الأحد، 8 نوفمبر 2009

الحلقة الرابعة عشر من قصة المنزل الزجاجى


فوجئت رجاء بحاتم ينهض من على مقعده ويمر بجوارها وهو يشير اليها بعينيه كى تلحق به

وبدون ان تشعر وجدت نفسها تعتذر اليهم وتتحجج برغبتها فى الذهاب إلى دورة المياه وتلحق به بلا تفكير وكأن نظراته إليها سلبت منها تفكيرها

فصارت كالمسحورة التى تتبع تعليمات الساحر دون مقاومة.

قابلته عند مدخل المطعم الخارجى

أقتربت منه بخطوات بطيئه وعينيها لا تفارق عينيه ..تبادلا النظرات الصامته حتى وقفت أمامه

تأملها فى صمت بنظرات عتاب وسرعان ما تبدلت إلى نظرات شوق وبصوت هامس قال لها

وحشتينى

حدقت به رجاء بدهشة مرددة

وحشتك!!

فيهز حاتم رأسه مؤكداْ

بالتأكيد وحشتينى

هزت رأسها فى دهشة وإستنكار قائلة

انت انسان غريب يا حاتم دلوقتى بتقولى انى وحشتك... مع ان لما قابلتك عند الجريده تجاهلتنى تماما لدرجة انى شكيت فى نفسى وشكيت انى قابتلك فى يوم من الايام .

رجاء انا كنت متعمد انى اتجاهلك وكنت ناوى بالفعل انى اتجاهلك على طول بس ما قدرتش ..اول ما عنيه اتقابلت مع عنيكى حسيت بضعفى وانى لسه محتاجلك ولازم اسلم واسامحك

حدقت به مرددة

تسامحنى ..تسامحنى على ايه؟

فهنا يتخلى حاتم عن هدوئه يرد عليها بإنفعال وهو يرمقها بنظرات تهكم واتهام

اسامحك لانك خدعتينى ..كنت فاكرك مخلوقه مختلفه عن كل النساء اللى عرفتهم فى حياتى بس للاسف اكتشفت انك زيهم وماتفرقيش عنهم فى اى حاجه.....

بالعكس انت اخطر منهم لانك مش واضحه وممتازه فى التمثيل
ثم يستطرد بتهكم قائلاْ

كنت فاكره انى حاجرى وراكى واركع تحت قدميكى واقولك ارجوكى ارجعيلى انا مش قادر اعيش فى بعدك

رجاء بدهشه وإستنكار وهى لا تفهم عن أى شئ يتحدث

انت بتقول ايه؟

فيهز حاتم رأسه فى أسف

إلا انت يارجاء..... اخر واحده اصدق انها تكون زى كل الستات ..انا كنت شايفك مختلفه عنهم بس للاسف اثبتى ليه انى كنت مخطئ

تقلصت ملامح رجاء وهى لا تستوعب ما يقوله ...مردده

انا مش فاهمه حاجه....مش فاهمه حاجه

فيرمقها بنظرات شك متسائلاْ

يعنى حقيقى مش فاهمه؟

فتهز رجاء رأسها مؤكده

أكيد مش فاهمه وأرجوك فهمنى انت تقصد ايه بكلامك

وبلهجة جافه متهكمه يوضح لها قائلاْ بحده

اقصد طبعا انك لما بعدتى كنت بتلعبى معايا لعبه معروفه ومحفوظه من الاعيب النساء... بعد ما تتأكدى انى فعلا اتعلقت بيكى....

تبعدى عشان اتعذب واعرف واتاكد انى مش قادر اعيش من غيرك.....

وبعد فتره تظهرى عشان انا افرح واركع واترجاكى انك مش تسيبينى ثانى واكون عبد ليكى لانى متاكد انى مش اقدر اعيش من غيرك

فنظرت إليه رجاء فى عتاب وبلهجة مستعطفة ترد عليه قائلة

حرام عليك تظلمنى

انا مش بظلمك

فتصر رجاء

لأ بتظلمنى

فيومأ حاتم برأسه قائلاْ

طيب فسرى ليه... ليه بعدتى عنى واختفيتى فجأه من غير حتى ما تقولى سبب البعد..وفجأه من ثانى ظهرتى

لم تجب بل بدا عليها كالتى تجمع شتات أفكارها ...والحيرة والتردد يسيطران على ملامحها

فيصر حاتم على أن يعرف منها الإجابة قائلاْ

ياريت تجاوبينى

فتصيح فى وجهه قائلة بلهجة مشوبه بالمرارة

لانى اكتشفت انك متزوج

فيهز حاتم كتفه بلا مبالاه

انت مش سألتينى وانا انكرت..... الدنيا كلها عارفه انى متزوج

وبصوت مختنق متألم مشوب بخيبة الأمل ترد قائلة

بس انا لأ

فيهز حاتم رأسه فى إنفعال متسائلاْ

ومسأله زواجى تفرق معاكى فى ايه؟

فنظرت إليه قائلة

تفرق كثير ثم هزت رأسها فى أسى وأستطردت متسائلة فى إستنكار

ازاى اتعرف على واحد ويكون فى علاقه بينا وهو متزوج من انسانه ثانيه؟

فأجابها قائلاْ

عشان الواحد ده محتاج ليكى وأعترفلك بإحتياجه

وبصوت متألم مشوب بالحيرة تتسائل

وهى ذنبها ايه ؟

بإنفعال يرد عليها

وانا ذنبى ايه ؟

فتهز رأسها فى خجل

انا عمرى ما فكرت أنى ممكن أكون فى يوم من الأيام واحده خاينه ..

فيرد عليها بإتهام قائلاْ

ولا تعرفى كمان يعنى ايه معنى الاحتياج

فتدافع عن نفسها قائلة بلهجة ملؤها الصدق

انا كنت محتاجه ليك اكثر ما انت محتاج ليه

فيومأ حاتم برأسه فى سخريه قائلاْ

واضح عشان كده اتخليتى وبعدتى عنى بسهوله

فتهز رجاء رأسها فى أسى قائلة

انت مش فاهم حاجه

ياريت تفهمينى

فتنظر إليه رجاء فى صمت وتردد وبصوت مختنق تقول له

انا اتخطبت

فيحدق بها حاتم فى ذهول وكأنه فوجئ ولم يكن متوقعا ما قالته ثم يهز رأسه وبلهجة متهكمه يقول

اه كده وضحت يعنى اتقدملك واحد افضل منى... فسبتينى ..ليه تضيعى وقتك معايا ..عشان أنا محتاج ليكى ...طبعا وأنا أهمك فى أيه؟

وبصوت منكسر مشوب بالحزن والعتاب ترد عليه قائلة

ثانى بتظلمنى

المسأله واضحه

ثم يطلق زفرة قويه فى ضيق وينظر إليها ويستطرد قائلاْ

ربنا يوفقك مع خطيبك واكيد هو انسان محظوظ لانه اتعرف عليكى وحايكون زوجك

والتفت ليتركها ويعود إلى زوجته وأصدقائه

فسألته رجاء بصوت حائر

انت رايح فين؟

فيلتفت إليها حاتم مرة أخرى ويلقى بنظره طويله عليها قائلاْ

الكلام بينا انتهى

بالسرعه دى

كل شئ كان فى اديكى وانت اللى اختارتى

غصب عنى

للاسف برضاكى

ارجوك افهمنى وأقدر موقفى وياريت تسامحنى

انا كنت محتاج ليكى يارجاء وانت اتخليتى عنى عايزانى افهم ايه ثانى

وقبل ان تجيبه خرج فؤاد ليراهما معا فرمقهما بنظرات حاده متسائلاْ

رجاء بتعملى ايه هنا؟

جلس دكتور محسن فى غرفة المعيشه بمنزله يتظاهر بقراءة إحدى الكتب وهو فى الحقيقه لم يقرأ سطرا واحدا من الكتاب

..كان يتظاهر بالقراءة حتى يتهرب من الحديث مع زوجته ..التى كانت تشاهد التلفاز حتى شعرت بهجوم النوم عليها فسألته وهى تتثائب

حبيبى متى ستخلد للنوم؟

فاجابها بانه يريد ان ينتهى من قراءة الكتاب اولا ثم بعد ذلك سينام.

رمقته بنظراتها وكأنها تقول له انها تعلم بانه يتظاهر بالقراءه ولكنها لم تتحدث بل نهضت ووضعت قبله خفيفه على جبينه ونظرت الى صفحة الكتاب قائلة بلهجة ذات معنى

حبيبى لن تنتهى من قراءة الكتاب الليله لانك قضيت ثلاث ساعات فى صفحة واحده منذ ان بدأت فى القراءة

ثم انسحبت بهدوء دون ان تعطيه الفرصة للرد عليها

أخذ دكتور محسن نفسا عميقا وأخذ يراقبها وهى تصعد درجات السلم المؤدى إلى الطابق الأعلى وبعد أن تأكد من دخولها غرفة النوم وسمع صوت غلق الباب وراءها

...ألقى بالكتاب جانباْ

وظل يفكر كانت سحابه من الهم تغيم على ملامحه وتسكن نظراته...حتى فجأة لمعت عيناه وكأن خطر على باله شيئا هاما .

نهض من مقعده ودخل غرفة مكتبه ..أخذ يبحث بين أوراقه القديمه حتى وجد بين الكتب ألبوم الصور الخاص به عندما كان طالبا بالجامعه فى مدينة طنطا بمصر

سحبه بهدوء من بين الكتب...ضمه إلى صدره وكأنه يحمل كنز ثمين وجلس على مقعده الهزاز وأخذ يتصفح صفحاته ...ويتأمل كل صورة بتمعن .

.وكأنه يستعيد ذكرياته فتأخذه الصوره اللى تلك الحقبة الزمنية من حياته وكأنه ركب آلة الزمن فعادت به للوراء إلى أكثر من خمسة وعشرين عاما ..

نعم لقد أنتزعته الصور من عالمه وعادت به الى عالمها ..فهو يكاد يشعر بانه عاد بالفعل إلى بداية العشرينات من عمره

ويقف الآن فى الجامعة مع أصدقائه يضحك ويتسامر معهم ..يحلمون بالمستقبل ...يسخرون من كل شئ حولهم ..يسخرون حتى من أنفسهم....

وبدون أن يشعر إرتسمت الإبتسامة على شفتيه وكأنه تذكر حواراتهم الساخرة .

أخذ يتأمل كل صورة ويستعيد ذكرياتها معه حتى وصل إلى صورتها

غابت عنه الابتسامه وغلب على وجهه الوجوم ...أخذ يتأملها بلا توقف هاجمته مشاعر مضطربه بين الشوق والسخط والغضب منها

مضت برهة طويلة عليه وهو ممسكا بيده صورتها ثم تنهد تنهيده عميقه وأخذ يعاتب نفسه قائلاْ

على الرغم من مرور كل السنين دى ولسه بتحبها ألقى بصورتها بعصبيه بعيدا وهب واقفا وأخذ يتلفت يمينا ويسارا وهو يرد على نفسه بانفعال

مين قال انى لسه بحبها انا بكرهها ...

عاد بذاكرته للوراء حملته ذكرياته الى الزمن البعيد ليتجرع مرة اخرى فى حلقه مرارة الفراق والالم من صدمة تخليها عنه .

كانت نبيله زميلته فى الجامعه ....نالت إعجابه منذ المرة الأولى التى التقى بها فيها ....كانت جميله وذكيه ....استطاعت فى أيام قليله أن تمتلك قلبه وتجعله يعيش أسيرا لحبها

لم يسمع لتحذيرات أصدقائه منها ....فكانوا يرونها بعين مختلفة عنه ...

إنها تستغلك ولا تحبك كما تظن....فهى لا تقابلك إلا لو كانت تريد منك شيئا ...أنت تحضر المحاضرات وتعد لها ملخصات وتساعدها فى المذاكرة وتنجح هى بتقدير أعلى منك فى كل عام...لهذا الغرض فقط هى تعرفك .

لم يسمع لهم وظن انهم يغارون منه لأنها تحبه .

ظلت علاقتهما معا حتى انتهت سنوات الدراسه وظهرت النتيجه وتم تعينها معيده فى الجامعة

أما هو فلم يساعده تقديره على أن يلحق ركاب السلم الجامعى .....لا يستطيع أن ينكر انه شعر بالضيق لانه لم يحقق حلمه ولكنه كان سعيدا جدا من أجلها.

قرر الهجرة إلى أمريكا والدراسة هناك وطلب منها أن تسافر معه ولكنها رفضت وعندما عاتبها عن تخليها عنه

.....سخرت منه وأتهمته بأنه يغار منها لأنها تفوقت عليه وأنها لن تتخلى عن مستقبلها الجامعى من أجل السفر والغربة معه .

شعر بالصدمه من تصرفها وتخليها عنه وما زاد من صدمته أنها تمت خطبتها على أستاذ مساعد بالكلية بعد شهر واحد فقط من خلافهما معا .

إذن فهى لم تكن تحبه كما كان يتوهم ..بل أستغلت حبه كى يساعدها أثناء الدراسه كما كان يخبره أصدقاؤه وهاهى الآن تكمل مسيرتها ويتم خطبتها لمن سوف يساعدها فى إستكمال طريقها الجامعى .

ثم نظر الى صورتها وانحنى والتقطها من على الارض وتأملها بعمق وحدث نفسه قائلاْ

من أول لحظه وقعت عينى فيها على أميره وأنا لاحظت وجه الشبه الكبير بينهما ...ليس فى الملامح فقط بل فى كل شئ.....

طريقة الكلام والثقة فى النفس الزائده عن الحد والطموح الذى لا حدود له ...وكأنها نسخة أخرى منها.

ثم أخذ نفساْ عميقاْ وتسائل

ألهذا السبب أشعر بالسخط عليها؟

فيهز رأسه فى نفى ويرد على نفسه نافيا هذا الاتهام

لا ...لا فأميره أخطأت وكان يجب أن أعاتبها على مافعلته ...فيرد على نفسه
ولكنك كنت قاسيا معها ....

أى باحث فى الدنيا معرض لأن يخطأ أثناء التجربه ويتسبب فى فسادها وإعادة العمل مرة أخرى . .....كل هذا شيئا طبيعيا فى مجال البحث ودائم الحدوث

ولكنك حملتها المسئولية وكأنها إرتكبت جرما وتستحق العقاب ...أنك حتى لم تستمع إلى دفاعها...لا تنكر أكثر من ذلك يا محسن فأنت لا تحبها لأنك ترى فيها صورة أخرى من نبيلة.

فألقى بجسده على المقعد وضع رأسه على راحة كفيه وأخذ يفكر ويتسائل
هل يعقل بعد كل هذه السنوات لا يزال يفكر بها ....لقد مر على قصتهما أكثر من خمسة وعشرين عاماْ..

فهو ليس لديه شك لو رأته نبيلة الآن سوف تندم الف مرة على تخليها عنه ... فهاهو الآن أصبح أستاذا فى واحده من أهم جامعات أمريكا والعالم ولديه ثروة كبيره وتزوج من دكتورة أمريكيه أحبته ومخلصه فى حبه تفوق نبيله جمالا مائة مرة .

ولكن الانسان لا ينسى حبه وجرحه الاول مهما مضى به العمر ..ومر عليه جراح وعاش قصص .

.يبقى الجرح الأول حيا بداخله حتى لو تراكمت عليه الذكريات وظن أنه دفنه فى مقابر النسيان...ففى لحظات يفاجئ به يحيا من جديد ويظهر أمام عينيه .

ولكن ماذنب أميرة؟

هكذا تسائل

فصاح فى إستنكار

وماذنبى أنا ...أن أراها كل يوم أمامى لتذكرنى بنبيله وتعيد على الجراح ....أنا لست ملاكا بل بشر ...له مقدره على التحمل...وله نقط ضعف .

صمت للحظات وأخذ يهدأ من نفسه ويعيد ترتيب أفكاره ثم ألتقط هاتفه المحمول من على سطح المكتب وقام بطلب رقم أميرة

كانت الساعه الخامسة صباحا وأميرة مستغرقة فى النوم سمعت رنين هاتفها المحمول الذى كان فى حقيبة يدها وكأنه حلم حتى تأكدت منه

فنهضت من فراشها وهى تتحسس طريقها حتى فتحت حقيبتها وأخرجته منها ..حدقت فى الرقم بدهشة
متسائلة

دكتور محسن يتصل بها فى مثل هذا الوقت المبكر ...لماذا؟

لم يكن لديها خيار آخر يجب أن ترد عليه وترى بنفسها ماذا يريد منها
ردت عليه قائلة بلهجة جافة وكأن مرارة ثورته عليها وإهانته لها لازالت عالقة بحلقها

صباح الخير يا ترى فى حاجه يا دكتور محسن تستدعى ان حضرتك تتصل بيه بدرى كده

صمت محسن قليلاْ ولم يشأ أن يرد عليها بنفس نبرتها ولكنه باختصار قال لها

حانتظرك الساعه التاسعة صباحا فى المكتب

وانهى المكالمه دون ان يعطى لها الفرصه ان ترد عليه
تنهدت اميره وهى تتسائل

ياترى عايز منى ايه ثانى ؟ ربنا يستر



انا مش فاهمه يا فؤاد انت مكبر الموضوع كده ليه..فيها ايه لما اسلم على كاتب مشهور ومعروف للناس كلها

وبلهجة حاده يرد عليها قائلاْ

أنا طبعى كده وفهمتك من أول يوم أتكلمنا فيه..... أنى ما بحبش الست إللى حاتحمل اسمى أنها تتكلم مع أى شخص غريب مهما كان وضعه واسمه وشهرته


وبعدين أنت قولتى أنك رايحه الحمام ...أيه إللى يخليكى تخرجى بره المطعم؟؟؟

فترتبك رجاء وتبحث عن إجابه وتجيبه بلهجة متلجلجة قائلة

عشان شوفته وحبيت انى اسلم عليه واعبر ليه عن اعجابى بكتاباته وروايته ....منا قولتلك انه كاتب مشهور.

لو سمحتى بعد كده ما تسلميش ولا تتكلمى مع اى حد غريب عنك ودى آخر مره هنبهك للنقطه دى

فتنظر إليه بإستنكار متسائلة

يعنى ايه يا فؤاد حاتحجر عليه؟

والله ده طبعى.... انا رجل شرقى ودمى حامى وبغير على أهل بيتى ومش شايف أن ده عيب.

لو عجبك على كده اهلا وسهلا ولو مش عجبك احنا لسه فى اولها لانى ماعنديش اى استعداد انى اشوفك مكرره الموقف ده ثانى ...وكويس جدا أنى حاسامحك المرادى .

فتطلق زفرة قوية فى ضيق وتهب واقفة وهى تنظر اليه قائلة بانفعال

اعتقد أنى محتاجه وقت أفكر فى موضوع إرتباطنا من ثانى ...لأنى بصراحه أتخنقت ..ممنوع الشغل ..ممنوع الخروج لوحدى ...ممنوع أنى أتكلم مع أى شخص

...ممنوع أنى أفكر ...ممنوع أنى أناقش ...أنا خايفه ليكون ممنوع كمان أنى أتنفس

فيقف فؤاد وينظر اليها قائلاْ بلهجة حازمة

انا فى البيت لما تفكرى براحتك ابقى ردى عليه ..بس ياريت تفكرى بسرعه لانى خلاص مسافر بعد اسبوعين

فتومأ رجاء برأسها فى سخرية قائلة بلهجة ذات معنى

طبعا عايز تلحق تحجزلك عروسه ثانيه

فلا يرد عليها فؤاد وينظر اليها قائلا

صلى ركعتين لله واستعيذى بالله من الشيطان الرجيم جايز ربنا يهديكى للصواب
ويتركها وينصرف

فتهز راسها فى ضيق قائلة

انت انسان مستفز ....

أستيقظ يحيى فى الصباح الباكر كعادته وغادر بهدوء حجرة النوم حتى لا يوقظ عبير

وقام بصنع كوب كبير من القهوة ودخل غرفة المكتب ...وقف أمام أرفف المكتبه وأخذ يتطلع فى الكتب وهو يتصفح العناوين فى عجاله حتى يختار منهم واحداْ......

.حتى وقعت عيناه على كتاب ملفوف بورق سوليفان سحبه بحذر من رف المكتبه

تأمله وقد خيم الحزن على ملامح وجهه ..لقد كان هذا الكتاب هو آخر هديه من أمل إليه....أهدته إليه قبل وفاتها بأسبوع واحد

قام بنزع ورق السوليفان عن الكتاب وقرأ الإهداء فى صمت والدموع ترقرق فى
عينيه

إهداء إلى حبيبى

أعلم ولعك بالشعر وشعراء العصر الأموى خصيصا

ولذلك أهديك هذا الكتاب

لتعبر عبر صفحاته إلى هذا الزمن الجميل

وتتذوق ما طاب لك من ثمار الأشعار

حبيبتك المخلصه

أمل

ضم الكتاب إلى صدره وقبله ...قبله حارة ..... وعاد إلى غرفة المعيشة

قام بالإستماع إلى أغنية فيروز( أكتب اسمك) وأخذ يقرأ فى الكتاب إبتسم وهو يتخيل أمل حبيبته تجلس بجواره تنظر إلى الكتاب قائلة بعتاب رقيق

لسه فاكر تقرأ الكتاب دا كان هديتى ليك من أكثر من ست سنوات...حبيبى كعادته كسول

فإتسعت إبتسامته وضم الكتاب إلى صدره وقبله قبلة عميقه وهى يتلمس بأصابعه غلاف الكتاب برفق وكأنه يتحسس بصمات أصابع يد أمل التى لمست الكتاب من قبل ...
.يشعر بأنفاسها كلما قرب صفحات الكتاب إلى وجهه...ثم تنهد تنهيده عميقه نابعة من أعماق قلبه قائلاْ بتمنى

متى ألقاكى مرة أخرى يا أجمل أمل أضاء حياتى ؟

سمع خطوات قدم عبير الثقيلة وهى تجر قدميها ببطئ وتقترب منه..تثائبت وألقت بجسدها على الأريكة قائلة بصوت ناعس

صباح الخير

فرمقها يحيى بنظرة سريعة واجابها وهو يعود للقراءة فى الكتاب

صباح الخير..ثم تسائل بلهجة تحمل السخرية

يا ترى ايه اللى خلاكى تتنازلى وتصحى بدرى كده

فهزت رأسها فى ضيق قائلة بلهجة حادة

أعمل أيه ..منا مش عارفه أشوفك ...طول الوقت إما فى الجريده أو مع أصحابك

..والوقت القليل إللى بتقضيه فى البيت إما تحبس نفسك فى مكتبك تكتب أو تسمع أغانى قديمه بايخه بقالها قرن وماحدش أصلاْ بيسمعها غيرك وكأنك عندك ستين سنه

ثم تستطرد قائلة

إحنا تقريبا ما بنتقابلشى خلال اليوم إلا دقائق معدوده...وبصراحه أنا زهقت ...أنا ولا كأنى متزوجه ..

المفروض أننا نخرج مع بعض ..ونتفسح ونشوف الدنيا ...إحنا لسه متجوزين بقالنا كام شهر ....أنا مش عارفه لما يمر على زواجنا سنين حايحصل أيه ؟؟؟

فأخرج يحيى زفرة قصيرة وأغلق الكتاب ووضعه جانبا برفق ونظر إليها قائلاْ

أعتقد أنى حاولت أكثر من مرة أنى أقرب المسافه بينا وياما طلبت منك أنك تشاركينى إهتماماتى وأنت إللى كنت بترفضى ...عايزانى أعمل أيه دلوقتى ؟

عايزاك تحسسنى أنى زوجه ..وماتنساش أنى ليه حقوق عليك ولازم تلتزم بيها

عايزه أيه يا عبير ياريت تتكلمى بوضوح وبإختصار عشان عايز أنزل بدرى فى إجتماع مجلس إداره النهارده فى الجريده ولازم أحضره

طبعا ماهو أنا مش فى حساباتك خالص ..عندك وقت بس أنك تقرأ فى كتب ممله وتسمع أغانى قديمه كئيبه

قالت ذلك وهى تشير إلى الكتاب وإلى مكتبة الأغانى الخاصة به

ثم تستطرد قائلة

...أما أنا طبعا ما عندكش أى وقت ليه ..أنا زهقت يا يحيى ومش قادره أستحمل ولا أصلاْ ناويه أسكت على إللى بيحصل بينا ..وده إنذار نهائى ليك ..

لإما تخصص وقت كافى ليه كل يوم نخرج ونتفسح مع بعض وتحسسنى فيه أنى زوجه وفى رجل فى حياتى ..

إما أنا آسفه حايكون ليه تصرف ثانى خالص معاك

ثم تهب واقفه وترمقه بنظره إستهجان وتغادر غرفة المعيشه وتدخل غرفة نومها وتغلق باب الغرفة خلفها بقوة...

كل ذلك وهو يظل صامتا يستمع إليها فى هدوء دون أن يرد عليها أو يجادلها ثم أخذ نفسا عميقا وبكل هدوء ألتقط الكتاب مرة أخرى وعاد ليكمل قرائته.

وقفت أميرة أمام دكتور محسن فى مكتبه ...فضلت الصمت وهى تنتظره أن ينتهى من إمضاء الأوراق التى تحتاج إمضاءه حتى ينتهى منها ويعطيها لسكرتيرته

ثم يخلع عن عينيه نظارته الطبيه ويضعها على سطح المكتب وبلهجة رسميه يحدثها قائلاْ

آنسه أميره أعتقد بعد أن فسدت نتائج التجربه ..يجب أن تبدأى فى العمل من جديد والوقت ليس فى صالحك ..فأتمنى أنك تركزى مجهودك ووقتك فى العمل الفترة القادمة

فحاولت اميره ان تتحدث

ولكنه لم يعطى لها الفرصه قائلا

آنسه أميره أعتقد أن الوقت إللى حانضيعه فى الكلام... العمل أولى بيه...أتفضلى على المعمل أنا طلبت من أسامه أنه يحضر ليكى الشرائح وفيروس جديد

يعنى تقتدرى تبدأى العمل فى التجربه من دلوقتى ...أتمنى أنك تكونى قد المسئوليه المرادى ....ثم أشار لها بيده قائلا

أتفضلى على المعمل

لم تملك أميره خياراْ آخر.... فدكتور محسن لم يعطى لها أى فرصه للنقاش فغادرت المكتب وإتجهت إلى المعمل وبداخلها تساؤلات عديده تبحث عن إجابة عنها ......

لا تنكر أنها تشعر بالأرتياح فلهجة دكتور محسن فى تلك المرة معها أختلفت كثيراْ وبدا وكأنه سامحها عما حدث...

ولكن ما يحيرها هو تقلبات دكتور محسن معها ..تارة تشعرأنه يقدر مجهوداتها و يريد مساعدتها ...

وتارة أخرى تشعر وكأنه لا يرغب فى الأشراف عليها وينتظر أى خطأ منها حتى ينهرها ويتهمها بالأهمال ويطلب منها أن تبحث عن مشرف آخر لها .

أخذت نفسا عميقا وأخذت تفكر بهدوء هل تواجهه بشعورها وتطلب منه أن يكون واضحا معها ويخبرها هل حقا يريد ان يكمل الاشراف عليها ..أم لا ؟ ولكن إن كانت إجابته لا ..ماذا ستفعل ؟

فهى الخاسرة الوحيده فى تلك الحالة ...فهى لاتملك غير أن تركز مجهودها فى أن تنتهى من عملها فى أسرع وقت حتى تنتهى من رسالتها وتعود إلى مصر .

مرت عليها ساعات وساعات وهى تعمل بجد حتى تنتهى من كل شئ كلفها به دكتور محسن ..فيجب أن تثبت إليه أنها حقا ملتزمه وماحدث من قبل كان خارجا عن إرادتها.

تذكرت موعدها الليلة مع إيهاب ....شعرت بالقلق فأمامها الكثير من العمل وتخشى ألا تستطيع أن توفى بوعدها إليه ...لن يتفهم ظروفها وسيظن أنها تتهرب منه مرة أخرى...

أطلقت زفرة قصيرة وأخذت تفكر ماذا ستقول له.... فالوقت يمر وهى لايمكن أن تترك التجربة الآن وتعود إلى البيت كى تستعد للخروج معه....وفى نفس الوقت لا تريده أن يغضب منه مرة أخرى

لاحظ عليها أسامه شرودها فأقترب منها متسائلاْ

أميره فى حاجه ؟

فتنبهت إليه وابتسمت وهى تهز رأسها نافيه

لاه ابداْ مافيش

ولكنه يدرك من نظرات عينيها الشاردة أنه يوجد ما يشغلها ....فيسألها مرة اخرى
لو حاسه انك تعبانه ممكن تروحى

فتهز رأسها قائلة

ما أقدرشى أسيب التجربه دلوقتى قدامى على الأقل ثلاث ساعات كمان

فيعرض عليها المساعده قائلاْ

أنا ممكن أكمل الشغل مكانك

فتصيح فى إمتنان قائلة

لاه شكرا أنا إن شاء الله حاقدر أخلصه ..أنت كمان مشغول وعندك شغلك

فيصر اسامه قائلاْ

أرجوكى سيبى كل حاجه وأنا حاكمل ..أنا أصلى كده كده حاقعد على الأقل ساعتين عشان أنتهى من الشغل ومافيش أى مشكله لو قعدت ساعه زياده.

شعرت أميره بالراحة وشكرته بامتنان وخلعت فى عجاله البلطو الابيض وحملت حقيبه يدها وغادرت المعمل

عادت إلى شقتها وبدلت ملابسها فى عجاله قبل أن يطرق إيهاب بابها وبالفعل أنتهت من كل شئ ..

كانت تسابق الريح لم ترغب فى أن تجعله ينتظرها ..يجب أن تكون جاهزه فى الميعاد ...وبالفعل تسمع خبطات على بابها فتفتح والابتسامة الرقيقه ترتسم على شفتيها قائلة

أنا جاهزه فى الميعاد بالضبط

فرمقها بنظره متأمله قائلاْ

كنت خايف أنك تعتذرى وبصراحه ماكنتش مصدق أنك فعلا حاتخرجى معايا

فأتسعت إبتسامتها وأومأت برأسها قائلة

دلوقتى صدقت

فهز رأسه قائلا

أكيد وأتمنى أنك تستمتعى بكل دقيقه حاتكونى فيها معايا....

نظرت إلى وجهه وكأنها تنظر إليه لأول مره..كم هو رقيقا معها...بل لأول مره تشعر بأنه يستحق منها أن تعيد النظر فى تصورها عنه ..

قد تكتشف أنها كانت مخطئه فى حكمها عليه ...من يدرى.

لم يكن قرار فسخ رجاء لخطبتها من فؤاد قرارا سهلاْ ولكنها أخذته وصممت عليه على الرغم من معارضة والدها الشديده ولكنها لم تتراجع وصمدت للنهاية حتى أنتهت منه نهائياْ.

هى نفسها لا تعلم هل إستمدت شجاعتها تلك من خلال مقابلتها لحاتم ...أم لأنها أدركت بأنه لن تكون سعيده مع فؤاد وأنها تلقى بنفسها فى النار بيدها ؟

وتأكدت من إستحالة وجود حالة من التفاهم بينهما؟ ومهما كانت الاجابه فهى سعيده لأنها تخلصت منه

شعرت وكأنها كانت محبوسه فى زجاجة ضيقة تختنق بداخلها تدريجياْ وفجأه خرجت منها لتعود إلى الحياة مرة أخرى ....إلى الأمل من جديد.




وفى إحدى محلات الذهب وقفت فريده بجوار ياسمين تساعدها فى أختيار شبكتها ومعهما عمر ووالد ووالدة ياسمين ..أشارت فريده إلى إحدى الأساور وطلبت من الصائغ أن يحضرها إليهم ..

ولكن والد ياسمين تدخل معترضا عليها
قائلاْ

لاه دى مش تنفع دى كلها فصوص ...أحنا عايزين حاجه تكون خاليه من أى فصوص

فنظرت إليه فريده قائلة

بس شكلها جميل وأعتقد أنها حاتكون جميله جدا فى يد ياسمين

فيجيبها بتلقائية

يا ست فريده هانم من خبرتى ..الفصوص دى منظر فقط وخساره كبيره ..دلوقتى حاتدخل فى وزن الأسورة وحاتدفعى قيمة الوزن ده .

بس لما تيجى تبيعيها بكل بساطه الصائغ حايفصل الفصوص عن الأسورة ومش حايدفع ليكى غير ثمن الذهب ....يبقى ليه الخسارة بس؟

إستغربت فريده من كلامه عن البيع فقالت له

أنت ليه بتتكلم عن البيع دلوقتى ..إن شاء الله تكون شبكة العمر وعمر يزيدها ليها مش ينقصها

فيتدخل عمر فى الحوار قائلاْ وهو يوعد ه

يا عمى أوعدك أنى مش حابيع خالص شبكة ياسمين مهما حصل ولو عايز تتأكد أنا ممكن أتعهد بكده رسمى فى ورقة وتحفظها مع حضرتك أو نكتب الشبكه فى قايمة العفش عشان تتطمأن

فيهز والد ياسمين رأسه فى إنفعال قائلاْ بثقة

لاه يا ابنى أنا واثق انك ابن اصول وحاتصون بنتى وحاتحافظ على حاجتها ...بس ماحدش يضمن ظروفكم فى المستقبل

وسبق وإتكلمنا فى الموضوع ده قبل كده يوم قراءة الفاتحه وبعدين ليه تدفع فلوس فى شويه زجاج ....وبعدين يا سمين نفسها ما بتحبش الفصوص

ثم نظر إلى يا سمين متسائلاْ

صح يا ياسمين

فنظرت إليه بإستسلام وأجابته بنبرة المغلوب على أمره

صح يا بابا .

فنظر قائلاْ للصائغ

عايزين موديلات خاليه من أى فصوص والمصنوعيه تكون فيها بسيطه

وفى حفل بسيط تم فى منزل ياسمين... أقتصر على أفراد الأسرة فقط تمت خطبة عمر وياسمين ...

كانت سعاده فريده لا توصف وهى تطلق لأول مره فى حياتها الزغاريد بلا توقف وبين الحين والآخر تضع قبله عميقه على جبين ابنها عمر وهى تتمنى من الله أن يتم فرحته على خير ويكتب له السعاده فى حياته مع حبيبة قلبه التى أختارها.

بينما كانت فرحة عمر نفسه أكبر من أى وصف ظل يحتضن بيده يد يا سمين يضمها بشده وكأنه يخشى أن تضيع منه ويفتقدها وكأنه يتشبث بالأمل الذى أنار حياته وكأنه ولد من جديد .

ينظر فى عينيها بين الحين والآخر ويهمس

أحبك

والإبتسامة المشرقة لا تفارق شفتيه والتى إنعكست على ملامحه ونظراته الوالعه بحبه لها.

حتى أنه لأول مره فى حياته يقبل رأفت ويسلم عليه بحرارة ...أنه جمال الحب ..فهو الساحر الوحيد القادر على إذابة أى كراهية .

.فالحب هو عدو الكره الأول وبلا أى منافس وهو القادر الوحيد على الأنتصار عليه وهزيمته .

لم تفارق الإبتسامه شفاة يا سمين ...كانت تتأمل فرحة عمر فى صمت بدا عليها فى لحظات أنها تفكر فى شيئا ما ...

بل سيطر على ملامحها فى فترات القلق والإرتباك وكأنها تخشى شيئا .

بل تحولت للحظات نظراتها لعمر إلى نظرات شفقة عليه وتارة إلى نظرات حب وتمنى .....فتضغط بأصابعها على يده وكأنها تطلب منه الحماية وألا يتخلى عنها...

شعر عمر بأحاسيسها المضطربة فنظر إليها والسعاده تتراقص فى ملامحه ونظرات الحب تسكن عينيه قائلاْ بصوت حالم تتراقص نبراته على أنغام عشقه

أنا أسعد إنسان على وجه الأرض..حاسس وكأنى ملكت الدنيا كلها لأنك عندى بالدنيا
ثم يستطرد وهو يتأملها بنظرات قلقه قائلاْ

.بس ليه مش حاسس أنك سعيده زيى ..شايف القلق والخوف فى عنيكى مع أن أخيرا حلمنا الجميل أتحقق.

فنظرت إليه ياسمين بنظره قلقه ثم هربت بعينيها بعيدا عنه وقالت وكأنها تحدث نفسها

خايفه

من أيه يا حبيبتى ...

فأجابته والحيرة تتملك ملامحها الجميله

ممكن خايفه للحلم الجميل إللى أنا عايشاه معاك ينتهى ..لأول مره أحس أنى سعيده فى حفل خطوبتى ..لأول مره أحس أنى عروسه وأنى سعيده بعريسى ....بس خايفه

ليه يا ياسمين ..كل شئ بيسير فى الطريق السعيد والحمد لله والدك متعاون جدا معايا وأنا الحمد لله قدرت أنفذ شرطه الوحيد عشان جوازنا يتم وأشتريت الشبكه بالقيمه إلى هو حددها .

أكتفت ياسمين بالصمت وتركت عينيها تتحدث بدلا منها.... حديث صامت لايسمعه أحد غيرها ..

.كانت تخبره بكل شئ ولكنه لم يسمع ولم يفهم سر خوفها .

فإبتسم ورفع يدها ليقبلها وهو ينظر فى عينيها يطمأنها قائلاْ

أنا عارف أنك خايفه أنك تكررى من ثانى نفس التجربه ...أكيد شئ صعب أن الإنسان يرتبط أكثر من مره ويفشل....

بس أنا أوعدك يا حبيبتى أنى حاكون مختلف عن كل إللى عرفتيهم ...وأن كل هدفى فى الحياه حايكون أنى أشوف السعاده فى عنيكى ..عارفه ليه؟

فنظرت إليه ياسمين بحب متسائلة بصوت هامس

ليه؟

فيأخذ عمر نفسا عميقا وبصوت ملؤه الصدق وعمق الإحساس وكأنه نابع من أعماق قلبه المفعم بالحب أجابها

لأنى بحبك... ..

والإنسان إللى بيحب بجد بيكون كل هدفه فى حياته أنه يشوف حبيبه سعيد ..وأنت حبيبتى وكل حياتى ...أنت الأمل إللى أتولد فى حياتى من جديد فأحيانى مع لحظه ولادته ...

أنت الحلم إللى ياما حلمت بيه بس كنت شايفه حلم بعيد بشوفوا بس فى خيالى وكنت خايف ليكون بعيد جدا عن حياتى ...بس أنت بكل بساطه ظهرتى ومعاكى أجمل حلم ....

ياسمين لو فى أى كلام ممكن أقوله عشان يطمنك أنا مستعد أقول وأقول ..بس أنا مش عايزك تسمعى لكلامى .

.أنا عايزك تسمعى لقلبى ....هو حايقدر يطمنك أكثر من لسانى ...لأن القلب أصدق من اللسان ...

وألقى عليها نظره طويله مفعمه بحبه هامساْ

بحبك

تأملته ياسمين بنظراتها وبدون أن تشعر هربت من عينيها دموعها ودت أن تسلم رأسها إلى صدره وتطلب منه أن يأخذها إلى عالم آخر ...عالم تشعر فيه بالأمان والحب.

وأنطلقت الزغاريد ووالدتها تحمل صنية كبيره عليها ثلاث علب كبيره تحتوى على الشبكه وأقتربت من عمر قائلة

ياله يا عريس عشان تلبس ياسمين الشبكه

فنظر عمر إلى ياسمين بنظرات حب عميقه وبصوت ملؤه الصدق والإخلاص همس إليها قائلاْ

أجمل ياسمينه فى الدنيا شبكتها الحقيقيه هى قلبى.

وقفت فريده فى حجرتها أمام المرآه تغير ملابسها والسعاده لأول مرة تنر وجهها فعادت إليه إشراقته وحيويته ..

دخل عليها رأفت الحجرة وأستلقى بجسده على الفراش وهو يرمقها بنظراته قائلاْ

أنا مش فاهم يعنى أيه حفلة خطوبه تكون قاصره علينا أحنا بس ..فين أهل العروسه ؟ مافيش أى حد خالص من قرايبها يحضر

فتتنهد فريده وترد عليه قائلة

أنا مش فاهمه أنت زعلان ومضايق ليه ....ما والد العروسه قالك أنه عايز يكون الموضوع مقتصر علينا عشان ربنا يتم على خير وفى حفلة الزواج إن شاء الله حايعزم الناس كلها ...

وبعدين الله يخليك يا رأفت أنا سعيده جدا ومبسوطه قوى ومش عايزه أى حاجه تنكد عليه وتفسد عليه فرحتى ..أنا ماصدقت أنى أفرح

فيحدق بها رأفت بنظرات غاضبه ويكتم غيظه قائلاْ

أنتم أحرار مع أنى مش مطمن خالص للرجل ده ويمدد جسده على الفراش ويسحب الغطاء نحوه ويطلب منها بلهجة حاده

ياريت تطفى النور عايز أنام.

فهزت فريده رأسها فى إستسلام وأطفأت نور الحجرة ومدت جسدها بجواره على الفراش والإبتسامه تنر وجهها وترفع عينيها إلى السقف وتحمد الله قائلة
الحمد لله...الحمد لله

مد حاتم يده بمقالته اليوميه ليسلمها للحاجب حتى تلحق المطبعه وبعد أن غادر الحاجب المكتب طلبته سكرتيرته لتخبره بأن هناك فتاة تريد مقابلته تسمى رجاء
صمت لحظه يفكر ثم طلب منها أن تسمح لها بالدخول

دخلت رجاء المكتب بخطوات بطيئة وهى تنظر إليه فى ترقب وتردد ولكنه فضل الصمت وأنتظرها كى تبدأ هى بالحديث.

أقتربت منه ووقفت أمام مكتبه ونظرت إليه قائلة

أعتقد أن فى كلام بينا لسه ما كملشى

فرمقها بنظرة طويله متفحصة ثم رد عليها بلهجة مشوبه بالعتاب قائلاْ

يهمك أن الكلام بينا يكمل

صمتت لحظات قليله وهى تنظر إليه وبلهجة مترقبة أجابته قائلة

لو كان يهمك أنت كمان .

عاد بظهره إلى الوراء ونظر إليها قائلاْ

مع أنى لسه مجروح منك .....بس غصب عنى عايز أسامحك

أخذت رجاء نفسا عميقا ونظرات عينيها حائرة لا تعلم هل ما تفعله الآن صواب أم خطأ ...سوف تندم فى المستقبل عليه أم ستسعد بقية حياتها ..

.ياليتنا نعلم الغيوب قد يساعدنا ذلك على إتخاذ القرارات دون قلق.

نهض حاتم من على مكتبه وأقترب منها ومد يده لها قائلاْ

تحبى نبدأ صفحه جديده من غير أى عتاب

نظرت إليه فى تردد وبعد فتره قصيرة مدت يدها إليه قائلة

أتمنى أنى مش أندم فى يوم أنى جيتلك هنا ثانى

فنظر إليها قائلاْ

أجمل شئ فى الدنيا يا رجاء أننا نستمتع بكل لحظه بنعيشها من غير خوف أو قلق وتساؤل يا ترى حايحصل أيه بعد اللحظه دى

.....خلينا فى لحظتنا ..نعيشها ونستمتع بيها ....ثم يصيح قائلاْ فى سعاده

ياااااااه ...أنا كنت زى التايه من بعدك وأخيراْ لقيت طريقى . أوعدينى يا رجاء أنك ماتتخليش عنى ثانى .

فتأملته فى صمت وهزت رأسها قائلة فى إستسلام

أوعدك.

ذهبت جاكلين لزيارة أميرة فى المعمل لتشكرها على ما فعلته معها وتخبرها بآخر تطورات حياتها ..

رحبت أميره بها وطلبت منها أن تجلس معها بعض الوقت ولكنها أعتذرت لأنها لديها مقابلة مع أحد الدكاتره وتتمنى أن يوفقها الله فى تلك المقابله وتحصل على عمل

....فقد قررت أن تعطى لنفسها الفرصه لكى تغير حياتها وتجد ما يشغل وقتها حتى لا تصاب بالإكتئاب مرة أخرى وتكرر تجربة الانتحار.

شجعتها أميره وتمنت لها التوفيق. غادرت جاكلين المعمل وهى فى طريقها إلى المصعد ..كانت تسير بعجاله حتى تلحق موعدها ولا تتأخر عنه

فجأه

أصتدمت بشخص ما وكادت أن تسقط على الأرض ..أعتذرت إليه فى عجاله وكادت أن تكمل طريقها ولكنها توقفت وكأنها تذكرت شيئا وإلتفتت إليه مرة أخرى قائلة.....؟

ليست هناك تعليقات: