضايقتى

فتصيح رجاء بانفعال

ثانى ياماما او رابع بمعنى اصح ..عريس ثانى حايشوفنى وطبعا مش هنول رضا الاستاذ وجايز يسمعنى كلمه او يعمل حركه غبيه تجرحنى ويمشى

..لاه ياماما أنا مش عايزه احط نفسى فى الوضع ده ثانى ..انا بحس بمهانه كبيره قوى بعد كل موضوع

..بحس وكأنى مجرد فستان متعلق فى محل والزبون بيقلب فيه ولما مااعجبوش بيزيحنى بأديه بمنتهى المهانه ويدور على غيرى.

قالت ذلك بمراره وألم عميق.

نظرت إليها فريده بتأثر وشفقة ثم إبتسمت فى محاولة لتخفيف الأمر عليها وبث الثقة بنفسها قائلة بصوت الأم الحنون

ليه بتقولى كده ياحبيبتى ..أنت عروسه ممتازه واى بنت فى الدنيا معرضه انها يشوفها عرسان وممكن مايحصلشى قبول ..انت ليه حساسه كده؟..وبعدين انا المرادى متفائله جدا..العريس رجل متدين ومحترم ومهندس ..هو صحيح اكبر منك بحوالى 15 سنه وبيشتغل فى السعوديه يعنى للاسف حاتبعدى عنى وتسافرى ..بس الاهم عندى سعادتك والسن مش قضيه كبيره الاهم انه يكون شخص محترم ويصونك وانى اطمن عليكى فى بيتك ....

وتبتسم إبتسامة صافيه وهى تنظر إليه قائلة

وهى دى سنة الحياة وكل بنت فى الدنيا ليها نصيبها إللى بتقابله فى الميعاد إللى ربنا كاتبه


تضع قبله عميقه على جبينها وتدعو لها بالتوفيق والسعاده فى حياتها وتتركها وحدها تفكر

إنتاب رجاء القلق والتوتر ..فهى تخشى أن يتكرر معها ماحدث من قبل...فهى لن تحتمل أى صدمه جديده خاصة فى تلك الفتره... فهى لازالت متأثره بما حدث بينها وبين حاتم .

.لازالت تفكر فيه وفى كل كلمه قالها لها ..حاتم هو الشخص الوحيد الذى كان يعاملها برقة وإحترام ويشعرها بأنها فتاة مثل باقى الفتيات
...أنثى يوجد من يهتم بها ويشعر بوجودها .... يعجب بها ويحتاج إليها .

.وعلى الرغم من كل هذا ..فهو إيضا الشخص الوحيد الذى إبتعدت عنه بإرادتها وهى التى تركته وإنسحبت من حياته ....

حتى تقع عينيها على روايته وتقرأ اسمه
فتأخذ نفساْ عميقاْ وتغوص برأسها فى وسادتها وهى تفكر متسائلة

هل يمكن أن يكون القدر قد أرسل إليها نصيبها الآن فى هذا الوقت حتى يساعدها على نسيان حاتم؟ ....قد يكون يكافئها لأنها إبتعدت عنه لأنه متزوج.... فأرسل إليها من يصلح لها ويعوضها عنه...عندما فكرت فى هذا الإحتمال شعرت بإرتياح وغمرها شعور بسعاده لذيذه والرضا وتنهدت وهى تصيح فى تمنى

..ياريت.

فى محل لشراء الاثاث كانت تتجول عبير مع يحيى لشراء غرفة النوم فلم يتبقى على موعد زفافهما سوى ثلاثة أيام فقط .. أصرت والدته على عقد القران بعد يومين من قراءة الفاتحه وكأنها كانت تخشى أن يتراجع يحيى ..ولم يكن فى يد يحيى غير الاستسلام لقرارها ..فهو قد قرر منذ البدايه أن يحقق لها كل ماتريده ...وهاهو يفعل.

وقف يحيى عند غرفة نوم تشبه إلى حد كبير غرفة نومه التى اختارتها أمل ..وقف يتذكر كلامها وأحلامهما وسعادتهما وهما يختاران الاثاث ..والاحلام تداعب خيالهما
إبتسم وهو يتذكر كلامها

أحلى حاجه فى غرفة النوم دى لونها ....جميل قوى وهادى ..تخيل ياحبيبى وأحنا مع بعض بنسمع فيروز( أنا عندى حنين) وإيدك بتحضن أديه ...عنيك بضمنى بكل حنيه ..بحس بحبك فى كل نظره وهمسه وبسمه ليه... الله أكيد دى حاتبقى جنه..كفايه أنى حاكون معاك وانت معايا.

فتتسع ابتسامة يحيى ويرد عليها قائلاْ

أكيد يا حبيبتى حاتكون أحلى جنه ..بس الأهم أن غرفة النوم تكون عجباكى

فتتسع إبتسامتها وهى تصيح قائلة بصوتها العاشق المحب

لاه يا حبيى حياتنا لازم تكون شركه بينا احنا الاثنين...لازم تكون عجباك زى ماهى عجبانى ....

فيحتويها بنظراته الوالعة بحبه وسعادته لأنها حبيبته قائلاْ بهمس الأحبه

وهى عجبانى عشان عجباكى

فتخرج تنهيده عميقه نابعة من أعماق قلبها الوالع بحبه وتبتسم وهى تنظر فى عينيه قائلة

وهى عجبانى عشان حاتكون فيها معايا ...نفسى يا يحيى أكون ليك زى ما غنت فيروز

بعلبك ، أنا شمعة على دراجك

وردة على سياجك

أنا نقطة زيت بسراجك

فيبتسم وعينيه تذوب فى محراب عينيها قائلاْ

أنت بالفعل أجمل شمعه نورت حياتى

حتى يتنبه لصوت عبير وهى تعاتبه قائلة

أيه يايحيى بقالك اكثر من نص ساعه واقف قدام الغرفه دى ....مش عارفه عجبالك على ايه دا لونها بايخ وموديلها بلدى ...تعالى أفرجك على غرفة نوم هايله

فينظر اليها باستسلام ويذهب معها فتصحبه اليها صائحه فى ابهار
رائعه مش كده

فيهز رأسه قائلاْ

زى ماتحبى المهم انها تكون عجباكى

فتصيح قائلة بلا تردد

طبعا عجبانى جدا ...ياله ادفع ثمنها عشان نطلع بعد كده على الشقه نشوف حانغير فيها ايه

فيفاجأ يحيى مرددا

نغير

فتؤكد عبير قائلة

طبعا ..اكيد الشقه محتاجه تجهيزات وتعديلات كثير ومافيش وقت قدامنا عشان
نضيعه

بس انت قولتى إنك مش حاتغيرى حاجه الا غرفة النوم

فتهز عبير كتفيها قائلة

انا اكلمت على العفش بس اكيد حاحتاج احط لمساتى على ترتيب العفش
والديكورات

ثم ترمقه بنظرات ذات معنى متسائلة

ايه يا يحيى عندك اعتراض؟

فيخرج تنهيده عميقه ويضغط على شفتيه قائلاْ بلهجة مستسلمة

زى ماتحبى ياعبير ..أعملى كل إللى أنت عايزاه دى شقتك وأنت حره فيها

فتتسع إبتسامة عبير قائلة

مرسى يا حبيبى.

كانت سعاده اميره كبيره عندما اكتشفت ان نافذه شقتها تطل على حمام السباحه ..فهى لم ترى حمام سباحه فى حياتها من قبل سوى فى مشاهد الافلام والمسلسلات بالتلفزيون

..ولكنها الآن تراه كل يوم عندما تفتح شباكها فى الصباح لتسمح لأشعة الشمس المشرقة أن تدخل غرفتها ..... ألتقطت العديد من الصور له حتى تثبت لأهلها ان شقتها بالفعل تطل عليه.....

ولكنها لم تكن تعلم أنه سيكون مصدرا كبيراْ للإزعاج لها
..كانت اصوات الاطفال العالية وهم يلعبون ويلهون تسبب لها الازعاج وتعوقها عن النوم فى فتره الظهيره وخاصة فى أيام ( الويك إند) ...أو فى المساء عندما يجتمع شاب مع صديقته عند حمام السباحه ويتبادلان المداعبات والضحك أثناء السباحه.

..خاصة فى فترة الصيف كانت تتكاثر الاسر على قضاء وقت طويل فى حوض السباحه وخاصة الشباب والأطفال ويصدرون الأصوات العالية المزعجه والتى تفسد عليها راحتها وهدوئها.

بعد يوم شاق ومرهق عادت أميره من المعمل بعد فترة الظهيرة.... كل ماتحلم به هو ان تلقى بجسدها على الفراش وتستسلم لنوم عميق هادئ ..

وما أن دخلت شقتها ألقت بحقيبة يدها جانباْ ..دخلت غرفة نومها و القت جسدها على فراشها وهى مازالت بملابسها لم تستطع تغيرها من التعب وهى تمنى نفسها بالراحه والنوم العميق.

حتى تسمع صوت سيده تجلس خلف نافذتها مباشرة وهى تغنى بصوت محشرج مزعج لشخص ما فى التليفون المحمول ...كان صوتها عالى وشاذ لم تستطع أميره تجاهله

..أخذت تتقلب فى فراشها وهى تمنى نفسها بأن تلك السيده سوف تكف عن هذا الغناء المزعج فى أقرب وقت حتى تتمكن من النوم.

بعد ان انهت السيده وصلة الغناء صاحت تسب وتلعن الرجل وانهت المكالمه ..وبعد لحظات قليلة عادت واتصلت به مرة اخرى وهى تعتذر وتبكى تتوسل اليه ان يسامحها ويعود إليها ..ثم عادت تسبه وتشتمه مرة اخرى . ثم هدأت لفتره قليلة دقائق معدوده ثم عادت لتغنى لنفسها بصوت باكى

لا تبكى يا ملاكى الصغير ..فأنت أميرة فى القصر الجميل

وبعد فتره عادت لتتصل مرة أخرى بشخص تلو الآخر وكان من الواضح انهم كانوا يتهربون منها.

كادت اميره ان تجن فصوت المرأه عالى ومزعج .. ... فشلت جميع محاولاتها لتجنبه وتجاهله وضعت الوساده على رأسها وسدت بها اذنها ولكن صوت المرأه كان أعلى وأكبر من محاولتها البائسه تلك......

.فألقت الوساده فى الأرض وهبت واقفه وهى تكاد ان تجن ..فكل ماتحلم به هو ان تنام لساعه واحده.حتى تستعيد نشاطها وتسهر فى الليل تنهى عمل ماهو مطلوب منها إنجازه..مرت برهة قصيره أنقطع فيها صوت تلك السيده

..تسائلت أميره

معقوله أخيرا سكتت

فأرادت أن ترى إن كانت لاتزال تجلس أمام شباكها أم غادرت حمام السباحه ..اقتربت من النافذه وأزاحت الستاره جانباْ برفق .

.رأت سيده متقدمه فى العمر ترتدى مايوه وتمدد جسدها على مقعد طويل أمام حوض السباحه خلف نافذتها مباشرة... بدت مألوفة لها ..أنها تلك المرأه التى رأتها من قبل مع إيهاب.هكذا قالت لنفسها

حتى رأتها وهى تلتقط حقيبتها من على الأرض وتخرج منها علبة حبوب . تحدث نفسها بصوتها الباكى قائلة

ولا يهمك يا جاكى انت احسن منهم كلهم ...لما أنهى حياتى كلهم حايندموا عليه ويعرفوا أنهم خسرونى بغبائهم

أنهى حياتى ..رددت اميره فى ذعر

المجنونه شكلها هتنتحر

وبتصرف تلقائى هرولت أميرة مسرعه لتلحق بها وتمنعها عن قتل نفسها .

ما أن دخلت عبير مع يحيى شقته بدأت تتأملها وعلى وجهها نظرات توحى بعدم رضاها عما تراه خاصة وهى ترى صور أمل معلقه فى كل مكان ولكنها تصنعت ان ذلك لم يثير ضيقها وبعد نصف ساعه من التجول التفتت ليحيى وصاحت قائله

لاه الشقه حالتها بشعه ..أنا ماكنتش متخيله انها كئيبه كده .. أنا شكلى هغير كل حاجه فيها ..دارت حول نفسها وهى تتجول بناظريها وكأنها تفكر بأى شئ تبدأ وأكملت قائلة

أولا حابدل وضع الصالون والانتريه ..ثانيا كل الديكورات دى تتشال ..وحانزل النهارده اشترى لوحات وانتيكات جديده ....ثم تبتسم وتنظر اللى يحيى وتقترب منه قائلة بصوت مدلل

يحيى سيبلى أنا الموضوع ده ..أنا وماما هنتولى الامور دى كلها ..ماتشغلشى نفسك انت..وياريت تقعد عند والدتك الايام الجايه لحد مااخلص توضيب الشقه وإعادة ترتيبها قبل فرحنا...ممكن؟

فيتنهد يحيى ويهز رأسه فى إستسلام قائلاْ

حاضر ياعبير زى ماتحبى بس ممكن لو سمحتى ما ترميش اى حاجه وكل اللى انت مش راضيه عنه تعينيه فى غرفة المكتب

هزت رأسها قائلة بصوت يوحى نبراته بإنها لا يروق لها طلبه هذا قائلة

أكيد طبعا ..مع انى معترضه على موضوع انك تحتفظ بغرفه النوم فى المكتب يعنى حاجه مش ظريفه وممكن تكون محل نقد الناس اللى هيزورونا ويباركوا لينا على الزواج ويتفرجوا على الشقه
فيصر يحيى قائلاْ
ارجوكى ياعبير احترمى رغبتى زى ماانا بحترم وبنفذ كل رغباتك واعتقد اننا سبق وأكلمنا و اتفقنا على النقطه دى وانت وافقتى .
امرى لله ..حاضر يايحيى عشان خاطرك انت بس مع انى مش مقتنعه

فشكرها يحيى ونظر إلى صورة أمل بنظرات حسرة وألم وهو يعاتبها بصمت قائلاْ
ليه سيبتينى لوحدى يا أمل ...ليه .

هرولت اميره مسرعه لتلحق بجاكلين قبل ان تبتلع علبة الحبوب وما أن وصلت اليها حتى هرولت نحوها والقت بعيدا عنها علبة الدواء وأسرعت لتلتقطها من على الارض قبل ان تلتقطها جاكلين مرة اخرى.

أصاب جاكلين الذهول وأخذت تحدق أميره بنظرات دهشة وإستغراب وكأنها
لاتستوعب ماحدث ثم صاحت فى ضيق وغضب

ايه اللى أنت عملتيه ده..لو سمحتى ممكن تدينى علبة الحبوب .

فتحاول أميره أن تلتقط أنفاسها اللاهثة وبصوت متقطع تحدثها قائلة

حرام عليكى تنتحرى

فنظرت إليها فى دهشة وإستنكار وهبت واقفة صائحه بها

وانت مالك ..دى حياتى انا وانا حره انهيها فى الوقت اللى انا عايزاه

بدت جاكلين وكانها مخموره من حركاتها الغير متزنه ونبرة صوتها المهتزه

فحاولت اميره تهدئتها واقتربت منها بحذر قائلة

طب ممكن تهدى

فصاحت بها بعصبيه

اعطينى العلبه

فنظرت اليها اميره بأسى وشعرت بالحزن لحالها قائلة برجاء

طب ممكن تفكرى مره ثانيه ..

تقلصت ملامح جاكلين وسيطر عليها اليأس ترقرت الدموع بعينيها وهى ترد عليها بصوت متألم حزين

ليه حياتى اصلا ما ليهاش اى معنى ..ثم انهارت باكيه والقت بجسدها الشاحب على المقعد

فاقتربت منها اميره بحذر وجلست بجوارها وهى تنظر إليها بتأثر ترددت قليلاْ ثم ضمتها بين ذراعيها وهى تحاول تهدئتها

فرفعت جاكلين رأسها بعد فتره ونظرت اليها بعينيها الباكية قائلة

انت مش حاتقدرى تحسى بيه لانك لسه شابه و صغيره فى السن ..مش هتعرفى يعنى ايه شعور ست وهى لم تعد مرغوبه من أحد .
أكملت بمراره

.زوجى انفصل عنى وعايش مع صديقته ...فتاه فى العشرينات من عمرها ..لأنها شابه وجميله ..قالى انت كبرتى ولا ارغب فى الحياه معك ..انهرت وحسيت ان حياتى ضاعت بعد خمسه عشرين سنه زواج....خلاص حبى من قلبه انتهى لانى كبرت فى السن ..

ضحكت فى سخريه وأستطردت وهى تهز رأسها فى مرارة

.أولادى كل واحد فى ولايه عايش حياته ..فجأه بقيت وحيده الكل مشغول عنى ..ماليش أهميه فى حياة أى حد ...كنت لازم أثبت لنفسى انى لسه أنثى ..ومرغوبه من الجنس الآخر

.. أتعرفت على الشباب الصغير فى السن ودخلت فى علاقات قصيره معاهم ..وأحرص انى اسهر فى الاماكن اللى بيتواجد فيها زوجى عشان يشوفنى وأنا بسمتع بحياتى مع شباب أصغر منه .

كنت عايزه اثبت ليه انى لسه جميله ومرغوبه من الشباب ..بس تعبت حاولت ارجعه ليه ثانى بس مافيش فايده ...أنا بحبه قوى ومش قادره اتخيل انى اعيش من غيره ..حتى لما جرحنى ..غفرت ليه ..بس هو مش راضى يرجع..اتصلت بيه وغنيت اغنيتنا المفضله ..سخر منى وسبنى وأتهمنى بالجنون وأنهى المكالمه من غير حتى أنه يقولى مع السلامه

شعرت أميره بالاسى من اجلها..

حاولت ان تخفف عنها قائلة

لازم تشغلى حياتك بحاجه ثانيه غيره..أنسيه لأنه ما يستحقش حبك..انت لازم يكون عندك ثقه فى نفسك اكبر من كده

فهزت جاكلين رأسها فى يأس وحسره قائلة بصوت مستسلم

انا حياتى انتهت

فردت عليها بحماسه وإصرار

حياة الانسان مش لازم تقف عند محطه واحده

زوجك سابك ..دى مش نهاية الدنيا ..أثبتى ليه انك تقدرى تعيشى من غيره ... ..المرأه مش مجرد جسد بس ..المرأه شخصيه وكيان .مش معنى ان زوجك فقد الرغبه فى جسدك انك خلاص أصبحتى كم مهمل لا قيمه له

..بالعكس انت انسانه ليكى مشاعر وكيان ..اكتشفى نفسك وحبيها اكثر من كده واهتمى بكيانك... ساعتها جايز بل اكيد ممكن تقابلى شخص يحب جاكى الانسانه مش الجسد ..والانسان اللى حايحبك لذاتك عمره ما هيسيبك ..لأن حب الجسد ده شئ فانى ...أما حب الروح والكيان والشخصيه عمره مابيموت

فتهز جاكلين رأسها فى يأس وبصوت باكى ثائر حزين تصيح قائلة

انت مش حاسه بيه

فصمتت أميره للحظات وقد بدا على ملامحها التأثر وسيطرت عليه سحابة هم وكأنها تسترجع من ماضيها ذكرياتها المدفونه بداخلها ..ذكريات أليمه حزينه ..دفنتها فى أعماقها وأقسمت ألا تستعيدها مرة أخرى حتى لاتفسد عليها حياتها ..وبصوت سكن نبراته الحزن ترد عليها قائلة

بالعكس انا ممكن أكون اكثر واحده حاسه بيكى لانى مريت بنفس القصه قبل كده .
.
فنظرت إليها جاكلين غير مصدقه

ولكن أميره هزت رأسها مؤكده لها وبصوت يعبر عما تعانيه من مراره وألم عند تذكرها لقصتها القديمه أخذت تحكى لها قائلة

حبيت زميل ليه فى الجامعه ..كنت لسه فى سنه أولى ...كنت فاكره انه بيحبنى ... عيشت أحلى أحاسيس ممكن أن الانسان يحس بيها ..كنت حاسه أنى زى الطير مالكه السما وبطير بجناحى فى كل مكان وأنا بحلم بعشنا الصغير إللى حايجمعنى معاه ....

وفجأه سابنى بكل بساطه وخطب واحده ثانيه لانها من نفس طبقته ووالدها دكتور كبير عندنا فى القسم ...ساعتها حسيت بانى كم مهمل شئ مالوش اى وجود فى الدنيا

..حسيت بمهانه كبيره وانى كارهه حياتى ..أتمنيت الموت ولولا ان فى عقيدتى الانتحار شئ محرم ..كنت بالفعل أنهيت حياتى ..بس لما هديت وفكرت بعقل

..قررت انى أثبت لنفسى وللشخص ده أنى أنا اكبر وأقيم من أنه يقدرنى بالفلوس او الطبقه إللى أنا بنتمى ليها .....وانى انسانه قويه واقدر اصنع بنفسى مستقبلى وحياتى .

.شغلت نفسى بالدراسه كان كل هدفى انى اثبت ليه انه كان غلطان لما سابنى لأنى مش من نفسه طبقته

... وأنى حاقدر بمجهودى انى اكون من نفس الطبقه ..بس انا افضل منه لانه اتولد لقى نفسه من الطبقه دى ..اما انا أنضميت ليها بتعبى ومجهودى .

ثم نظرت إلى جاكلين قائلة

الانسان أكبر من أنه يتقيم بالأمور الماديه سواء كان شبابه أو ماله أو جماله أو وضعه الاجتماعى

..الانسان بيتقيم من خلال قيمته فى الحياه ..وثقته بنفسه وقدرته على التغلب على أى مشكله بيمر بيها. ....والمرأه بالذات لازم تصنع حياتها زى ماهى عايزه مش زى ما الرجل عايزها أنها تكون.

فتومأ جاكلين برأسها فى حسره وخيبه أمل قائلة

بس انا مش قويه زيك وكمان انا خلاص فى نهاية العمر

فتبث أميره بها الحماسة قائلة

مادام انا قدرت يبقى انت تقدرى .

.وبعدين مافيش حاجه اسمها نهاية العمر ..طول ما أحنا عايشين يبقى لسه قدامنا الفرصه اننا نعيش حياتنا صح ونغير فيها ونصنعها من جديد لو حبينا..ثم تنظر اليها متسائله

انت بتشتغلى ؟

فهزت راسها فى نفى قائله

كنت زمان بشتغل فى التمريض بس بعد فتره من الزواج تركت الشغل لان دخل زوجى كان كبير

يبقى لازم ترجعى للشغل من ثانى ..الشغل هو اللى بيقوى الست وبيصنع ليها كيان..خاصة لو كان مافيش وراها مسئوليات .

فصاحت جاكلين قائلة

ياه ارجع للشغل ثانى

فتصر أميره على رأيها وتحاول إقناعها قائلة

مهم انك تشتغلى.. ..مهنه التمريض مهنه جميله اكيد لما حاتشوفى أمراض الناس وآلامهم هتعرفى ان فى الحياه... أشياء ثانيه اهم اننا نفكر فيها

..انت كنت عايزه تنهى حياتك عشان زوجك اتخلى عنك ..فى ناس كثير مستحمله وصابره على الحياه وهى بتتألم من المرض وهو بيعذبها ..وعلى الرغم من قسوة الألم عليهم ما أستسلموش لليأس

فتبتسم جاكلين وهى ترمقها بنظرات إمتنان قائلة

انت انسانه جميله وقويه اتمنى انى اكون زيك

فإبتسمت أميره ووضعت يدها على كتفها وهى تثير عزيمتها وثقتها بنفسها قائلة

انت تقدرى انك تكونى افضل منى ...لو فعلا عايزه حاتقدرى . ثم تبتسم وتنظر إليها متسائلة

يا ترى لسه عايزه علبة الحبوب؟

ففكرت للحظات قليله ومسحت عنها دموعها وأجابتها قائلة

أعتقد أنى أستحق فرصة ثانيه .

فتنهدت أميره تنهيده راحه وإبتسمت قائلة

أكيد تستحقى فرصة ثانية.

وقفت رجاء امام المرآه تلقى بالنظرات الاخيره على مظهرها وهى بداخلها تشعر بقلق مما سيحدث.. ..ياليتها تملك الجرأه وتعترض على أن تعرض نفسها لهذا العريس ..حتى تجنب نفسها مهانة الرفض.

.ولكنها لاتريد ان تغضب والدتها فهى ترى فى عينيها السعاده لأول مرة ... فقد استيقظت فى الصباح الباكر وقامت بترتيب المنزل واشترت باقة من الزهور وبعض الانتيكات الجديده ..كانت تشعر بسعادتها ولا تريد ان تفسد عليها سعادتها تلك

..فكرت للحظات فى حاتم ولكنها سرعان ماطردته من تفكيرها وعادت مرة اخرى لتكمل وضع المسات الاخيره على مظهرها



دخلت عليها والدتها والسعاده تنر وجهها وقبلت رجاء قائله

يارب يكون من نصيبك وافرح بيك قريب يارجاء

فتنظر اليها رجاء متسائلة

هو وصل؟

فتهز راسها فى إيجاب قائلة

وصل ياحبيبتى ....تعالى معايا عشان تقدمى ليه العصير بنفسك وتقعدى معاه وربنا يكتبلك كل الخير

حملت رجاء صنيه العصير ودخلت غرفة الضيوف وهى تنظر فى الارض تشعر بالخجل والرهبة والخوف وضعت الصنيه على الطاولة وجلست فى مكانها وهى لازالت تنظر فى الارض تتمنى ألا تسمع اى تعليق او كلمه تجرحهها فكفاها ما تعرضت له من قبل.

سمعت صوته وهو يتحدث مع والدها عن احوال البلد والفساد ..رفعت عينيها لتلقى نظره سريعه عليه

كان رجل يبدو فى بداية الأربعينات من عمره ملامحه عاديه ليس قبيحا او وسيما ...رجل مثل باقى الرجال لايميزه شئ ولا يعيبه شئ ...ولكن ما لفت نظرها هو انه لم يرفع عينيه لينظر اليها ..انه حتى لم يتحدث اليها ولا كأنها عروسه

.بخلاف أن طريقته فى الكلام أثارت دهشتها ..وبمعنى أصح لم تعتاد عليها ..... كثير الإستشهاد بالأحاديث والآيات القرآنيه فى كلامه ..يدعو والدها بسيدى الفاضل ووالدتها بسيدتى الفاضله .أما جدتها فكان يقول لها (ست الحاجه) .يستخدم يده كثيراْ أثناء الحديث وكأنه يلقى خطاباْ أمام رؤسائه.

انتظرت ان يتحدث اليها ولكن لم يحدث كان معظم حديثه مع والدها وقليلاْ مع والدتها ... حتى اشارت فريده لرأفت بعينيها حتى يترك العريس مع رجاء وحدهما ليتبادلان الحديث معاْ

فنظر رأفت له قائلاْ

عن اذنك يا بشمهندس فؤاد حاقوم اعمل مكالمه مهمه وأرجع ثانى ثم نظر لفريده قائلاْ

اعملى لينا القهوه يا فريده

وبالفعل تركا رجاء معه انتظرت رجاء ان يتحدث معها فى اى شئ ..ساد الصمت بينهما طويلا

شعرت رجاء بالملل هل يعنى ذلك انها لم تنل اعجابه ولكنها تكاد ان تقسم بانه حتى لم يرفع عينه ليراها.

وبعد نصف ساعه دخلت عليهما فريده وهى تحمل بيدها صنية القهوه واعقبها رافت نظرت فريده لرجاء متسائله بعينيها

فهزت رجاء كتفها فى حيره

فعقدت فريده حاجبيها فى دهشة وأصابها القلق

هب فؤاد واقفاْ بعد أن أنتهى من قهوته واستاذن قائلاْ

عن اذنك يا دكتور رأفت وان شاء الله حانتظر منكم تليفون

أصطحبه رأفت إلى باب الشقه وودعه .

نظرت فريده الى رجاء فى سعاده قائله

الحمد لله كده معناه انه مستنى رأيك يارجاء

فأندهشت رجاء قائلة

بس ده حتى ما أكلمشى معايا كلمه واحده..

فيتدخل رأفت قائلاْ

رجل محترم مش عايز يكلم معاكى الا لما يتأكد ان فى قبول من ناحيتك ..وبعدين هو عارف كويس هو هيناسب مين ..هو انت شويه انت بنت الدكتور رأفت

فلم تملك رجاء غير الصمت وهى لايروق لها ماحدث ..دخلت غرفتها وأغلقت الباب عليها والحيره تتملكها ...فهى ليست سعيده ..بل تشعر بالقلق ..لا تشعر بفرحة البنت بلقاء عريسها ..لا تشعر بخفقان قلبها لرؤيته .

.بل تشعر بالضيق لتجاهله لها ...قد يكون مع والدها حق ..وهو بالفعل لايريد أن يتحدث معها قبل أن يتأكد من قبولها له..

إستسلمت لحيرتها وألقت بجسدها على فراشها وهى تفكر هل يمكن ان تتزوج منه حقا؟ هل سيكون فارس أحلامها ؟ هذا الفارس الذى طال إنتظارها له؟ هل ستكون سعيده معه ؟هل هو عوض القدر لها عن حاتم؟

دارت كل تلك الأسئله برأسها ..ولكنها ظلت مجرد أسئله بلا إجابات.

أصرت عبير على ان تكون حفلة الزفاف فى فندق المريديان مثل ابنة خالتها وأن يغنى فى الحفل المطرب محمد حماقى والمطربة جنات فهى لاتقل عن ابنه خالتها فى شئ .

.وبالطبع وقفت والدة عمر فى صفها واصرت على تنفيذ كافة طلبات العروس

وفى حفل فخم أعد كما أرادت العروس تم زفاف يحيى على عبير ...إرتدى يحيى البدله التى أختارتها أمل معه ليرتديها فى حفل زفافهم

..بينما كانت عبير متألقه فى ثوب الزفاف الناصع البياض والمرصع بحباب الالماظ والترتر المتلألأ بضيه اللامع ..كانت جميله فى تلك الليله لم تفارقها ابتسامتها ..جلس يحيى فى الكوشه أراد أن يمنح عروسه الليله التى تتمناها

...رسم على شفتيه ابتسامه مصطنعه..أخذ يتأمل والدته التى لم تكن الفرحه تسيعها ....لم تجلس دقيقه واحده كانت تلف على المعازيم تصافح هذا وتبتسم لهذا ..فاليله هى الليله التى عاشت عمرها تنتظرها ..ليلة زفاف ابنها الوحيد

شعر بالرضا لسعادتها ..ثم نظر الى عبير ليجدها مشغوله بالحديث والضحك مع صديقاتها ..إنتابه إحساس انها سعيده لأنها عروس تجلس فى الكوشه وليس لأنه هو عريسها .

.تذكر أمل فى حفل خطبتهما ..أحس بيدها وهى تحتضن يده .بنظراتها التى كانت تحتويه تصرخ أحبك

وكأن الحفل قد خلا من جميع الحاضرين ولا يوجد به غيره هو فقط ..كان يشعر بحبها له عندما يلمس يدها ..عندما تتلاقى نظراتهما ..عندما يسمع نبضات قلبها ..كانت تحبه بحق

أطلق لخياله العنان تخيل أنها هى عروسه تخيلها بالثوب الابيض ..كانت ستكون أجمل عروس على وجه الأرض

ولكنه أحس بيدها بالفعل تحتضن يديه ..يا إلهى أنها معى بالفعل و ليس خيال ..أحتضن يدها بشده ..ليكتشف أنه يحتضن يد عبير ..أعاده إلى الواقع صوت صياح وصراخ الفتيات عندما بدأ محمد حماقى غناء وصلته الغنائيه

..فما أن دخل القاعه حتى صاحت الفتيات وألتفوا حوله حتى عبير تركت يده وهى تصيح حماقى وتركت الكوشه دون أن تستأذن يحيى وأخذت تتراقص على أنغام أغانيه ويشاركها صديقاتها الرقص والغناء

..طلب منه المطرب ان يشاركهم الرقص ولكنه رفض ..تمنى أن يترك هذا الحفل ويعود إلى غرفة مكتبه يستمع إلى اغانى فيروز ويتأمل صورة أمل ويعيش بخياله مع ذكرياتهما الجميله .

.ويترك تلك الحفله الزائفه لعبير فهى لاتحتاجه فى شئ ..لا تريد منه سوى أن يجلس فى المكان المخصص للعريس وهى تستمتع بحفلتها كما تريد
.
فليعود إلى خياله فقد حقق لوالدته ماتريد ولعبير أيضا ماتريد ..فمن حقه الآن أن يستمتع هو الآخر بهذا الحفل كما يريد ..

سيكون معهم بجسده كما يريدون ويعيش بخياله وروحه مع حبيبته ..حبيبته الذى كان هو عالمها ..كانت دوما تفكر فى سعادته ومايريده ويريحه... ..لا ماتريده هى كما تفعل معه عبير .

فأمل هى المرأه الوحيده التى أحبته بحق ..وتستحق منه أن تكون المرأه الوحيده التى يحبها وسيبقى يحبها طالما يعيش فى هذا العالم.


وبعد ثلاث ساعات متواصله من الرقص والغناء أنتهى الحفل وزف العروسين إلى شقتهما ..

أراد يحيى أن يمنح عبير ليلة زفاف طبيعيه مثل أى عروسين حملها عند باب الشقه ودخل بها الى الداخل وهو يحملها على ذراعيه ..أضاء النور بيديه

حتى فوجئ ....؟

ليست هناك تعليقات: